رحيل السلطان الصالح علي مرح حنفري
بقلم / عمر عثمان ديهيشي
27/04/2011م
يقول الله تبارك وتعالى( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26 ) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذ و الجلال وَالإ كْرَامِ (27) ويقول الشاعر ( كل ابن أنثى وان طالت سلامته : يوما على آلة حدباء محمول ) .
فقدت الآمة الإسلامية عموما و القرن الإفريقي خصوصا و الشعب العفري على وجه أخص ومعه الشعبين الإثيوبي والإرتري ابرز رموزه التاريخية و زعاماته السياسية و الدينية الشامخة وهو السلطان علي مرح حنفري الذي انتقل إلى جوار ربه في 24 ابريل 2011م في أديس أبابا و دفن في عاصمة سلطنته (أيسعيتا) بعد عمر امتدا لأكثر من تسعين عاما كانت حافلة بانجازات عظيمة في كل الأصعدة السياسية و الاقتصادية و الدعوية . و السلطان علي مرح هو سليل أسرة (ايداحيسو) الذين هم حكام سلطنة اوسا و كانت تربطه علاقة مميزة بوالدي رحمهم الله .
لقد تميز عصر السلطان علي مرح بالانفتاح و التطوير في كل مرافق السلطنة في حدود ما توفرت له من موارد. فعلى الصعيد السياسي استطاع السلطان بحنكته أن يرسي دعائم الاستقرار و السلام وعاش مع شعبه في سلام ووئام يحيطهم برعايته و يحيطونه بحبهم إلى أن جاءت الثورة الشيوعية في إثيوبيا و خرج يجاهد مع شعبه لمحاربة الملحدين حتى اقر الله عينه باسترداد سلطنة أبائه و أجداده و دفن في عاصمتها . فعلى الصعيد الاقتصادي اهتم السلطان على تطوير البنية التحتية للسلطنة و تطوير الزراعة عموما و زراعة القطن خصوصا على ضفاف نهر (أواش) و ذلك بموجب اتفاقيات مع شركات غربية و محلية مع نشاط تجاري و اسع بين السلطنة و أقاليم إثيوبيا خاصة إقليم (ولو) و كذلك مع جيبوتي . و في مجال التعليم و الدعوة الإسلامية قام السلطان ببناء المساجد و توطين الدعاة و المرشدين في مدن السلطنة لمحاربة البدع و العادات البالية. واستعان بالوافدين إلى سلطنته من الإرتريين في فتح و إدارة المعهد الإسلامي في ايسعيتا الذي كنت احد طلابه عندما كان مديره الأستاذ/ محمد سعيد ( أبو عيسى) و كوكبة من المدرسين الأزهريين منهم الأستاذ/ محمد علي الذي توفي في جيبوتي رحمه الله و الأستاذ/ عبد الله صالح و الشيخ عثمان سليمان يرحمهم الله و الأستاذ/إبراهيم عبد الله المقيم في جدة أمد الله في عمره على طاعته . و من الإرتريين من عمل في إدارات و مواقع مختلفة للسلطنة اذكر منهم ما تسعفني به ذاكرتي و ليس من باب الحصر, عمنا الحاج علي جاسر , المهندس / عبده كرار , الأستاذ/ صالح صبري و الشيخ علي شوم يوسف و الأستاذ / فاقر حاج محمود عجل الله له بالشفاء وفي قطاع العسكري و الأمني عمنا / احمد علي و الأخ / احمد دين احمد رحمهم الله . سلطنة اوسا كانت إحدى مناطق اللجوء الإرتري خاصة المسلمين , فقد أحسن السلطان استقبالهم و أحاطهم برعايته و منحهم أراضي لزراعة القطن و زاولوا العمل التجاري بكل أنواعه فضلا عن تامين سلامة بعض المناضلين الذين يصلون إلى سلطنته .
كان السلطان علي مرح رحمه الله شديد الحب للعلم و العلماء ولا يخلو مجلسه من عالم مما دفعه إلى إقامة مصاهرات مع الرموز و الزعامات الدينية في إرتريا , فقد تزوج السلطان بنت الشيخ الجليل / جمال الدين إبراهيم خليل رحمه الله ومن ثمار تلك المصاهرة المباركة الأخ/ عمر علي مرح و أخواته , كما زوج السلطان ابنه محمد رحمه الله كبرى بنات سماحة مفتي الديار الإرترية السابق الشيخ / إبراهيم مختار رحمه الله ومن ثمار تلك المصاهرة الميمونة أحفاد للسلطان و المفتي جعلهم الله جميعا خير خلف لخير سلف . هذا و للشعب العفري سلطنات كثيرة (سلطنة اوسا , سلطنة ببدو والتي من احد أبناء سلاطينها المناضل الكبير/ احمد محمد احو, سلطنة رحيتا , سلطنة قوبعد , سلطنة تجورا ) في ثلاثة دول إثيوبيا , إرتريا و جيبوتي .
أتوجه بالتعزية إلى الأمة الإسلامية و الشعب العفري في كل مناطقه و الشعبين الإثيوبي و الإرتري و أسرة ايداحيسو و أبناء السلطان و أحفاده سائلا الله أن يتغمد فقيد الأمة بواسع رحمته وينزله منازل الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا إنا لله و إنا إليه راجعون .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=13235
أحدث النعليقات