رسالة مفتوحة إلى جارة البحر .. ماذا فعل بك هذا الرجل ؟

الحديث إليكِ وعنك فيه من الأوجاع والآلام والأحزان ما تعجز عن الإتيان بمثلها كل عذابات الأرض وفوقهن سبع شداد!


هل يمكنك الآن، وبعد أربعة عشر سنة من سن الرشد والنضج والتحضر والتمدن، التمييز بين خصومك وبين عشاقك؟


هل تستطيعين التعرفَ بسهولة ويُسر على من يحمل لك البغضاءَ ويبتسم في وجهك؟
وماذا عن أبنائك الخَطّائين والعُصاة والقساة والغلاظ الذين التفوا حول مُبغضيك وأعدائك وخصومك يسبغون عليهم الحماية، ويبررون لهم السرقة، ويحللون النهب، ويضعون في قرون الشياطين أجنحة ملائكة؟

 
ما الذي دهاك وجعلك مسالمة، خانعة، مستكينة، جاثية، صامتة وقد سلط عليك السيد الرئيس نهّابين، ومحتالين، وقتلة، وعتاة المجرمين، وأباطرة الفساد يقتطعون من لحمك كما كان يفعل تاجر البندقية؟


كل الشعوب تثور، وتغضب، وتتمرد إلا أنت فقد أحاط بك رهط من شياطين الإنس يمارسون بغاء الكلمة، ويحللون الحرام، ويلمعون الاستبداد، ويؤلهون خادمك، ويقدسون عبثياته.
جمرة من حمم الغضب مَسَتّني عندما حدثني احد الأخوة بمقولة قالها جلادك الوحيد أفورقي ما حاجتنا للبترول علينا أن نرجع إلى البهائم والحمير ! إنها مسرحية هزيلة.


قمة الاستهزاء بعقولنا والسخرية من فهمنا للأمور، وازدراء مثقفينا وسياسيينا ومفكرينا واقتصاديينا.


ويبقى سؤالي الذي تكبر علامة استفهامه فيغطي جسدك المريض والمترهل والممتد على جميع مدنك وقراك كيف استطاع هذا الرجل تخديرك وتغييبك عن الوعي وتنويمك لسنوات طويلة، اختار خلالها أكثر أبنائك فسادا وفشلا ولصوصية وضميرا ميتا ليجعل منهم أسيادك الجدد، ثم لا يكتفي بذلك، بل يرفض تغيير كلمة حكومة مؤقتة وإقرار دستور شرعي لك أو إشراك رفاق دربه الرأي والمشورة وكأنه خالداً فيها أبدا، ويزدريك ويحتقرك عندما يطلب بعض من أبنائك بسيادة القانون بدلاً من أحكامه التي لا ندري عرفية هي أم ماذا هذا القانون الذي لازال سوطا لاذعا فوق ظهور أبنائك؟


الكلمة التي أقسم بها رب العزة فقدت معناها وتأثيرها وقوتها وسلطتها وسطوتها، فيمر عليها جلادوك دون أن تحرك شعرة واحدة في جسد أحدهم، فتنشر الصحافة وبعض الشرفاء وحملة الأقلام الشجاعة وحماة الضمير الوطني مئات الحكايات الموثقة عن كرامة الإرتري في قسم الشرطة، وعن التعذيب الذي يمارسه حراس أمن الوطن في معظم أقسام الشرطة على مسمع ومرأى من منظمات حقوق الإنسان في الداخل والخارج, وأفورقي يعلم علما يقينيا بكل حادثة تعذيب وقتل واغتصاب وحرق ، ولعله يبتسم، وربما يضحك فرحا وبهجة وغبطة وسرورا، وأجزم أنه قد يسر لآذان بعض مستشاريه ومساعديه قائلا: ألم أقل لكم بأن الطريق الوحيد لصناعة المواطن العبد تمر عبر الخبط في قسم الشرطة أو زنزانة قذرة ضيقة في معتقل كئيب مظلم.
ما الذي يخيف أبناءك في رجل لا يملك من أمر نفسه شيئا، بل هو في الواقع خادم لديك، يحصل على أجره مقابل عمل يؤديه، فإذا فشل أو طمع أو استبد أو خان الأمانة فمن بين أربعة ملايين إن صحت الإحصائية من أبنائك ستعثرين بسهولة على من يحل محله، ويشفي أمراضك, ويحافظ على خيراتك، ويحفظ للمواطن كرامته.


في الغربة لك عدة ملايين من أبنائك البررة والمخلصين والعاشقين لك والباكين على أحوالك والمهمومين بطول فترة حبسك يقفون أيضا عاجزين عن تحريك شعرة واحدة فأجهزة أمن الرئيس لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها ، ولا يغيب عنها اسم أو وظيفة أو متمرد أو غاضب أو ناقد أو لاعب جديد على ملعب السياسة إلا وضعته تحت المراقبة، أو في كشوف الممنوعين من السفر أو المترقب وصولهم لأي مدخل من مداخل الوطن السجن, وهؤلاء لا يستطيعون إقناعك بالمتمرد على سيدك أو خادمك فإن جبروته فاقت كل التصورات وعليك بالمثل القائل أن على الرعية أن تكون كالخيل إن خُدمت خَدمت، وإن ضُربت شَرست.
ما الذي يجبرك على قبول هذا الرجل لأربعة عشر عاماً  حاكما وسيدا ومطاعا وآمرا وناهيا وكأنك أصبحت عاقرا لا تنجبين في إرتريا العظيمة إلا هذا الولد ؟
لأول مرة في تاريخك النضالي يدلف عليك شخص أو حاكم خلسة إلى نفسك الاريترية، فيعيد ترتيب أولوياتك وفقا لمزاجياته، ويعبث بالمشاعر، ويخلط الأحاسيس، ويفجر طاقات من اللامبالاة بالوطن فتخرج إلى العلن في مشهد معتم على شكل سلوكيات لا يصدق من عرف إرترياَ قبل الحرية ونظام افورقي أنها فعلا إرتريا العظيمة .


عالم عجيب من الاحتيال والنصب صنعته رؤية الرئيس لنظام الحكم، فتسارع في ظله خصومك وأعداؤك وكارهوك لينتشروا في كل مكان تحت حماية النظام في محاولة لقتلك أو اغتصابك، فكانت القارعة.. وما أدراك بالقارعة.

 

في نفسي أنهار حزن لو فاضت لما كان لشخص أن يأوي إلى الجبل ليعصمه من فيضانها وهيجانها. حزين عليك حزنا جما، فأبناؤك يضحكون، ويرتعون، ويخنعون، ويخافون من حاكمهم.. أعني خادمهم الذي لا يزال يؤمن أن الإرتريين كلهم في خدمته وخدمة سياسته الرعناء.

إرتريا الحبيبة..استحلفك بالله أن تغضبي مرة واحدة فقط، فهل تفعلين؟

 

والله من وراء القصد….

 

 

مواطن إرتري


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6442

نشرت بواسطة في مارس 6 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010