رسالتي إلى المشاركين في الملتقى
بقلم / محمد عمر مسلم
- نجح الملتقى قبل أن يبدأ، فهاهم أشباه المعارضة وخصومها استنفروا كهولهم قبل شبابهم لقتل فرحة الجماهير بقرب بزوغ فجر ملتقى الحوار الوطني، ما حرك هؤلاء هو الشعور نجاح الملتقى قبل أن يبدأ، ولا شك أن الندم والحسرة تعتصر قلوبهم لكونهم لم يشاركوا في هذا النجاح، وبانسحابهم حرموا من المشاركة في هذا العرس الوطني الكبير.
- الحملة المغرضة التي يقوم بها ( معسكر الضد ) ستكون من عوامل نجاح الملتقى لأنها سترفع مستوى التحدي والاستعداد للنجاح لدى المشاركين، لأن الخيار الوحيد للرد على معسكر الضد هو النجاح والنجاح فقط، فالنجاح وحده يعني الكثير والكثير لشعبنا، بينما الفشل يعني الكثير للنظام وأشباهه.
- كان حري بالفريق المنسحب أن يسجل موقفا وطنيا يحسب له في قابلات الأيام، كتمني النجاح للملتقى وإن لم يشارك فيه، بدلا من التشويش والقول بفشله، ثانيا بما أن الفريق المنسحب مدرك أهمية الملتقى، كان عليه ألا يخرج عن الإجماع الذي حظي به الملتقى مع الاحتفاظ بحقه في الاختلاف، ثالثا مادام قرر الفريق المنسحب عدم المشاركة وهذا حقه أيضا كان حرى به تسجيل موقف مسؤول من الملتقى بتجنب إثارة اللقط للتشكيك في نجاح الملتقى احتراما وتقديرا وانسجاما مع رغبة الجماهير التي بذلت جهدا مقدرا ومشهودا لإنجاح الملتقى، رابعا ما يثار عبر الشبكة من المنسحبين تجاوزه التحالف انجازا وإعدادا، والموقف المسؤول هو المشاركة لقول وجهة النظر في الملتقى بدلا من ( الحكي الفاضي ) وغير المسؤول في مواقع الإنترنيت.
- لا يرى المنسحبون الثنائية في المجتمع مدخلا صحيحا لمناقشة وحل مشكلات الوطن للأسباب التالية أولا يترتب على ذلك كشف حجم الظلم والتهميش الذي طال المسلمين، على يد النظام الطائفي، ثانيا يترتب على ذلك استرجاع الحقوق والمظالم لأصحابها وهو ما لا يرضاه طرفا الشعبية ( الحاكم، والمعارض) ، ثالثا يترتب على ذلك انحصار وانكماش التمدد الثقافي والاستيطاني الذي حدث على حساب الوجه الثاني للثنائية والشعبية ( حكاما ومعارضة ) لا يريدون حدوث ذلك، لأنهم يرون ذلك حقا مكتسبا وعلى الوجه الآخر من الثنائية القبول والتعايش مع هذا الواقع، رابعا يترتب على ذلك التأسيس لشراكة تعيد التوازن بين طرفي الثنائية، فلا ظالم ولا مظلوم بل الكل سواء في الحقوق والواجبات، هذا ما يعمل ويسعى له الشريك الذي عانى مرارة الظلم والاضطهاد، ومن تناقضات المنسحبين من الملتقى أنهم يحاولون استغلال الثنائية لإفشال الملتقى، تلك الثنائية التي ينكرونها عندما لا تخدم مصالحهم، فهاهم يروجون أن الملتقى يمثل طرفا واحدا وهناك طرف غائب أليس هذا إقرار بالثنائية، التي يفرون منها كلما تعارضت مع مصالحهم؟ بالمقابل نجدهم لا يقبلون حقيقة الواقع أن المستأثر بالسلطة والثروة طرف واحد، بينما الطرف الآخر مهمش ومضطهد، كما لا يقبلون منا أن حل مشكلاتنا وإعادة التوازن والتكافؤ والمساواة بين الشركاء في الحقوق والواجبات يكون عبر مدخل الثنائية، والرسالة التي نود أن تصل لشركائنا هي أننا عزيمة وإرادة على ألا نفرط في حقوقنا صغيرها قبل كبيرها، ونحن مع بسط العدل والقسط ليستوفي كل شريك حقه المشروع دون منة أو أذى من أحد.
- الوحدة الوطنية والتعايش السلمي في إرتريا، ليس بالأمر الصعب تحقيقه، عندما ينطلق الجميع من إرادة حرة وأجندة وطنية وقيم عدلية، مستصحبين نضالنا المشترك وتشابك مصالحنا ومحطاتنا المضيئة في علاقاتنا الاجتماعية والإنسانية، ومصيرنا الواحد وتضحيات المشتركة، عندها سيشعر الجميع بثقل الأمانة وعظم المسؤولية الملاقاة على عاتق الجميع عندها سيتضاءل في النفوس معوقات الوحدة الوطنية، ويتعاظم مقومات الوحدة والتعايش السلمي، لأن الجميع من أصل واحد وينتسبون إلى أب واحد ( آدم ) عليه الصلاة السلام، كلكم من آدم وآدم من تراب.
- معلوم أن النظم السياسية للدول ما هي إلا انعكاس لبنيتها الاجتماعية، ووسيلة لحل مشكلاتها، وإدارة شؤون مواطنيها، ومن ثمار النظم السياسة الناجحة أنها تستقر بها الأوطان وتقام بها العدالة الاجتماعية والسلم الاجتماعي بخلاف النظم السياسية الشمولية والديكتاتورية،التي تكرس الاستبداد والاضطهاد والفوضى والتخلف والفقر والهجرة من الأوطان كما هو الحال في إرتريا نحن بحاجة لنظام يحفظ سيادة الدولة ووحدة البلاد أرضا وشعبا، ويمنع تكرار الإقصاء والتهميش والاستئثار والتسلط في المجتمع، ويعالج قضايا السلطة والثروة والحكم معالجة عادلة ترضى جميع مكونات المجتمع، نظام سياسي يعلي من شأن الإرث التاريخي والحضاري والقيمي والديني للمجتمع الإرتري .
- ما نحتاجه لتحقيق التعايش السلمي ليس الانصهار في بوتقة واحدة أو التماهي في لون ثقافي واحد كما هو الحال بل نحتاج نظاما لا يظلم فيه أحد يضمن للجميع التعايش كل بخصائصه وتميزه الثقافي والديني في دولة القانون والدستور، ليس المطلوب استجلاب نظم سياسية مغايرة وإسقاطها على واقعنا المختلف في مكوناته وقوالبه الاجتماعية، بل نحن بحاجة لنظام سياسي يستوعب مفرداتنا الاجتماعية والثقافية والدينية دون إقصاء أو تهميش، و من الأمور التي تغزز الوحدة الوطنية والتعايش السلمي : أولا الاتفاق على الأهداف العامة المشتركة التي تلبي حاجيات مكونات المجتمع في ميثاق وطني، ثانيا وضع نظام سياسي يستجيب لمطالب وحاجيات الكيانات المختلفة، ويحقق العدالة الاجتماعية الشاملة في المجتمع، ثالثا الاتفاق على نقاط الالتقاء المشتركة وكل ما يعزز التسامح، القومي والسياسي والديني والاجتماعي، رابعا تبني الحكم الفيدرالي اللامركزي لضمان المشاركة السياسية والاجتماعية في السلطة لكافة مكونات المجتمع في إدارة شؤونها الذاتية دون تدخل مباشر من الحكومة المركزية، سادسا قبول التعددية في كل الجوانب سياسيا ودينيا وثقافيا إذ لا معنى لقبولها في الجانب السياسي ورفضها في الجانب الديني والثقافي.
- الديمقراطية ليست وصفة سحرية ولكي ينجح تطبيقها في مجتمعات عانت من التسلط والاستبداد وقمع الحريات، لا بد من إعطاء فترة زمنية لتلك المجتمعات لتتحرر من مرارات الظلم والتسلط وتتهيأ نفسيا وفكريا وثقافيا لاستيعاب الديمقراطية، أما الوسائل التي يجب إتباعها للتغيير، فتحديدها يعتمد على أمور منها حالة النظام وموقفه من المعارضة، بما أن النظام نظاما دكتاتوريا مستبدا لا يعترف بمعارضة الداخل والخارج ووسيلته الوحيدة للتواصل مع المعارضة هي القمع والبطش والتنكيل، ما دام هذا هو الحال، فعلى المعارضة ألا تحجر على نفسها في باب الوسائل، فكل وسيلة متاحة ومؤثرة في النظام مشروعة سواء كنت سياسية أو عسكرية.
- إرتريا بلد تتداخل فيه الأجناس والديانات والثقافات وهي ذات صلة اجتماعية بمحيطها العربي والإفريقي وذات امتدادات وتواصل بمحيطها الديني والثقافي ما جعل منها دولة إفريقية عربية، والمطلوب منا تهيئة البيئة السياسية المناسبة التي سيتم التفاعل والتمازج بين مدخلات هذا التنوع في رحاب الشراكة الوطنية ليشكل مع مرور الوقت ثقافة وهوية وطنية يجد كل طرف فيها نفسه ووجدانه وطموحه.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=40581
نشرت بواسطة فرجت
في يوليو 26 2010 في صفحة المنبر الحر.
يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0.
باب التعليقات والاقتفاء مقفول
أحدث النعليقات