رمضانيات: انور خوجة يعود من جديد ! (2)

عمر جابر عمر

ملبورن -أستراليا  

 

الدكتاتورية لها اشكال والوان –

هناك نمازج فى التاريخ توضح بان بعض الدكتاتوريين يحبون (التفرد ) وعدم التشبه بالغير حتى لو كان دكتاتورا مثلهم. يريد ان يذكر اسمه ويتردد بسبب فعل او قول او موقف حتى لو كان غريبا ومسيئا له ولشعبه بل ويمكن ان يشكل خطورة على استقرار نظامه . المهم ان يظل هو الاوحد – المتميز الملهم والذى لا بديل له .

فى البانيا – وهى دولة اوربية – كان (انور خوجة) رئس الحزب الشيوعى الالبانى وزعيما وقائد بلا منا فس .

اختلف مع روسيا والصين ليؤكد استقلاليته وحتى لا يحسب مع هذا او ذاك ولا يقارن باحد . ولكنها كانت استقلالية انعزالية نرجسية منغلقة على ذاتها والنتيجة ان اصبحت البانيا دولة من العالم الثالث فى وسط اوربا المتطورة.

كان انور خوجة يكره كل موروث خاصة ماله علاقة بالدين , قام بتغيير الاسماء الاسلامية ليس من الشوارع والمؤسسات بل وحتى اسماء الاشخاص واتخذ لنفسه اسم ( انفار كوكسا) !

كان يعيش فى (حلم يقظة ) دائم لا يستطيع ان يحقق منه شيئا ولكنه بالمقابل يوقف عجلة التطور ويدخل البلاد كلها فى حالة من التناقض بين النظرية والتطبيق والناس فى حالة من الذهول بين ما يسمعونه ويقرأونه وبين ما يرونه ويعايشونه على ارض الواقع .

كانت البانيا عبارة عن دولة ( مختبرية ) لافكار وطموحات ( انور خوجة ) وانتهت الى الفشل الكامل للتجربة والى انهيار الحلم الزائف الذى عاش من اجله صاحب النظرية .

كان سكان البانيا يركبون الحمير وطلابها يرددون الاناشيد التى تمجد الزعيم الذى لا تغيب عنه الحكمة

انتهى ذللك النظام وذهب غير  ماسوف عليه ولكن الشعب الالبانى امامه عقود طويلة حتى يستعيد عافيته واستقراره وحتى يلحق بركب الامم التى تساهم فى بناء الحضارة الانسانية .

وفى ارتريا بدا النظام الدكتاتورى بتأميم الفنادق ووسائل المواصلات …..الخ.

تحت شعار : لا قطاع خاص !

كانت شركة (البحر الاحمر ) الحكومية هى مالكة (القطاع الخاص ) والمشرفة عليه فى البلاد .

الان اصبح (الجنرالات ) هم اصحاب الممتلكات التى تم تأميمها ! بعد الاستقلال نشرت الجريدة الرسمية للدولة الارتريه المرسوم الذى يحدد صلاحيات رئيس الدولة :

(هو رئيس الدولة – رئيس الوزراء – رئيس المجلس الوطنى (البرلمان ) – القائد الاعلى للقوات المسلحة – رئيس القضاء ورئيس الشرطة ) !!

كتبها رئيس النظام بخط يده ولكن بعض العقلاء قالوا له لا داعى  لذكر الشرطة لانها جزء من ا لقوات المسلحة

وتم حذفها !

ولكنه من ناحية عملية فانه يقوم بمهام اضافية زيادة على ما هو مكتوب فى المرسوم الرسمى : فهو رئيس الامن والسجون ورئيس دائرة العلاقات الدوليه ( يوجد مكتب فى داخل مكتبه لتوقيع الاتفاقيات الدولية )

والمشرف على وزارة الخارجية – ولكن الاهم من كل ذلك- المالية !

كل الشئون المالية من مدخولات ومنصرفات تحت تصرفه وحتى ايجارات المنازل .

وللتأكيد على  سيره على خطى انور خوجة فقد امر بتغيير الاسماء الاسلاميه التى تحملها بعض المدارس

فى اسمرا ومندفرا واعطاها اسماء جديدة !

يذكر الاستاذ محمد احمد ادريس نور وهو من المعلمين الرواد وكان ناظر للمدرسة الاسلامية فى اسمرا هذه الواقعه:

فى عام 1968 جاء الى اسمرة مدير جديد للتعليم من اثيوبيا وكان من الامهرا

وفور وصوله قابله عدد من المعلمين من ابناء المرتفعات الارترية من المسيحين وقالو له ان الاسم الذى تحمله تلك المدرسة الاسلامية يشكل مشكلة اكاديمية ويمثل عامل تفرقه بين الارتريين – لذا نقترح تغير الاسم!

استدعى المدير الاثيوبى ناظر المدرسة الاستاذ محمد احمد وقال له امام اصحاب الشكوى هؤلا يقولون كذا وكذا فما رايك ؟

اجاب الاستاذ محمد احمد انا موظف فى الحكومة والمدرسة تابعة للاوقاف الاسلامية وهى الجهه الوحيدة التى لها الحق فى تغيير الاسم وفوجىء المدير والتفت الى اصحاب الشكوى وقال لهم هل صحيح ما يقوله من ان المدرسة تابعة للاوقاف ؟

فاجابو: نعم .

قال لهم : فى هذه الحالة اذهبو الى الكنيسة والمؤسسات التبشيرية الاخرى واطلبوا منهم تغيير اسماء

( اندماريام) و (سانت فاميليا) …..الخ.

وبعدها يمكن ان نطلب من الاوقاف الاسلامية تغيير الاسم !!

ولكن دكتاتور ارتريا لم يسال الاوقاف ولم يطلب من الكنيسة شيئا بل قام بتغير الاسماء بقرار فردى من عنده

وفى الحقيقة فان صفة الاسلامى التى تضاف الى مؤسسة او حزب سياسى اصبحت تثير رد فعل غير موضوعى لدى الطرف الاخر بل وحتى  لدى بعض المسلمين !

اكبر حزب سياسى حصل على مقاعد برلمانية فى الانتخابات الالمانية الاخيرة هو:

الحزب الد يمقراطى المسيحى! ونفس الاسم موجود فى اكثر من بلد اوربى ولم يتهمهم احد بالطائفيه او التبعية للكنيسة .

لكنه السعى وراء تحقيق الحلم الزائف والاستمرار فى اضاعة حقوق الاخرين انه برنامج طمس الهوية وفرض هوية القومية المستقوية بالسلطة والثروة .

اذا كان ( انور خوجة ) قد اعاد بلاده الى موقع العالم الثالث فكيف سيكون الحال بارتريا والتى تحتل المرتبة الدنيا من ( العالم الثالث ) ؟

فى لعبة ( التنس ) يتم تصنيف اللاعبين وفق شروط  محددة من رقم واحد حتى المئات ويتم اشراكهم فى المباريات وفق ذلك التصنيف .

ولكن يظهر احيانا احد اللاعبين وقد توقف لفترة عن اللعب اما بسبب المرض او لاسباب خاصة ويصبح خارج تلك الترتيبات _ ولكن المشرفين يعطونه فرصة المشاركة ويضعون امامه صفة ( غير مصنف )

ويترك للظروف _ اما ان يخرج من الجولة الاولى اويستمر حتى نهاية المسابقة . فهل يا ترى ستصبح ارتريا دولة ( غير مصنفة ) وتواجه المجهول !؟  

                                                                                               وكان الله فى عون الشعب الارترى      


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6549

نشرت بواسطة في أكتوبر 7 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010