رمضانيات : كلمة شرف ”6”
عمر جابر عمر
ملبورن -أستراليا
بعد التحرير – التقى وفد من (التنظيم الموحد ) مع رئيس الحكومة الارترية المؤقته 1992فى(اسمرا).
وكنت ضمن ذلك الوفد. قال رئيس الحكومة المؤقتة ( اسياس افورقى)
( ان امامنا صفحة بيضاء لم نكتب عليها شيئا- سنكتبها معا لتشكيل دولة ارتريا المستقبل) وقبل ان يغادر الوفد ارتريا – خرجت الصفحات المكتوبة من مخازن اجهزة الامن وبدأت اعتقالات المعارضين !
ولم اكترث كثيرا لمناورات واكاذيب رئيس الحكومة المؤقتة.كنت اقول انه وعد غير مكتوب انه عبارة عن كلمة شرف لم يتم احترامها وتطبيقها.
ولكننى فوجئت بأن ما حدث فى البيت الداخلى الارترى وبين الارترين وبكلام غير مكتوب- تكرر مع جهات خارجية ومع منظمات ودول تم التوقيع معها على وثائق مكتوبة!
والغريب ان النظام الارترى سريع التوقيع على الاتفاقيات ولكنه اسرع فى التنصل منها والتنكر لها ! تلك التجربة كانت معروفة فى مرحلة الثورة حيث افشلت قيادة الشعبية كل اتفاقيات الوحدة مع جبهة التحرير وعطلت كل التفاهمات لتطبيع العلاقات وخلق مناخ صحى للحوار.
ولكن الامل كان ان ترتفع قيادة الشعبية فى مرحلة الدولة الى مستوى المسئولية وتعكس وجها حضاريا فى التعامل مع العالم الخارجى ولكن يبدو وكما يقال ( الطبيعة جبل )
فواصلت الحكومة الارترية ذات النهج واتبعت نفس الاساليب.
بدأت باقصاء كل من كان ضد الجبهة الشعبية بل وحتى من رفض الانضمام اليها بعد التحرير .
وحينما انتهت من( تنظيف ) البيت الداخلى بدأت تنفث سمومها وتنفس عن احقادها
الدفينة فى الخارج .
هاجم رئيسها منظمة الوحدة الافريقية فى مؤتمرها الذى عقد فى القاهرة عام 1995
وعلق رئيس السنغال حينما سئل عن ذلك : اتركوه – ما يزال يتحدث بعقلية الغابة !
ثم كانت الحملة الثانية على جامعة الدول العربية حيث قال عنها : انها جثة هامدة لا فائدة منها ليسعى بعد ذلك بسنوات قليلة لطلب عضوية (مراقب)!
اما الالتزام والتراجع فى الملف الاثيوبى فحدث ولا حرج – من اتفاق ( واجو دوجو)
الى ( الجزائر ) فان النظام الارترى يتبادل مواقف الرفض والقبول مع النظام الاثيوبى
كلما قبل طرف موقفا ما رفضه الاخر والعكس بالعكس ولكن اكبر تنصل من اتفاق اقليمى- دولى قام به النظام كان التنكر لاتفاق (كوتونو- بنين) عام 2000 بين الاتحاد الاوربى ودول شرق افريقيا.
طلبت الدول الاوربية تطبيق الديموقراطية وسيادة القانون واشاعة الحريات والتنمية بينما وعدت بتقديم مساعدات لتلك الدول.
وقعت ارتريا على تلك الاتفاقية ولكن فى سبتمبر فى نفس العام قامت الحكومة الارترية باعتقال مجموعة 13 والتى ضمت وزراء وقيادات عسكرية.
وتوقفت اوربا عن دعم ارتريا.
هذا النهج وهذا السلوك هو الذى ادى الى عزلة النظام الارترى ولان يصبح مشكوكا في
وعوده والمواثيق التى يوقعها ناهيك عن وعوده الشفهية وكلمات الشرف التى يطلقها .
ربما يكون مفهوما ان توقع دولة ما اتفاقية وهى فى موقف ضعف لا تملك معه رفض
تلك الاتفاقية او تطلب من الطرف الاخر تعديلها- حدث ذلك فى المانيا – حيث وقعت
بعد الحرب العالمية الاولى على اتفاق اعتبره هتلر مجحفا فيما بعد وقام بنغييره على ابواب الحرب العالمية الثانية.
نفس الامر حدث لروسيا مع المانيا ابان الحرب العالمية الاولى (صلح برستولوفسك)
ولكنها بعد ذلك استررجعت ما تنازلت عنه وابتلعت المزيد!
ولكن ذلك يحدث وفق حسابات وترتيبات وموازين قوى لا مجال فيها للصدفة او المزاجية فى التعامل معها .
هذا ما يجعل القيادة الحالية للنظام الارترى تعيش حالة اجترار لانتصارات سابقة
فى مرحلة التحرير والاستقلال وتتوهم انها يمكن ان تحقق ما تريد وان يكون النجاح
دائما حليفها .
انها لم تدرك المتغيرا ت الموضوعية ولم تقم بتقويم لقدراتها وامكانياتها فى مرحلة الدولة انها لم تعرف الفرق بين ضرورات الحرب وشروط السلام – اصبح عقلها الباطن
فى حالة استعداد دائم للدخول فى صراع مسلح فى حين ان كل ما يحيط بها يفرض
عليها الاستعداد لتوفير عوامل تحقيق السلام .
ما هو الحل ؟ هل من علاج لهذه الظاهرة؟
بعد الاربعين لا يتغير طبع البشر – ولكن يمكن احتواء مخاطره وتقليل سلبياته وذلك من خلال وضعه ضمن حلقة اوسع من اصحاب التجارب المختلفة والقدرات المتنوعه
هذا ما يمكن ان يحدث لمن تبقى من مريدى وانصار النظام الحالى ومن اراد منهم ان يكون جزءا من كل – ورقما من النسيج الاجتماعى والثقافى الوطنى ومكونا من مكونات الطيف السياسي الارترى فى مرحلة مابعد الدكتاتورية.
كان الله فى عون الشعب الارترى
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6559
أحدث النعليقات