رمضانيات ( 2)
الحنين الى الماضى
الأرتريون يعرفون أن الحزب الحاكم فى أثيوبيا يؤيد المعارضة الأرترية ولكن قلة منهم تعلم أن هناك أحزاب أثيوبية فى داخل اثيوبيا تعمل بصورة رسمية وشرعية وتعارض استقلال ارتريا! ما هو السبب؟ هناك نوعان من تلك الأحزاب:
@ نوع يتمسك بمجد زائف ويشده الحنين الى سلطة زائلة – انهم بقايا النظام الأقطاعى السابق ومعهم بعض رموز وجنرالات الأمبراطورية التى غابت عنها الشمس. يضم هذا التجمع أيضا بعض المثقفين من قوميات كانت سائدة وزال عهدها ولا تستطيع أن تتكيف مع الوضع الجديد. أذكر منهم استاذ جامعى قابلته فى – استوكهلم – بالسويد فى فعاليات مؤتمر القرن الأفريقى للسلام اسمه الدكتور ( مامو). حاول الرجل
أن يقنعنا بأن هيلاسلاسى شخصية أفريقية يحبها ويحترمها كل الأفارقة – قلنا له ان الأمبراطور السابق بالنسبة لنا : قاتل – مغتصب لحق الشعب الأرترى دون وجه شرعى. وبعد ثلاثة أيام من النقاش اقتنع الدكتور انه لا مجال لتسويق أفكاره – وانسحب – ولكن هل استسلم؟ كلا – قبل أيام أرسل لى رسالة بالبريد الألكترونى تحكى قصة لا أعرف ان كانت حقيقية أم اخترعها لتأكيد فكرته: تقول القصة أن شابا ارتريا كان مغتربا وعاد الى وطنه بعد التحرير— لم يجد أحدا يتحدث اليه ولا يجالسه – الجميع خائف من أى غريب يصل الى البلاد حتى لا يكون جاسوسا للنظام؟ حتى أهله تهربوا منه وكانوا يتعاملون معه بحذر – وأخيرا
جلس ذلك الشاب المسكين وخاطب نفسه قائلا( وهنا مربط الفرس) : يا ليت تعود الينا أمنا أثيوبيا!
كان يمكن أن أرمى بالرسالة فى سلة المهملات – ولكنى فضلت أن أرد عليه وكان الرد من ثلاثة سطور:
الدكتور مامو – أشكرك على النصيحة التى قدمتها لنا وان كانت بعد فوات الأوان.
الشعب الأرترى بلغ الفطام وأصبح يمشى عل قدميه ولم يعد يشتاق الى (أمه) أثيوبيا.
سنعمل على بناء وتنمية علاقات المحبة و الأحترام المتبادل مع الجارة أثيوبيا.
ان هذا النموذج يوجد بكثرة فى أمريكا وأوربا – ان حالهم مثل حال الباشا التركى فى مصر بعد أن زال سلطانهم يمد يده الى المصرى ويقول: هات ريال لسيدك!
@ النموذج الثانى هو نتاج لرد فعل مبالغ فيه وغير عقلانى على فعل ما كان يجب أن يكون منذ البداية.
قضية ( بادمى) كان يمكن حلها منذ البداية بالتحكيم الدولى كما حدث مؤخرا دون تقديم كل تلك الخسائر من الجانبين وزرع بذور الفتنة والشقاق وعدم الثقة بين الشعبين. كان رد الفعل على تلك الحرب بروز تيار ما سمى بالصقور من داخل جبهة تقراى ورفع ذلك التيار شعار استعادة ارتريا كلها أو على أقل تقدير ميناء عصب!؟ تداخلت المواقف الداخلية بين مكونات الجبهة الحاكمة والقضايا الخارجية حيث أراد جناح الصقور تصفية حساباته مع الجناح الآخر على حساب قضية الشعب الأرترى وحقه فى تقرير مصيره.تنكر ذلك الجناح حتى للشعار الذى كان يرفعه خلال معركة التحرير – وهو حق الشعب الأرترى فى تقرير مصيره.
ما العمل؟ الأقتراب سياسيا وأعلاميا من تلك الأحزاب ومحاولة اقناعها بأن استقلال ارتريا حقيقة واقعة اعترف به العالم كله وان ارتريا الشعب والأرض أكبر من أى حزب حاكم وان العلاقات بين الشعبين يجب ان تكون على أسس الأحترام المتبادل والبحث عن ما هو مشترك وما يحقق مصلحة الشعبين. على المعارضة الأرترية الأستفادة من تجربة الثورة فى بناء علاقات قاعدية وثابتة مع التنظيمات الشعبية فى السودان – اتحادات المحامين والعمال والطلبة والنساء والصحفيين – الخ وهى التى شكلت حماية للثورة عندما انقلبت عليها الأنظمة الحاكمة – فصديق اليوم قد لا يكون حليفا فى الغد! وهامش الديمقراطية المتوفر فى اثيوبيا اليوم والذى تستخدمه تلك الأحزاب لمعارضة استقلال ارتريا— يمكن استخدامه لتكوين جبهة تضامن مع الشعب الأرترى بعيدا عن الحزب الحاكم أو بالتعاون معه.
رمضان كريم.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=8687
أحدث النعليقات