رمضانيات-2-4- الأعتراف با لآخر …!؟
عمر جابر عمر
لو سألت أى عضو قيادى فى المعارضة الأرترية : هل تؤمن بالمشاركة والأعتراف با لآخر والمساواة حقا وواجبا – سارع بالأجا بة قائلا (طبعا … أنا ضد التهميش ولا أقبل الأقصاء …). وهو صادق فيما يقول ويذهب معك بعيدا ويشارك الآخرين فى ملتقى للحوار بل وفى مؤتمر جامع ويناقش برامج وخارطة طريق حتى يصل الى لحظة الخيارات الحاسمة (أختيار القيادة) – عندها تبرز (الأنا) ويخرج (الفرعون الصغير) من داخله ليصرخ : أما أنا أو الطوفان !؟ وقتها تبدأ الترضيات والمحاصصة وتنهار كل معايير ومرتكزات المساواة والأختيار الحر والموضوعى.
هل هى (نبتة خبيثة) نشأت مع الأرتريين ولا يستطيعون الفكاك منها ؟ الغريب ان الجبهة الشعبية الحاكمة فى أرتريا تعترف هى بالآخر …لكن على طريقتها … عليه أن يكون مثلهم – نسخة كربونية منهم … مطيع …منفذ وبعدها يطلق عليه (مواطن صالح )! ما سبب – أسباب – هذه الظاهرة ؟
أولا: غياب التجربة الليبرالية — السياسية أى التجربة الديمقراطية … خمسون عاما من الأستعمار الأيطالى – عشرة أعوام من الأدارة البريطانية – ثلاثون عاما من الأحتلال الأثيوبى – عشرون عاما من دكتاتورية (أسيا س) – ذلك أكثر من قرن من الزمان ( 1890—2013) !؟ كيف نتوقع بعد هذا أن يكون هكذا شعب خبيرا ومتمرسا فى التعامل الديمقراطى والأعتراف بالآخر؟
ثانيا : الشعب الأ رترى – مثله مثل الكثير من الشعوب الأفريقية – يحمل فى داخله (تنوع ثقافى وتعدد عرقى وأختلاف دينى..).تلك مواصفات وخصائص يمكن أن تكون أيجابية وعوامل قوة وبناء للمجتمع أذا تم توظيفها بحكمة وموضوعية ووجدت قيادة رشيدة لا يكون همها الجلوس على كرسى الحكم بأى ثمن بل تضع الأفضلية لمصلحة الأمة ووحدتها وسلامتها. أرتريا أفتقدت الى هكذا قيادات .. فكانت الصراعات والحروب الأهلية فى مرحلة الثورة وأستمر الحال بصورة أسوأ بعد الأستقلال.
ثالثا : الغربة والأغتراب – تاه الأرتريون فى بقاع الأرض وأصبح الشتات هو مصيرهم … صار هم الأنسان الأ رترى الأساسى هو البحث عن السلامة لشخصه ولأسرته .. أما (الآخر) فله الله ولم يعد جزءا من ذاكرته — تلاشت الذاكرة الجمعية وأصبح الفرد هو محور تفكير وهدف حركة الأرتريين فى الخارج. وحتى أولئك الذين يعيشون فى البلاد الديمقراطية لا يما رسونها ولا ينضمون الى الأحزاب فى تلك البلاد الا قلة قليلة. من أين يأتى ذلك الوعى بالآخر ؟
رابعا: دول الجوار – خاصة أثيوبيا والسودان – لم تكن أمثلة يحتذى بها ولا كانت مصدر ألهام فى تنمية الوعى الديمقراطى… ما زالت شعوب البلدين ومكوناتهما تقاتل بعضها البعض …. هذا هو حا ل الشعب الأرترى — أصبح كالمستجير من الرمضاء بالنار ! هل الأمل فى الأجيال القادمة – نأمل ذلك والا سندور فى حلقة دائرية تستهلك الوقت والطاقة دون تقدم الى الأمام ….
نذكر فى هذا المجال مقولة لقائد أفريقى حكيم وفذ قاد شعبه الى الحرية وقدم نموذجا رائعا للأنسانية جمعاء – نلسون ما نديلا – قال الرجل :
(يأتى فى عمر كل أمة زمان لن يكون أمامها سوى خيارين – الأستسلام أو القتال – فى تلك اللحظة لا يمكن الأستسلام – بل الرد بقوة وبكل الوسائل المتاحة دفاعا عن الوجود).
رمضا ن كريم
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=32431
أحدث النعليقات