رمضانيات ( 4)
عمر جابر عمر
ثم ماذا بعد؟ شارف شهر رمضان على الأنتهاء ولاحت تباشير العيد – نسأل الله أن نكون قد تزودنا من فضائل هذا الشهر الكريم وتعلمنا فيه ما ينفعنا فى قادم الأيام. ونرجوا أن نكون قد رزقنا بعفو ورحمة من الله وأن نكون قد اكتسبنا قيم الصدق مع النفس ومع الآخرين والقدرة على قول الحق دون خوف من أحد الا الله.
ماذا بعد الشك والتشكيك فى ملتقى الحوار الوطنى وأهدافه؟ اجتمع 330 ارتري وتحاوروا فى انفتاح وشفافية واتفقوا على عقد مؤتمر وطنى جامع يشمل الجميع من غاب ومن تم تغييبه – بعبارة أخرى رفض الأقصاء والتهميش. ومنذ الآن اتضحت ملامح الخارطة لمن يؤيد ومن يعارض المؤتمر الوطنى — ولكن
البعض – جهلا أو قصدا – يحاول استخراج ما لا يوجد فى المعدة واستنطاق ما لا تحفظه الذاكرة –
يحاولون اختراع وافتراض وجود خصوم وأعداء لذلك المؤتمر خاصة من ( برايتون)! والحال أن القائمين على أمر ( برايتون) يقومون بدور الوسيط بين مكونات التحالف – اى لأستكمال الحلقة وجمع الصف كما طالب ملتقى الحوار!؟
أم هى كراهية لشخص ود بعتاى؟ لا أعرف الرجل ولم أشاهده الا فى برايتون وسمعت خطابه ولم أجده متناقضا أو بعيدا عن مضمون خطاب رئيس التحالف الديمقراطى فى افتتاح ملتقى الحوار.
أم ربما لأنه مسيحى يشكل خطرا على الأسلام والمسلمين؟ حسنا اذا كان الأمر كذلك – رغم عدم وجود دليل أو اثبات – ومراعاة لمشاعر الآخرين ليبتعد ود بعتاى – ولكن فى اجتماع انتخاب سكرتارية المفوضية أفتى المتخصصون بضرورة انتخاب مسيحى لأن المرحلة تتطلب ذلك؟! وقبل أن يفيق الناس من المفاجأة جاء
توضيح بأن الأتجاه والتوجه هذه المرة هو نحو الفاتيكان ! حسنا ليذهب ود بعتاى الى الجحيم من أجل المصلحة العامة – ولكن فى المحطة الثانية برز سؤال: اذا كان الأمر كذلك ما ذنب
( المسكين برأس الخيمة) الذى قاطع الملتقى خوفا على حزبه وهو من الذين يحجون الى الفاتيكان؟؟
لا – قالت المراجع العليا – المعيار هذه المرة : أن يكون من القومية المختارة؟! يا لها من قومية محظوظة
سواء فى الحكم أو فى المعارضة دائما هم الفائزون – حتى المفتى قال : مسيحى عادل أفضل من مسلم لا تعرف نواياه – عوت نحفاش!
أقسم بأننى لا أعرف رئيس المفوضية المنتخب شخصيا وبالتالى لا يمكن أن أكون ضده ولكننى أتحدث عن معايير: لوكان قيل أن الرجل يتمتع بشباب وحيوية مقارنة بمنافسه وذلك يعطيه القدرة على العطاء – لكان ذلك مفهوما – ولو كان قيل انه اكتسب خبرة وتجربة من عمله فى اللجنة التحضيرية السابقة لكان ذلك منطق مقبول – ولكن –؟؟ بعد نصف قرن من صيحة عواتى وندائه الى كل الأرتريين – نعود الى الوراء
ونعطى الأولوية للولاء بدلا عن الأنتماء والعطاء؟! لا يهم – رغم أخطاء ( مدير الحملة الأنتخابية) الرجل جاء بطريقة ديمقراطية ومن حقه أن يأخذ فرصته وسنحكم عليه بأعماله وانتمائه وعطائه وليس بولائه
تلك هى الديمقراطية علينا أن نمارسها ونتعلمها منذ الآن وليس بعد زوال الدكتاتورية! سيقول أشباح الأنترنت أننى أويده الآن لأننى اكتشفت أنه من حماسين!؟
كما قالوا من قبل اننى تنازلت لهم عن أرض المنخفضات؟ لو كان حبى لهم الى هذه الدرجة لماذا لا أختصر الطريق وأعلن تأييدى لأسياس؟؟ يا لكم من قوم لا تعرفون غير الأبيض والأسود وتجهلون الألوان الكثيرة التى بين الأثنين.
أننى أعرف أن فى المفوضية رجال ونساء عركتهم الحياة وصقلتهم التجارب ولن يتم خداعهم أو تضليلهم والعمل فى نهاية المطاف يتطلب جهدا جماعيا. اذا كنتم تريدون مساعدة المفوضية منذ الآن:
لا تنافقوا ولا تطبلوا ولا تزمروا – أيدوا وشجعوا ما هو ايجابى وانتقدوا وقوموا ما هو سلبى ومعوج.
لا تجعلوا من المؤتمر الوطنى الجامع مكانا لتصحيح أخطاء المفوضية بل مكانا للبدء من حيث انتهت المفوضية.
حوارات مع الأشباح ! ليس من طبعى الحوار مع أشباح لا أراها ولا اسم لها ولا عنوان ولكن اليوم سأتناول
نماذج متفرقة لفائدة القارىء. ( لا يدخل فى هذا التصنيف الذين يكتبون بأسماء مستعارة لأسباب شخصية وقانونية وأمنية ويتناولون قضايا عامة – وقد كتبت عن هؤلاء فى السابق)
# النموذج الأول – يتحدثون ببراءة وعفوية وينطقون بما يسمعون دون معرفة المرجع أو مصداقية المصدر.
أنهم ضحايا ثقافة حكاوى المقاهى ومعلومات الهواتف الجوالة. هؤلاء بحاجة الى النصح والأرشاد والى فتح الأبواب والنوافذ – معظمهم لا ينتمى الى تنظيم.
# أعضاء فى تنظيمات – معارضة وشعبية – وبعضهم فى مواقع قيادية – يستخدمون الأسماء المستعارة لأطلاق بالونات أختبار لمعرفة ردود الفعل خاصة اذا كان تنظيمهم فى موقف صعب وغير قادر على تحديد خياراته أو اثارة مواضيع فى غير أوانها لصرف الأنظار عن القضايا الملحة والمباشرة. هؤلاء لا يفيد الحوار معهم لأنهم مقيدون ومسيرون ومحكومون من أعلى؟
# النموذج الثالث – قلة قليلة – أشباح الشخبطة ( الفاندلزم) يرمون بحجارتهم ويهربون – بالتعبير الشامى
( فشة خلق) وهى حالة نفسية أكثر منها موقف سياسى. هؤلاء لا نملك الا أن نبتهل الى الله أن يغفر لهم ويهديهم سواء السبيل. والآن الى بعض محطات ذلك الحوار:
@ يتعجب بعضهم كيف أتحدث عن المعارضة فى شهر رمضان المقدس؟! يا أخى كل شهور الله وأيامه مقدسة – الرسول كان يحارب الكفار فى رمضان وكان يشرع للمسلمين أى يحكم بينهم فى رمضان — رمضان لا يعنى توقف الحياة واذا كان على الأمساك عن الكلام الفاحش والمؤذى فذلك تشريع لكل فصول السنة وأيامها !
@ لمن يقول أننى أصبحت ( معلقا ) وابتعدت عن العقد الفريد؟ أين هذا العقد الفريد يأ أخى؟
لا أرى الا عقودا تنفرط وتتبعثر مثل حبات المسبحة وتعود وتتجزأ وتتربع وتتكعب ثم يصيبها الدوار وتعود الى السكون!؟ أما دورى أنا – استغفر الله من قول أنا – أسأل يا أخى من حضر اجتماعات اللجنة رقم ( 1) – كنت الشخص الوحيد فى الملتقى الذى كان يقدم يوميا مداخلة ومقدمة قبل مناقشة أى ورقة بطلب من رئيس وأعضاء ادارة اللجنة! أسأل الرعيل ومن كان معهم فى حواراتهم ومداولاتهم لأعلان الأتفاق وصياغة بيان التوحيد والتحضير لمؤتمرهم القادم؟ أسأل المرأة ومن وقف الى جانبها فى اعداد ورقتها التى قدمتها الى الملتقى وهى تحمل رؤيتها ومطالبها؟
أسأل عن اللقاءات مع قيادات المنظمات السياسية ومنظمات المجنمع المدنى والحوارات معهم للوصول الى ما وصل اليه الملتقى؟
@ نصحنى أحد هؤلاء الأشباح بعدم الذهاب الى ملتقى الحوار وكتب يقول انه ملتقى فاشل؟ كتبها بالخط الكوفى والرومانى وبالجملة والمفرد ( ف ا ش ل ) ولكنه لم يجرؤ أن يكتب اسمه لأنه دخل رهانا خاسرا وتلك طبيعة المنتمين الى تنظيمات سياسية. ولكنى أعرفه ولن أكشف اسمه لأن الضوء الساطع ربما يضر ببصره ويصبح الحول السياسى الذى لديه عمى كامل! سأتركه فى دهاليزه وكواليسه؟ لم يكتب بعد الملتقى ليخبرنا عن النبوءة التى أطلقها ( البالون)؟ ألم يكن من الأمانة أن يناقش نتائج الملتقى – وهل نجح أم فشل؟ أم يكفى أن نقرأ موقف تنظيمه؟ واذا كان الأمر كذلك لماذا كتب أصلا بأسمه ( المستعار)؟ انه التشويش وصرف الأنظار. الآن يبشرنا بمقال جديد يؤكد فيه أن الجبهة فشلت لكن الثورة نجحت!؟ انه متخصص فى الهجوم على قيادات جبهة التحرير ولم اقرأ له سطرا يهاجم فيه قيادات الجبهة الشعبية! اذا كانت الثورة قد نجحت وحققت أهدافها
( التحرير وبناء دولة العدالة والمساواة) لماذا أصبحت معارضا يا هذا – هذا اذا كنت؟ كتابة التاريخ يا هذا تتطلب أمرين:
الأعداد والأستعداد الأكاديمى – المراجع والوثائق وامتلاك القدرة على التحليل والمقاربة والأستنتاج – والحياد الكامل فى التعامل مع الأحداث – هل أنت مؤهل لذلك؟ الأمر الثانى التجربة والمعايشة
هل ستكتب عن الجبهة كأحد أبنائها أم كهارب منها أم انك شانئها — لا تطيق أن تسمع اسمها؟ وقبل هذا وذاك الصدق والأمانة – ومعيار ذلك أن تكتب أسمك الحقيقى فهل أنت فاعل؟! لم أسمع أن تاريخا كتب باسم مزور الا اذا كان مثل بروتوكولات حكماء صهيون والرسائل الماسونية؟
@ وهذا ليس بشبح و يا ليته كا ن! – على الأقل كان ستر نفسه! كتب فى – موقع عواتى – باللغة الأنجليزية يدافع عن ملتقى الحوار ويتهم كل من ينتقد أو يبدى ملآحظاته بأ نه معادى للديمقراطية والوحدة والسلام؟ اسمه – عبده حبيب— لا أعرفه شخصيا ولكن ذلك لا يهم – فمن الممكن أن لا تعرف شخصا وتناقش أفكاره ومواقفه – وما كنت أريد أن أرد عليه فأنا أؤمن بحرية الرأى – ولكنه تجاوز الحدود ودخل الى مياه لا يحسن السباحة فيها.
هذا الشخص يتهم الآباء بأ ضطهاد واستغلال الكوناما المسا كين وامتصاص عرق جبينهم لمصلحتهم الخاصة!؟
خسئت أيها المجهول فى دفتر الوطن! لا تتحدث عن قامات لا تستطيع بلوغها ؟
– أسأل العم ( أدقوى) عضو الملتقى من السودان والذى أمضى أكثر من ربع قرن فى منطقة القاش عن علاقاتنا بالكوناما – وقد كتبت عن مأساتهم وقلت ان ما أًصابهم لم يصب قومية أخرى – هل بك حول أم فى نفسك غرض وكره غير رشيد؟ كانوا يأتون الى المنطقة للعمل فى الموسم الزراعى ويعودون الى بلدهم محملين بما حصلوا عليه من الشركة أيها الغافل—وكان الآباء مثلهم مثل الكوناما يتقاضون أجورهم ولا يملكون الشركة وليس لهم فيها أسهم. لا تتحدث عن أمور تجهلها لأن ذلك يوقعك فى محاذير أنت لست ندا لها.
أقرأ ماذا كتب الناس – منظمات وأفراد — وآخرهم حزب المؤتمر الأسلامى – هل هؤلاء كلهم يكرهون الكوناما والعفر ويستغلونهم؟ أما الحديث عن الوطن ومستقبله فان الأرتريين هم أما فئة ناضلت من أجل الحرية والأستقلال وأما فئة أخرى آمنت بحرية وأستقلال بلدها – من أى فئة أنت أيها الغائب عن ذاكرة الوطن؟
لدى ملف كامل عنك – منذ نشأتك فى حرقيقو حتى أصبحت مستشارا لمنقستو هيلاماريام ثم سفيرا له ثم — هل استرسل أم يكفيك ذلك ؟ من تمدحه أنت يصبح موضع الشبهة ومن تتهجم عليه فهى الشهادة أنه يسير فى الأتجاه الصحيح – أيها الهارب من عدالة الوطن؟
@ بعضهم يستخدم مصطلحات لا يفهم مدلولها الحقيقى – يقول لك انك ستذهب الى مزبلة التاريخ؟
كأن تلك المزبلة هى برميل الأوساخ ( الكوشة) الموجود فى فناء منزله فاذا لم يعجبه ما تكتب يطبعه ويمزق
الورقة ويرمى بها الى المزبلة!؟ يا هذا لو كانت مزبلة التاريخ مثل ما تفهم لما تقدمت البشرية – مزبلة التاريخ هى فى ركن قصى وعميق من الذاكرة الجمعية للشعوب – عندما صوت الشعب الأرترى على الأستقلال رمى بألأحتلال الأثيوبى فى مزبلة التاريخ!
@ مفهوم آخر لا يحسنون استخدامه: المصلحة الشخصية! يقول لك انك تسعى وراء مصلحتك الشخصية؟ سأقول لهؤلاء أين تكمن مصلحتى الشخصية بمعناها المباشر والحياتى:
الحكومة الأسترالية تعطينى معاشا مريحا يكفينى بقية عمرى— تعطينى تأمينا صحيا شاملا
وجملة من الحقوق العامة والخاصة مثل أى مواطن استرالى— أعيش مع أسرتى فى منزل نملكه
وزوجتى وأبنائى يعملون ويكسبون رزقهم بعرق جبينهم وليس بى حوجة لأن أمد يدى الى أحد.
هى نعمة اسأل الله أن يديمها على – ( أسمع الشبح يقول لنفسه: طيب مالك ومال أرتريا – ماذا تريد منها؟ ) لا أريد منها شيئا – أريد لها كل خير – أريد أن أرى ابناء ارتريا يعيشون فى وطنهم مثل ما أعيش أنا هنا:
أريد أن أرى اللاجئين وقد عادوا وعادت اليهم أرضهم وممتلكاتهم.
أريد أن أرى السجون وقد خلت من كل صاحب رأى وضمير وفكر
أريد أن أرى الخدمة العسكرية التى لا نهاية لها وقد انتهت وبدأ الشباب حياة جديدة
هل ذلك مصلحة شخصية؟ اعترف أننى مذنب.
أريد أن أرى الأرترى يعبر عن رأيه ويختار ممثليه فى البرلمان
أريد أن أرى ارتريا بلدا آمنا موحدا ومستقرا ينعم بخيراته
أريد أن أرى ارتريا تعيش مع جيرانها فى سلام ومحبة
أريد أن أرى أبناء وبنات أرتريا يقدمون للعالم ابداعاتهم ومساهماتهم
هل تلك مصلحة شخصية؟ انها تهمة لا أنكرها
( سيقول الشبح لنفسه – لا انت تريد القيادة)؟ أى قيادة يا هذا ؟ منذ أكثر من خمسة عشرعاما وانا لا انتمى الى أى تنظيم – هل لمستقل أن يسعى الى القيادة؟ وأى قيادة – المعارضة أم الحكومة؟
كلها ( ثقوب سود اء) – الداخل اليها مفقود والخارج منها مولود! هل تريد أن أبصم لك بالعشرة بأننى لم ولن أفكر فى القيادة حتى بعد التغيير الديمقراطى وقيام الأحزاب؟ ( مرة أخيرة يقول الشبح : طيب ما تخلينا فى حالنا)؟ هذه المرة لا وألف لا – نعم أبحث عن ( مصلحة) وهى مرضاة الله وارضاء الضمير!
لن أسكت عن تقويم اعوجاج أو الأشارة الى مواطن الخلل أو كشف الزيف والخداع والدجل
لم ولن اسىء الى أحد فى حياتى ولا يعنينى أصله وفصله – تهمنى مواقفه وأفعاله وأقواله ولكن دون تجريح أو تجريم بل بالبينة والدليل والبرهان. وما يشجعنى ويعطينى حافزا للاستمرار فى هذا النهج هو وجود عقول نيرة وضمائر حية وأصوات تجهر بالحق وأخرى تطالب بالحقيقة— يسعدنى ويشرفنى أن أكون الى جانب هؤلاء أناضل معهم من أجل تعبيد الطريق للآجيال القادمة حتى يعيش الأرتريون فى استقرار وسعادة وسلام .
بعض الأصدقاء يقولون لى أحيانا : ابتعد عن هذه البيئة الملوثة ( مالك ومال هذا الصداع)؟
أعرف أن السياسة الأرترية حقل ملىء بالألغام والأشواك فيها أكثر من الورود ونعيق البوم فيها يعلو على تغريد العصافير وضرب الخدود وشق الجيوب والنحيب يتقدم على العناق والترحيب والأبتسام.
ولكن لا بد مما ليس منه بد – حملنا رسالة من الآباء ووصايا من الشهداء أن نكمل المشوار ولا خير فينا ان لم نقل كلمة الحق فى وجه السلطان الجائر ولا معنى لوجودنا اذا لم نتصدى للزيف والدجل والخداع ( — كذلك يضرب الله الحق والباطل فاما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض كذلك يضرب الله الأمثال ) صدق الله العظيم.
كل عام وانتم بخير وعيد سعيد
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=9105
أحدث النعليقات