رمضان في الذاكرة الجماعية : دعوة لكتابة التراث
فرجت
حل علينا الشهر الفضيل ضيفا طال انتظاره ليغفو في دواخلنا شهرا ويبعث في اجسامنا المنهكة همة العبادة وطعم رائحة الوطن المستلب في مدنه وأزقته وحواريه ، طعم أكلاتنا الشعبية وأغانينا الرمضانية ، يأتتينا كل ليلة مع رنين المنبه صوت المسحراتي ومع صفارت الميكريويف وأفران الغاز والكهرباء تملأ خياشيمنا روائح ودخان الفرن البلدي ” مجاجو ” الوالدة الحنون ألا يبعث كل هذا غصة في الحلق قبل أن يذهب الظمأ وتبتل العروق؟
أحبتي الوطن الذي نعلم تتغير ملامحه يوما بعد يوم وتتبدل لهجته وسحنته وطريقة لبسه وأسلوب الحياة والمعيشة فيه مع تغيير أسماء المدن كما يتم استلاب الأرض وتدنيس العرض يتم سرقة التأريخ وتشويه التراث والثقافة الشعبية ويدفع بالجيل الجديد الذي لم يرث منا سوى الخيبات و ثقافة مشوهة وتأريخ مبتور وتراث لا يمت اليه بصلة سوى في طريقة الديكور والملابس الا من رحم. كما يتم تقليص الارض وانقاصها من كل اطرافها تحت أرجلنا كما تتلاشى أيضا مساحة التراث وأسلوب الحياة في ذاكرتنا ، فما أختزن من الحكي يطمر تحت التراب سجنا أو بالرحيل المفاجئ لأصحابه من دنيانا الفانية هكدا يرث الجيل الجديد ثقافة وتراث هي عبارة ” توليفة ” قصد منها أن يعيش بنصف ذاكرة .
ان تراث وتأريخ اية منطقة يتمثل في خلاصة تجاربها واسلوب وطرق عيش وحياة ، هي مسلم بها في دوراتها الفصلية ومتعارف عليها من الجميع ويتم تسجيل حوادثها في سفر الذاكرة الجماعية وتتوارثها الأحيال جيل بعد جيل هذا تراث شفهي يتم نقله عبر الحكاية الشعبية والمسامرات الليلية التي عادة ما تكثر في رمضان وغيره من المناسبات الاجتماعية والدينية حيث يتقدم الشيوخ والكبار في مباركة كل شيئ من قصعت الأكلت الى عقد القران.
ارتريا اليوم تحاول جاهدة المحافظة على ملامحها وعفافها قبل أن تبتلعها بحيرة ملأى بالقمل والجراد والدم الصديد، قبل أن تتبدل خلاخيلها وزمام أنفها وأقراط أذنيها الى قيود من حديد، ندعوكم أحبتي التحرك للحفاظ على الذاكرة التي باتت في طريها الى التلاشي والذوبان تعالو نسترجع الذاكرة الجماعية لشعبنا تراثه وثقافته الشعبية ، تراثه النضالي تراث الشموخ والاباء والتضحية تراث التعايش والمحبة والسلام.
الى الذين مازالوا يختزنون الحكاية، وثقوا واعيدوا الاعتبار الى ثقافتنا وتراثنا، الى الذين مازالت الذاكرة لديهم متقدة ندعوكم للكتابة عن رمضان في ثقافتنا وتراثنا الشعبي لياليه مسامراته ، أكلاته الشعبية ، أغانيه واهازيجه وأحاجيه ندعوا كتابنا الذين مازالو يملكون بعض من مداد الذاكرة لاراقته عبر فرجت ليكن توثيقا رقميا لهدا التراث تتوارثه الاجيال من بعضهم جيل من بعض جيل. الى كتابنا الكبار الاستاذ جابر سعيد ارض الهرم ، الاستاذ جلال الدين محمد صالح ، الاستاذ عبد الفتاح ود الخليفة ، الاستاذ عبد الرحمن سيد ، الاستاذ صالح قاضي ، الاستاذ محمود ايلوس والاستاذ بشرى بركت الى كل الشباب قديم وحديث لنبدأ في التوثيق واعادة اعتبار الى تراثنا وثقافتنا الشعبية، أن لم تتمكن من كتابة مقال فعبر التعليقات والمداخلات القيمة يمكن اثراء هذه الدعوة .
رئيس التحرير
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=41760
أذكر الأخوين التوأمين الذين كانا يبيعان ما كنا نسميه مشبّخ ويعرفان به في رمضان على الدوام ولا أنسى حمباشا ود عتيل والله يسيل لعابي حين أذكر أي منها. بعد خمس وثلاثين سنة من الغربة والبعد
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الكرام في فرجت
أولاً:
أهنئكم بقدوم الشهر الفضيل وأدعوا الله مالك الملك ومسيّر الفلك أن يعيد لنا ملك أوطاننا ويسير لنا مراكب الهوان واللجوء بالإتجاه العكسي الى حيث تهوى الأنفس بين الأهل والأحبة في بلادنا.
ثانيا:
بوابة الأمل التي يسعى فرجت لطرقها اليوم هي بمثابة بارقة أمل نستذكر من خلالها ما غيّبه الطّغيان عبر التّشارك بكل ما لدينا من ذكريات لنحتفظ بها في ذاكرتنا الجمعية..
يعلم الله كم هي مهمة هذه الدّعوة وكم يكون ضروريّا أن نتشارك بذكريات أيّامنا وما حوته من تراث مُتوارث عبر الاجيال..
وربما كانت دعوة فرجت هذه بداية حقيقية نحو مسعى جاد لتوثيق التّراث الإرتري بكلّ جوانبه، فقد أخذت السياسة منا كلّ شيء حتى بواقي التراث الذي كنا نحمل، أضف إلى ذلك الطمس الممنهج والإستئصال الثقافي المنظّم الذي إنتهجه حكم الجبهة الشعبية القائم على القواعد الطائفية بمنهجيتها الراديكالي..
ملامح هذا التراث التي تكاد تندثر بين الغدر والإهمال لها بعض الأمل في الإحياء والبعث إذا تحركت الأجيال التي توقفت عندها حركة التراث الطبيعية..
هذه الأجيال التي عايشت الثّقافة الإرترية بكلّ جوانبها (قبل تدنيسهاا)، فسارت بها إما الى النضال او الى اللجوء وهذه فرصة سانحة لتلك الأجيال لإحياء ما تبقى من ترثنا الذاهب بتسارع غريب إلى طيّ النسيان..
وفرصة شهر رمضان المعظم هذه قد تكون البداية الأفضل لتوارد الخواطر بين تلكم الأجيال والأخرى التي تلتها ويتم العمل على الغوص في أعماق ماضينا لنجلب حباله فنخيطها بحاضرنا، لنتجاوز بها بإذن الله السّنوات العجاف التي نعيش هذه الأيام..
الأمل قائم طالما كان في الأرض من يحمله..
ب.ب