سبتمبر علامة فارقة وإرادة شعب ﻻتقهر !
يصادف الفاتح من سبتمبر فى كل عام ذكرى لميﻻد إرادة أمة وثورة من رحم الشعب اﻷرترى فجرها الرمز الوطنى حامد إدريس عواتى وثلة من رفقاءه اﻷبطال فى العام 1961م فى جبل أدال ضد المستعمر اﻷثيوبى الذى أغتصب اﻷرض وإلتف على حق الشعب اﻷرترى وأذاقه الويﻻت ، معلنين صرخة شعب من فوهات بنادق أبو عشرة رغم بدائية السﻻح لكنها كبرياء وإرادة ﻻتقهر. فى مثل هذا اليوم من كل عام يقف الشعب اﻷرترى بكل فخر وإعتزاز إجﻻﻵ وإكبارآ ﻷرواح الشهداء وتخليدآ لذكرى إنطﻻق ثورة التحرر الوطنى والتى إستمرت لمدة ثﻻثون عامآ دموعآ ودماء فى ملحمة نضالية سجلها التاريخ وكانت محل إحترام وتقدير من كل أحرار العالم.
اليوم نتنسم عبق التاريخ ورائحة أبطال أبت نفوسهم اﻹذﻻل والقهر واﻹستعباد فكان شعارهم إما أن نحيا أحرار أو نموت أحراراً ، صعد عواتى ورفاقه جبل أدال ليعلنو إنطﻻقة الكفاح المسلح متحدين بذالك أعتى الجيوش فى أفريقيا وأقوى أمبراطوريتها ، وكان الشعب اﻷرترىالزاد والمعين والحاضنة لهؤﻻء الثوار كما إلتف كل الشرفاء من أبناء إرتريا حول ثورتهم التى تنادى باﻹستقﻻل وخاصة المثقفين ورواد النضال الوطنى بقيادة إدريس محمد أدم رئيس البرلمان اﻷرترى فى عهد الحكم الفدرالى مع أثيوبياوغيره من الشرفاء الذين شكلو الصوت الخارجى وكانو صمام أمان لها دعماً وسندآ وحشدآ جماهيريآ حتى إلتحق بها كل قطاعات الشعب اﻷرترى ذرافات ووحدانا فكان الشعب فى الداخل الحاضنة لهم وفى المﻻجئ والشتات الصوت والسند.وبالرغم أن مفجر الكفاح المسلح الرمز االوطنى حامد عواتى سقط شهيدآ فى اﻷعوام اﻷولى للثورة تم التكتم على الخبر حفاظاً على الروح المعنوية للثوار ولعشاق الحرية ،ليتم نشره فى أعوام ﻻحقة بعدأن أشتد عود االثورة وإتضحت رؤيتها وكان هذا من فنون السيطرة على الخبر لمعرفة وقياس درجة تأثيره ، وإستمر الكفاح حتى تحقق اﻹستقﻻل فى عرس وطنى بهيج. وبهذه المناسبة الوطنية يجب أن نقف ويقف التاريخ برهة لنستخلص الدروس والعبر من مسيرة التحرر الوطنى ونتساءل عن حال وطن قدمت فيه كل أسرة إرترية شهيد أو جريح ، فيا ترى! هل هذا هو شكل الوطن الذى حلم به اﻷحرار وقدموا فى سبيله المهج واﻷرواح أم تغيرت البﻻد ومن عليها وبات وجه اﻷرض مغبر قبيح وتغير كل ذى طعم ولون وقل بشاشة الوجه المليح.
اليوم وبعد 54 عامآ من إنطﻻقة الكفاح المسلح ومرور 24 عام على اﻹستقﻻل لم يعد الﻻجئون الى أرضهم فما زالو فى خيام اللجؤ وذل الشتات ولم يجد معظم الشرفاء ورواد النضال الوطنى شبر يضم رفاتهم فى وطن بذلو فيه الغالى والنفيس كما لم ينعم الشعب اﻷرترى بوطن يسع الجميع. نعم ! لقد طرد المستعمر ورحل بعاره ولكن من جاءو بعده من أبناء الوطن بدلو العهد وخانو الشهداء والشعب وأغتالو حلم اليتامى والثكالى فتتطبعو بطباع المستعمر وأصبحو أشد ضراوة منه فى إذﻻل الشعب أولئك هم الذين أغتالو وأخفو قسرياً الرفاق وأسكنو الشرفاء السجون وأطفأو مشاعل العلم وكممو اﻷفواه ، هم اللذين سرقو الثورة وتسللو بداخلها ونخرو فى جسدها وجسد الوحدة الوطنية فلبسو قناع الوطنية ليضللو عشاق الحرية ولكن كانو يخبئون السم فى الدسم لهذا الشعب. إن الشعب اﻷرترى وبكل مكوناته كان له دور بالغ فى مسيرة التحرر الوطنى ولكن لم يكن له الحق الكامل فى بناء الدولة ﻷن النظام الدكتاتورى الذى تربع على سدة الحكم بعد اﻹستقﻻل كافأ هذا الشعب بمزيد من اﻹذﻻل والقهر واﻹستبداد وعمل على تفكيك النسيج اﻹجتماعى وتهجير جزء كبير منه خاصة سكان اﻹقليم الذى إنطلقت منه شرارة الكفاح المسلح ليغير التركيبة السكانية والديمفرافية حتى ﻻيعيد التاريخ نفسه ضدد اﻹستبداد ، ولكن هذا عكس الحقائق وعجلة التاريخ فطالما إشتد الظلم والقهر يولد اﻷحرار من قاع الحريق. تمر علينا هذه الذكرى ومازال الشعب اﻷرترى يعانى من الفقر والجوع والمرض واﻹذﻻل وأنين الضياع فمنه من تتﻻعب الرياح بخيامه فى المﻻجئ ويحرم جيل المﻻجئ حتى من قراءة تاريخ ثورته ووطنه (إغﻻق مكتبة معسكر الشجراب نموذجاً ) ومنه من تقطعت به السبل وتاه فى الصحراء وأخر طفح على سطح البحر وجزء منه وراء البحار ينتظر لحظة برء أخيرة لوطن جريح ليمﻷ رئتيه من هواء وطن الجدود والتاريخ. بعد كل هذه النضاﻻت مازال الشعب اﻷرترى ينتظر حلول السماء ﻹخراجه من كابوس النظام الدكتاتورى ﻷن معادﻻت اﻷرض باتت تذروها الرياح فالمعارضة التى كان يعول عليها باتت تتصارع فيما بينها وتنشطر وتتبرعم كالتبرعم اﻷميبى وتحمل جميع أمراض فناءها فى أحشاءها بالرغم من جهود بعض المخلصين فيها لترميم جراج هذا الوطن ورفع المعاناة عن كاهل هذا الشعب إﻻ أن أعداء الوحدة الوطنية واﻹجماع الوطنى ينتجون أنفسهم من جديد ويتسللون الى رحم المعارضة وكأن التاريخ يعيد نفسه وماأشبه الليلة بالبارحة ! حتى ﻻينطلق قطار المعارضة الى اﻷمام وفى داخله برنامج وطنى يلبى طموح التنوع الثقافى والعرقى والدينى فى أرتريا ويكرس للسﻻم والديمقراطية واﻹستقرار. كما أن دول الجوار التى تحتضن المعارضة تهتم بمصالحها الحالية واﻹستراتيجية ومن يحقق لها ذالك بغض النظر عن مصلحة الشعب اﻷرترى، إن الشعب اﻷرترى اليوم ليس بحاجة ماسة الى مؤتمرات وسمنارات مستنسخة بل يحتاج الى قوة فاعلة تربط الداخل بالخارج وتبلور مشروع وطنى فاعل وتحي ذكرى عواتى فى السهول والتﻻل. إن حواء أرتريا قادرة على إنجاب عواتى جديد وهاهى بوادر الروح الوطنية تدب فى الأرترين وبدأو يكسرون جدار الصمت وينتزعون الخوف والرعب الذى زرعه نظام أسياس القمعى ويقولون ﻻ للقهر والدكتاتورية ويهتفون فى مختلف بﻻد العالم ومظاهرة جنيف خير شاهد فى إرادة شعب طال قهره وبدا يعلو صوته فى ظاهرة نضالية تجسدت فيها الروح الوطنية ومشتركات اﻷرض والمصير الواحد لكل المكونات اﻷرترية حيث كانت عﻻمة فارقة وصفحة جديدة فى سفر النضال الوطنى السلمى.
يظل عواتى ورفاقه ملهمى الثورة والتحرر الوطنى رغم تطاول بعض اﻷقذام على تاريخه ورمزيته الوطنية ويبقى الشعب اﻷرترى هو صاحب اﻷرادة التى ﻻتلين ، فمها طال الظلم فالنصر صبر ساعة وكل ظالم الى زوال وفقآ للسنن الكونية. وبهذه الذكرى التحية للشهداء وجرح التحرير وكل الشرفاء من أبناء أرتريا ولكل اﻷحرار الذين سجلو مواقف مضيئة فى سفر النضال وللرعيل اﻷول من رواد النضال الوطنى وﻹطفال المﻻجئ وجيل الشتات ولكل التائهين فى الصحارى او فى ماوراء البحار ولكل أم إرترية فقدت إبنها أو زوجها من أجل تراب الوطن وكرامة إنسانه. وسيظل سبتمبر شمسآ تهب الضياء وﻻ تغيب.
بقلم / عبده محمد عثمان
ababdumosman@yahoo.co.uk
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=35319
أحدث النعليقات