ستظل سلسلة الأحداث متعانقة حتى نهاية التاريخ
دوائر الصراع قد تختلف في حجمها وفي مكانها الجغرافي وزمانها التاريخي ولكنها لن تختلف كثيراً في المكون الأساسي لها والأهداف التي إنبنت عليها وسيكون تأثير الأحداث على ما حولها قائماً طالما المحيط ليس خارج نطاق الكرة الأرضية. وقد تخمد ثورات وتنشأ ثورات أخرى بتغير موازين القوة في العالم وتتجدد طموحات تلك القوة بتجدد مصادر قوتها.
الواقع يعكس مآل مقاليد السلطة الدولية لمجموعة من الدول المنتصرة في الصراعات التاريخية والتي أسست غرفة للتحكم على إدارة العالم وتوجيهه. وعلينا أن لا ننكر مثل هذه الحقائق (بل وأنني هنا بصدد أن أقول رأي “بما أن النصر من عند الله سبحانه وتعالى” فبفضله سبحانه أن سخر لنا أباء وإخوان استشهدوا من أجلنا وتثنى لنا أن ننعم بهذه الحرية والهوية التي نعتز بها كثيراً . (إلا أن تحرير كامل التراب الارتري ارتبط تاريخياً بوثيقة سقوط المعسكر الشرقي أي يعني أن أي دائرة صراع في العالم لا تنفصل على الإطلاق بل أنها ستظل سلسلة متعانقة حتى نهاية التاريخ) وقد تختلف الأيام على من يتداولها كثيراً وتتفرق. فعلينا أن نعمل لمسافات السلام التي قد تنشأ بين مفاصل التداول وتفرق الأيام علينا.
ولا يخفى علينا أنه وبعد سقوط المعسكر الشرقي تحول دفة الصراع في العالم. وأصبح العالم محكوم بالقطب الأحادي وتغيرت دائرة التركيز من قبل القوة السياسية والفكرية المهيمنة ولا سيما أنه وبعد أحداث الحادي عشر المؤسفة والتي راح ضحيتها الكثير من الأبرياء استغلت الآلة الإعلامية لهذه القوة هذا الحدث بتوجيه ضربات متلاحقة لأنظمة عربية وإسلامية طموحة خرجت لتوها من دائرة استغلالها في الصراع ضد المعسكر الشيوعي. وأن هذه القوة ليس هي بالقوة السلبية المطلقة بل على العكس شكلت حضارة إنسانية قوية لها ايجابياتها “وسلبياتها” من إسقاطات المتبنيين آمرها وأنه بفضل اجتهادات هذه القوة كان هذا التطور المادي الهائل والانتشار للعلوم ولا بأس إلا حين أن يكون هنالك تطور لحضارات أخرى تسعى لخدمة الإنسانية.
فلذا لزاماً علينا إذا نشدنا التطور بقراءة الواقع قراءة سليمة إلى حد ما لأنه يستحيل أن نقرأه إلى حد الإستيعاب المطمئن. وأن نستفيد من الاختلافات التي حدثت في تاريخ الأمم والشعوب والتي أدت إلى التحرر من الاختلاف وتحويره إلى تضامن أثرى تلك البلاد بالتنوع الإثني والثقافي والديني والحضاري بعد أن تعدوا المرحلة الصعبة ووقفوا للاستفادة من “التجربة الدموية” التي عايشوها فقاموا بتحديد المفاهيم المختلف عليها مما أدى إلى ترسيخ القوانين التي تهيئ الأرضية التي يمكن أن تتنامى فيها تلك المفاهيم وتحمي نفسها بقوة القانون لا بقوة السلطة القائمة على أمر للقانون. وتصنع الواقع الماثل أمامنا للكثير من دول الغرب الذي ما زلنا ننهل منه نحن دول العالم المتخلف في كثير مناحي الحياة الصناعية والاقتصادية والسياسية والعلمية.
والسلام والأمن الاجتماعيين يتم بنائهما بعقول واعية ومدركة لكافة الحقائق الواقعية والتاريخية والتكوينية دونما تجاوز (لنانو) حقيقة وتوفر القوة الداعمة لها ومن قبل توفر الرغبة لها في العمل على تغيير الزيف والتشويه الذي حدث وتغيير وجهة الدولة في العلاقات الخارجية بما يلبي المصالح التي يمكن أن تعود بالفائدة للبسطاء من المواطنين وهذا ما أراه متوفراً في كادر جبهة التحرير من أبناء قومية التجرينية.
أولاً : أولاً القوة التي توزع السلطة وتثبت أركانها في كثير من دول العالم تسبقنا في التفكير مائة عام “ليست من العزلة” إذاً واقعياً موازين القوة العالمية الداعمة لا يمكن أن تدعم أي مسلم للوصول إلى مراكز السلطة في أرتريا واثيوبيا كنماذج لأن لها أجندتها. ولأننا الذين قد بلغنا الحلم السياسي وتمتعنا بذكاء نادر في إعادة توزيع الأدوار التنظيمية في الفروع مع اقتراب المؤتمرات الدورية لتداول السلطة نعمل برأي محمود درويش “أنا والغريب على ابن عمِّي. وأنا وابن عمِّي على أَخي. وأَنا وشيخي عليَّ هذا هو الدرس الأول في التربية الوطنية الجديدة، في أقبية الظلام.” ونعمل بنظام “الكوتات” فما بالك بالخبرة السياسية للقوة الداعمة.
اذاً واقعياً مستقبل السلطة في ثاني فرصة ستكون لأول أرتري من قومية التجرنية، وهو مجرد رأي مبني على قراءة وقائع تاريخية وحاضرة وليس محاولة لترسيخ مفهوم لن يرضى الكثيرين وقد يعرضني للهجوم من الكثيرين من الذين لهم أماني (وليس كل ما يتمناه المرء “يتركه”).
ثانياً: التغيير الديموغرافي المخطط له والذي يجري في المنطقة (الهوة ما بين المطرقة والسندان) في رواية ما بين (المركزين) والتي قد تصدر قريباً.
ثالثاً : تخوف معظم أبناء المسلمين المتعلمين من التجربة التي أجراها منفذوا برنامج “نحنان علامانان” وهروبهم إلى البحث عن التجنس في دول أخرى تضمن سلامتهم ومستقبل أبنائهم في الدرجة الأولى وشبه استحالة عودة كادر الدولة المتعلم من المسلمين الذين يمكن أن يعكسوا التنوع الطبيعي في الدولة لأن لغة العصر أصبح الطاغي فيها لغة المصلحة. (هنا يا أخي كتابو تفسير لما أشرت إليه في تعليقي من أن الدولة أصبحت مهيأة للسان واحد وحال واحد). وأعواماً أخرى من الضياع قادمة إلينا إذا كان الخيار القادم مفروضاً (وليس له إسم رباعي كسالفه) إذا علينا أن نبحث خياراتنا المتوفرة في أبناء أرتريا المخلصين لهذا والوطن والمواطن والذين يعترفون بمكونات هذا الشعب ويعملون على تحقيق مطالبه وحاجاته الكلية وأن نسعى إلى فرضها على الواقع الإقليمي والدولي. ولنا قوتنا في إمكانية أن نفرض من نريد فقط إذا ركزنا قليلاً واتفقنا على الخيار القادم. (أخ عاقل خير من أخ جاهل). ستتواصل سلسلة المقالات بإذن الله حسب ردود فعل المقال لتوضيح الرأي أكثر وأكثر.
المقال يأتي توضيحاً للرد على تعليق الأخ كتابو في تعليقي على عنوان شكراً لجبهة التحرير في موقع فرجت.
محمد سعيد ابراهيم عبدالله (التركي)
hamomn@yahoo.com
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=1727
نشرت بواسطة فرجت
في فبراير 19 2010 في صفحة المنبر الحر.
يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0.
باب التعليقات والاقتفاء مقفول
أحدث النعليقات