سـلوكيـات سـاقهـا البعض باٍتجاهنـا متعمـدا
هـو / هم أفضـل منـا !!
جابـر سـعيـد ـ أرض الهـرم
لاشـك أن تفضيـل الآخـر على الـذات من غيـر اسـتخـدام معاييـرالمقارنة او قـراءة الاحـداثيـات، هـو مثـل جلـد الـذات، وهـو داء قاتـل يتفوق على داء (الأنـا) الذى حاربناه ومازلنـا نفعـل، وحتمـا سـنتمـكن من القضاء عليه عاجـلا أو آجـلا بالـرغم من اسـتيطانه واكتسـابـه مناعة عالية ضـد العقاقيـر والوصفـات الطبية التى نمـلك ـ أمـا الداء الأول فهـو من فصيلةالأمـراض السـادية ذات السلوكيات الغـريبة، وهـو عادة لا يصيب المجتمعـات المنتجة العاملة لمصلحة كافة مكونـات الوطـن، لان المجتمـع المنتج والسـباق الى التعامل مع الاشـياء والاحـداث هـو مجتمـع مبتكـر ومحصـن ضـد هـذه الأمـراض، وهـو تمامـا مثـل الشخص الـذى يتمتـع بحواس عالية الاحسـاس تجعله دائمـا متـأهبـا لمقابلة الأحـداث الطارئة والتصـدى لهـا فى الوقـت المناسـب، بـل وينـذر من هم حوله باٍقتـرابهـا، هـذا الحـس لا يتوفـر غالبـا الآ لمن وقـع عليه وزر الأحـداث المؤلمة بشـكل متكـرر … هـذه السـمة بكل ماتحمـل من محاسـن ومسـاوئ هى والحمد لله سـمات المجتمعـات السـباقة العاملة التى ننتسـب اليهـا ضمـن كل القـوى الوطنية العادلة والعاملة لمصلحة الوطـن والمواطـن، فاٍن درج البعض مفتخـرا بتآمـره لاٍلتهـام حقوق الغيـر ثم قـذفه بكل منكـر فى وضح النهـار، اذن مـن حـق كل مواطـن شـريف ان يفخـر بنضاله الوطنى الجامـع وعلى مسـتوى الوطن قاطبة، وقـد لا نتمكـن من حصـرالأحـداث والكوارث المؤلمة التى وقعـت على رؤوس القـوى الوطنية الشـريفة عبـر السـتون عامـا الماضية ـ اذا مـاحاولنـا احصاءهـا ولو بشـكل تقـريبى، ولـكننـا نعلم علم اليقـين بـأن تـلك الاحـداث صقلتهـا فأصبحـت قادرة على امتصـاص مثـل هـذه المؤامـرات الصغيـرة ,, ولاشـك ان العقـلاء غالبـا مايسـتفيـدون من تجاربهم السـابقة فى مواجهة المصائـب .. أو يفتـرض ذلك،، والقـوى الوطنية الخالصـة لا تتسـلل الى أهـدافهـا فى عتمة الظـلام لأنهـا دائما تؤدى أعمالهـا فى وضح النهـار بـل تـدعو كل من يهمه الأمـر المشـاركة الفعالة والاٍدلاء بـدلوه فى الشـأن العـام، فهى ســبق ان أكتسـبت من تـلك المصائـب المتكـررة جاهـزية عالية لملاقاة الاحـداث الجسـام والتعامل معهـا وفـق مقتضيـاتهـا وظـروفهـا الطارئة.
اذن هـذا المجتمـع هـو مجتمـع حسـاس يتميـز بعـلو الهمة والجاهـزية العالية، ويـدافـع دائمـا عن كل مايتصـل بالعقيـدة والكـرامة والعـرض والأرض والثقافة ـ وقطـع شـك يـدافـع باٍسـتماتة عالية واستجابة فورية للتضحية من أجـل الوطـن ـ فهـو بطبيعة الحـال رأس المـال الأول من بعـد الانسـان الـذى كـرمه ألله على سـائـر المخلوقـات، عليه لابـد ان نقـر ان مايـردده بعضنـا وهـو فى حالة تـراجـع واحبـاط ـ منطـق غيـر سـوى لا يسـنـده تاريخ سـابق ولـن يـدعمه لاحـق، ولا صلة له بالمجتمـع العامـل الـذى أدار أطول نضـال فى التاريخ الحـديث بصبـر وجلـد يحسـده عليه القـريب والبعيـد، اذن هـذا ليـس داءه او مقتله ولا يتصل بتاريخه الناصـع او حاضـره الـذى مازال فى مـرحلة التنـادى والجمـع، ونسـأل ألله ان لا يجاور مسـتقبله فى قادمـات الأيـام.
اذا كان الأمـر كـذلك ـ وهـو حقـا كـذلك، اذن من أيـن جـاء داء تفضيـل الآخـر على الـذات العامل !!؟ من وجهة نظـرى المبنية على قـراءة ماتيسـر من التاريخ بجانـب معاصـرة فتـرة الكفاح المسـلح ارى انه ,, داء خـبيث سـاقه البعض بأتجاهنـا متعمدا لأكثـر من سـبب،، أولهـا اضافة اعبـاء جـديـدة على اثقالنـا وهمومنـا الوطنية حتى لا نتمـكن من تنفيـد البـرامج الوطنية العادلة، وثانيهـا بغـرض تفـريق جمعنـا السـياسى وتمـزيق نسـيجنـا الاجتماعى حتى لا تقوم لنـا من بعـده قائمة، وبالتالى تعـريض بـرامجنـا للتـرهل ومن ثم للضيـاع من اجـل الضيـاع، او ليسـود الفاعـل وتطول يـده حقوقنـا وكل أخضـر ويابـس من ممتلكاتنـا سـواء كانـت أرضـا أو ثقافة.
اذا اعتبـرنـا اننـا متفقون فـرضـا فى التشـخيص فالعـلاج يبـدأ أولا بمحاصـرة الـداء ومسـوقيه، وثانيـا بمواصلة أداء العمـل الوطنى الخـلاق، والابـداع فى التخطيط والتنفيـذ والمتابعة ثم المسـاءلة، من بعـد ذلـك لا معنى للخـشـية من هـذه الأخلاقيات السـلبية الغريبة على مجتمعنـا العامـل الـذى لا تنسـجم هـذه الامـراض مـع تاريخه النضالى كمـا لا تناسـب نمط حياته، بـدليـل عـدم الاسـتسـلام للـداء او الاذعـان لناشـريه، أمـا السـبب الـدافـع للحـديث حول هـذه السـلوكيـات فى هـذا الوقـت بالـذات،، هـو تصاعـد وتيـرته الـتى اصبحـت متـزايـدة فى الآونة الأخيـرة خصوصـا بعـد تحقـيق وحـدة كافة فصائلنـا الوطنية التى تجمعـت تحـت مظلة التحـالف الديمقـراطى الارتـرى، عليه رأينـا ضـرورة التصـدى لهـذه الحمـلات المسـعورة حتى لا تنتـشـر وتسـتشـرى فيصبح جلـد الـذات جـزءا من ثقافتنـا، ولهـذا لابـد من مضاعفة الجهـد المبـذول حتى يختفى الـداء، ويخـرس مـروجيه ومسـوقيه، ويتمـكن هـذا المولود الجـديـد من العمـل فى فضـاء وطنى نقى، وتسـيـر قوافلنـا الوحـدوية الجامعة فى دروب آمـنة محصنة ضـد بائعى السـلـع المغشـوشـة.
هـو/ هم أفضل منا !! .. فالنحارب هذه الجملة غير المفيدة التى يلوكهـا بعضنـا بسبب او بغيـر سـبب، ايضا من غيـر دلا لة لمايـراد مقارنته، على اعتبـاره معيـارا دقيقـا تقاس به النفائـس، والمعـروف عن المعاييـر او المكاييـل ـ أنهـا أشـيـاء متفق حولهـا على أوسـع نطاق لتكون معاييـرا للاشـياء الثمينة بـين الناس، الـذهب مثـلا متفق حوله باٍعتبـاره معـدن نفيـس وله ( قيمة) جمالية، أيضـا متفـق حولهـا منـذ آلاف السـنين، الآ ان سـعـره يختلف من بلـد لآخـر على حسـب اتسـاع هامـش الفارق مابـين الانتـاج والاسـتهـلاك او العـرض والطلـب، وبالتالى القوة الشـرائية لعملة كل بلـد، وهـو ليـس المعيار الوحيـد ـ فمـن حـين لآخـر تظهـر معاييـر مسـتجـدة لأسـباب اقتصادية او سـياسـية,, كالـدولار الأمـريكى،، مثـلا ـ الـذى اصبح بمثابة عملة رديفة( معيـار) لعمـلات أغلـب بلـدان العالم ان لم نقـل كل العالم، وهـذا يعـود أولا الى الاقتصاد القوى الـذى تتمتـع به الولايـات المتحـدة الامـريكية بجانـب الاستـقـرار السـياسى، والـذى بـدوره أدى الى ايجـاد العـديـد من أسـباب النجاح الـذى أكتملت حلقاته بعـد انتهاء عصـر الحـرب الباردة، عليه يمكن ان نطلق على الولايـات المتحـدة الأمـريكية الـدولة الأقوى، ولـكن بالتأكيـد لا يعنى ذلك انهـا الـدولة الافضـل، وعنـد اجـراء مقارنة انسـان بآخـر يحبـذ ان يقـال ان زيـدا أقوى من عمـرو، وليـس زيـد أفضل من عمـرو، فمابال السـامع أو القارئ الكـريم ـ لشـخص يعتـرف ان الآخـر افضل منه، الآ يحبـط هـذا القول معنويات القائـل فتتناقص همته وحماسـه ويقـل انتاجه ويتفـرق الناس من حوله !!، الآ يخـشى ان تسـرى العـدوى الى مجتمـعه الكبيـر، فيتسـبب فى احجامه عن أعماله وبرامجه بـل عن نفسـه وكل مايملك، بالاضافة الى قتـل حافـز الطمـوح الـذى يؤسـس عليه الحاضـر والمسـتقبل.
أمـا الممارس السـياسى الـذى يـرى خصمه أفضل منه، ويتعمـد اعـلان رأيه هـذا على الملأ فهو من غيـر شـك شـخص غـريب فى أسـواق السـياسـة، وفى هـذه الحالة لابـد ان يمتلك الشـجاعة فيفسـح الطـريق للأفضل ـ وفى رأيى المتواضـع يسـتحسـن ان يقول ان خصمه أقوى منه حتى يكون امينـا مع نفسـه ويحـث جماهيـره بضـرورة تقوية الحـزب او الجماعة.
هـذه مجـرد وجهة نظـر جاءت نتيجة لتكـرار الجملة الـداء الموضحة اعـلاه .. عليه يسـعـدنى كثيـرا ان أتـرحم على ارواح ابطـالنـا الـذين رفعـوا معنوياتنـا، وثمنـوا طاقاتنـا، وتوجهـوا من فورهم الى سـاحات النضـال يحملون أدوات بـدائية فى مواجهة عـدد وعـدة وعتـاد وحـرب ضـروس لا تــذر ولا تبقى، وليـس بحوذتهم مؤونة اليوم الواحـد، لكنهم تمكنـوا من جمع قلوبنـا وتوحيــد راياتنـا ومن ثم صنعـوا لنـا التاريخ المشـرف الـذى ينكـره علينـا البعض اليوم، ثم يقاتلنـا من اجـل الفوز بنتائجه منفـردا، وفى ذات الوقـت يسـوق الينـا ادوات الفـرقة والشـتات من شـتى الأنواع وبشـتى الوسـائل ومنهـا هـذه الجملة الـداء الـتى يكـررهـا مـريـديه وتوابعه وبعض ضعفاء النفوس. …….. أللهم ثـبت قلوبنـا على دينـك الحـنيف، واجعـل لنـا من أمـرنـا رشـدا، وبصـر عقولنـا لتتـبين الفـرق مابـين الصـديق والخصم، فالعـين قـد لا تـرى مايقـع أمامهـا، والأذن قـد لا تسـمـع مايتـردد قـريبـا منهـا مالم يصحبهمـا العقـل ببصيـرته. … والسـلام ختـام.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6282
أحدث النعليقات