“سنينا” وحكايات اخرى
من هي تلك المرأة بطيئة الخطوات المتوشحة بالسواد ، ولماذا يخافها الاطفال … أذلك حزن في عينيها ، ولماذا تشد القمصان الى الاجزاء العارية من الصدور النحيلة خوفا من عيون سنينا…قد تكون ساحرة .. أو غولة أو قديسة طاهرة.. لا أحد يدري عن لغز المرأة المتوشحة بالسواد.
كان بيتها عند ناصية زقاق يفضي طرفه الأول الى طرف من وادي “شاميت” وطرفه الآخر يفضي الى شارع طويل أوله يبدأ عند المسجد الكبير في سوق المدينة وآخره ينتهي عند الكنيسة الكبيرة ذات الطوب الأحمر عند طرف الجبل المحاذي ” لحشلا” فبيتها عند منتصف الطريق الى أى بيت من بيوت الله.
وعند ناصية سنينا مقلب قمامة معروف ربما لأن المرأة لم تكن تهتم كثيرا لما يحدث في ناصيتها مما دفع الناس الى رمي القمامة عند تلك الناصية . أو ربما لاستهانة الناس بها ، كانت تحب القطط مما جعل صورتها في خيالنا نحن الاطفال أكثر خرافة ورعبا. وعندما نتجاذب أطراف الحديث في مرتعنا حاضرة ” عد حباب” وركنها المقدس ركن المسجد العتيق مسجد الخليفة عمار ، حيث يتسامر الاطفال حتى ساعة متأخرة من الليل كان منتدى الطفولة ومرتع لهوها الحبيب خاصة في شهر رمضان المبارك.. كنا نقضي الليالي الرمضانية نغني ” اتلهى لبيلا لاليهو لكافل ” فلا فوازير ولا مسلسلات ، ونظل في لهونا هذا حتى نسمع نقر الطبل المعروف لدينا .. عمنا المرحوم ” بخيتاى” معلنا ساعة السحور فينفض السامر كل الى منزله. لم تكن ترهبنا عربات الكماندوس في دوريات الليل .. كنا نتحدث عن ” ولاد قربل” عن بطولات سمعناها وأخرى خلقتها مخيلتنا خاصة عن الفدائيين وبطولاتهم الرائعة.. ثم تتشعب الاحاديث لتشمل قصص الغرام متناوليين أغاني ” عجت حنا” و ” عبى خاين” … وكم حبيبين حاولا اقتناص لحظة حب محرمة عند ناصية سنينا. ثم يأتي الدور على قصص الرعب خاصة قصص ” الآبطران ” و ” الشكشكو” وتتوالى القصص الخيالية عن الجن والعفريت ، وكيف أن فلانا سمع صوتا يناديه عند ناصية ” آل مندر” وعندما ذهب الى مكان الصوت وجد قطة سوداء تموء.. ثم ينبري آخر قائلا انه رأى امرأة جميلة واقفة عند ” قدف سنينا وعندما اقترب منها اتضح له ان ساقاها ساقا حمار وهكذا تتوالى القصص حتى ينتهي ليلنا السامر.
فمن هي سنينا. الحقيقة لا أعرف .. لا أحد يدري عن لغز المرأة المتوشحة بالسواد!
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=8015
أحدث النعليقات