سوف ابكيك يا ام حجر

بقلم : عوض احمددين ابرهيم

اوتريخت – هولندا

الاخ منصور كرار استفزنى واثار حفيظتى وحرك اشجانى بمقاله عن مدينة اغوردات. ولذا سوف ابكي أم حجر رغم اني ولدت في كرن واسرتى تنحدر من مدينة اغوردات وكرن. لكن ام حجر لها مكانة عزيزة في قلبى. ام حجر التى عشت فيها فترة طفولتى البريئه التي استنشقت نسيمها العليل. ام حجر التى شربت من نهرها سيتيت النهر الوحيد في ارتريا الذي لايتوقف انحدار مائه طول العام..

مدينة ام حجر هي من اهم المدن الارترية التى تقع فى المثلث الحدودى. تحدها من الجنوب الغربى مدينة ود الحليو السودانية وجنوبا مدينة الحمره الاثيوبيه. لقد كانت ام حجر من اهم المراكز الاقتصادية للمستعمر الاثيوبى نسبة لنشاطاتها الزراعيه والتجارية وموقعها الاستراتيجى الذى يربط إثيوبيا والسودان وإرترية ببعضها البعض.

نسبة لتميزها جذبت مدينة ام حجر المواطنين الارتريين من مختلف القوميات لكى يعيشوا فيها وقاموا بتكوين احيائهم المتباينه على سبيل المثال حلة بازه, حلة حبش , حلة جبر , حلة عساورتا , حلة شيخ السوق , حلة التكاريين , حلة دوقانه وكامبو بوليس. وبرغم هذا التباين كانت تجمعهم ثقافه واحده وهي اللغة العربيه. الكل كان يتحدث بهذه اللغه وكانت هى اللغه السائده. لم تفرض عليهم قهرا كما هو الحال اليوم فى ارتريه بل كانت نتاج طبيعى للتعايش والتواصل الانسانى.

سكان ام حجر كانوا مؤمنون بنضالهم من اجل الحريه والاستقلال لذا كان ارتباطهم بالثوار لصيقا وقويا حتى نحن الاطفال كنا نتباهى بوجود الثوار خلف الجبل المحيط بالمدينه.

ام حجر ارض الخير والبركه ارض المزارع الصبور والمثابر ارض الثورة والفداء. اتذكر الي يومنا هذا كيف قدمت ام حجر خير فرسانها من اعيان البلد فداء لنضال الثورة الارترية.

لقد قام الجيش الاثيوبى “الطورسراويت” في عام 1966 – 1967 لا اتذكر بالتحديد باعتقال أعيان البلد العم محمد طه امام مسجد ام حجر الكبير العم محمد حسن سلطان “ابن اخ الشهيد ابرهيم سلطان” العم جعفر شيخ ارى”مساعد المفتش” العم ابرهيم منصور العم عثمان ادم “شيخ السوق” العم عمر جابر العم ادم ادريس “موظف بمصلحة البريد”.

قالوا سوف يقدموا للتحقيق والمحاكمه في مدينة تسنى بسبب مساندتهم للثوار ولكن قبل ان يصلوا مدينة تسنى قاموا بقتلهم في خور بادميت القريب من مدينة ام حجر وبعدها قاموا بحرق قرية “قاجروا” المشهورة بقرية الثوار. لقد تم اكتشاف جثث الشهداء بالصدفه عن طريق راعى من اهل المدينة وقام الراعى بابلاغ اهل البلد ولكن لم يصدقوه . لقد كان صباح يوم عيد الفطر عند سماع الخبر، لقد خيم الحزن والأسى على أهل المدينة ولبست المدينة ثوب الحداد الاسود

ولم يمضى شهرين حتى اتا “الطورسراويت” مرة ثانيه وقاموا باعتقال الخال الطيب الخليفه والعم عبدالله عثمان ادم “ابن شيخ السوق” والعم حسب الله فداب “شقيق المناضل الطاهر فداب”. ولكن هذه المره وقف امامهم الضابط “استفانوس” ضابط الشرطه من ابناء الوطن الغيور لوطنيته وطلب من سكان المدينة الحضور بالاطفال والنساء امام مركز الشرطه لكى يفترشوا الارض احتجاجا. اتذكر تماما مثل هذا اليوم لقد رافقنا والدتى وجدتى وزوجة خالي مع اخوانى واخواتى. لقد تحدى الضابط استفانوس الجيش وقال لهم” لايمكن ان تاخذوهم الا علي اجساد النساء والاطفال” . اخيرا بعد كل هذا الاصرار والتحدى من المواطنين تم الافراج عنهم.

اتذكر يوم “شمبل بلو” اليوم المشؤوم الذى راح ضحيته الاطفال والنساء والرجال من اهل ام حجر. شامبل بلوا هو ضابط من ضباط العدوا الاثيوبي الذي اراد ان ينتقم من سكان ام حجر بعد ان قام الفدائيين باغتيال جاسوس من جواسيس الإثيوبيين في احدي بارات ام حجر. لقد امر الموطنيين بالخروج الي ساحة المطار لمخاطبتهم وقام بتحذير المواطنيين من عدم المجئ. فذهب الي الساحة الاطفال والنساء والرجال المريض منهم والمعافى وبعد ان تجمع كل الناس امر جنوده باطلاق النار عليهم فاستشهد من استشهد وهرب من تبقى. وحتى الذين هربوا لم يسلموا من الغرق في نهر سيتيت وخور بادميت المحيطين بالمدينة، لقد كانت مجزرة وتصفيه بشرية يمكن لنا ان نسميها “سرربنيتشا” السبعينات.

اتذكر “بمبة ام حجر” لصاحبها الخال الطيب الخليفه الحسن رحمة الله عليه، صهريج المياه الوحيد الذي كان كل سكان ام حجر يشربون منه. وكيف انسي ابوبكر حكيم ممرض الشفخانه الذي كان يقوم بمعالجة سكان ام حجر وسعدية الحكيمة التي قامت تقريبا بتوليد كل نساء المدينة في تلك الفتره وهيلي فارمشيه صاحب الاجزخانه.

لاانسي مدارس ام حجر واساتذتها الاجلاء المخلصيين عبدالنور عمر رحمة الله عليه, محمود ادم اسناي, حسين, محمد نور احمد, الأستاذة عائشة جمعه وشقيقتها خديجه جمعه, سعديه فرج.

اتذكر سوق ام حجر المزدحم بنشاطه الزراعي والتجاري وتجاره احمد يحي, عبدالقادر مسلم وأبنائه، حنش، عبادي، يوسف نهاري، بادياب، الحاج عبدا لله، الجاك موسي، هاشم، بابكر رحمة، علي عبدا لقادر وشقيقه بطران، جبير حسن، إبراهيم إدريس مارح، عمنا حامد سلطان وسيا.

اتذكر موقف البصات ستاي، حاج حسن، قنافر والعم منين ود ابوبكر. وكيف انسي ليالي رمضان الجميله التى كنا ننتظرها كل عام بفارق الصبر لكى ننعم ببركاتها. واتذكرعم مرزوق المسحراتي وزوجته دهبه الذين كانوا يجوبون شوارع ام حجر قارعيين طبولهم لاستيقاظ الصائمون لتناول وجبة السحور.

ولابد لي أن اذكر هنا اداري المدينه عمنا المرحوم احمد محمد زين”مفتش المدينه” وعمنا المرحوم جعفر شيخ اري” مساعد المفتش”, العم حسن والي, العم حامد دنكلى, وموظفي الموصلات السلكيه والاسلكيه الوالد احمددين ابرهيم والعم شيبون والعم ادم ادريس, العم باشاى حسين”مسؤول الاراضى” العم عمرالنور”مفتش الصحه” محكمة ام حجروالعم حامد ايرا رحمة الله عليهم. شرطة المدينه التي كانت تسهر علي امنها بقيادة الضابط استفانوس, سراج احمد, محمد الحسن, ادم سليمان والعم سلطان يس ضابط الجمارك “دقانه”

ام حجر المدينة النموذجيه التي جمعت كل قوميات ارتريا في بوتقة متجانسة كتأطير وتجسيد للوحدة الوطنيه. اين انت اليوم يا ام حجر ؟ سوف اظل ابكيك حتي تعودي كما كنتي والعود احمد

عذرا للذين من لم اذكر اسمائهم من ابناء ام حجر البررة لم أكن متعمدا لكن انها الذاكرة التي لم تعد كما كانت وهذا هو القليل من ما جادت به ذاكرتي عن مدينة ام حجر وارجوا من ابناء ام حجر ان ينتفضوا “ويبكوا ليلاهم”.