سيادة الوطن و كرامة الإنسان الارتري

لا جدال في أن الاستقلال الوطني تحقق بتضحيات كبيرة في مقدمتها أولئك الذين وهبوا أرواحهم فداء للوطن وللمستقبل الباهر المرتبط بتحقيق الاستقلال أولئك الذين تسابقوا نحو الاستشهاد في صورة  نادرة التكرار ، عندما يقول المناضل لأخيه أنا أتقدم للموت وأنت ابق نحن اليوم مدينون لهم وسيظل هؤلاء في تاريخنا حتى ابد الدهر نجوما يسطعون وهم محل إجلال وتقدير من كل مواطن ارتري لماذا لأنه ما من أسرة ارترية إلا وقدمت شهيدا أو أكثر وما سطروه من ملاحم بطولية لم يعد حكاية إنما صارت ميزة تميز هذا الشعب الذي يدفع ثمن الكرامة والحرية  فكل شهداءنا  سكبوا دماءهم  ليس من اجل التراب بحد ذاته إنما بما سيحقق من مقاصد ونتائج لابن هذه الأرض .

النظام في ارتريا اعتاد أن يقيم كل عام احتفالا في 20 من يونيو وبالتأكيد لا يذكر هؤلاء الشهداء إلا هذا اليوم وهو ينشط في الإعداد للمهرجانات عموما حيث انه يستخدمها لتسويق نفسه ومسوغ لبقائه في الحكم وكسب تعاطف الجماهير الارترية التي ترتبط عاطفيا ومشاعريا مع شهداء الوطن  حتى لا تلتفت إلى إخفاقاته وفشله ، وفي خطاب رئيس النظام يقول بان هؤلاء الشهداء  قدمناهم من اجل السيادة الوطنية ويريد  أن يوصل رسالة مفادها بأنه يعمل من اجل الحفاظ على هذه السيادة متنصلا عن كل التزاماته تجاه رعاية المواطنين وتحقيق مضمون السيادة  التي تنعكس على المواطن  بحيث يشعر بالكرامة والعزة التي تتحقق في إطار السيادة الوطنية .

فالمواطن الارتري لا يعنيه الاحتفال بل ومنذ الاستقلال وحتى يومنا هذا يظل يتساءل أين ثمرات نضالنا ولماذا لم يتحقق في هذا الوطن ولماذا تأخر انجاز استحقاقات الاستقلال وهل من تطورات وتغييرات ايجابية طرأت على المواطن في ظل الاستقلال ، الم يكن النضال كله من اجل الإنسان الارتري فتراب ارتريا وبحرها هي سخرة لتحقيق عزة الإنسان  الارتري حتى يشبع بالإحساس بالتمازج بين التراب والإنسان  فالتراب دون ان يحقق للإنسان قيمته العليا التي تغرس فيه روح الانتماء كوعاء يعكس حالة الإنسان فيه وهذا الأخير تنعكس روحه الداخلية عطاء في أعمار الأرض والتفاني في الدفاع عنها لن يكون وجود الوطن مجديا .

في هذه اللحظة التي يجتمع فيها رئيس النظام ببعض زبانيته وبعضا ممن يتم زجهم للحضور يعلن في الاحتفال بيوم الشهداء بان سيادة الأرض وتحقيق الاستقلال هي الغاية التي استشهدوا من اجلها اليس حريا بنا أن نتساءل بلادنا كيف وضعها اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ووزنها ومكانتها بين الأمم  وناهيك عن المواطن الارتري الذي يتلظى آلما وكمدا مما يلاقيه من معاناة في كل نواحي حياته داخل الوطن وخارجه ، حتى اسر الشهداء قد أصبحوا مشردين ومن بقي منهم داخل الوطن لا يجدون من يرعاهم والنظام لا يأبه بهم ، ومعوقي حرب التحرير أيضا أصبحوا في معسكرات اللجوء بعيدا عن الوطن الذي صالوا فيه باستماتة حتى فقدوا اعز ما يملكون من أعضاء جسدهم وصاروا مقعدين عن ممارسة الحياة الطبيعية كغيرهم من أبناء الوطن ، مناضلين ومناضلات الذين افنوا زهرة أعمارهم في الساحة أصبحوا اليوم خارج الوطن الذي كان المؤمل أن يحقق لهم ولكل المواطنين الكرامة التي لم ولن يجدها احد خارج وطنه ـ هذا التراب لم يجد فيه المناضلين الذين ماتوا خارجه شبرا يدفنون فيه  ـ لان هذا النظام اختزل النضال كله وانجازات الثورة لتنظيمه ولنفسه كقائد وبالتالي أعطى لنفسه  الحق في تنصيبها ملكا دون أن يسمى ملك ويفعل ما يشاء يهب ويمنع وجعل كل المخلصين والغيورين على الوطن يهيمون بعيدا عن الوطن الذي لم يؤهل ليكون موطنا لأبناء ارتريا ، ماذا يقول المواطن الارتري وهو يرى زيادة اللجوء والشباب الارتري يعمل في دول الجوار مقابل لقمة يطعم بها نفسه في مهانة ومذلة ليس له ذنب إلا انه لم يجد من يرعاه من دولة ويحميه من نظام .

فرئيس النظام يتحدث عن السيادة الوطنية كقيمة أعلى من قيمة الإنسان الارتري بل من قيمة الشهيد نفسه  ولكن المواطن الارتري في يقينه بان السيادة الحالية مزعومة ولا وجود لها على الواقع فالدولة ذات السيادة التي لا تستطيع حماية أبنائها ولا توفر لهم ما يحسسهم بآدميتهم وكرامتهم ،  تعد وهما طالما المواطن فيها لا يجد الفرصة لكي يخطط لمستقبله ومستقبل أبنائه فالبيئة بكل مواصفاتها غير صالحة ولا تمنح المواطن الطمأنينة والأمل الذي يدفعه للصراع مع الحياة المعيشية لكي يحقق ما يبتغيه ويطمح إليه  نعم السيادة المزعومة تتأكد من خلال الملايين الذين لا يجدون ما يأكلون ومن خلال المرضى الذين يتألمون لا يجدون من يداويهم ومن خلال الأمهات اللاتي لا يجدن أحفادهن ومن خلال الشباب الذي كل همه بالليل والنهار التفكير في النجاة بنفسه بحثا عن مستقبله خارج هذه الأرض التي استشهد من اجلها آباءه وأجداده  ، السيادة التي يتحدث عنها رئيس النظام تجدها في السجون المتناثرة في كل مكان الظاهر منها والسري , في كبار السن والعجزة والمشايخ والقسيسين الذين يقبعون في السجون في صورة إهانة لا مثيل لها ومتنافية تماما مع كل القيم الإنسانية والأعراف والمواثيق الدولية  ، السيادة التي يتحدث عنها رئيس النظام  تتجلى من خلال ارض بلا دستور وبلا قوانين والعسكر فيها يفعلون ما يشاءون وثروات الوطن فيها في يد حفنة من رجالات النظام والدولة لا احد يعرف ميزانيتها إيراداتها ومصروفاتها  فالكل في كف عفريت  يعيش بناء على رضا رئيس النظام ومن سخط عليه لا يستحق الحياة في هذه الأرض ، فالسيادة تتجلى في تذيل دولة ارتريا كل قوائم الفقر وانعدام حرية الصحف واضطهاد الصحفيين وانتهاكات حقوق الإنسان والتعدي على حرية التدين وحرية التعبير واللجوء ، فالسيادة التي يتفوه بها رئيس النظام تبدوا بشكل واضح في شعب مسلوب حقه في صناعة القرار ورسم سياسيات الوطن  بل نجد رئيس النظام هو يرأس كل شيء فهو رجل الأمن وهو رجل القضاء وهو المتحدث الرسمي وهو المسئول عن الزراعة وهو لوحده وبمفرده يدير كل الاتفاقات مع الدول التي يتعامل معها ويدير حركة الاقتصاد والمال في الوطن عبر وسطاء مرتبطون به عن ذلك وكله يتم بوجود وزراء شكليين لا وزن لهم لا يدركون ما يجري .

فالسيادة تعني فيما تعنيه سيادة الأمة وامتلاك ممارستها على أرضها وهذه السيادة لن تكون إلا بوجود شعب يمارس هذه السيادة في إطار الإقليم الذي يقطنه ويقرر ما يحتكم إليه من نظام ويختار من يفرض السلطة التي تسير وضع الشعب في هذا الإقليم ومن أهم مظاهر هذه السيادة هو ان توفر حماية ورعاية من ينتمي إليها سواء كان داخلها أو خارجها  فأي امتهان أو إذلال لهذا الإنسان أو انتهاك لحقوق الدولة يعد انتهاكا لسيادتها وعلى كل مواطن أن يكون خاضعا لهذه السيادة التي أقامها برضاه لكي تحقق له  الحياة اللائقة  ويوجب علي نفسه بموجب النظام الذي أقامه حق الطاعة والخضوع ولهذا الشعب الحق في اختيار القائد الذي ينظم له الحياة من خلال فرض السلطة ومن حقه أن يحاسب هذا القائد على تصرفاته  ، وبالنظر إلى وضع ارتريا اليوم في ظل تسيد الهقدف لن نجد أي ملمح ينبأ بوجود هذه السيادة وان تفوه بها رئيس النظام تعد مزعومة فالإرتري يهان داخل الوطن وأصبح سلعة تباع وتشتري في الخارج وصورة ارتريا اليوم لدى العالم هي دولة معزولة يعشش فيها الفقر ويعيش شعبها في رعب وقلق ويفتقد لأبسط مقومات الحياة والأمر أن يزعم قادة النظام بان ارتريا اليوم تعد من بين الدول الأفضل في العالم ، ونؤكد على أن السيادة الوطنية هي للشعب الارتري وليست محل تلاعب ومساومة  ، وسيأتي قريبا الوقت الذي يستعيد فيه سيادته وسلطته الكاملة ويتمتع الارتري بحريته وكرامته ويرفع رأسه بقامة الوطن وشموخه وعظمته.

 

حزب النهضة الارتري – مكتب الإعلام

30/6/2018م

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=43250

نشرت بواسطة في يوليو 2 2018 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010