سيرة العظماء لن ينطفئ بريقها
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه قولته المشهور (لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر( لخصال الصديق وسبقه وتفانيه وجهاده لا تسعفني العبارات في التعبير عن خصال فقيد الأمة المجاهد الورع نظيف اليد واللسان الشيخ / عرفة أحمد محمد.لا احتاج تبيان ما خفي من سيرته وورعه فهو كتاب مفتوح وقلب مفتوح وبشاشة عفو الخاطر هكذا عاش بين الناس لا تميزه عن غير بلباس ولا هيئة وقديماً عبر أحد قادات الفرس عن إعجابه الشديد للخليفة العادل/عمر بن الخطاب فقال قولته المشهورة (حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر وملكنا فظلمنا فخفنا فسهرنا فانتصرتم علينا يا مسلمين) ونحن اليوم في مقام الرحيل المؤلم للقائد الرمز الكبير /عرفة أحمد محمد. إن للمبادئ وصور القدوات الربانية يبعثها الله لتجديد تلك المبادئ والصور المحببة حتى يبقى أثر تلك القدوات على الأمة تتلمس طريقه ودروبه حتى تصل إلى مصاف الخيرية بحق وحقيقة وهي لبنات تخرج الأمة من ليلها الطويل إلى رحاب الفضيلة كان شيخنا الفاضل /عرفة أحمد محمد من تلك القدوات المؤثرة يكسوه تواضع جم ليس ممن تهفو نفوسهم للبحث عن بريق المناصب ولعاعاتها واللهاث ورائها مواقف وسيرة عطرة تتحدث عنها شخصيته سواء كان في مقدمة الركب أميرا أو قيادياً في مؤسسات الحزب الإسلامي للعدالة والتنمية ما تغير وما تبدل هو هو ببساطته وتواضعه جيل فريد فاضل هو والشيخان أبو نوال وأبو ماجد وصالح حامد أبهوى والدكتور صالح علي صالح رحمهم الله ومن عظائم ما تُبتلى به الأمة فقد العلماء والقدوات (ما نسينا أنت قد علمتنا بسمة المؤمن في وجه الردى) . ومن عجائب ما سمعت عن موقف لا بد أن يكون مثالا يشبه تلك الشخصية العفيفة الصادقة في تعاملها مع محيطها بتفاصيلها الجميلة ولا غرو فنحن نتحدث عن أحد المربين العظماء فقد ذكر لنا الدكتور/صالح علي صالح القيادي المعروف رحمه الله بأن للشيخ قصة كان شاهدًا عليها حينما كان يعمل بجهاز التعليم الارتري. بعد تخرج الشيخ عرفة أحمد محمد من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنور مباشرة أرادت المملكة العربية السعودية أن يتم توجيه الشيخ/ عرفة إلى إحدى الدول الإفريقية داعية متفرغاً ينشر الدعوة براتب مغري كعادة من يكمل تعليمه في هذه الجامعة من الجاليات فلم يتردد الشيخ رحمه الله برفض العرض آثر أن يكون قريباً من أهله في معسكرات اللاجئين حاول إقناع الجهات السعودية بأن حوجة الارتريين في التعليم والدعوة أكثر في معسكرات اللاجئين بالسودان لكن السلطات السعودية رفضت ذلك فما كان من الشيخين الشيخ عرفة والشيخ صالح حامد أ بهوى . رحمة الله عليهما إلا أن توجها مباشرة إلى مناطق سمسم والعمل في المعهد الإسلامي بود الحليو مديرا وموجهاً، مدارس متهالكة ورواتب لا تثمن ولا تغني من جوع فعملوا سنوات في حقل الدعوة والتعليم والتربية حتى أثمرت جهودهم ومجاهداتهم فذاع صيتهم وأينعت ثمار غرسهم المبارك بعد سنوات جاء وفد دعوي من المملكة العربية السعودية زائرا معسكرات اللاجئين حيث زار المدرسة التي يدرس فيها الشيخ/ عرفة والشيخ/ ابهوى رحمة الله عليهم ومن ترتيب الله وفضله كان رئيس الوفد الزائر هو من وجه الشيخ/ عرفة والشيخ أبو هوى للعمل في الدول الأفريقية دعاة ومعلمين قبل سنوات فذهل الوفد مما شاهد من ترتيب وانجاز في ظروف عمل وحياة صعبة. فقرر في التو واللحظة إعادتهم للعمل وصرف رواتبهم بالريال السعودي بأثر رجعي سنوات سابقة -سبحان الله الذي يدبر الأمر – مبلغ هائل جدا في وقته لكن الأنفس التي تبحث عن مرضاة الله لا تهتم بلعاعات الدنيا ولا بريقها.. وافقوا على العمل مع إدارة الدعوة في المملكة دعاة متفرغين في مناطق سمسم أول ما تسلموا المبلغ ذهبوا إلى إدارة جهاز التعليم ليعيدوا رواتبهم التي استلموها من جهاز التعليم نظير جهودهم لعشر سنوات كاملة حتى لا يكونوا اخذوا راتبين لنفس الوظيفة ونفس المدة.. صعقت إدارة جهاز التعليم على رأسهم المرحوم/ محمود سبي وكل المسئولين لهذا التصرف النادر حاولت إدارة جهاز التعليم الارتري ثنيهم عن هذا القرار وأن الرواتب التي أخذوها هي نظير عملهم كمعلمين بالجهاز وأن ما أعطتهم المملكة العربية السعودية هو خاص بهم .رفض الشيخان هذا الأمر وأصرا على إعادة الرواتب لجهاز التعليم لعشر سنوات سابقة. وعندما تعالت الأصوات بالعمل السياسي والجهادي أجمعت كل التيارات الإسلامية أن يكون قائدها الشيخ/ عرفة بلا منازع لسبقه الدعوي وإخلاصه وسيرته الطيبة ولم يخيب ظن تلك الجماهير العريضة التي بايعته أميرا عليها ببيعة في المنشط والمكره ..فقاد العمل دون أن تتغير طباعه ولا بساطته ولا سريرته ظهر كل ذلك في تعامله العجيب أيام فتنة الانشقاق وما تلاها بصبر على الأذى وعفو حير الجموع وتواضع كأنه من جيل الصحابة. هذا والله أخلاق الدعاة الحقيقيين اليوم نفتقدهم .. تبقى سيرتهم ملهمة الأجيال وخطواتهم في الدعوة إلى الله تأسر الألباب. هؤلاء سطروا مسيرة حياتهم ببصمات قلّ أن يجود بها الزمان ..ليسوا ملائكة لكن درجاتهم وأخلاقهم رفعتهم إلى مصاف عالية. حتى الذين اختلفوا معهم في مضمار السياسة والدعوة يشهدون لهم بعفة اليد واللسان والصدق وسلامة السريرة. الشيخ/عرفه رحمه الله سيظل إيقونة الجهاد والنضال في ارتريا كما قال أحدهم(إذا الحج عرفة فالجهاد عرفة) اسأل الله العلي القدير أن يرحمه رحمة واسعة وأن يبارك في ذريته وأن يخلف علينا من بعده.إنا لله وإنا إليه راجعون .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
بقلم/عبده يوسف أحمد
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=41871
أحدث النعليقات