شهادة اعترااف سجين سابق
بقلم : ايلسا جروم
( شهادة الاعتراف هذه أدلى بها الى ايلسا جروم الناشطة الارترية من أجل الدفاع عن حقوق الانسان المقيمة بلندن – بريطانيا، النسخة الاصلية من الاعتراف مكتوبة باللغة التجرنية منشورة في موقع ” عواتى” والنسخة الانجليزية مقدمة من اهراق، ترجمة الى العربية بواسطة اسرة تحرير فرجت )
في هذه السنة المسمى بالسنة الخامسة عشرة للاستقلال، ليس هنالك من تجاوز تعسفي الا وارتكب في ارتريا. الا الناس لا يعرفون عنه شيئا وهذا ليس مدهشا ان يكونوا غير مطلعين لما يحدث وسطهم نتيجة التعتيم الاعلامي المضروب من وسائل الاعلام العامة مثل الصحف والاذاعة والتلفزيون. ونيجة لذالك كان الناس يبجلون الحكومة التي من المفروض ان يكيلوا الشتائم لها، حتى الآن وبفضل الاعلام الشبكي والانترنيت فأن كل الجرائم التي ارتكبت فانها تبرز على السطح الآن.
واعتمادا على الاسباب اعلاه والتي أعطتني الشجاعة على أن أحكي مآساتي في سجن الفرقة السادسة في معسكر ساوا. هذا السجن يوجد في أعلى التل المطل على معسكر ساوا، بني كاسكان مؤقت للمتطوعين للتدريب بعد عام 1994م. والحكومة التي لا تعرف بناء المصانع والمدارس والمستشفيات غير مهارة بناء السجون حولت ذلك السكن المؤقت الى سجن! السجن تم بناءه من مواد الصفيح حيث يعاني السجناء من الحر الخانق اثناء اليوم ، وصقيع البرد القارس اثناء الليل. ان الغرض من بناء سجن في ساوا لم يكن بالصدفة أو يأتي من فراغ بل كلن نتيجية جهد محسوب ( خاصة قرب السجن من المعسكر) وهذا الجهد المقصود منه هو اضعاف معنويات الشباب والتشويش على قرارتهم ، وكان عبارة عن انذار او تحذير الى الشاب القادم الى ساوا. وادخال الفزع في نفوسهم عند رؤيتهم لهؤلاء الذين يذيقون ألم السجن ومرارته، ليس بالامكان توضيح أو توثيق مدى العذاب والألم الذي يعانيه هؤلاء السجناء. ضخامة هذا الألم اليومي الفزيع لا يترك للسجين اى رغبة في الحياة سوى تفضيل الموت.
معظم اسباب السجن هي محاولة الفرار وعبور الحدود من قبل اعضاء الخدمة العسكرية ذكر كان أو انثنى لأن كليهما متواجدين بالخدمة اى الذكور والاناث ،بالاضافة الى ذلك يضم السجن اعضاء فرقة شهود جهوفا الذين أمضوا ما يقارب الى عشرة سنوات في المعتقل ، من الاسماء التي يمكنني تذكرها : ايشاك موجوس، نيجوسي تيكليماريام، ارون أبراها، موسإي أسفاها، نيجيدي تيكليماريام، باولوس. كل ما يمكنني قوله في هذا الصدد انني اتمنى ان امهاتهم لا يشاهدن مدى العذابات اليومية التي يعيشها اطفالهن. لم توجه الى اى منهم أى تهمة محددة ولم يرتكبوا أى ذنب ، هذا يوضح لنا بجلاء الى أى حد تستهين الحكومة بالقانون.
وجبتهم اليومية لا تتجاوز قطعة الحبز ومرقة العدس، مما أدى الى هزال اجسادهم النحيفة ولكن فيما يبدوا ان لا رحمة في طريقها اليهم. رغم ضعف بنيتهم الجسدية ومرضهم الا انهم يجبرون على الاشغال الشاقة القسرية فهم يعملون على حفر وتكسير الصخور من الجبال وحملها التي لا تقدر اجسادهم على حملها، مما يؤدي في بعض الاحيان على سقوط البعض منهم مغشيا عليه، فكيف يمكن لشخص لا يقدر على حمل ساقه ان يتمكن من حمل الصخور، نظرة السلطات اليهم انهم أعداء وممنوع ابداء العطف أو الرحمة تجاههم، انهم ليسو بشر في نظرهم بل اغراض يمكن رميها في اى زبالة متى ما تم الاستغناء عنها، بينما يستخدم ناتج عملهم القسري من هدم وبناء على انه نجاح مشروع وارساى – يكألوا؟
الروتين اليومي للسجناء هو كما يلي: منذ الصحو من النوم الى منتصف النهار العمل القسري على معدة فارغة، عند منتصف النهار يتم اعطائنا قطعة خبز ومرقة عدس ومثلها في الليل قبل الذهاب الى النوم، معظم الأمراض نا تجة من سوء التغذية ، ازدحام في الأسرة، منع الاستحمام، وعدم وجود النظافة العامة، أضف الى ذلك ان السجناء ممنوع عليهم زيارة الطبيب أو صرف الدواء.
نتيجة سوء التغذية والعنايةالطبية من الصعوبة ان تجد سجين لا يعاني من أمراض الضغط والسكر والحصبة والسل الرئوي..الخ القمل والبراغيث والقراد هم رفاق السجين في السكن يمتصون ما تبقى في جلودهم من دماء الى حد الجفاف. اذا كان في ثقافتنا البكاء على الموتى فأقول يجب ان نوفر دمعنا لهؤلاء الموتى الأحياء.
يوجد في السجن ايضا بعض الاباء اتذكر ممنهم : ممهر كبروم، الأب بوخري، الأب امبايى ، الأب هيلاى، الأب محاري هؤلاء الاباء يعولون اسر وابناء كان ذنبهم الوحيد اهم ذهبوا باجازات محددة الى عائلاتهم ولكنهم وجدوا عائلاتهم في فقر مدقع فمدوا اجازاتهم ولهذا السبب الوحيد تم القبض عليهم من قبل السلطات القاسية.
في يناير عام 2005م استدعى حوالى : 750 طالب وارسلوا الى مدينة ” علي قدر” الواقعة على الحدود السودانية – الارترية من أجل موسم الحصاد ولكنهم انعطفو الى السودان فرار من هذا المجموع قبض على 60 طالبا من سيئ الحظ وسيقوا الى سجن ساوا ومكثوا معنا. من المستحيل ان الضرب المبرح الذي تلقون يمكن ان تتحمله طاقة اى انسان، ليس من المدهش ان تتخذ السلطات مثل هذه الاجراءات وهي ترى ان قاعدة شرعيتها تتآكل ببطء، ولكن ماذا عن مايسمى بالمقاتلين الذين افشو اسرار رفاقهم واختاروا ان يكونوا اداة للحكومة من الذي سيحميهم عندما تلقى الحكومة مصيرها المحتوم ؟
يتكون سجن ساوا من 12 بيتا من بيوت الصفيح قد اطلق على كل بيت اسما معينا مثل ” ودي شيخ ” و ” بهتا هينظا ” و ” بوليس”..الخ الشباب فقدوا كل الأمل في حكومة الشعبية وانهم يجازفون للعبور الى السوادن وأثيوبيا ، ولتثبيط الهجرة الجماعية هددوا باطلاق النار على كل من يتم القبض عليه محاولا الهرب أو يأخذ اجازة بدون اذن، لكن مثل هذه التهديدات لم توقف هذا التدفق الجماعي نحو الحدود.
معرفتي وعدم طاقتي للاستمرار هكذا انا ايضا جازفت بالهرب من بين يدى هذه الشياطين السادية، بعض التشاور مع السجناء الذين اثق بهم هربت ومعي عشرة من اصدقائي كل فر في اتجاه ووابل الرصاص يطلق علينا من كل جهة ، ألآن لا يمككني الجزم من مات ومن عاش ولكن وبمساعدة خالق السموات والارض تمكنا انا وصاحبي من العبور الى السودان في ظرف يومين. برغم اننا روحا وجسدا مع شعبنا الذي يعاني الأمرين على ايدي هؤلاء الطغاة ، الا اننا نتمتنى من الله ان يجد مخرجا لهؤلاء الذين يقبعون في السجون وعدل وسلام لشعب ارتريا.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5571
أحدث النعليقات