صرخة طالب
من ينقذ هذه النفس البريئة ومن يرسم لها الأمل بغد مشرق وضاء, من يستشعرالألم الذي يذوقه طالب مسكين قطع الفيافي والغفار هرباً من نظام الجلادين وقد ترك كل مستنداته وكل ما يثبت أنه طالب و يريد أن يواصل تعليمه لتجده هائماً علي وجهه في أزقة وشوارع ( الجريف ) يقتات الذل ويفترش الهوان ممسكاً قلبه في يديه كلما راي رجل شرطة أطلق ساقاه للريح. من يتألم لهذا الذي جاء من معسكرات اللجوء ورغم الجوع ,والفقر, والمرض, والجهل الذي يضرب باطنابه علي المجتمع تخطي كل هذه المتاريس وجلس لإمتحان الشهادة الثانوية وأحرز المعدل العالي ثم هو بين سندان السفارة والأوراق الثبوتية ومطرقة الأمم المتحدة والفحص القانوني وبطاقة اللجوء.
من لأولئك الطلاب الذين حالفهم الحظ في القبول للجامعة وقبل أن تكتمل الفرحة إذا بكابوس الرسوم الدراسية والسكن الجامعي وكأنهم علي موعد مع البؤس والشقاء كلما لاح في الأفق أمل للفرج والسعادة.
ماذا تفعل هذه المنظمات والتنظيمات السياسية..؟ علي من يراهنون..؟ولأجل من يعرضون النظام..؟ إذا كانت الجبهة الشعبية تقيم المتاريس والحواجز من أجل التجهيل والخراب ( لأن المحتال والسارق لا يعمل إلا في الظلام والجهل ظلام ). فماذا نقول عن هذه التنظيمات التي نسيت واجبها الوطني وهو ( تطوير ورعاية وحماية الفرد الارتري ) في زخم الصراع السياسي والمكايدات المتبادلة.
صدقوني إذا قلت لكم أن معسكرات اللا جئين تخلو من مؤسسات التعليم ما قبل المدرسي, لاتوجد حضانة, ولاتمهيدي, ولاروضة ولا حتي خلوة في بعض المعسكرات؛ لذلك تجد الطفل ومن الصف الأول أساس عندما يري الأستاذ يكاد يلفظ أنفاسه من الخوف والفزع بل إن البعض منهم يقفذ من النافذه ( نعم طفل في السنة الأولي ويقفذ من النافذه ) لأنه لم يألف المعلم لم, يقل ماما أوبابا في السنوات ما قبل المدرسة, لم يقرأ الأناشيد والأغاني في الروضة, لم ينم وهو يردد بعضاً مما حفظه صباح اليوم في التمهيدي, وإنما نام علي الجوع وإستيقظ علي البكاء, أما في الأساس فحدث ولا حرج طالب في الصف الثامن لايجيد الإملاء, وآخر لا يعرف الضرب ولاالقسمة ولا الجمع, أما في الثانوية فصفها بما شئت من أوصاف, الفاقد التربوي يسد الأفق, شباب في عمر الزهور تجده بين المقاهي والحفر, أطفال لم تنضج بعد عظامهم تجدهم في الأسواق يزاحمون المارة ( كيس .. كيس .. كيس ) ليوفر بعضاً من عنت المصاريف علي والده الذي أرهقه عنت السنين وربما أقعدته رصاصة تصدي لها بكل شجاعة لأنه كان يظن أنه يناضل ويضحي في سبيل أن يعيش أبنائه وجيلهم القادم عيشاً هنيئاُ في وطنهم الأم. أين منظمات حقوق الإنسان, أين منظمات حقوق الطفل, أين هؤلاء الذين يتشدقون بحماية الإنسان الارتري من ظلم وجبروت ودكتاتورية أسياس.
هل جاءوا يوماً وجلسوا بين أهليهم في معسكرات الموت البطئ وتقاسمو معهم ولو لثواني مرارة البؤس وذل الشقاء ليحسوا كم هم مقصرين في حق هذا الشعب المسكين الذي تقطعت به السبل بين تقاطعات المصالح وصراع الصقور.
جامعة أفريقيا العالمية والتي أنشئت خصيصاً للوافدين ومنذ سنوات تحرم الطالب الارتري من فرصة السكن الجامعي بحجة أنه قد إمتحن من داخل السودان وعجبي من هذا العذر المضحك المبكي..! ألم يعلم السادة في مجلس الادارة أن السودان قد خصص صندوقاً يقوم بإسكان وكفالة السودانيين ( السودانيين) الذين يقبلون في جامعات هي خارج ولاياتهم. فما بالك من هذا اللاجئ المسكين الذي يأتيك من معسكرات اللاجئين ولا يعرف عنواناً في الخرطوم سوي جامعة أفريقيا التي تم قبوله فيها.
اليوم أكثر من مائة طالب في الجامعة يعيشون طيارين ( أي لا سكن لهم وإنما يحلون في أي مكان عند الغروب ) وهكذا قس علي ذلك من هم في بقية الجامعات يهيمون في الليل بحثاً عن مكان آمن يؤيهم حتي الصباح حتي ولو كان بيتاً للعزابة أو زاوية للصلاة او برندة دكان أو بين أعمدة عمارة لازالت في طور التشييد.
هذه صرخة طالب عايش ورأي وما زال يري كل هذا يحدث والجهات المسؤولة والتي تدعي أنها تمثل الشعب الاتري تضع أصابعها في آذانها من سماع هذه الأنات وتراها وكأن في عينيها غشاوة من رؤية هذه الحال وهي تهرب حتي لا تقوم بمتطلبات الحقوق التي يمليها عليها إدعائها التمثيل لهذا الشعب.
لاجئ ارترى
في الحلقة القادمة: سنقرأ الفاتحة علي أعرق مؤسسات التعليم الارتري في معسكر القربة.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6798
أحدث النعليقات