صور قاتمة
بقلم : أ/ اسماعيل عمر
صنعاء
عندما يختصر الانسان علاقته بالوطن في اطار المصلحة الذاتية – يفقد الحديث عن الوطنية و الولاء معناه ومضمونه – – فيحدث خللا في الشخصية يفقدها اتزانها — حيث لا تحكمها ضوابط اخلاقية او قيم انسانية – فيفقد القدرة علي الرؤية الصحيحة والاختيار – يقبل اي شيء – ويبيع كل شيء ، واحيانا يفقد ما تبقي من عقله وكرامته .
واحسب ان ما سبق يصدق علي مثالين اود التعريج عليهما في هذه السانحة ، لكونهما يعبران عن حالة سلبية شاذة فريدة تصلح لتشخيص الواقع المر الذي نعيشه . الاول موظف بالسفارة الاريترية في القاهرة ساقه طموحه الانتفاعي المريض الي الاعداد لرسالة دكتوراة غريبة وشاذة في ( معهد البحوث و الدراسات العربية بالقاهرة ) عن خطب الرئيس افورقي !!! باعتباره الطريق الاقصر لتاكيد ولاؤه للسلطة و وربما لحسابات الوصول الي قلب الزعيم ، هكذا دون وعي لما يرتكبه من جرم في حق الوطن بتكريسه للدكتاتورية ، وجرم في حق زعامات تاريخية هي اجدر منه بالاهتمام ، واساءة الي الشعب الذي يئن من تحت وطأة الحكم ليل نهار ، وتجاهلا تاما لمشاعره . هذا يحدث في زمان بلغ فيه قصر نظر البعض منا مدا لايتجاوز ما تحت الاقدام و يحق ان نطلق عليه ( زمن الدجاج) .
دون الخوض في حيثيات الدراسة وقيمتها العلمية المعروفة مسبقا ، اشير الي حقيقة ان فئة الوصوليين و الانتهازيين من افراد الشعب هم من يقفون وراء كوارثنا ، وهم المسؤول الاول عن خلق الدكتاتورية في بلادنا وتكريسها ، وها نحن امام عابث يقف في اول سلم الخنوع وبتجربة لن تغير بالتأكيد من صورة مصاصي الدماء الي ملائكة .
الثاني هو الاستاذ عبد القادر حمدان – صاحب ما يسمي ( بصحيفة القرن الافريقي ) الالكترونية ، و الذي تعكس لنا كتاباته عن تاريخ طويل من المعاناة النفسية والانفصام ، وهي حالة وكما هو معروف تتفاقم حدتها في المرضي ذوي القدرات الفكرية المحدودة خاصة عندما يمرون بتجارب هي اكبر من ان تستوعبها مقدراتهم الذهنية .
فتجربته السياسية رغم تواضعها – كانت متذبذبة وتسير وفق بوصلة المصلحة ، فهو تارة ماركسي وتارة عروبي واخري اسلامي واخيرا وجد ضالته في الحزب الحاكم الذي وفر له ماكان يبحث عنه مقابل تسخير صحيفته في شتم المناضلين و الشرفاء من ابناء الامة باقزع الالفاظ والصاق تهم الخيانة والعمالة جزافا علي كل صاحب راي او فكر مدعيا بانه يمارس عملا صحفيا حقيقيا و ليس بوقا شريرا يعمل ضد مصلحة الوطن والمواطنين ، وهو فوق ذلك يجهل بان ابجديات الصحافة المحترمة هي ( احترام الراي الاخر)
المتابع لكتابات الاخ حمدان غالبا ما يخرج منها بهذا الانطباع – كتابة غارقة في السطحية واللاموضوعية – متناقضة تناقضا مخجلا مع شخصية الكاتب الحقيقية ، ولتقريب الصورة الي القاريء العزيز نقول بان كتاباته لاتتردد في نعت كل من لايروق له ( بالقبلي) وهو شكل غير مباشرلدفع التهمة عن نفسه (يقال ان من يتحدثون عن الشرف كثيرا هم اكثرهم انتهاكا له) حيث ان الواقع يقول عكس ذلك تماما ، وبحكم تجربتي واحتكاكي بالاخ حمدان في بدايات فترة الكفاح استطيع القول بان همه القبلي الضيق كان ولايزال هو الباعث الاساسي لمجمل فكره ، وهو بذلك لم يخرج عن خط قدوته و معلميه ومنهم اسماء معروفة في ساحتنا السياسية اليوم اشتهرت باجادتها حياكة الدسائس والتحالفات المريبة والتامر ضد ابناء الوطن الواحد ، بهدف تحقيق مكاسب فئوية ضيقة . وحتي لا ينسي الاخ حمدان فمن الواجب تزكيره برسالة المرحوم سبي في صيف عام 1967باعتباره كان مكلفا هو والاخ موسي باقر وثالث يدعي سنيتي بتسليمها الي كل من الامين محمد سعيد ومحمد علي عمرو ، وكان فحواه يدعوهم الي (عدم المشاركة في المعارك ) و القصد هنا لا يحتاج الي تفسير وكان بغرض المحافظة علي الكم – وقد وجدتها مجموعة القيادة العامة لاحقا بعد هروب علي عمرو الذي يدفع اليوم ضريبة تلك الاخطاء التاريخية بتهميش دوره بالرغم من كونه من الشخصيات المؤسسة للثورة الاريترية !! وانا هنا لا اريد الاسترسال في احداث تاريخية كثيرة قد تكون معروفة لمعظم الناس ، بقدر ما اود التاكيد علي البيئة التي نشأء فيها الاخ حمدان وانعكاساتها علي شخصيته.
ان العالم قد تغير كثيرا – وان الدنيا لم تعد هي الدنيا – تغيرت الكثير من القيم و ايضا الكثير من الشعارات الوطنية التي طالما تخندقنا خلفها بكل عزيمة وصبر طوال تاريخ تجربتنا النضالية الثرة ،فتحمل الكثيرين منا تبعات تلك المواقف بكل عزة و كبرياء ، و اختاروا الاستمرار في ان يعيشوا حياتهم الاستثنائية حياة الشرفاء عن رضا وقناعة بدلا من ان يهزموا في مبادئهم او يتلونوا ويتملقوا للسلطان او حتي يمارسوا (التقية ).
فهم يؤمنون بان المناضل الحقيقي عنوانه الشجاعة والتحدي والثبات ، ومتي ما انتفت او ضعفت تلك الاسس ، فقد معها شخصيته – ورجولته ايضا ، هكذا يفهمها من عاش التجربة .
ختاما ، علينا ان نحرص عندما نتكلم او نكتب ان نراعي في كلامنا مصلحة الوطن – وان نعتدل في كلامنا ضد الاخر ، وان لا نتجاهل اخطاء السياسات التي يدفع ثمنها اخوتنا في الواطن ، وان نجعل الوطن ومصلحة المواطن اولوية مطلقة وهذا ما يستلزم منا الحكمة.
وعلينا ايضا ان نعيد قراءة الواقع من جديد , للتمييز بين الزيف والحقيقة, وبين الوطنية والخيانة, وبين العمل في سبيل مصلحة الوطن و المواطنين – مقابل البحث عن المصالح الذاتية الخاصة من تحت الركام .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6248
أحدث النعليقات