ضباع النّهار – “የቀን ጅቦች “
في الموروث الإثيوبي والإرتري العام أنّ الضّباع تفضل الحركة ليلاً ويرتبط ذكرها بالقتامة والظلام فلا تظهر بالنّهار إلا نادراً أو اضطراراً، وهذه النّدرة وذاك الإضطرار يجعل منها مرعبة حيث يكون ما اضطرها لذلك أمر جلل ومن ثم لن تتوقف الا بتحقيق ما خرجت من أجله ضاربة بكل الأعراف عرض الحائط.
بهذه الضباع اليائسة والشرسة، والتي لا تعترف بالأعراف والأخلاق، شبّه الدكتور أبي أحمد رئيس حكومة إثيوبيا الجديد صقور التقراي باعتبارهم رموزاً للفساد والإبتزاز والتّقسيم والتّشتيت والعبث بمصير إثيوبيا العظمى التي كانت دائماً أكبر من حجم لهوهم وعنصريتهم.
لم يكن هذا التشبيه تحاملاً منه عليهم بقدر ما كان تحذيراً موجهاً للتّقراي بصفة عامة ولنُخبهم؛ سارقة القصور والدّثور بصفة خاصة. ثم أنّه كان إيعازاً لإثيوبيا بأكملها بأنّ هذه الفرصة يجب أن تُوقف هذا الحال البائس عند حده. ودعوة صريحة للشعب الإثيوبي لينهض وليقوم باسترداد مصيره، لتعود إثيوبيا بذلك وطنا موحّداً لكل الإثيوبيين، عوضاً عمّا أوصلها إليه حكم التقراي البائس (ولهم في حكم التقراي السابق في عهد يوهانس الكثير من العبر كما اسلفنا في حديث سابق “الجارة اللدود – كيف نتعامل معها” 5/09/2016).
هذه الرسالة تلقفتها جموع الإثيوبيين من داعمي رئيس الحكومة الإصلاحي فأطلقت مشاعل الثورة على الطغيان وعبث الضّباع التقراوية وذلك بعد تحقيق المعادلة المعجزة وهي التوافق الأمهراوي الاوروماوي، حيث الجميع يتغني بإسم إثيوبيا وليس بإسم الحزب أو الإقليم أو القومية.
مشروع التقراي الذي تلاعب بمصير إثيوبيا ومن خلالها تلاعب بالمنطقة برمتها في طريقه إلى غياهب النّسيان في أقتم صفحات التاريخ إذن!! وستعود إثيوبيا لا محالة إلى أهلها، ربما بعد مخاض عسير وفاتورة تضحيات واجبة السداد ولن تكون سهلة بكلّ المقاييس، فنحن نتحدّث عن كيان، رغم غرابته، ظلّ يتغلغل في مفاصل الدولة لمدة ربع قرن فأكثر.
وبناءاً على ذلك يمكن القول بأنّ الطريق ليس مفروشاً بالورود للثورة الإثيوبية الحديثة، فمعظم القوة العسكرية والأمنية (ثم الخُبث المتعمق) في يد التقراي. وعليه فالطريق وعر جداً وسيول الدماء قد تجرف الكثير في طريقها ولكنها بالضرورة ستنتهي بجرف الصلف التقراوي إلى حيث لا عودة قريباً.
كنّا قد ذكرنا في حديث الأسبوع الماضي بأن للتقراي خيارات متعددة أولها وأفضلها الإعتذار لإثيوبيا عمّا ارتكبوه من جرائم، وتقديم المسؤولين عما جرى للعدالة ثم العودة إلى حجمهم الطبيعي صاغرين. وبهذا يحفظون الدماء والأموال ثم يحافظون على مكانتهم المتناسقة وحجمهم الطبيعي. والخيار الثاني تفجير إثيوبيا من الداخل او ربما تفجير الحدود مع ارتريا مرة اخرى كخيار ثالث. ثم الأخير وهو خيار الالتحام مع إبنهم العاق في اسمرا كما أسلفنا.
يبدوا من تتابع الأحداث وما تشير إليه الوقائع أنّ الخيار الثاني هو ما ستؤول إليه الأمور بالرغم من أنّه الأصعب والأعقد. ذلك لأنه قد يؤدي في مرحلة ما إلى الخيارات الأخرى عدا الخيار الأول الذي أراه مستبعداً تماماً في ظل الحرس التقراوي القديم “المسمى حديثاً بضباع النّهار” إن لم تأت مفاجأة غير تقليدية من داخل شعب التقراي فيثور عليهم ويقدمهم للمحاكمات العادلة.
التوقعات إذن في حدوث فتن ومجازر كبرى في أنحاء متعدّدة من إثيوبيا وبخاصة تلك النائية منها والتي عانت اشد أنواع الظلم وذلك باستخدام الجهل والتجهيل الذي أسس له حكم التقراي ثم الرعب المنظم وانعدام الثقة الذي عملوا عليه بمنهجية، انتظارا لهذا اليوم أو يوم مشابه.
بدأت مهمة الضّباع التقراوية (المضطرة للخروج إلى نهارات العلن، كما وصفها د. أبي) من بني شانقول حيث الحراك المعادي للأمهرا والاوروموا، الأمر الذي سماه أحد ناشطينا (في رمزية لتشاؤمه بما يجري) بثورة العكاكيز. وستتتابع هذه الأحداث المؤسفة ما بقيت مؤسسات التقراي الأمنية وستمتد إلى حيث الأرض الخصبة لها في شعوب الجنوب (من حيث أتى دسالنج رئيس الحكومة السابق صاحب شرارة التغيير الأولى وكذلك رئيسة البرلمان داعمة عملية الإصلاح والتغيير بقوة السيدة مفرحات كامل)، يلي ذلك إذكاء النزاعات الحدودية القائمة بين بعض الأقاليم وبخاصة تلك التي التهم التقراي أرضيها الخصبة في وللو وقوندر وبدأت تخرج إلى العلن بالمواجهات العلنية في ولقايت التي تم انتزاعها من إقليم قوندر وغيرها آت لا محالة. الخريطة من موقع إثيوبيا اليوم.
مهمة تفجير اثيوبيا من الداخل لن تنتهي بذلك حيث سيتم إشراف أجهزة التقراي على عمليات إرهابية موسعة يكون كل هدفها تفجير الوئام السياسي والشعبي والطائفي أيضاً، حيث لا يحتمل أن يستمر الصلف التقراوي في الوقت الذي يلتئم فيه الأمهرا والأوروموا في إطار موحّد تحت ظل الدولة الإثيوبية المتماسكة. ولا أستبعد في إطار ذلك إعتداءات متكرّرة على الأعيان والمؤسسات الممثلة للقوميات والأقاليم ثم المؤسسات الدينية وستستمر صناعة الخوف وعدم الطمأنينة.
بالرغم من هجمة الضباع التقراوية هذه، والتي بدأت بالفعل من أسوسا وستتمدّد في قادم الأيام إلى باقي الحلقات الإثيوبية الأضعف، فإن التقراي على يقين بأنها لن تستمر طويلاً في ظل تحالف الامهرا والاورومو. وعليه سيتم استخدامها لكسب الزمن ومن ثم الإستفادة مما ستفرضه من حالة عدم الإستقرار للفرار بالقضية إلى مناحي أخرى. وسيكون أولها وأهمها التفاوض في سرية وتسارع مع إبنهم العاق في أسمرا للعودة إلى المربع الأول معه. ومن ثم سيعملون على كل المحاور، سندهم في ذلك الحقيقة المرة التي نعلم جميعا وهي أن إساياس لن يتركهم يموتون أو يبادون، وسيقوم بنجدتهم في مرحلة ما بالعودة إلى مشروعهم الأهم وهو دولة الأقاعز الكبرى. نتناوله في الحديث القادم.
بشرى بركت
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=43244
ما رأيك عن ضباع النهار الحاكمة في إرتريا؟ أي الضباع اسوأ؟ اليس الضباع الموجودة في إرتريا أسوأ الضباع في المعمورة كلها؟