ضحايا حقوق الإنسان حسب أذواقهم
بقلم / متكل أبيت نالاي
تتواصل الرسائل الواردة من بعض أعضاء مجلس الكونغرس قاصدة الحكومة الإرترية بأطلاق سراح اثنين من الإرتريين من موظفي السفارة الأمريكية بأسمرا وأتباع المذاهب الدينية المسيحية الصغيرة, واحدي عشرة شخصاً من أفراد السلطة الحاكمة, وعلى رأسهم السيدة/ أستير يوهنس / زوجة الوزير المعتقل بطرس سلمون وكذلك الصحفيين الإرتريين فقط .
كان هذا وفقاً للائحة حقوق الإنسان التي بحوزة الكونغرس الأمريكي, وبموجب ذلك يدعو السيد جوف فلكس وهنري جي هايد الحكومة الإرترية باء طلاق سراحهم معبرين فيها عن قلقهم البالغ وخصوصاً على اعتقال السيدة/ أستير يوهنس يطالبهم فيها عدم التعرض لها بأي أذى وسوف يعتبر المجلس إطلاق سراحها خطوة الأولى في مسيرة ترسيخ حقوق الإنسان في إرتريا.
هنا نرى بأن الموضوع أصبح يؤخذ بجدية كمطلب أكثر إلحاحا من أعضاء الحكومة الأمريكية, يا ترى من الذي حشد لأتباع المذاهب الدينية المسيحية الصغيرة دون غيرها هذه القوى لتضغط بمطالب جزئية من ملف حقوق الإنسان في إرتريا ؟ وما ذا يحمل أبعاد هذه التصرفات للقوى الديمقراطية الإرترية؟ وهم على معرفة بأن أسرى أركان النظام في معظمهم قادة للأجهزة الأمنية, وهذا في حدي ذاته يجعل قضيتهم قضية جدلية بحاجة لتفحص ماضيهم, وفي الوقت الحاضر لا يجب أن تحتل الصدارة وأن الحكم في ذلك يجب أن يترك لشعب الإرتري وحده.
أسئلة كثيرة وكبيرة تطرح على أكثر من صعيد, وفي أكثر من مكان لما يسما بالقوي الديمقراطية التي تتناغم وتنسجم مع ثوابت الدكتاتورية, فقد بدأت اتصالاتها الغربية مبكراً ومشاوراتها الإثيوبية تتحرك بشكل مشبوه, يراها البعض بمثابة مجهود لإسقاط النظام ولكن يمكن كل هذا أن يتضح ملامحه في المستقبل القريب بعد أن يأخذ مداه في ترتيبات المنطقة. ومهما يكن الوقع يمكن أن نقول إنها السير في اتجاهين واضحين. بدأ يأخذ بعداً جماعيا مع الرغبة بالعمل مع دول الجوار كمطلب استراتيجي ملحاً لهم. وهي فرضية الآن ولكن ربما تتأكد لنا في ما بعد حينما نرى القسمة في الكعكة السياسية المقبلة خصوصاً بعد أن يتم تأسيس الحقوق الدائمة في دولة الإرترية الحديثة.
إنني لم أرى المجلس الثوري (تيار) مرتبك ومشوشة كما هو اليوم, على الأمور كان يعلنها ويدعمها من مبدأ الديمقراطية والحرية والعدالة, واليوم يتصرف دون ترتيب هادئ للبيت الإرتري وبدون نضج سياسي ودون سلوكه الديمقراطي التي أكسبته احترام الشعب الإرتري. بدا لي لافتاً بشروطه ومحرماته التي وضعها على الطاولة للمرحلة الانتقالية وكيفية تصريف الأمور إلى أن تأتي حكومة على ذوق من لهم مواقف متناقضة مع مصالح الشعب أو مما لن يستطيعوا أن يوجدوا حقاً, وبدأ يخطط لقطف ثمارها ذهابا وإياباً بين أديس وألمانية وأحياناً يتحرك لإيجاد أوسع قاعدة سياسية داعمة تراجعاته هذه في إطار ما أسماه بالحل الديمقراطي. والمتسرب من تلك المشاورات كثيرة جداً,منها الرغبة بالفوز بأحد المواقع القيادية ومنها ما يؤشر إلى نوع من خلافات العميقة, المرهونة بمباركة كل من ملس وأمريكا. أسئلة قد لا يكون من المتيسر الإجابة عليها بشكل دقيق إلا انه من غير المستحسن تجاذب مساءلة الديمقراطية بهذه الصورة للاندفاع في أعمال غير وطنية, لا تشكل معايير ذات قيمة لشعب الإرتري وقد يتراجع حظوظ المجلس الثوري(التيار) في قيادة الخط الديمقراطي في المستقبل.
أن ظهور مسفن حقوص أيضاً كركن من المعارضة الإرترية يعطي انطباع غير مريح لديمقراطية في البلاد. وهو شخصية يطمح ويتحرك لتنفيذ مصالح واسعة مع أوروبا والولايات المتحدة في المنطقة ويسعى لتفعيل إستراتيجيات القرن الأفريقي المجمدة من جراء الحرب الإثيوبية الإرترية. ومن أجل ذلك يجري الآن عدة لقاءات مع الخارجية الأمريكية لدارسة سبل تنفيذها وله اتصالات ببعض القوى المعارضة وله انتقادات علنية واحتجاجات على الجهود التي تبذل لترتيب البيت الإرتري وهو ضد مراجعة الوضع السياسي وتأمين المشاركة السياسية للفصائل الإرترية والقوى الوطنية في صنع القرار الإرتري. وهو يؤمن ويرحب بالتغيير على الطريقة الأوكرانية ويلوح بثوابت الجبهة الشعبية وله فيها بعض التصورات لتطويرها رفضاً قاطعياً الانفتاح الديمقراطي الذي قد يؤجج فوق رأسهم جبل من التحولات الحقيقية يصعب عليه فهم فصولها المفتوحة, أو يخشى معها عدم قدرته على حسم الصورة التي رسمها في الخارج.
فقد جرى التأكيد في مؤتمر الخرطوم على ضرورة أن يشارك جميع أبناء الشعب الإرتري المعارض وضرورة أن يكون ذلك الجهد موحداً وجماعياً لإسقاط الدكتاتور وهي الخيارات الوحيدة المتاحة حالياً أمام الشعب الإرتري, ولكن مسفن حقوص الذي أغضبه وحدة المعارضة حاول قلب هذا التوجه ضد الحركة الجهادية كما فعل إسياس مع سبي وكان من وجبه أن يدافع أولاً فأولا لإفساد الوحدة, وربط موقفه للهروب من الاجتماع بما جرى في الميدان, علماً الجهاد لم يخترق أي اتفاق عسكري مع الشعبية وعليه تنبه المؤتمرون لضعف حججه وأدركوا بوضوح إنه غير قادر التعامل مع وحدة قوى الشعب الإرتري التي تقف على بعد خطوات قريبة من الاندماج.
وعلى قدر اعتزازنا بوحدة المعارضة الإرترية أدركنا حجم المعوقات الكامنة في بنية الخط الديمقراطي, وكانت هذه صورة صغيرة لمساءلة ظلت قائمة منذ زمن طويل اختصت بها الشعبية دون غيرها مما أوجدت شرخ عميق في وحدة الشعب الإرتري تمكنت من خلاله وضع أفكارها علينا بسهولة وعبرت عن وحدتنا بشكل مختلف بعد أن طال لها أمد التسليم بما خربته وحرفته.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6356
أحدث النعليقات