طال الانتظار يا ابي
لم يبقى لي منك سوى ذكرى مؤلمة تمر أطيافها بصمت مهيب.. تلقي تحية غامضة وتولي مسرعة تاركة خلف كل بوابة ونافذة وجدار وكتب مدرستي وقهوة أمي صورة لها.
وانا في ذلك العمر الصغير و في ذلك اليوم كنت فرحان ومسرور بمناسبة سماية اخي الصغير عثمان ونمت على هذه الاجواء البهيجة بعد ما قبلتك في جبينك وقلت لي الله يحفظك يابني ، وعندما استيقظت كالعادة قبل شروق الشمس بلحظات لم اسمع صوتك المعتاد ولم اجدك سألت أمي أين ابي سوف يعود ,, اليس كذلك ..؟؟ …لم أكن ادرك ..سوف تمر الأيام .. والشهور .. والسنوات .. يالله. بأن الشوق بلغ فيني ما بلغ … لرؤيتك وحضنك الضافئ.. والجلوس بجانبك …. ، ابي الحبيب انت عايش في وجداني بطعم الذكرى وكأنه حلم جميل اتخيل الملامح واستعين بصورتك حتى تزل ساكن في زهني وفي قلبي للابد . يسرح خيالي بعييييدا.. يسرح حيث تتلاشى امامي القوانين والأعراف والحقائق ..رسمت حلمي بل احلامي بريشتي المعوجة.. فتمتلئ روحي أملا وسعادة..وينبض قلبي بعمق وشجون . ولا زالت الصورة لم تكتمل ، احلامي التي ارآها وتتردد عليا كل ليلة وبكل قساوة تحمل ألم.. حزن.. جراح.. هموم.. فراق حتى بلغت سن الرشد لكنها تركت آثارا في ذاكرتي. ارى كثيرا الحزن في عيون أمي وأخوتي . وكم من مشهد في الواقع يحيي على أمي الكثير من ذكريات الماضي.تختبئ الدموع في عينيها تارة تنهمر مثل النهر الفياض وتارة أخرى تتحجر، وعند العتمة وبعد غروب الشمس ارى أمي تقف.خلف النافذة الصغيرة التي تُطل على الشارع المجاور.. كأنها تبحث عن شيء لم ولن تجده.. او لا تدري أين تجده ، حتى مدينة كرن الحزينة على فلذات اكبادها ساكنة سكون انتظار الحكم على شيء عظيم صمت هدوء سكينة يكسوها ظلام دامس. بابا حبيبي، لقد بحثت عنك أمي التي تحملت كل متاعب الحياة من اجلنا بحثت عنك في كل مكان وفي كل المعتقلات في المرتفعات وفي المنخفضات ولم تجدك، طــــــــــرقـــــــت أبـــــــــواب كل المسؤل وسألت اين زوجي ؟ ولم تجد الجواب ، عيونها تزرف الدموع من شدة الخزلان وخيبة الامل ثم تعود ادراجها مكسورة الخاطر . ابي الغالي, مرت ثلاث وعشرون عام على غيابك ولازلت متفائل بعودتك الينا مرة اخرى .. على الرغم طال بي الوقت وانا لم احضنك واتذكرك دون ضوضاء الدنيا وضجيج حتي تجف دمعتي من دون شاهد .. مشتاق لحديثك لصوتك لحنانك ونصائحك نعم ابي اشتقت لك كثيرا صورتك لم تفارق خيالي، الله يجازي من فرقنا ونحن بامس الحاجه اليك ، طال انتظار الفرج وحتى العدالة استعصت. أبي الحاضر الغائب ، عبثت بي رياح الشوق اليك اخط رسالتي التي قدلا تصل اليك اعرف انها لن تصلك. ولكن ماذا افعل بابا حبيبي، اسودت صفحات حياتي.. وجفَّت منابع امالي.. وكسا الغبار أمنياتي.. تكسرالوعد و العهد.. وغابت شمس النقاء والصفاء في بحور الواقع المرير.. ولم يبقَ لي سوى الذكرى !!!! إلى أبي يا من يهواه قلبي وعقلي وكل جوارحي أسعد الله أوقاتك بالخير والصحة والعافية وفك الله اسرك وفرج كربتك مع كل زملائك المعتقلين.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=41477
أحدث النعليقات