عـزاء وتـرحم ورثـاء
بعـد مـرور خمـس سـنوات على الـرحيـل والغيـاب
كـل مـن عليهـا فـان ويبقى وجه ربـك ذو الجـلال والاٍكـرام:
اليـوم .. واليـوم بالـذات آن أوان أداء واجـب العـزاء، أولا لنفسى وثانيـا لأشـقاء وأصـدقاء واحبـاب الـراحـل العـزيـز وذويه الكثـر المنتشـرون على القارات السـت، اليـوم آن وقـت التـرحم على روح الـراحـل العـزيـز حسـن دبسـاي قـرزا، آن أوان الـرثـاء والبكاء على عـزيـزا مـلأ يومـا مجالـس الشـباب بالمـرح والنقـاش والضحك والغنـاء، حـيث تعـود أحبابه واصـدقاءه الجلـوس اٍلـيه للتـذود بمـا يجعلهم سـعـداء، وكانت مجالـس ,, أبـو على،، تجمـع دائمـا مابـين السـياسـة والطـرفة والطـرب، أمـا أنـا فقـد كان لى الصـديق الوفى، والأخ الشـقيق الـذى لم تلـده امي، كان الـراحـل العـزيـر شـقـا مـن نفسى وتوئمـا لروحى، وزميـلا لصبـاى وشـبابى فى حـلى وتـرحالى وغـربتى، وعنـدمـا غـاب عنـا العـزيـز بعـد رحـلة طويـلة مـع المـرض والغـربة، لم أوفـق فى وداعه أو حتى البكاء عليه أو على نفـسى الحـزينة، ولـكنى كـنت أعلم بالوحـدة الموحشـة التى سـتحـل بأيامى مـن بعـد غيابه الأبـدى، عجـزت آنـذاك عـن أداء واجـب العـزاء أو التـرحم والبـكاء على عكـس مافعـل باقى الـزمـلاء والأصحـاب، فعنـدمـا حملت القـلم لأبكـيه ولـتبكـيه معى الحـروف والكلمـات، فقـدت القـدرة على التـركيـز، وكأن ذاكـرتى فـرغـت أو أفـرقـت فجـأة مـن أحـلى الـذكـريـات، بمـا فى ذلك مـن المـواقف والأحـداث الكبيـرة والصغيـرة التى عشـناهـا معـا، فظللـت واجمـا مهمومـا وظـل القـلم جامـدا فى يـدى، كمـا الحـروف تناثـرت وتـاهـت الكلمـات مابـين وجـومى الأبـله وعبـراتى المتقاطـرة متكاسـلة حائـرة، اٍنهـا حالة غـريبة مـررت بهـا فى أيـام سـابقات مـن قبـل ـ حـالة الـلا تـركيـز والـلا بكاء التى زارتنى فى موقف مشـابه حـزيـن، ويبـدو انهـا عاودتنى عنـد رحيــل العـزيـز ,, أبـو علي ،، ـ وقتـئـذ فقـدت السـيطـرة على عواطـفى كمـا فقـدت قـدرتى على التـركيـز السـوى، ولـكن الـدموع حبسـت أو ربمـا تسـاقطت متكاسـلة، والـزهـول حـال بينى وبـين كل شـيئ، بمـا فى ذلك مـلامح الـراحـل العـزيـز التى غـابت عـن بصيـرتى، ومثلمـا اختـفت مـلامحه مـن ذاكـرتى، أيضـا لـم أتـذكـر شـيئـا مـن مـآثـره الكثيـرة التى أحفظهـا عـن ظهـر قلـب، ورغم تكـرار المحاولة لم اوفـق على تحقـيق رغـبتى، فـظـللت مهمـومـا كابتـا حـزنى وأنـا أحسـد شــقيقه المكلـوم الـذى كان أكثـر شـجاعة منى، ومـن بعض احبابه الكثـر الـذين جـاؤوا لأداء العـزاء مـن أقاصى بـلاد الفـرنجة، ومـرت سـنوات خمـس عـلى رحيـل العـزيـز ,, أبـو علي ،، وانـا عاجـز عـن رثـاءه.
وبالأمـس القـريب عنـدمـا فوجأنـا بـخبـر رحيـل الحاجة حـرم المـرحـوم الحاج/ دبســاي قــرزا، زهـلت مـن جـديـد، وأحسـسـت انه رحـل اليـوم معهـا، رحــلا عنـا معــا فى صبـاح يـوم الجمعة 28. 04. 2006م، فقـد كانـت المـرحومة ألام والأخـت والصـديق للعـزيــز ,, أبـو علي،، ولـكل مـن لـه صـلة به، ومـن يـريـد ان يتحـدث عـن مآثـرهـا قـد لا يتمـكن مـن فعـل ذلك مـالم يتحـدث عـن عـزيـزهـا الـراحـل، لأن كلاهمـا كانـا ينبـوع محـبة ووفـاء وسـخاء، وكانـا يشـار اٍليهمـا معـا بنفـس هـذه الصفـاة الحميـدة، وكل مـن عـرفهمـا سـابقـا او لاحقـا يتسـاوى فى ذكـر صفاتهم الطـيبة المتعـددة، اٍلاّ شـخصى حـيث الـذى عجـز لسـانه وايضـا قلمه ان يفيـهم حقهم مـن المعـانى الجميـلة التى يسـتحقونهـا، كمـا عجـز العقـل تقبـل رحيلهم الـذى لم يـكن مفاجئـا، فكلاهمـا رحـل عنـا بعـد رحلة طويلة مـع المـرض والغـربة، وكلاهمـا كان صـديقـا للمـرض رغـم ثقـله وآلامه، وكلاهمـا رحـل قبـل ان يتخـذ له عـدوا أوخصمـا يقاسـمه العـداء والخصومة، فالصـدق والصـفاء والحـب والسـخاء، وكـذلك الوفـاء وحسـن المعشـر لم يتـركـوا مـكانـا ليشـغله العـداء أو الخصومة، لأن قلوبهم الكبيـرة كانـت عامـرة دومـا بالخيـر وممتـلئة بأفضـل الصفـات الاٍنسـانـية.
رحـم ألله الثنـائى الطـيب اللـذان مسـحـا دموع اليتـامى، وقـدمـا الأفضـال والاٍحسـان لمـن يسـتحقهمـا بعيـدا عـن عيـون الناس ومـن غيـر مـن وريـاء، فقـد حمـلا قلوبـا طـيبة تتسـع لأحبابهمـا الكثـر، كمـا تميـزا بسـرائـر نقـية لا تعـرف اٍلآ جميـل الكـلام والأفعـال، وحسـن معشـر سـيصبـح مـن بعـد رحيلهمـا يتيمـا وحيـدا وسـط صحـراء لا نهـاية لهـا.
وفى هـذه العجـالة لا أمـلك اٍلا رفـع كلمـات التعـازى اليتـيمة الباكـية، لـكل الأهـل والأقـارب فى جمهـورية السـودان، اٍرتـريـــــا، المملكة المتحـدة، أمـريكا والمملـكة العـربية السـعودية.
رحم ألله الـراحـل حسـن أبـو علي والحاجة حـرم المـرحوم الحاج دبسـاي قـرزا، واللهـم ألهم أهلهم وذويهم ومعارفهم الكثـر الصبـر وحسـن العـزاء، وانـا لله وانـا اليه راجعـون، ولا حـول ولا قـوة اٍلآ بالله الحي الـدائم.
أبـو اٍيهــاب والاسـرة ـ المملكة المتحـدة
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=7377
أحدث النعليقات