على هامش مؤتمر سدر
صلاح أبوراي
عقدت منظمة مواطنون من أجل الحقوق الديمقراطية في ارتريا (سدر) مؤتمرها العام الثاني وسط توقعات ورهانات بانقسامات وانشطارات ستشهدها نتيجة الآراء المنقسة في داخلها حول ملتقى الحوار الوطني الارتري الذي عقد في اديس ابابا، وقد دعم تلك التوقعات ما تم تسريبه من الرسائل والنقاشات التي جرت بين اعضاء المنظمة حول الملتقى والرسائل الالكترونية التي تم تبادلها بين الاعضاء والتي بينت انقسام الآراء حول ملتقى الحوار وعن مفهوم الحيادية وعدم الانحياز في منظمة مجتمع مدني وحدود التنسيق والعمل مع بقية المنظمات أو التنظيمات في الساحة الارترية.
حضر معظم الاعضاء سدر الذين يتواجدون في القارة الاروبية وامريكا وجاء الجميع بقلب وعقل مفتوح للتفاهم والنقاش الموضوعي حول مجمل القضايا ومسيرة المنظمة خلال العامين المنصرمين.
ما ميّز هذا المؤتمر هو روح المسؤولية التي تحلى بها الجميع، فالكل آت من خلفيات دينية واجتماعية مختلفة وكذلك من خلفيات وتجارب سياسية متباينة. هذه الخلفيات السياسية والاجتماعية والدينية التي تزخر بها المنظمة القت بالمسؤلية على المؤتمرين لفهم الاختلاف وتقبل الرأي الآخر والابتعاد عن وضع تصور مسبق للرأي وللفرد من جهة وكذلك ضرورة الحفاظ على هذه الاختلافات والتباينات كأحد أبرز ملامح منظمة سدر التي يميزها عن الكثير من المنظمات والتنظيمات. ولقد حرص الجميع على الحوار البناء والاستثمار في نقاط الالتقاء واعتبار الفترة الماضية فترة تعارف وتجربة العمل المشترك. هذا وقد تم حصر انجازات المنظمة على صعيد بلورة حقوق الانسان الارتري على الصعيدين الداخلي والخارجي. كما وقف المؤتمر على المجهود الذي بذل في تعميق وتوثيق ثقافة النضال السلمي الديمقراطي ونجاعة وسائله وضمان تحقيقه لتحولات الديمقراطية في المجتمع الارتري كأحد اهم الاهداف التي تصبو اليه المنظمة وهو تحقيق العدالة والديمقراطية في ارتريا. كما قيّم المؤتمر الدراسات التي قدمت في العامين المنصرمين في القضايا الوطنية المختلفة مثل : العدالة الانتقالية، اللغة العربية واهميتها في ارتريا، قضية الارض، قضايا الرعاة وقضايا اللاجئين وكذلك اسهامات المنظمة في المؤتمرات الدولية والاتصالات التي قامت بها لمخاطبة الاطراف المعنية في مجال حقوق الانسان الارتري وكشف السجلات السئية للنظام الارتري. كما تناول التقرير المقدم من القيادة السابقة عن حضور مؤتمر لمفوضية حقوق الشعوب والانسان بالاتحاد الافريقي والذي عقد في بنجول بجمهورية جامبيا والاسهام والمشاركة في مؤتمر بروكسل الذي جمع لأول مرة الاتحاد الاروبي والولايات المتحدة في الحوار حول الشأن الارتري ودور منظمات المجتمع المدني في التحول الديمقراطي في ارتريا وكذلك الدور الذي لعبته المنظمة في مؤتمر السلام الارتري الارتري، كما كشفت عن الاتصالات التي اجرتها المنظمة مع كل من الزعيم الليبي معمر القذافي في شأن اللاجئين الارتريين الذين كانت الجماهيرية تزمع في ترحيلهم الى ارتريا وكذلك الاتصال الذي تم مع الرئيس حسني مبارك في شأن اللاجئن الارتريين وكذلك الاتصال مع الكثير من المنظمات الحقوقية المعنية في العالم.
كما فتح نقاش عميق في مفهوم الحيادية ومفهوم عدم انحياز المنظمة لجهة على حساب جهة اخرى ، وفي هذا الصدد تبين بأن المنظمة كانت على اتصال وتواصل مع كافة الاطراف الارترية وقد قامت بالاتصال بالكتل السياسية الارترية طالبة منهم الحوار في أهم التحديات التي تواجه ارتريا اليوم وكيفية التغلب عليها. ولقد التقت المنظمة بالكثير من قيادات العمل السياسي الارتري واجرت معهم اللقاءات والحوارات في الشأن العام الارتري وخيارات التغيير والظروف الداخلية والدولية التي تؤثر في التحول الديمقراطي الارتري.
ولقد رسخ المؤتمر مفهوم الحياد على اساس انه لا حياد حول الثوابت الارترية ولا حياد حول المخاطر التي تحدق بالبلاد ولا حياد حول ادانة ممارسة النظام الارتري الذي ينتهك حقوق الانسان الارتري ولا حياد حول تهديد سيادة البلد وكرامة شعبه ووحدته الوطنية. وحصر مفهوم الحياد على ان المنظمة لا ينبغي ان تتدخل او ان تكون طرفا على حساب طرف آخر في الصراعات الواقعة أو التي تقع بين فصائل التنظيمات السياسية الارترية.
كما ميّز المؤتمر بوضوح في الاطروحات والوسائل التي تتخذها بعض التنظيمات الارترية لتغيير الاوضاع في ارتريا وفي هذا الشأن وصى المؤتمر بالنأي عن فتح معارك جانبية أو اكتساب عداوات مع اي طرف مع التأكيد بأن النقد قيمة اساسية في توضيح مآلات الوسائل التي لا تتناسب مع تلك التي لا تتبعها المنظمة في نضالها نحو العدالة والديمقراطية.
هذا وقد انتهى وقائع المؤتمر في نهار يوم الأحد الموافق 9 يناير 2011م وقد استعاد الاستاذ الصحفي هبتوم يوهنس عضو اللجنة التنفيذية السابق كامل عضويته بعد ان كان مجمداً من قبل اللجنة التنفيذية لأسباب تنظيمية (ادارية) وكذلك منح كل الأخوة الذين كانت لهم اسئلة هامة حول سير المنظمة في العامين المنصرمين ثقتهم الكاملة للمنظمة بعد الاستماع الى التقارير التي قدمت والنقاش الموضوعي العميق الذي رافق وقائع المؤتمر.
وبعد ظهر يوم الأحد الموافق 9 من يناير 2011م عقدت ندوة بحضور ممثلي بعض منظمات المجتمع المدني والتنظيمات السياسية الارترية والنشطاء والافراد قدمت فيها السيدة مرجام فان ريسن (استاذة جامعية ومستشارة السياسيات الخارجية في الاتحاد الاروبي) محاضرة اشادت فيه بالدور الذي تلعبه منظمة سدر وكذلك دور منظمات المجتمع المدني في التحول الديمقراطي وركزت على دور منظمات المجتمع المدني في نيبال. وكذلك قدم عرض قدم من منظمة ” المباردة للتغيير” (Initiative Of Change) وبعدها قدم الأستاذ سليمان آدم حسين الذي أُجمع حول اعادة انتخابه رئيسا للمنظمة قدم محاضرة حول دور منظمات المجتمع المدني الارتري والدور التي لعبته في بلورة الشخصية الارترية في اربعينيات القرن الماضي والدور التي لعبته في نهاية الخمسينيات وكيف شكلت وعياً وطنيا كان ارهاصا لقيام الكفاح المسلح نحو التحرير. كما تناول الفترة التي غابت فيها منظمات المجتمع المدني وتحولت الى منظمات جماهيرية تسند التنظيمات السياسية الارترية في مسيرة التحرير، كما وضح أهم ملامح الدور الذي ينبغي ان تلعبه منظمات المجتمع المدني في التغيير الديمقراطي.
وبعد انتهاء المحاضرات عقدت المنظمة ندوة مفتوحة مع الحضور ترأسها البروفيسور انقسوم اسبها وأجاب فيها الاستاذ سليمان آدم لأسئلة الحضور التي تركزت بصفة اساسية حول الدور الذي لعبته المنظمة في العامين المنصرمين من جهة وحول غياب المنظمة عن حضور ملتقى الحوار الذي عقد في اديس ابابا ؟.
ولقد برر الاستاذ سليمان آدم غياب المنظمة عن حضور الملتقى بأن هنالك ثلاث قضايا اساسية لم تقنع القيادة للذهاب وهي طريقة التحضير والاجندة التي كانت متداولة وخرج بها الملتقى لاحقاً وكذلك راعي الملتقى. وقال بأن منظمة سدر تسعى الى تمليك الشعب
ا لارتري السيادة على نفسه والتمتع بالعدالة والديمقراطية وقال بأنه لا يرى بأن الملتقى حلقة في اتجاه تمليك الشعب الارتري خياره السياسي وسلطته من اجل ممارسة الديمقراطية وسيادة القانون. وقال اذا ما ظهرت هنالك اي معطيات وشواهد ترسخ العدالة والديمقراطية في ارتريا في الملتقيات القادمة فأن المنظمة سوف يكون لها موقفاً مختلفاً مبيناً بأن اثيوبيا تعتبر دولة شقيقة وجارة مهمة.
هذا وقد احتفلت المنظمة بنجاح مؤتمرها وتماسك عضويتها ووضوح رؤيتها في كثير من القضايا التي كانت مثار الجدل وقد ارادت المنظمة بهذه القراءة السريعة ان تزف البشرى لابناء الشعب الارتري عامة والى الاصدقاء الذين كانت تؤرقهم الشائعات التي كانت تحوم حول منظمة سدر ان المنظمة خرجت اكثر قوة مما كانت عليه وأوضح رؤية في القضايا واصلب تماسكاً في عضويتها التي تمثل ارتريا المصغرة.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=10364
أحدث النعليقات