عناد ورقة
بقلم : محمد هنقلا
حجمها ولونها لم يختلف عن بقية أترابها المركونة علي زاوية الرف والتي تنتظر بدورها لكمات آلة الطباعة أو ركلات القلم.
يحملق ببلاهة علي تقاطع وجهها القمري , تشح عنه ثم تفاجئه بنظرات ذكية لتقول له : أنفعل لا تقف كالمسمار , ثم أطرقت برأسها خجلاً مما قالت, ربت علي كتفها وهمس علي مسامعها عبارة لن أكون كالمسمار , سوف أزرع المساحة كلها حروف وجمل , وأكافح آفة البياض بمادة الحبر , لا تقلقي , لن أقف كالمسمار .
لم تتجاوز عبارة التفاؤل هذه كهف الرغبة, لأن الفكرة ما زالت كسولة ولهذا لم تتمدد علي السطح الأملس كما يجب , رغم تسرب شعاع المعرفة من ثقب المكان, يحاول فتح أكثر من ثقب حتى يشعشع السطح بنور الفكرة, لكن الجمل البلورية تتدحرج عن معناها, ونتيجة هذا الفشل يعم القلق , وتزداد مساحة البياض مع زيادة الوهم, وهم عدم تحقق الرسالة , يغمز لها إيحاءاً بالمودة, عسي ولعل ترضي عنه, تجاهلت كل إشارات المودة, وواصلت في تنفس العناد العصي علي الفتوحات. يغتاظ من هذا التصرف الغير حضاري, لا يستطيع كتمان هذا الغيظ, ويخرج صراخه لا إرادياً ليلطخ كالريشة وجهها بضربة واحدة عدة ألوان , يأخذ نفس طويل ,ثم يفرق شحناته عبر هذه الألوان, ألوان رايات بالله عليك كوني طيعة , تتكرر المحاولات لكن هذه المرة بلغة الفراشات, تنتقل هذه اللغة مع النسيم علي براري المرعي وتلقح الجمل حتى تمتلئ المساحة بورود من الجمل, ترفض الورقة انتظام سير الجمل , وتعيد الموال من الأول, علق عليها تعليقاً غريباً ثم قال لها أنصتي جيداً: أحب أن أقول لك نصيحة ما , ألا وهي الابتعاد عن وهم الشخصنة وثوب العناد , لأن وهم السيادة والحواجز ذابت في عصر العولمة , أذن عليك أن تفهمي هذا التحول , وإلا سوف اتقدم بطلب إلي مجلس الأمن , حتي يلزمك بالطاعة , صحيح لا يوجد ما يغري أو يلفت انتباه الطامعين, حتى يكون صدور القرار سريع ,لكن صداقاتي مع هولاكو تكفي لعبور النهر نحو القرار, أكرر النصيحة علي مسامعك, عليك أن تفهمي وتطيعي أمر المناخ السائد , مناخ فوكوياما وهنتجتون, وإلاً الحصار آت لا محالة, من كل الجهات آت , عن طريق العنوان الرئيسي والعناوين الجانبية , ومن فتحة العقل آت.
بعد جدال طويل يتغير مجري الحديث , ووجد هذا التغير استحسان منها , وقالت أفضل حتى لا نصاب بالرتابة , وهات ما عندك, وبدأ حديثه عن أرض الهرم , وعن ‘اجتياحاته, التي تحول المساحة إلي برك تتوالد فيها الجمل الطويلة والقصيرة, وكذلك عن لوبينت الذي يفسر الغموض بالغموض بدل من أن يزيد وتراً فنياً علي أوتار ود أمير , وبدأ تقاطيع وجهها ينشرح كلما فاح شذي الحكاية من حقل الجمل , قلب الصفحة وكانت الصفحة تتعلق بجمل هناشيش , ومارشات محمد عثمان حمد من اليمين إلي اليسار ومن اليسار إلي اليمين, رفع وتيرة السرعة في السرد لضرورة الزمن , وانتقل من حلقة إلي أخري , حركة الصوفية وراياتها, وكتبه د. جلال, وفي رواية أخري ولم يكتبه, عسي ولعل تصل إلي قمة لذتها وتستسلم لإرادة القلم , ما زالت تقاوم بكامل وعيها وتتدثر ثوب نشاطها كدرع واق من عاصفة الحروف. طار صوابه من هذا التصرف بعد هذا الماراثون من السرد , وقال في قرار نفسه أعتقد أن أمراً ما وراء هذا النشاط الغير عادي, وفي السابق هذه الورقة تتثاقل في مشيتها بأقل حمولة من الحروف , أما اليوم أراها جامحة جموح ذو الفقار. أكيد أن أمراً ما وراء هذا النشاط ! حاول أن يبحث عن هذا السر وتواردت شكوك وأسئلة إلي ذهنه وكل أسماء المادة المنشطة , وسأل نفسه : هل يا تري خزنت القات ؟ أم بلعت كبسولة , تلك المحرمة في الملاعب الرياضة, لا . . لا . . علي حسب علمي لا هذا ولا ذاك , فكل مصادر طاقتها هو من الحليب والشوكولاته , وأحياناً من الكوكاكولا , يقاطع هذا الاستنفار وتدفق سيل الشكوك , تليفون أبو لمعة, وبدون أي مقدمات أخبر مزارع الحروف بالمشكلة الراهنة أبو لمعة , وبدون أي تلكؤ طرح أبو لمعة عدة أسئلة علي مزارع الحروف , حتى يحيط بالمشكلة وحيثياتها, ومن ضمن الأسئلة التي طرحها, كان منالك سؤال يتعلق بنوع الورق والقلم الذي تم إستخدامه, وكان السؤال كالتالي : هل الورق من مكتبة الحلال يا مزارع الحروف, يجيب مزارع الحروف بإحابة نعم, وإنتقل أبو لمعة إلي السؤال الثاني بسرعة وقال هل القلم قارئ ؟ مزارع الحروف يجيب بعبارة لا.
فال أبو لمعة وجدتها . . وجدتها . وهنا تكمن المشكلة يا مزارع الحروف , عليك استبدال القلم الشفهي بقلم قارئ
حتى تتجاوز المشكلة , تحرك بسرعة البرق مزارع الحروف في تنفيذ الوصاية , حتى غادر العناد مطرحه , قبل أن يدرك الصباح الحكاية
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6239
أحدث النعليقات