عيد الاستقلال ام الاستغلال
محمود طاهر / زيوريخ
23/05/2014
يصادف الرابع والعشرين من مايو كل عام الذكرى الثالثة والعشرين لاستقلال ارتريا بعد نضال دام ثلاثين عاما ملئ بالتضحيات والبطولات سجلها الشعب الارتري اختلطت فيه الدماء بالدموع لأجل البلوغ لهذا اليوم المجيد.
ولكن ما نراه اليوم في ارتريا هو اسواء من الاستعمار نفسه والذي ضحى في مقاومته الارتريين بالغالي والنفيس، متمثلاً في كل مناحي الحياة، فعلى سبيل المثال لا الحصر لو قارنا عدد الضحايا من الشباب الذين قضوا نحبهم في ظل حكم العصابة في الحروب العبثية مع دول الجوار إضافة عند الهروب من ارتريا وفي صحاري ليبيا وسيناء وفي البحر الابيض المتوسط، نجد ان الفرق كبير وشاسع جدا، وان ما عانه ويعانيه الشباب خاصة والشعب عامة بعد الاستقلال وتحت حكم العصابة هي مأساة انسانية يندى لها جبين كل شخص دعك من ان يكون ارتري، ليصبح الشباب الارتري مطمع لكل ذي شجع حقير ومصدر تجارة لرزق قذر.
و اذا نظرنا الى كل الماَسي التي تعاني منها الدول الافريقية بصفة عامة وارتريا على وجه الخصوص في ظل انظمة استولت على السلطة بعد زوال المستعمراو تسللت تحت ستار الثورية المخادعة، من اشخاص ومجموعات منوط بهم حماية الاوطان والشعوب من اعداء الخارج حسب الادعاء المروج له، وليس استرقاق واستعباد شعوبها، ولكن عوضا عنه تحولت مهمتهم النبيلة الى اقامة وتثبيت وترسيخ لأنظمة شمولية فاشية، تستثمر في معاناة شعوبها، يدعمهم في ذلك ثلة من النخب الفاسدة التي رهنت مصيرها بمصالحها ونزواتها الفاجرة مع العسكر واشباه العسكر، وانحرفت عن مهمتها الاساسية المتمثلة في تنوير ورفع الوعي الشعبي، وتحولت الى الة دعاية وتبرير في خدمة اهداف الديكتاتوريات المتسلطة، فمعظم شعوب القارة الافريقية وعلى رائسهم الشعب الارتري لا يعرفون مفهوم المواطنة ومتطلباتها نسبة لطبيعة جهل اغلبية السكان، والتي عملت الانظمة الاستعمارية على اشاعتها واستمرت على ذات النهج ما سميت بالأنظمة الثورية، و تحول الحاكم من فرد عادي مكلف بخدمة الشعب الى سيد مبجل يموت الشعب في سبيل بلوغ رضاه في مقابل صفر من الحقوق ،واصبحت لا تعرف من قيمة المواطنة الا الواجبات التي يقوم بها افراد الشعب بطيب خاطر والاخرى المفروضة تحت تهديد السلاح، لذلك لا يستغرب الشخص منا عندما يقول له احد من عامة الناس ان الديكتاتور اسياس هو شخص وطني مع انه ديكتاتور، فكيف يصبح شخص وطني وديكتاتور في ان واحد؟ لكن هي سخريات القدر التي جعلت من الشعب يجهل ابسط حقوقه وينظر الى الحاكم كقدر يجب مسايرته وليس مناصحته ومقاومته اذا تجبر، فمنذ تأسيس الثورة لم تعطي النخب الرائدة في تلك الفترة قيمة للراي المخالف بل عملت على تسفيه المخالفين وتصفيتهم في احيان كثيرة، واجلت كل الامور المتعلقة بالحقوق والكرامة الى ما بعض التحرير، أي ان الاولوية كان لتحرير الارض وليس الانسان في حين ان الارض هي للإنسان وليس العكس، ليكون الحصاد هذا المشهد الاجرامي شعب مطار في الداخل من عصابة حاكمة وفي الخارج من عصابة مجرمة تريد ان تتجار به.
في الختام مطلوب من النخب ان تعود الى مهمتها الاساسية والمتمثلة في رفع الوعي عند الشعب الارتري وتعريفه بحقوقه لان الوجبات اصبحت محفوظة عن ظهر قلب ولا تحتاج منهم حتى لتذكير، ومن ثم بث روح المقاومة فيه، كما ان على تنظيمات المعارضة ان ترتقي الى مستوى المسؤولية وتقوم بتصحيح اخطائها المتراكمة، وان تنظر الى التغيير المنشود بكافة شروطه وقواعده، بان لا يقتصر عندها التغيير بتغيير الجاثم على الصدور، لان إزله النظام قبل تغيير المفاهيم يعتبر إعادة لنفس الاسطوانة واستمرار لتلك الممارسات .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=30681
أحدث النعليقات