في ذكرى الاستقلال الوطني في عامه السابع والعشرون
إن الاستقلال الوطني يعد نتاجا تاريخيا عظيما حققه شعبنا الارتري وقد بذل الغالي والنفيس من اجل تحقيقه ، وكانت الإرادة الشعبية والاصطفاف حول الرغبة في نيل الاستقلال لحمة وطنية ذابت فيها كل الفروق وتجلت بحق الوحدة الوطنية والرغبة في العيش المشترك في إطار جغرافي سياسي .
وان الاستقلال الوطني والانفكاك من المستعمرين بالرغم من مغرياتهم أو تهديداتهم كان نابعا عن فهم وإدراك لأهمية إيجاد وطن يستحق الانتماء يقينا أنه في داخل هذا الوطن سوف تنطلق الإرادة الارترية في تفجير مكامن طاقاتها في صياغة وطن بنظامه الديمقراطي يحقق الحرية والكرامة للإنسان الارتري ويجعله في بيئة صالحة تمكنه من بناء اقتصاده الذي يحقق له الرفاهية والعيش المحترم وبذلك يعوض سنوات الحرمان والإذلال التي ذاقها في كل حقب المستعمرين .
إن الاستقلال الوطني قد تحقق عندما تضافرت جهود الارتريين لتحقيقه متخندقين حول وعي بضرورة مشروع الاستقلال وان الأمثل لتحقيق طموحات كل ارتري ليدخل لساحة الشعوب كشعب يحمل خيرا وقادر على الإسهام في بناء السلام والاستقرار .
إن الاستقلال كنتاج لكل المواطنين في ارتريا كان من شانه تعزيز الوحدة الوطنية وتتفشى قيم التسامح والتآخي واحترام الأخر وأن تكون كرامة الإنسان الارتري وحريته فوق كل اعتبار وان أي شيء يمكن أن يحدث تأثير سلبي على هذه القيم يعد عملا مضرا بالاستقلال وهداما ويتناقض مع الشعارات التي نرفعها لا زلنا وحدة الوطن ووحدة الشعب .
هانحن اليوم نحتفل وكغيرنا من الشعوب بانجازنا الوطني المرحلي وهو اقتلاع استقلالنا من المستعمر ليكون الوطن أمانة في أعناقنا نديره بأنفسنا نزرع أرضه ونعمر بنيانه ونبني الإنسان الارتري الذي هو رأس مال الوطن الحقيقي ، ولكن ذاك كله عشناه حلما واتينا على واقع مؤلم حقا لا يشبهنا ولا يروق لأي ارتري وصار محل استغراب ودهشة لدى كل الذين عرفوا الإنسان الارتري ذلك الإنسان الجسور الذي كان متمسكا بحقه في الاستقلال وصال وجال رغم المحن وكابد وجابه كل التحديات حتى بلغ المراد .
إن الاحتفال بالاستقلال يكون دائما مرتبطا بالانجازات التي تليه وليس بالاستقلال في ذاته ، ونحن اليوم عندما نحتفل بأي انجاز سوف نحتفل هل باللجوء الذي لا يزال يستمر في ازدياد لم تشهد مثله العهود هل نحتفل بالوطن الذي صار يتذيل قائمة الفقر والجوع أم بالشعب الذي بنهال عليه النظام بالإيذاء بشتى صنوفه هل نحتفل بوطن لم يعد يصبح دولة لها قوانين ودستور أم نحتفل بديكتاتور صار يقود الوطن على هواه دون خوف من محاسبة أم نحتفل بأطفال صاروا دون أمل يحلمون بالرحيل من الوطن أم نحتفل بشباب يهيمون خارج الوطن طلبا للامان أم نحتفل بوطن صار الخوف يخيم على صدر أبنائه أم نحتفل بوطن صار العيش بداخله يزداد استحالة كلما امتد عمر النظام .
إن هذا الشعب الذي صنع الاستقلال بإمكانه اليوم صنع التحول مضيا نحو تحقيق حلمه ، فهو وحده وبوعيه وحسه الوطني مع استلهام لتاريخه النضالي الذي هو مفخرة كل مواطن قادر على تجاوز كل العقبات التي وقفت أمامه دون تحقيق بناء الوطن الحلم ، هو قادر لإيجاد وطن يلم شتاته تملا كل جوانبه الأفراح تسود المحبة بين أبنائه يجعلون من المواطنة والارترية هوية قادرة على صنع القومية الارترية التي عليها يكون الحب والوئام وتذوب كل الفوارق فلن تكون هناك أية نازعة ممكن أن تهز من الانتماء للوطن الشامخ .
إننا اليوم وإذ نحتفل باستقلالنا الوطني لنجعل منها محطة لمراجعة الذات واستنهاض الهمم وصحيان الضمير واستدعاء التاريخ النضالي والبطولات الأسطورية ومواصلته من اجل استكمال كافة مراحله حتى قيام الدولة الارترية التي تبسط فيها العدل وتعلوا فيها كل القيم الإنسانية النبيلة وتصان فيها الحقوق ونجعل من الارتري مرة أخرى صانعة مفخرة التحول نحو الديمقراطية وقيام دولة المؤسسات التي تحقق للارتري كرامته وحريته وعزته .
ولقد أصبح وبما لا يدع مجالا للشك إن النظام القائم اليوم في الوطن هو حجرة عثرة أمام تحقيق رغبة شعبنا في بناء مستقبل أجياله والوفاء بعهود الشهداء ، فهذا النظام الذي استحوذ على كل شيء في الوطن ولم يألوا جهدا في وضع كل العراقيل التي تمنع شعبنا من الوفاء بحق الوطن في بنائه من كافة جوانبه ، بل سعى بكل جهد القيام بكل عبث الذي جعل من المواطن الارتري يعيش حالة الاستياء واليأس والاستشعار بحالة العجز عن فعل شيء ، ولشدة ما يمارسه النظام من بطش وتنكيل بالمواطنين صار هذا المواطن غارقا في حالة من الدهشة والاستغراب التي تغيب وعيه وحسه الوطني ، كيف لهذا الوطن أن تحول إلى مقبرة للقدرة الارترية التي صنعت الإعجاز بالمنطقة كيف لهذا الوطن أن تحول إلى أن يكون اسما مقترنا باللجوء والفقر والمرض والرعب والخوف ، كيف له أن يكون كذلك وهو الوطن الذي صنعه المناضل الارتري الغيور الذي تنفس الحرية وعشقها ورفع رأسه بالعزة متنصلا من حياة الذلة والاضطهاد رغبة في إيجاد وطن يعشقها البشر كلهم ناهيك عن الارتري الذي كان من المؤمل أن يكون حاضره نموذج للديمقراطية والحرية والرفاهية بالمنطقة برمتها لأنها دولة قامت على ثمن غال .
إننا اليوم وإذ نحتفل باستقلالنا فانه قد أن الأوان أن نجعل منها محطة للانطلاق بروح وثابة وباردة قوية للنفض عنا الاستشعار بالإحباط أو باستحالة التغيير أو الاستسلام للواقع ، فليس شعبنا هو من يستسلم أو يستكين فشعبنا صاحب تاريخ ناصع في النضال هو الأقدر من بقية الشعوب بان يفيق ويتخلى عن كل القيود من الاعتبارات التي تقوم على المصلحة الفردية أو النظرة الضيقة ، فلننطلق ونحن ننشد الخير للجميع وارتريا لكل الارتريين وكلنا سواء داخل الوطن وخارجه نتحمل مسئولياتنا بصفتنا الارترية من اجل هذا الوطن نحميه جميعا وننعم بداخله بكل خيراته جميعا ، فلن يكون بيننا مهمشا أو من يعيش مكرها أو من يحس بالظلم فالعدل ميزان يبسط للجميع والمساواة تكون راسخة في وعينا قبل أن تكون في الواقع ، ولنمضي في طريق الخلاص مجتمعين في رؤانا بان هذه الدولة هي أمانة لدى كل الارتريين وكلنا ننتمي وننتسب إليها على حد سواء ومسئولياتنا تكون بذات المقدار وارتريا بخيراتها هي مؤهلة بان تحقق كل أحلامنا في الحياة المعاصرة .
ونحن وإذ نحتفل باستقلالنا الوطني اليوم نجد أن الكثير من التحولات بالمنطقة تجري بشكل متسارع ، ونرى كيف أن الشعوب تناطح من اجل فرض إرادتها وكيف أن التطور الذي يجتاح العالم برمته ينعكس على بعض الدول مما يجعلها تعزز من مطالبها في الحياة الأفضل ، ونحن حري بنا وكغيرنا من الشعوب أن نعزز من رغبتنا في العيش في وطننا وطن العز يحضن أبناؤه ويتيح الفرص المتساوية لكل بنيه لكي يتقدموا في بسط مقدرتهم خدمة للوطن وللشعب أن يتملك كامل سلطته لكي يمنحها بالتفويض لمن يراه أهلا للقيادة ، فنحن بحاجة إلى قائد يستشعر الأم شعبه وأحلامهم ويعيش همومهم ويسعى لكي يحقق لهم المزيد من الخير ويستشعر بأنه خادمهم وليس سيدهم يجعل من خيارهم هو الخيار الأوحد ويكون القانون فوق الجميع والمسلك الديمقراطي نعيشه في وطننا كتجربة حتى تنضج من خلال الممارسة الصحيحة المنضبطة ، والسؤال من الذي يمنحنا هذا ؟ والإجابة عليه هي بديهية فنحن استطعنا بالنضال من انتزاع استقلالنا واليوم أيضا لا يختلف فانه النضال والكفاح وان يخرج الشعب بكلياته وبكافة مكوناته وتشكيلاته معلنا من مطلبه في أن يتاح له المجال في بناء وطنه وان يعمل من الخلاص من النظام القائم وكل من يحمل فكر الإقصاء ونزعة الطائفية والتطرف وكراهية الآخر.
وإننا في حزب النهضة الارتري وبهذه المناسبة العزيزة على كل ارتري ندعوا كافة الارتريين بالداخل والخارج بان نتحمل المسئولية التاريخية ونخرج جميعا من ضيق الأفق بأن نستدعي التاريخ في صوره الجميلة التي تساعدنا وتعيننا للخروج مما نحن عليه اليوم من التمزق والشتات والتمايز ، علينا جميعا التفكير في المستقبل الجميل الذي نستحقه وهو ممكن التحقق على أيدينا ونحن قادرون على صنعه فقط لنتحرك ونحن وجهتنا الوطن وأمام أعيننا المعاناة اليومية التي نصطلي بنارها والحالة هذه لا ننتظر من هيئات دولية أو منظمات إقليمية أن تعطينا ما نشاء فكل الفاعلين في الحراك الدولي المحموم يسعون لتحقيق مصالحهم على حساب استقرارنا وطمعا في خيراتنا ، ولنثق بأنه متى ما تحركنا جميعا فان العالم لن يجد مصلحته إلا في التصالح معنا فالشعوب هي الفاعل الحقيقي وفي غيابها التام يفعل المجرمون ما يشاءون .
حزب النهضة الارتري يسعى بكل ما أوتي من قوة للعمل من اجل تحقيق غاية الشعب الارتري في الاستقرار والسلام وفضاء الحرية والذي أصبح مطلبا ملحا ويمد يديه إلى كل من يعمل بتجرد وإخلاص من اجل هذا الوطن للعمل معا وبناء منظومة عمل مشتركة على أساس سليم تكون قادرة على تحقيق الهدف في اقصر وقت ممكن ، وهو ليس بمستحيل أن تمكنا من بناء عمل مؤسسي قادر على الاستمرار في العطاء وبتعاقب عليه الأفراد وهذه دعوة صادقة نقدمها إلى كل الارتريين بالداخل والخارج للخروج من حالة الجمود والتخاذل إلى حراك من شانه أن يزلزل الأرض تحت أقدام النظام الذي رأيناه كيف بدا في تحرك بسيط قاده المواطنون في حي اخريا في العاصمة أسمرة .
حزب النهضة الارتري
مكتب الإعلام – 25/5/2018م
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=43137
أحدث النعليقات