قراءة التاريخ: بين محاكمة المهزومين ورفض المنتصرين!؟
عمر جابر عمر
ليس من عادتى أن أرد على أو أنا قش تعليقا ت القراء على ما أكتب..وذلك لأننى من جهة أؤمن بأ ن ذلك حقهم وأنهم يعبرون عن رأيهم … أتفقت معه أم لم أتفق.ثم أن معظم تلك التعليقا ت يتم توقيعها بأسماء مستعارة .. وأنا لا أستطيع أن أتحاور مع أشباح! لكن هذه المرة سأ حاور أحد الأخوة لأنه كتب مقالة كاملة يناقش فيها ما كتبت مؤخرا بعنوان (مقاربات تاريخية…) وبأسمه ثم طلب منى أن أواصل البحث والكتابة فى مواضبع حددها. ذلك هو السيد/ محمد عبد السلام. بداية أود أن أشكر الأخ محمد عبد السلام على كلماته الرقيقة ودعواته لى بالصحة وأقول له أننى أيضا أرسل تمنياتى له ولكل المناضلين ضد الدكتاتورية بالصحة والتوفيق فى رسالتهم النبيلة. وأنا متابع لما يكتبه الأخ محمد عبد السلام ووجدت فيه أنسانا يبحث عن الحقيقة – وأنا من هؤلاء- والبحث الجماعى هو الذى يوصلنا أويجعلنا نقترب من ملامح ومواصفات (الحقيقة). سأتناول النقاط التى أثارها نقطة بعد أخرى مع تأكيدى بأننى لا أرمى الى محاولة أقناعه بصحة قرائتى ولا أعتقد بأنه ينتظر منى أن أغير من قناعاتى التى بنيتها عبر سنوات طويلة ومشاهدات ومعايشة للوقائع … لكن هدف الحوار هو تثبيت الوقائع كما حدثت ثم قد نختلف أو نتفق فى القراءة.
1- مسألة القيادة … يقول الكاتب (…القيادة التاريخية المخلصة للجبهة حوصرت وضيق عليها بعد المؤتمر الوطنى الثانى …) – هنا تبرز مباشرة أسئلة من حقنا أن نبحث عن أجوبة لها: من هى تلك القيادة التاريخية؟ لماذا لم تذكر الأسماء؟
القيادة التى جاءت بعد المؤتمر الثانى كانت منتخبة ديمقراطيا. قيادات الجبهة تاريخيا – السياسية – كانت المجلس الأعلى ثم القيادة العامة ثم المجلس الثورى ثم بعد المؤتمر الثانى اللجنة التنفيذية (والمجلس الثورى أصبح هيئة تشريعية) – من من هؤلاء تعتبرهم قيادة تاريخية مخلصة؟ فى قناعتى كلهم كانوا قيادات تاريخية فى مراحلهم المختلفة وكلهم كانوا وطنيون مخلصون. صحيح أن قدراتهم تتفاوت وتجاربهم لا تتساوى لكنهم ناضلوا بحثا عن الحرية. والصحيح أيضا أن القيادة – أى قيادة – تتحمل مسئولية الأخطاء التى يقع فيها التنظيم كل فى مرحلته وأسبا به.
2- حزب العمل – يقول الكاتب (… حزب العمل يتحمل مسئولية كل ذلك …أى دخول الجبهة الى السودان …)!؟ وهذه مقولة تكررت كثيرا فى مرحلة المقاومة الأرترية ضد الدكتاتورية – وهى مقولة تستحق بأمتياز أن نسميها (شماعة) أو (فميص عثمان) وكل ذلك هروبا من وضع اليد على الجرح وتشخيص الأسباب الحقيقية. بداية أؤكد كما قلت قبل قليل أن القيادة (أى قيادة) تتحمل مسئولية فشل التنظيم … وعليه فأن مسئولية قيادة الجبهة (حزب العمل) تتحمل المسئولية وهذا ما أعلنته هى فى بيانها بعد الدخول الى السودان! لكن الغريب أن من يكرر تلك المقولة يرمى الى محاكمة أفراد بعينهم – ومعظم الذين يقولون ذلك لو سألتهم عن التفاصيل لقالوا لك: أبراهيم توتيل وأبراهيم محمد على!؟ السؤال أين بقية أعضاء حزب العمل؟ منذ فترة تحدثت فى غرفة البالتوك عن هذا الموضوع وذكرت أسماء أعضاء القيادة الذين كانوا فى قيادة حزب العمل – أحد الحضور وهو مناضل قديم فوجىء ببعض الأسماء وقال أنه لأول مرة يسمع ذلك ؟ الغريب لا أحد من (الأبراهيمين) كان أمينا عاما للحزب؟ ولم يكن أحد من أعضاء اللجنة التنفيذية بعيدا عن قيادة حزب العمل – المكتب السياسى – (ناهيك عن عضويته) غير أثنين: حامد آدم سليمان وملاكى تخلى – لكنهما كانا عضوين فى القيادة المركزية!
أما عن دور حزب العمل وقدراته وتركيبته فأننى أكتفى بما أورده الكاتب عن ذلك الحزب حيث قال: (أذا كان حزب العمل فى ظاهره حزب ماركسى فأنه فى جوهره أبعد ما يكون عن حزب يتمتع بوحدة فكرية وتنظيمية. كان عبارة عن متناقضات مجموعة أجنحة يحفر كل منها للآخر… حزب يضمر أعضاء قيادته الكراهية والبغضاء لبعضهم البعض … وكان يضم فى صفوفه عملاء للجبهة الشعبية)!؟ أستحلفك بالله كيف تحمل هكذا حزب مسئولية تاريخية؟ هذا حزب يدعو للرثاء لكنه كان جزءا من النسيج الأجتما عى الأرترى ومن منظومة جبهة التحرير الأرترية؟ هناك أسباب رئيسية وأخرى مسا عدة لدخول الجبهة الى السودان … وقد كتبت حول ذلك نفصيلا … ويمكنك أن تراجع المواقع الأسفيرية … وأهم تلك الأسباب الرئيسية
@ صراع السلطة … بعد عام 1979 أصبح ميزان القوى العسكرية داخل الجبهة يميل الى أبناء المرتفعات الأرترية – معظمهم من سراى – لذا قرروا الدخول الى السودان وعقد مؤتمر عسكرى وأسقاط القيادة وأنتخاب قيادة جديدة! هذا ما سمعته منهم فى الأ جتماع فى (كركون وتهداى) – وكان هذا بالفعل مخططهم – المفوضون السياسيون وقا دة السرايا والفصائل وبعض أعضاء التنفيذية (تسفاماريام)- لم يكونوا عملاء للشعبية بل العكس كانوا فى حالة منافسة – كانوا يؤمنون بأن الشعبية مملكة لأبناء حماسين وعليهم أن يقيموا مملكة سراى؟
@ كان يمكن لذلك المخطط أن ينجح .. لكن التدخل الخارجى (السودانى) أفشل كل شىء .. تجريد المقاتلين من السلاح. وأصبحت الجبهة فريسة لمخططات أقليمية ودولية.
@ الضعف العسكرى للجبهة فى مواجهة تحالف الشعبية وتقراى – لم تك الموازين متسا وية أو حتى متقاربة …
@ ثم يأ تى دور القيادة فى قدرتها على القراءة الصحيحة وتوفيرها لمتطلبات حماية التنظيم سياسيا وعسكريا (غياب الحليف الأقليمى) — وضعف الوحدة الوطنية – وهى عملية بدأت ملامحها منذ عهد المجلس الأعلى (تصفية حركة التحرير) ثم القيادة العامة (الحرب الأهلية) …
أنتهى حزب العمل بعد دخول الجبهة الى السودان … السؤال من يتحمل مسئولية فشل المعارضة الأرترية بعد التحرير(عشرون عاما)؟ هناك أسباب كثيرة … هذا صحيح ومن ضمنها غياب القراءة الصحيحة لتاريخنا وعدم الأستفادة من دروسه وتكرار نفس أسباب الفشل …!؟ فى النهاية طلب منى الأخ محمد عبد السلام أن أكتب عن حزب العمل وعن التعايش – وأقول أننى كتبت بالفعل عن تلك المواضيع با لتفصيل منذ سبعة أعوام ويمكنك أن تجدها فى مواقع مثل النهضة ….مع تحياتى وتمنياتى .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=32425
أحدث النعليقات