قراءة تحليلية لفهم الأيدولوجية السياسية للنظام ( 1 )
بقلم/ محمد عمر مسلم
حقيقة / الدائرة الصلبة للنظام طائفية وقد ثبت علم ذلك بالأدلة الموثقة لدى الرأي العام علما أن الطغمة الحاكمة أقلية إذا ما قورنت بتعداد العرقية التي تنتمي إليها لكنها أكثرية مطلقة في الحكم ( أكثر من 95 % ) إذا ما قورنت مع الشريك المسلم المهمش ( أقل من % 5 ) إن جرائم النظام لا نحملها إلا النظام وكل من تبنى مشروعه الطائفي أيا كانت خلفيته العرقية والثقافية، النظام عندنا طائفي من واقع سياساته وممارساته في ادارة شؤون البلاد، لكن لا نسقط صفة الطائفية على عموم خلفيته العرقية النظام عندنا لا يمثل عموم مسيحي إرتريا، وإن كان من تمثيل فهو للقلة الإقصائية المتعصبة وهي في حصار مستمر بسبب الوعي المتنامي لد الشعب نقول هذا الكلا م قناعة لا مزايدة ولا تزلفا ونقوله أيضا من منطق حق وعدل وإنصاف لعموم شكركائنا المسيحيين لأننا نحسب أن الغالبية ضد المشروع الإقصائي، وقد دفع الشرفاء منهم ثمن هذا الموقف الوطني، يوجد حول الدائرة الصلبة للنظام أعوان وخدم ينتمون للطوائف المهمشة نعتبرهم شركاء للنظام في جرائمه كل بحسب موقعه ومسؤوليته في النظام.
النظام السياسي لأي مجتمع هو انعكاس لبنيته الاجتماعية والثقافية ونجاحه يقاس بمدى استيعابه وعكسه لآمال وطموحات مكونات المجتمع المختلفة ( فلا إقصاء ولا استئثار، بل عدل ومساواة ) إختلاف الأنظمة السياسية أمر طبيعي لأن لكل مجتمع خصوصياته التكوينية، التي تحدد معالم ومقاسات نظامه السياسي،، عليه من الخطأ الفادح إسقاط نظام سياسي بعينه على واقع مختلف في مكوناته وقوالبه الاجتماعية والثقافية، هذا لا يمنع الاستفادة من تجارب الآخرين دون أن يكون ذلك على حساب ثوابت وموروث المجتمع يحدث الخلل عندما يفرض النظام أيدلوجية سياسية تصادم في جوهرها وتطبيقاتها واقع المجتمع في خصوصياته وقوالبه الثقافية والدينية والاجتماعية. هناك العديد من الأنظمة السياسية الأكثر تأثيرا في العالم كالنظام الماركسي البائد والنظام الرأسيمالي المترنح
النظام الماركسي قام على أيدلوجية ظن واضعوها أنها الوصفة السحرية لحل مشكلات الشعب بل ومشكلات شعوب العالم، لكنها ( الأيدلوجية الماركسية ) لم تحسن إدارة التنوع والاختلاف في المجتمعات فلم تترك مساحة من الحرية لإشباع النوازع الفطرية في الإنسان كحب التملك وحرية التدين والعبادة وحرية الإرادة والاختيار بين الأشياء، فالنظام الماركسي هو المالك لكل شيء في الدولة بما فيها الإنسان وهو صاحب الإرادة والاختيار، فلا ملكية فوق ملكيته ولا إرادة فوق إرادته ولا اختيار فوق اختياره، فكان الزوال مصيره بعد سبعين عاما من القمع والإذلال والكبت لمن كان تحت حكمه بعدما وهن عزمه وارتخت قبضته الحديدية.
النظام الرأسمالي حقق قدرا كبيرا من العدل كان سببا في الاستقرار والسلم الاجتماعي والنهضة العلمية والحضارية التي شهدها الغرب، أما في مرحلة ما بعد زوال النظام الماركسي، بدأ ينقلب على شعارات العدالة والحريات والمساواة وحقوق الإنسان وأصبح نظام تقوده الأطماع والرغبات الجامحة، فصار ينتهك الحريات وحقوق الإنسان ويشعل الحروب هنا وهناك تحت دعاوى محاربة الإرهاب وقد صاحب ذلك تنامي العنصرية والتضييق على الحريات الشخصية في المجتمعات الغربية والكيل بمكيالين عند التعاطي مع قضايا الشعوب والغطرسة والكبر وبطر الحق كل ذلك من مقدمات إنهيار الدول، فالدول تدوم وتستقر مع العدل وتزول بفقدانه.
النظام السياسي الإرتري ،،، ولد عنصريا في تركيبته ( أكثر من 95 % من مكون واحد ) إقصائيا لأنه أقصى أكثر من نصف المجتمع ( معدل متوسط تمثيل المسلمين في الإدارات العليا والاقليمة للبلاد أقل من 6 % ) طائفيا لأنه حرم بقية الطوائف من حقوقها السياسية والمدنية المشروعة، استعلائيا لأنه لم يعترف بوجود معارضه فضلا عن تأبيه للجلوس والحوار معهم، هذا النظام العجيب والغريب في آن واحد، لا يرى حق الشراكة والمواطنة العادلة لشركائه، من تلك الخلفية العنصرية ولد النظام السياسي الذي استوعب طائفة بعينها لغة وثقافة وسلطة وأقصى بقية الطوائف، وحاربها في ثقافتها ودينها وأرضها بل وطمس هويتها وجوهر تميزها من خلال فرض مشروع التجرنة على البلاد، هناك عوامل ساعدت في ولادة المشروع الطائفي نذكر منها :
وجود البيئة الحاضنة للأفكار العنصرية: المجتمعات لا تخلوا من ذوي النزعات العنصرية والطائفية والاستعلائية، حتى الغربية منها لم تخلوا من تلك الأمراض، ولكن ما حد من خطورتها على السلم الاجتماعي وعي الشعوب وديمقراطية الأنظمة الحاكمة التي حررت الشعوب لتتفاعل في دائرة المواطنة العادلة التي لبت حاجيات الشعوب، بالمقابل المجتمعات في الدول النامية تمثل أرضا خصبة لتنامي السلوك العنصري والاقصائي والطائفي والسبب الأول في ذلك :تدني مستوى الوعي لد الشعوب النامية، والسبب الثاني فشل أنظمة الحكم في الدول النامية في إدارة التنوع والاختلاف، والسبب الثالث تركة السياسات الاستعمارية في تلك المجتمعات ( سياسة فرق تسد ) والمتأمل فيما جرى ويجري من صراعات في القارة السمراء يجدها لا تخرج عن تلك الأسباب مجتمعة أو متفرقة، المجتمع الإرتري لم يشهد ثقافة مدنية حقيقية تتبلور فيها مفاهيم الشراكة والمواطنة والسلم الاجتماعي والمصالح والمصير المشترك، وقيم العدل والمساواة والحقوق والحريات، بل كان السائد في مجتمعنا هي العادات والأعراف والتفاليد ما وفر بيئة مناسبة لتنامي ثقافة العنصرية والاستعلاء والإقليمية التي كانت وراء أحداث وممارسات كانت مهددة في أكثر من موقف وجود الكيان الإرتري أرضا وشعبا .
وجود أصل وإمتداد للنظام العنصري في المجتمع النظام لم يأتي من كوكب خارجي بل هو ابن شرعي له جذور وأصول في المجتمع الإرتري، فالنظام امتداد ووريث شرعي لأصحاب الفكر العنصري الاستعلائي الذين كانوا خلف رفض الاستقلال، وتكوين عصابات النهب والقتل والإرهاب واغتيال القيادات الوطنية التي طالبت بالحرية والاستقلال، وتكوين فرق الموت للقضاء على ثورة الشعب.
سياسات الإستعمار التخريبية كرس الاستعمار الفقر والجهل والمرض في المجتمع فقل نصيبه من الوعي المعرفي والثقافي وقد مارس الإستعمار سياسة التميز والاستقطاب مستفيدا من تناقضات الثنائية في المجتمع وقد استجاب لهذا التخريب أصحاب النزعات العنصرية الذين تلاقت مصالحهم مع مصالح المستعمر في ضرب مصالح الشعب، فكانوا وراء حرمانه من الاستقلال بل وهددو وحدته في أكثر من موقف.
خلل في توازن وتكافؤ العلاقة بين الشريكين أغرى حال الشريك المسلم النظام للانقلاب على استحقاق الشراكة والمواطنة العادلة، وعمل على إطالة أمد الشتات والتشرذم الذي لازم الشريك المسلم عبر سياسات فرق تسد كانت أدواتها مشروعي اللهجات والقوميات، هذا الحال أخل بمنظومة التوازن والتكافؤ لصالح الاقصائيين في إدارة البلاد، وبالإمكان إصلاح هذا الخلل باءزالة أسبابه والأخذ بأسباب القوة لإنتزاع الحقوق المشروعة من النظام، المسلمون معنيون بذلك أكثر من غيرهم لأنهم الأكثر معانات من المشروع الاقصائي، علما أن المشروع الطائفي لا يميز بين مسلمي إرتريا فكلهم في ميزانه سواسية كأسنان المشط، لذا لم نجد للمسلم أيا كان موقعه الجغرافي تمثيلا حقيقيا في سلطة النظام، إلا من كان من شاكلة النطيحة والمتردية الذين نذروا أنفسهم في خدمة المشروع الطائفي، ما تشهده الساحة المسلمة من تشرزم مناطقي وقبلي هو خصم من قوتها ودعم لقوة النظام، مطلوب من المثقفين والساسة مد جسور التواصل مع النخب المسيحية المعروفة بمواقفها الوطنية عبر مسيرتها النضالية لبناء الثقة عبر حوارات شفافة وبناءة تؤسس لشراكة حقيقية تساعد في إزالة النظام الدكتاتوري ،،، وبعد الفاصل نواصل ،،، في قابلات الأيام ،،،،
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=24522
أحدث النعليقات