قراءة حول آليات التحول الديمقراطي – الجزء الثالث

تقديم : عمر محمد صالح

حقا…….. يجب من خلال هذا الملتقى السعي لتركيز الوعي وتكثيف الحضور بهدف الإمساك بخيوط الوحدة والبدء في عملية تشريح واعية للمراحل السابقة وإجراء جراحات ماهرة لإستئصال الأورام الخبيئة والأمراض المعيقة للتطور والسير في إتجاه تفعيل أهداف ملتقى الحوار الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي المقسمة الى محاور هامة سترسي بإذن الله القواعد الأخلاقية لإرادة التغيير ومن ثم القواعد الأخلاقية للآليات التنظيم (السياسي والإجتماعي والثقافي والإقتصادي والقانوني) .

إن الإلتقاء حول فكرة إستراتيجية عظيمة كوضع منظور أخلاقي موحد لآليات تنظيم الحراك الوطني للأمة الإرترية يمثل في إعتقادنا أعلى المهام التأريخية المنوطة بعضوية الملتقى .. وذلك لتجاوز أهم عقبة تأريخية تواجه النضال الإرتري وهي مرحلة الهشاشة والتفكك في البناء التنظيمي (السياسي والإجتماعي والثقافي والقانوني) على حدٍ سواء .. ومن ثم نرى أن نجاح الملتقى في إرساء هذه القواعد الأخلاقية الموحدة لحراك المجتمع الإرتري من خلال توحيده المستويين الأخلاقيين الرئيسيين (القيم الإسلامية والمسيحية) ليلتقيان في المصب الرئيسي المتمثل في الوحدة الوطنية … إنجازاً تأريخياً لم تسجله المجتمعات المتحضرة نفسها .. الأمر الذي يدعو الى ضرورة التأمل في هذا الحدث التأريخي إن تحقق على أرضنا وبإسم مجتمعنا .. تخيلوا معي حجم هذا الإنجاز وأهميته في رفع المعنويات وتجييش الطاقات إستجابةً لدواعي هذه الوحدة التأريخية لكل مكونات الشعب الإرتري وكنموزج يحتزى به .. ولعل ذلك يشبه أكثرما يشبهً الواقع النضالي لمرحلة تفجر الثورة الإرترية حيث معدل الإرتفاع لنسبة التأييد والمؤازرة يسير بوتيرة متدرجة تتناسب طردياً مع وقع التأثير

والإستقطاب الحركي للثوار المناهضين لإرادة المستعمر الأجنبي .. ألا يشبه حال الثورة واقع حالنا اليوم في ظل ديكتاتورية الهقدف ..

2 / وحدة المنظور الأخلاقي :ـ

هو عبارة عن محاولة لملئ الفراغ التنظيمي الذي يعاني منه الكيان الإنساني برمته من خلال تجميع كل الزوايا النقدية المتفرقة المرصودة لتقييم الجانب الأخلاقي في المجتمع الإرتري .. وتبني مبدأ تنظيمي جديد يؤمن بأن وحدة القيم الوطنية هو الأساس المتين لوحدة الحراك الوطني .. ولا يمكننا إرساء آليات تنظيمية فاعلة تراعي هذا المبدأ إلا بإتخاذنا القيم الدينية المرجع الأساس لكل القيم الأخلاقية .. وذلك حسب ما تقدم من ذكر لأهمية هذه القيم التي تملك سلطة التوجيه والتحكم في مسار هذه الوحدة حتى إيصالها الى مستوى توحيد الوجهة العامة للسلوك الوطني الإرتري.. وحماية المظهر العام من التأثر بالقيم المادية (المنحلة) المتناقضة مع الوجهة الأخلاقية للمجتمع حسب ما سيتم الإتفاق عليه من خلال وحدة المنظور الأخلاقي ..

ولعل البعض وللوهلة الأولى لن يدرك الهدف الإستراتيجي لهذه الخطوة مالم يدرك قيمة البعد الأخلاقي وأهميته في عملية الوحدة الوطنية .. خاصة عندما نرى الصعوبة التي يواجهها البعض في رؤية النفق المظلم الذي تعيشه المجتمعات الغربية والمجتمعات المقلدة لنظامها الأخلاقي المحدد لآليات تنظيمها (السياسي والإجتماعي والثقافي والقانوني) بصورة عمياء لغياب الإضاءة العلمية الكافية لتحديد منحنيات هذا المسار والصعوبات التي دفعت بالبعض للسقوط والإنتحار لفقدانه زاد الفهم والرؤية

والإستجابة الروحية لمضمون وفحوى الحراك الإجتماعي بعد تفريغ القيم الدينية من دورها التوجيهي…

ومن هنا أتى إصطلاح النفق عليها لغياب القواعد الأخلاقية المنبثقة عن القيم الدينية و حلول القيم المادية المتحللة من القيم الدينية محلها إستجابةً لموجهات المبدأ العلماني الذي لم يتم مراجعته وتقييمه منذ عصر النهضة الأوروبية … خاصة وأن ماتم إقراره في تلك المرحلة الحرجة بناءاً على وضع نفسي غير مستقر كان يعاني من إضطهاد الكنيسة وتجاوزها للدور الأخلاقي المرتبط بتوجيه المجتمع  الى دور سياسي مستبد وموالي للحكم الديكتاتوري القائم آنذاك

بل وأصبحت الكنيسة مناهضة للتحولات العلمية المبنية على نظريات عقلية ودعومة بالتجربة والبرهان.. الأمر الذي دفع الشريحة المتعلمة الى تجاوز خطوط الخلاف الموضوعي الى بلوغ مرحلة من العداء والكره الغير محكوم بمنطق أو برهان ..

ومن ثم عندما ثارت هذه الشريحة وإستلمت الحكم كان أول خطوة تنجزها هو إقصاء الدين عن الحياة العامة للمجتمع الأوروبي .. إي عزل القيم الدينية التي لم تمارس اي دور في الظلم والإضطهاد الكنسي الواقع في تلك المرحلة بل كان القساوسة هم من يحرف هذه القيم لتتناسب وتطلعاتهم السلطوية .. ومن هنا ندعو النخبة المثقفة الإرترية لدينا أن يعيدوا مراجعة الأحكام التي صدرت بحق الدين السماوي من قبل المجتمع الغربي حتى لا تأتي نظرياتهم السياسية مبنية على هذا التوجه القديم الذي أخطأ طريق الإستقامة العلمية النزيهة أثناء إصداره الأحكام جزافاً الأمر الذي انتج آليات تنظيمية عاجزة وبعيدة عن مركز التأثير والتوجيه الأصيل في الأمة الإنسانية أي مركز القيم الدينية الحاملة لشجرة البناء الأخلاقي لكل المجتمعات الإنسانية .. إن نجاح الملتقى في إجتياز هذا النفق هو أولى علامات النجاة من واقع الأزمة الراهنة

الممتدة جزورها من منابت القيم الغربية والتي ساهمت بقدر معلوم في تفكيك قيم البناء التنظيمي لكيان الثورة الإرترية وتفريغ محتواها من المبدأ الأخلاقي ….

الأمر الذي أثمر واقعاً مأساوياً كان أبرز مشاهده هو فرار الألوف من أبناء شعبنا خارج الوطن وإختفاء ذات النسبة داخل المعتقلات والسجون المنتشرة في زاوية وركن من أركان إرتريا وذلك كنتيجة عملية للممارسة القمعية لنظام إسياس الديكتاتوري وغياب البناء الديمقراطي وإختفاء مفهوم الوحدة الوطنية كمفهوم عملي  له آليات تنظيمية قائمة ومعترف بها من قبل المجتمع الإرتري .

محددات المنظور الأخلاقي :ـ………. يتبع (4)

______________________

الأخ عمر محمد صالح كاتب ومشرف على موقع التحول الديمقراطي يمكنالاتصال به بالنقر على رابط موقع التحول الديمقراطي  من على الصفحة الرئيسية


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=3049

نشرت بواسطة في أبريل 15 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010