قراءة فى دفتر الوطن
عمر جابر عمر
ملبورن- استراليا
دفتر الوطن ملىء بالصفحات المضيئة والمواقف المجيدة التى تحكى عن شعب رفض الظلم والاحتلال وضحى بكل ما يملك حتى حقق حريته وصنع استقلاله.
صحيح ان العنوان والغلاف للدولة الارترية يحدث اليوم عن دكتاتورية بغيضة ويحاول طمس معالم الصفحات البيضاء ويقدم الوطن فى صورة بشعة سوداء لا تمثل الا حفنة انحرفت بالمسيرة وانعزلت عن الجماعة وعزلت البلاد عن محيطها.
وخلال المواجهة المستمرة مع الدكتاتورية فان الجهد يتواصل والعمل من اجل تغيير العنوان يتصاعد ومن حين لاخر نشاهد ونقرأ عن مواقف تعكس ابداعا وتعبر عن صمود واصرار على تغيير ملامح الصورة السوداء حتى يبقى دفتر الوطن نظيفا وعصيا على محاولات التزييف والتطفل من قبل من لفظهم التاريخ.
فى الفترة الماضيه قرات بعض الكتابات وتابعت بعض المواقف التى تعبر عن ذلك التوجه وتضيف الى دفتر الوطن سطورا وصفحات تحدث عن جيل صمم على ان يظل ذلك السجل نظيفا من كل الشوائب والعمل على حمايته من كل متسلل وحاقد وفى ما يلى بعض تلك الكتابات والمواقف .
1/ تلقيت من مركز (سويرا ) لحقوق الانسان تقريرا عن حالة حقوق الانسان فى ارتريا والصادر عام 2005 .
هذا التقرير هو الاول الذى يصدر عن المركز منذ تاسيسه فى 2004 وهو ايضا الاول من نوعه الذى يصدر عن حقوق الانسان فى ارتريا.
والهدف من هذا التقرير كما قال رئيس المركز الاستاذ ( يس محمد عبد الله) فى مقدمته :
• تعرية وفضح ممارسات النظام الارترى وانتهاكاته لحقوق الانسان.
• استنهاض طاقات الارتريين المستنيرين ودفعهم للانخراط فى عملية الدفاع عن حقوق الانسان
• ابتكار اساليب ووسائل فعالة من اجل ايقاف تلك الممارسات
• لفت انتباه المجتمع الدولى ومنظمات حقوق الانسان الاقليمية والدولية الى خطورة ما يجرى فى ارتريا.
انطلاقا من تلك الاسس بدأ المركز رحلة البحث الشاقة والطويلة سعيا وراء جمع الحقائق والمعلومات وتوثيق الاحداث والوقائع , كل ذلك تم تقديمه باسلوب علمى وتناول موضوعى بعيدا عن الخطا بة السياسية والحماس العاطفى لذا فان التقرير قد جاء وثيقة دامغه ضد النظام الدكتاتورى وشكل مرجعا لكل من يبحث عن الحقائق.
انه تقرير يحمل رسالة الى الضمير العالمى حتى يستيقظ والى المراقبين والمتخصصين يحملهم مسولية المتابعة واتخاذ خطوات عملية للدفاع عن ضحايا النظام الدكتاتورى.
التقرير يمثل مبادره حقيقية لبدء العمل المؤسسى فى ارتريا ليس فى مجال حقوق الانسان فحسب بل وفى كل مناحى الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية.
انه نموزج لبناء منظمات المجتمع المدنى فى ارتريا المستقبل وابراز دورها فى حماية التجربة الديمقراطيه ومجتمع التعدديه السياسية والثقافية.
التحية للقائمين على مركز (سويرا) والى المزيد من الجهد والابداع والنجاح.
2/ بعث الى مكتب الاعلام والثقافة التابع لجبهة التحرير الارترية نسخة من مجلة ( سبتمبر61 ) والتى حملت تغطية كاملة لاحداث ووقائع الموتمر السابع للتنظيم. محتويات العدد لم تكن خطابات سياسية ومقالات تحليلية وشعارات تقليدية كما تعودنا فى اعلام منظمات المعارضة- كانت مزيجا من ذلك ولكن فى قالب جديد متطور. انه اسلوب جديد يواكب التطور الاعلامى المعاصر .
والاهم من ذلك كان دور (الصورة ) تم استخدامها بطريقة لا تحتاج الى تعليق او شرح هذا الاسلوب يعبر من جهة عن احترام وتقدير للقارىء وقدرته على استخلاص النتائج وتلقى الرسالة دون ضغط او الحاح- ومن جهة ثانية فهو يبشر بمرحلة يكون فيها الاعلام فعلا وتفاعل – بين المرسل والمتلقى – اى انه يسير فى اتجاهين وليس اتجاه واحد.
الشكر والتقدير لهيئة التحرير والى مزيد من الابداع والنجاح.
3/ ومع كثرة المواقع الالكترونية الارترية قديمها وحديثها كنت اعتقد بان اى موقع جديد قد لا يمثل اضافة حقيقية خاصة اذا سار على نفس النهج وتناول ذات المواضيع.
ومع هذا التحفظ فى ذهنى سمعت عن موقع ( ايلول) الجديد وقلت : لنرى ماذا هناك !! وكانت مفاجأة! من العادة اننى اقرأ مواضيع مختارة عندما افتح اى موقع – ولكننى فى ايلول اكملت المواضيع كلها بدءا من المقدمة (الاهداف ) وانتهاءا بموسوعة تراثية مرورا بالحوارات وتسجيل الاحداث الثقافية.
موقع ثقافى هو اذن – وهنا تكمن اهميته وتميزه , انه يهدف الى الاحتفاظ بالتراث وبعثه ووضعه فى قوالب عصرية تعطيه بعدا ومعنى فى حياتنا اليومية .
انه يجمع وينشر الابداع الارترى المعاصر ويقدمه للعالم دليلا على قدرات ومواهب الارتريين فى تشكيل صورة مخالفة لتلك التى يقدمها النظام الدكتاتورى فى ارتريا.
الثقافة ليست شعرا وقصة ورواية فحسب-- ذلك كله نتاج لبيئة متكاملة وشاملة تعكس نمط الحياة لدى البشر وتعبر عن علاقاتهم الاجتماعية
وادراكهم للقيم العليا سعيا وراء تحقيق حياة فضلى ذلك هو معنى الثقافة
وذلك هو بعدها الانسانى الواسع .
والبيئة التى تتولد عنها كل ثقافة تتشكل من عنصرين :
• الطبيعة – الجبال – الانهار – المحيطات – الغابات – الصحارى وكل ما هو مخلوق .
• ما يضيفه الانسان من تفسير لما يرى وتعبير عما يريد وتشكيل لاحلام وطموحات تقود خطواته فى هذا العالم .
والدين باعتباره مكونا رئيسيا من مكونات الثقافة يلعب دورا حيويا فى الحياة اليومية للانسان .
وهكذا فان امام ( ايلول) مهمة شاقة وكبيرة- ولكنها فى نفس الوقت تمثل صفحة مشرقة تضاف الى دفتر الوطن.
التحية والتقدير للفتية الذين حملوا الرسالة ورفعوا الراية وتمنياتى لهم بالتوفيق والنجاح.
4/ اهدانى الاستاذ ( محمد عثمان على خير) نسخة من كتابه ( عروبة ارتريا – حقائق ووثائق) فى البدء اعبر عن تقديرى وشكرى للاهداء واقول : انه عمل تطلب جهدا متواصلا وبحثا دقيقا وتوثيقا منهجيا يحق لكاتبه ان يفخر بانجازه.
ومهما اختلفت معه او اتفقت فى بعض جوانب البحث فانك لا تملك الا ان تحترم وتقدر اجتهاده لان المواضيع التى تناولها الكاتب عديدة ومتشعبة وبعضها ضارب فى عمق التاريخ.
انها وثيقة بيد اجيالنا الحاضره والقادمة ومصباحا ينير فى ليل الوطن الحالك.
الشكر للاستاذ محمد عثمان على خير وتمنياتى له بالصحة والتوفيق.
واخيرا وليس آخرا – كنت اتابع ومنذ فترة حلقات متواصلة فى موقع عونا عن الشهداء والمناضلين الذين ساهموا فى تسجيل ملحمة الثورة المسلحة .
انه جهد يهدف الى توثيق تاريخنا المعاصر من خلال تناول شخصيات واسماء ساهمت فى صنع حركة الثورة دما وعرقا ومالا وجهدا وكلمة صادقة.
فى احدى جوانبه يعبر هذا الجهد عن وفاء وتقدير لمن قدم لشعبه ومن جانب اخر فهو رفض للتزييف الذى يمارسه النظام الدكتاتورى فى ارتريا بهدف حجب تلك الرموز واسقاط دورها الوطنى.
وهو اخيرا اعادة للامور الى مجراها الطبيعى والاحداث الى ترتيبها المنطقى.
انه جهد يحتاج الى شبكة واسعة من الناس لجمع المعلومات والاحداث التى كادت ان تختفى من ذاكرة الاجيال الحاضرة وهو كذلك جهد بحاجة الى (ذاكرة) قوية موجهة ومبرمجة للوصول الى تلك الحقائق.
ثم اخيرا انه جهد بحاجة الى اسلوب سلس يقدم الانسان كما هو بحياد المؤرخ ومشاعر المؤيد والملتزم بتكوين اللوحة العامة .
التحية للاستاذ ( جابر سعيد) على هذا الجهد وتمنياتنا له بالصحة والتوفيق.
خاتمة :
تلك كانت بعض الوقفات والقراءات فى دفتر الوطن – قال الزعيم الهندى ( غاندى ) ان فى العالم ما يكفى من المصادر والثروات لسد حاجات جميع البشر ولكن ليس فيه ما يكفى لجشع البعض !!
ونقول : ان دفتر الوطن يتسع للجميع وفيه من المساحة ما يكفى لكل مبدع وكل من يضىء شمعه لتبديد الظلام – ولكن ليس فيه مكان لمزورى التاريخ وتجار الحروب والانعزاليين .
كان الله فى عون الشعب الارترى
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6923
أحدث النعليقات