قراءة منهجية لبيان جبهة التحرير الإرترية
بقلم : أبو همد حريراي
اصدر بيان الجنة التنفيذية لجبهة التحرير الإرترية 5 / 10 / 2005م وفي مضمونه ملامح السياسة المرحلية للفترة القادمة للمستقبل الوطني على الصعيدين الداخلي والخارجي ولعلّ قراءته قراءة منهجية وموضوعية تعطي الموطن الإرتري الثقة في قياداته وتبعث فيه روح التفاعل مع الأحداث عقليا ومنطقيا ولا أريد أن أضيف العاطفية على العقلية والمنطقية في هذه القراءة لأنّ الجانب العاطفي كامن في روح الشعب الإرتري كله بحبه للجبهة منذ مطلع الفاتح من سبتمبر الأغر الذي غرس فينا حب الوطن، فكانت الجبهة أمام الحق صامدة وللظلم متصدية وبالعدو متربصة بكل ما ملك أبنائها من دمائهم وأموالهم،ولن تذهب دماء الشهداء سداً كما يعتقد السذج من قصار النظر وأصحاب المصالح الضيقة والنفوس المريضة لأننا قلنا منذ انطلاقة الثورة الوطن شراكة اجتماعية تعايشية في ظل حرية تكافئية تراعي كلّ المصالح الوطنية وتحفظ كل الحقوق المادية والروحية دون أي إفراط مخل أو تفريط مضر وهذا ما أثبتته الأيام بأنّ الحق لن يزول عنه غشاء الظلم إلاّ بنا في هذا الوطن وها نحن قد جمعنا كل القوى الوطنية الباحثة عن الحق الوطني في بوتقة الحوار والحوار الحقيقي والمنطقي وليس العاطفي فحسب وجبهة التحرير الإرترية كانت لها وقفات مع التاريخ الإرتري رسمت ملامح النضال وتقاطيع الوطن وستظل صامدة بفكرها المنهجي الذي يقرأ مستقبل الوطن وفق آليات ممكنة التفعيل على كل المستويات الجماهيرية . وبعد هذه المقدمة المختصرة نعود إلي قراءة البيان المشار إلى تاريخه وهو أول بيان يصدر من القيادة بعد عقدها للمؤتمر التاريخي الذي عقد في منعطف تاريخي خطير للوطن، وخطورته لا يدركها إلا من كانت لـه رؤية ثاقبة لما أصاب التجربة النضالية للوطن وكيف تمّ اختزال التجربة الإرترية كلها في اسم الشعبية ثم فيما عرف بحزب العدالة والديمقراطية وأخيرا في مجموعة تمارس سياسات لا تحتاج إلى أدلة وبراهين في قوقعتها وانغلاقها كما لاتحتاج منا لنقول أنها طمست التجربة الإرترية وحولت وجه الوطن إلى دائرة رعب يمارس على أقل مواطن لا يملك قوت يومه والوطن تحول إلى سجن كبير من يدخله زائرا يستقبله السجان المأمور بأوامر القيادة الحزبية المشبوهة وهذا الأمر لم يعد مجرد حديث يفتري به على الآخرين إنما هو واقع ومن قراءة الواقع وتجربة الماضي عقد المؤتمر الوطني السابع لجبهة التحرير الإرترية وشهد نقلة نوعية في التجربة الإرترية شهد بها العالم كلّه وبعد مداولات ومحاورات حرة وجريئة وحقيقية عقلية ومنطقية شكل المؤتمرون القيادة المستقبلية للمرحلة القادمة . وبناء على هذا عقدت اللجنة التنفيذية اجتماعها الدوري فأصدرت أول بيان خاطبت فيه الجماهير الإرترية بنداءيها المعتاد في صياغته من ناحية الشكل باعتباره خطابا عاما أما من حيث المضمون والمحتوى ففيه معانات الشعب كله إذ ينادي أول ما ينادي – أبناء شعبنا الإرتري المناضل وأشقاؤنا وأصدقاؤنا – وهذا الخطاب يأتي في ظرف سياسي واجتماعي واقتصادي مشبع بالتعقيد على مستوى الوطن ويأتي في ظرف دولي بالغ التعقيد والوضع السياسي بالنسبة للمحيط الإرتري اختلطت عليه الأوراق بسبب السياسة العرجاء التي مورست تجاهه من قبل الشعبية حرب دموية مع إثيوبيا كانت بمثابة شهر عسل للنظام وشهر دماء ورثاء للمواطنين الإرتريين الذين فقدوا أبناءهم وفقد فيها الوطن ثروته وعلاقاته ولكن مع ذلك نخاطب بعد أبنائنا أشقاءنا وأصدقاءنا بخطابنا التاريخي المألوف لنثبت لهم أننا جزء من هذا المحيط بشقيه العربي والإفريقي وهذا ما يجب أن يفهمه المواطن الإرتري المغلوب على أمره بسبب سياسات الشعوبيين الذين وسموا الآخرين بكل ما يملكون من البذاءات ولكن أتى الخطاب السياسي مرنا في سلوكه الدبلوماسي تجاه الشعبية وفي هذا لفتته تقديرا لظروف المواطنين الذين يعيش في الوطن أولاً وفي المهجر ثانياً .وتأتي المرونة في كون الآخر بكلّ سلبياته لانتفى وجوده وإن اختلفنا معه لذا كان الخطاب بهذه العبارات – معاناة كبيرة يعيشها شعبنا في الداخل والخارج بسبب السياسات الخاطئة والضارة بالمصلحة الوطنية لنظام حزب الشعبية في اسمرا متجاهلا كل الحقوق السياسية والإنسانية التي استحقت لشعبنا بفضل تضحياته ألبطولية من أجل الحرية والاستقلال والحياة الكريمة – سماها خاطئة وضارة بالمصلحة الوطنية ولم نقل بالمصلحة الذاتية النفعية الضيقة التي قوض عليها النظام حال الوطن وأيأس المواطن في أقصى حد من الممكنات الظروف المعيشية التي لا يطالب فيها المواطن الإرتري من الدولة شيء سوى حرية الحركة وحرية التعبير وحرية التملك والتنقل والحرية الدينية والحرية السياسية وهناك إشكاليات كثيرة في مفاهيم الحرية التي صاغها النظام في ثوب فصله على ذاته لا يرتديه إلاّ من كان من الحزب وفي داخل الحزب هناك حزب آخر وفي داخل الآخر نوع آخر متخصص في القمع والظلم والبطش والترويع حتى أصبحت المؤسس العسكرية التي يحكم بها اليوم أشبه بالبوليس المستعمر يقتلون الأبرياء في الطرقات وينهبون الممتلكات لصالح المتنفذين إن كانوا في الحقيقة كذلك واحسب أن الأمر بخلاف ما يتصورنه فكل من يرى أنه اليوم مع الحزب أو الشعبية بإمكانها أن تعتبره غدا خائن وغدار وغير وطني ولهم من المفردات البذيئة مالهم ليس هذا مجالها إنما قصدنا هنا الدور الحضاري للفكر السياسي لجبهة التحرير الإرترية في أشدّ المراحل تعقيدا لتجربة الشعب الإرتري نضالاً.وكما جاء في البيان إن الشعب الإرتري بكل ألوان طيفه يعاني من – السياسات الإقصائية وحرمان الإرتري من حقوقه كافة المقررة في كل الشرائع والقوانين وممارسة أقسى أنواع القمع والإرهاب الأمر الذي جدد عوامل اللجوء والهروب من الوطن وإفراغه من القادرين على العمل والنشاط من أبنائه والقتل والسجون بدون رادع من الأخلاق أو القوانين – هذا الواقع ليس صورة متخيلة نكتب عنها بيانات أو نناقشها على مستوى الأفراد هذا الواقع كان يتطلب منا لكي نجمع كلّ الشتات ونجمع كل القوى الوطنية المخلصة للمواطن والوطن فقد المؤتمر وقرر المؤتمرون أن المواطن الإرتري الذي يكاد يفرق منه الوطن وتكاد الروح الوطنية تفرق من داخله لابد أن نصيغه بصياغة تفاؤلية للمستقبل وإنّ الوطن سيبقى شراكة حقيقية يمارس فيها المواطن حقه في الحياة بكل حرية دون أن يمس شرفه وكرامته وهذا يتطلب في كل مرحلة حسب الظروف والملابسات الإقليمية والدولية إلى فكر ثاقب يتجر من العاطفة الوهمية التي يروجها النظام بأن الوطن لو زال عنه كابوس الشعبية سيمزق هذا وهم زائف لا مكان له في لا في القريب أو البعيد وإنما الحقيقة إنّ الوطن لو استمر عليه هذا الحزب سيكون كارثياً كما يقرأ من لغة الخطاب السياسي . أما على الصعيد الاقتصادي فقد اقترب الحال من وضع ألا عودة في التردي الاقتصادي ليس على مستوى الكنترول المتحكم في دواليب السلطة ولكن على مستوى المواطن البسيط الذي لا يملك قوت يومه وقد أثقل كاهله النظام بالضرائب وشبح المجاعة يخيم على كل بيت ومع ذلك كان أسلوب الخطاب حضاري تجاه النظام الذي تسبب في كلّ هذا فذكر أن – السياسات الاقتصادية التي أسفرت عن فقر ومجاعة تهدد حياة المواطن والعالم يعيش أكاذيب أبواقه الدعائية عن تنمية يقودها نظام يتسول على أبواب المنظمات الإنسانية والمحسنين وفشل سياسي ودبلوماسي كامل على الصعيد الإقليمي والدولي وعزلة خانقة تتفاقم أضرارها لتصيب كل شيء في البلاد بشلل تام – هذه صورة أخرى تبرهن على أن الشعبية من حيث هي سقطت في هوة الانتحار وألا رجعة ولكن مع ذلك هناك تخمة مصاب بها رئيس الحزب والحكومة ورئيس الدولة ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء وقائد الجند وهو شخص واحد فكأن الوطن حظيرة لأحد رعاة الكابوي الذين جمعوا الرقيق من أصقاع مختلفة وحملوهم العناء دون مقابل فالمقاتل يموت اطفاله من الجوع والمرض ولا يستطيع أن يعالجهم أو ينقذ حياتهم من مغبة الهلاك المحتوم والمواطن أرغم على ضريبة يكرسها ثلة لأغراض نفعية خاصة ويوهم الناس بأنه يبني الوطن ولكن بالكيفية التي يريدها هو وكأنه كان والوطن لم يكن من قبل وهذا ماحتم على الكثيرين من الفرار وفضل الكثيرين من أبناء الوطن الأعزاء الموت في المجاهيل والبحار وقتل بعضهم هو بأيدي ملوسة بدماء الأبرياء هذه الصورة مع وقعها كان الخطاب السياسي للجبهة مرحليا موزونا مرنا ومنهجيا يتعاطى مع الأسلوب الحضاري والأسلوب الحواري الشامل لكل القوى الوطنية وفي الخطاب نجد الحث الوطني الشمولي وهذا دأبنا في المسيرة كما أسلفت ولكن هذا الواقع يحتاج ويحتاج إلى عطاء أكثر وجهد أشمل وخاصة من قبل المواطن الذي يرى ويسمع واقع المواطن الإرتري من خلال الوسائل المتاحة لـه وليس من خلال وسائل الشعبية الموظفة للدعاية الحزب. هذه بعض من ملامح الخطاب السياسي بعد المؤتمر السابع لجبهة التحرير الإرترية وهذه القراءة لربما يكون فيها جانب التوفيق نسبي ولكنها قراءة منهجية للواقع الإرتري المتردي من خلال البيان في محوريه السياسي والاقتصادي ولم أتناول الجوانب الأخرى مع أهميتها ادعوا كل المواطنين لقراءة البيان والتفاعل مع المستجدات بوعي وفكر سليم لأن الوطن نقول للجميع أرادت الشعبية أو لم ترد ذلك . عاشت جبهة التحرير الإرترية عاش الوطن والمواطن حرا أبدا. والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار. ——————————————————————————–
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6092
أحدث النعليقات