قصة اعتقال الشيخ سعيد بدار
كان في غرفته يشارك أسرته يومياته العادية، ليخرج خلال لحظات مع بعثة الملثمين (زوار الليل) من دون إذن، خرج معهم بكل هدوء ولا حتى همس خوفا على سلامة الأسرة، خرج تحت تهديد السلام منذ إحدى وعشرين سنة ولم يعد، لم يكن يعلم أن السنين ستطول به هكذا مغيبا عن الحياة، بعيدا عن أهله يتقلب في ظلمات المعتقلات التي شيدها النظم الجائر، وإلا لما تردد من أخذ قبلات عميقة مع جذب الهواء الممزوج برائحة مقلتيه وفلذتي كبده، حتى وإن لم يعلما حينها ما هو الوداع كونهما طفلين، ولربما كان له حديث أو كلمات يقولها لشريكة حياته.
إنه الشيخ: سعيد محمد إدريس (بدار) المولود في عام 1947م، تلقى تعليمه في مدينة كسلا بشرق السودان، متزوج وله إبنان محمد (عمره الآن 23 سنة) وأحمد (عمره الآن 21 سنة) كان يعمل إماما وخطيبا لمسجد عمر بن الخطاب بمدينة قندع، بجانب تدريسه القرآن الكريم والعلوم الإسلامية للصغار والكبار في نفس المسجد، كان شديد الهمة وبالغ الاهتمام بتعليم الناس أمور دينهم وتمسكهم بالقيم الإسلامية، كما يجتهد ما استطاع في رفع الجهل عن مجتمعه الذي كان يستحوذ على جل تفكيره.
ويعرف عن الشيخ سعيد أنه كان شديد الجزم والحزم في الأمور العامة، لا يبالي بالتهديد والتخويف لم يعقه عائق حتى لحق بإخوانه الذين سبقوه، سبقوه الى مصير الشرفاء الأحرار، حيث غياهب سجون الظلم والاستبداد الممنهج، فالسجان القاسي عديم الإنسانية أولا والوطنية ثانيا وثالثا، لا يعامل من يرفض تفكيره أو يخرج عن طوعه إلا التغييب عن توجيه المجتمع، إنه منهج الأشرار في تغييب الأخيار عن أعين الأحرار.
لقد لحق الشيخ سعيد بدار بقائمة الشرفاء يوم الجمعة 12/07/1996، لتفقده أسرته ويفقده تلامذته ومن قبل ليفتقده منبر الخطبة .. وقس على ذلك أو أكثر حال كل المعتقلين من المشايخ والأساتذة وغيرهم، فهدف السجان الكبير هو إخفاء رواد المجتمع ومثقفيه وتعطيل دورهم ومساعيهم وسط الشعب.
وختاما
* هل من يتخيل معي كم يعاني المعتقلون من شتى أنواع التعذيب البدني والنفسي التي تشمئز النفوس فقط من سماعها، ليتنا معشر الطلقاء نحاول مجرد الشعور بهم وعدم نسيان قضيتهم وأسرهم.
* لم أكن لأخص الشيخ سعيد بشيء دون سائر المعتقلين – رغم صلة قرابتي به – ولكن أحببت أن أقول عنه شيئا فحسب، فقد سبقه في الاعتقال أساتذتي التي تربيت على أيديهم ونهلت من معينهم، ولي مع كل المعتقلين موعد بإذن الله إن كان في العمر بقية.
كتبه لحملة يوم المعتقل الإرتري- 2017
عمر محمد موسى بدار
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=41587
نسأل الله أن يفرج عن جميع الخيرين المغيبين قسرا من أبناء هذا الوطن الجريح لتنتهي الهموم والغموم ويستريح الجميع.
لقد عاصرت الأخ سعيد بدار عندما كنت أدرس في كسلا.
فكان شخصا مجتهدا في دراسته مهذباً في أخلاقه غارقاً في هموم أمته ووطنه، وعلى الرغم من ذلك كله لا تفارق الابتسامة وجهه، سريع البديهة، سليم السريرة، طيب المعشر، ولا يمل جليسه.
نسأل الله أن يفك أسره وأسرى جميع المسلمين المظلومين الذين اعتقلوا تعسفاً بدون تهم حقيقية توجه إليهم.