قــطوف أرتــريـة
الحلقة(10)
بقلم : أحمد نقاش
الديمقراطية وحدها لا تعيد الحقوق
ان مجرد سؤال الذى طرح من الاخوة فى موقع عونا مفاده
(( إلى كل المثقفين من أبناء إرتريا وخاصة المسلمين وذوي الثقافة العربية وبعض أدعياء التقدمية بعد ما رأيناه ونراه من إلغاء الآخر وثقافته من قبل النظام الطائفي هل ما زلتم تعتقدون بأن التمسك بالديمقراطية المزعومة ستعيد لمسلمي إرتريا حقوقهم وأراضيهم وكرامتهم؟ وما هو دور المثقفين عامة والمسلمين منهم خاصة؟ ولماذا لا يكون للمسلمين برنامج عمل واضح حيال ما يدور في البلاد من طمس للهوية ، وتزييف للتاريخ ، وإلغاء كل ما يمت للماضي بصلة؟)) انته التسائل/ عونا
اولا: اشكر الاخوة فى موقع عونا وكل المواقع الوطنية على شحذ همم الناس لعلهم يذكرون
ثانيا اثارت هذه الاسئلة بعض الافكار فى زهنى اردت اشراك القراء الكرام قائلا :
ان الديمقراطية وحدها لا تسمن ولا تغنى من جوع،بل هى فى واقع الامر مجرد آلية لاختيار الادارة السياسية ولكنها بكل تأكيد ليست آلية فى قدرتها احياء الضمائ الميته لاهى نذير ترضع الظالمين عن ظلمهم للناس ولا هى بشير تبشر المظلومين من التحرر الحقيقى فى عالم السياسة،ومن يتكئ على الديمقراطية فى ظل اختلال توازن القوى المادية فى اى وطنى انما حاله كمن يتكئ على حائط مائل لسقوط.
صحيح الديمقراطية اصبحت هوس تجوب كوكب الارض فى طولها وعرضها فضلا عن انها اصبحت شهادة حسن السلوك فى الفعل السياسي،الا انها ليست شرطا اساسيا لاعادة الحقوق ورد المظالم،بل على العكس من ذلك قد تكون فى كثير من الاوقات سلاح يستخدمه الظالم فى وجه المظلوم بحيث لا يسمع له صرخة ولا همسة،وقد يغيب تماما هذا المظلوم عن الفعلى السياسي والحقوقى بحجة انه معادى لديمقراطية وثقافة العصر، ان كثير من نظريات الفكر السياسي يفسره الاقوياء لصالحهم ولو كانت النظرية فى الاساس تسعى لحماية المظلومين ((…وتلك سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا…)) وديمقراطية الضعفاء غير مقبولة فى عالم اليوم محليا وعالميا،ولو مارسها الضعفاء بشكل صحيح ونزيه سوف تكون من دون طعم ولا رائحة ولا لون وان كان لها لون سوف يكون سواد حالك لا يستحق مجرد القاء النظرة اليه رغم ان السواد سيد الالوان.والديمقراطية اذن لا تشفع لضعفاء وان كانوا اسياد الوطن كله.
الديمقراطية وحدها لا يمكن ان تعيد حقوق مسلمى اريتريا او ان ترفع مظالمهم، والحق لا يعود بالنظريات انما يعود بالفعل السياسي والتواجد بالقوة على ارض الواقع،وبناء قوة سياسية فاعلة لا يتم بتمنى ولا بالعشوائية،انما يكون بشكل مدروس وعمل صادق لا تشوبه شائبة وان يكون اساس هذا العمل السياسي مصلحة المجتمع ككل.وان يساهم الكل فى هذا الفعل السياسي، لان العمل السياسي فى اريتريا اليوم يكاد يكون فرض عين وجب على الكل القيام به دون الاعتماد على الاخرين او لوم السياسين الذين كثرت اخطأهم واحداث التغير فى مثل هذه الحالات يكون من واجب المجتمع ككل.وفى مقدمتهم المثقفون والمتعلمون وكل المهتمون بالسياسة ومشاكل المجتمع.وعوامل النجاح متوفرة فى المجتمع المسلم فى اريتريا،ان النظرة العميقة لحياة مسلمى اريتريا فى مسار تطورهم عبر الازمنة والتاريخ يكتشف عن حقائق محددة لا يخطأها الا الخاطؤن فى الملاحظة والتدقيق،واول هذه الحقائق انهم غير مستعدين التنازل عن حقوقهم التاريخية وثوابتهم الوطنية فضلا عن انهم مدركون تمام الادراك بما يدور فى بلادهم وما يقع عليهم من الظلم ومحاولة طمس هويتهم الحضارية والثقافية،وقوة هذا المجتمع فى التمسك بحقوقه المكتسبة عبر التاريخ تلاحظ اكثر فى الجيل الحالى والذى يعتقد انه تمت اذابته فى الثقافة الظالمة للنظام الجبهة الشعبية نجده اكثر وعيا بما هو كائن واكثر استعدادا للمطالبة بحقه، وان كان هذا الجيل يفتقد الى النخب السياسية الواعية التى تعبد له الطريق وتنير له المسارات.
الادراك بحقائق الامور والشعور بالظلم على مستوى افراد المجتمع ككل هو الشرط الاساسى والاولى لتصحيح الاوضاع بل هو يعتبر مبعث الامل فى استرداد الحقوق بكاملها اذا ما تحقق الشرط الثانى المفقود فى مسلمى ارتريا وهو القيادة الواعية والنخب الصادقة التى تتمتع ببعد نظر ومتحرر من عقلية القبيلة الذى تجاوزه العصر لتصعد الى عقلية المجتمع والدولة والذى به وحده تحمى كل مكونات المجتمع وبه تتحقق السيادة على الارض،ودور القيادة الواعية يصبح فى غاية الاهمية والضرورة الملحة فى توجيه المجتمع وتأطيره بشكل يخلق التوازن ويعيد ميزان القوة الى وضعه الطبيعى ليأتى من بعد ذلك دور الديمقراطية لايجاد سلطة وطنية حقيقية تستمد قوتها من كل ابناء ارتريا معا المسلم والمسيحي فى ظل توازن مادى الذى يجعل من الممارسة الديمقراطية عدلا وسلاما على الجميع دون منى من احد الى اخر.
على النخب السياسية المسلمة فى اريتريا بصرف النظر عن مشاربهم الفكرية وإنتمأتهم السياسية ان يتنادوا الى مجلس يتدارسون فيه قضية مجتمعهم وقضية الوطن ككل،قبل فوات الاوان وان يتحرروا من عقدة النقص فى الوطنية اذا ما فعلوا مثل هذا الفعل، بل عليهم ان يدركوا ان توجيه جزء كبير من المجتمع وتحسس مظالمه ومشاكله هو يعتبر المساهمة الكبرى فى معالجة مشكلة الوطن بأسره وكما عليهم ان يدركوا ان السياسة تحقيق مصالح المجتمع والوطن فى هذه الحياة قبل الاخرى التى يعرض الناس فيه فرادا، والعمل الجمعى اذن هو لتحقيق المصالح السياسية والاقتصادية والحضارية والمجتمعية بدرجة الاولى،والسياسة فى جوهرها تحقيق ما يمكن تحقيقه وفى الوقت المناسب.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=7499
أحدث النعليقات