لمصلحة من الإساءة للمعارضة الإرترية ؟
التحالف الديمقراطي الإرتري |
مكتب الإعلام |
27.04.2006 |
ليس بوسع أحد كائنا من كان أن يشكك في حبنا نحن الإرتريين لبلادنا ، هذا الحب الذي ترجمناه من خلال تضحياتنا الجسيمة في سبيل استقلالها . ونشعر اليوم بكثير من الأسى والحزن ونحن نتابع ما آل إليه أوضاع شعبنا وبلادنا بعد الاستقلال من لجوء قسري لشبابنا ، واعتقالات تطال الجميع بما فيهم أولياء هؤلاء الشباب بتهمة المساعدة على تهريبهم ، والغرامات الباهظة التي تفرض عليهم ، وحملات التجنيد الإجباري ، والإرتفاع الجنوني لأسعار المواد الأساسية . وإقصاء الرأي الآخر . ولكن يظل الأمل حيا ، وبصيص الأمل في نهاية النفق قائما ، سيما عند سماع خبر وحدة قوى المعارضة الإرترية ، وإنكشاف النظام الدكتاتوري وسياساته أمام المجتمع الدولي.
اليوم ننتظم نحن الإرتريون في تيارين اثنين ، التيار الأول هم القلة المنبوذه من شعبها والتي رهنت ذاتها واختارت الوقوف إلى جانب النظام الدكتاتوري ، فصارت أداة طيعة بيده مقابل مصالح شخصية آنية فانية . أما التيار الثاني فهي الغالبية العظمى من شعبنا التي اختارت درب النضال ضد النظام الدكتاتوري ، وهي تتطلع بعد تجاوز المصاعب الحالية ، العيش في كنف الديمقراطية والسلام والإستقرار والكرامة .
ولكن وبرغم حقيقة هذا التصنيف الذي يؤكد اختلافنا في الرؤى والأفكار ، تظل حقيقة أخرى هي أننا إرتريون ، ولا يفصل بيننا سد برلين . وبالتالي فالانتماء إلى أحد هذين التيارين ليس خيار أبديا لا رجعة عنه أوالتنصل منه . ومصداقا لهذا نجد أن الذين كانوا يعترفون بالمعارضة قبل عشرة أعوام ناهيك الإنضمام إليها كانوا قلة ، بخلاف اليوم الذي أصبح فيه أؤلئك الذين كانوا يدافعون عن النظام ويسيئون إلى المعارضة قد تخلوا عن النظام وانحازوا إلى جانب المعارضة ، وأن أؤلئك الذين ما يزالون في خدمة النظام الدكتاتوري ، لهم أيضا مثل الآخرين مصلحة في التحول الديمقراطي في إرتريا .
يشكل نضالنا اليوم البوتقة التي ينصهر فيها كافة الإرتريين الذين اختاروا مناهضة النظام الدكتاتوري الذي يسعى إلى تمزيق شعبنا على أساس اللغة ، والثقافة ، والأقاليم . ومن ثم فالعوامل التي تجمعنا إبتداءا من إرتريتنا هي أكثر من العوامل التي تفرقنا ، ولا يمكن بلوغ أهدافنا إلا بوحدتنا . ومن الطبيعي أن نجد في مرحلة النضال بعض الأحيان تداخلا بين عناصر الاتفاق والاختلاف . ولكن الشيئ الأساسي والضروري في مثل هذه الحالة تحديد نقاط الاتفاق والإختلاف بدقة ووضوح ، ومن ثم ننجز معا ما اتفقنا حوله ، ويحترم بعضنا بعضا في ما اختلفنا فيه . وضرورة الاحتكام لرأي الشعب في مرحلة التنافس الحر ، وقبول النتيجة نصرا كانت أو هزيمة . ولإنجاح هذا يتطلب منا السير قدما نحو تعزيز الإيجابيات ومحاربة المشاعر الهدامة ، وامتلاك رؤيا تتسم ببعد نظر وقبول الآخر ، والتحلي بروح المسئولية . ولو كان مرد إعمال مبدأ القبول والرفض منطلقه قناعتنا الشخصية والتنظيمية وحدها ، ربما كنا لا نقر بعض الآراء التي لا تتسق مع معطيات المرحلة وضروراتها من وجهة نظرنا ، ولكن ليس الأمر كذلك ، حيث أن متطبات المرحلة وضروراتها لا تحكمها أراء شخص أو تنظيم دون آخر . ومن ثم علينا أن نضع في الحسبان ونحن نعبر عن آرائنا وقناعتنا أنها لا تستفز مشاعر الآخرين بمثل ما نرغب ألا تستفز أراؤهم وقناعاتهم مشاعرنا .
إذا علينا نحن الطرفين ليس فقط التصالح ، بل لابد من أن نتمكن من المشاركة معا في إنجاز متطلبات هذه المرحلة ، وإن لم نتمكن من ذلك ، وبقينا في تناحرنا فسيكون النظام الدكتاتوري الذي ترهبه وحدتنا هو المستفيد من استمرار هذا الوضع . وليس من الحكمة أن يكون خيار الطرفين الاستمرار في مدح الذات وإساءة الآخر ، وإنما يجب أن يسعيا لتحديد نقاط الاتفاق ، وتحديد وسائل وآليات النضال ، وتغيير النظام الدكتاتوري ، والعمل على نزع السياج الفاصل بينهم وبين الشعب صاحب السلطة والحكم النافذ ، وعرض آرائهم عليه ، واحترام الرأي الذي يحوز بقبول الشعب ، على أن يحتفظ الرأي الآخر بحق الطرح والعرض والبلورة في أوساط المجتمع.
إن عدم وضع الأولويات بصورة واضحة والخلط بينها سيفضي بالضرورة إلى الخطأ في النتيجة المتوخاة ، بالإضافة إلى أنه سيؤدي إلي إضعاف جهود القوى التي كان من المفترض أن تعمل معا ، وبالنتيجة يصب في مصلحة النظام الدكتاتوري . وفي ظل مثل هذه الأوضاع النضالية من الطبيعي رؤية تطورات إيجابية أو سلبية ، والأسلوب الأمثل هو العمل على تعزيز الإيجابيات ومعالجة السلبيات بروح تتسم بالحرص والمسئولية ، وبهذا وحده يقياس مستوى ما نتمتع به من نضج وروح المسئولية الوطنية .
نتابع اليوم من خلال مختلف مواقع الإنترنت أن البعض بدأ في استخدام عبارات تدغدغ المشاعر وتثير النزعات ، متدثرين بدثار المعارضة للنظام الدكتاتوري ، ولكنهم في نفس الوقت يستنفذون جهودهم وطاقاتهم في محاولة تضخيم بعض الأخطاء غير الأساسية لدى معسكر المعارضة الإرترية ، بل في بعض الأحيان ينسبون عليها أشياء لا تمت لها بصلة . والغريب في الأمر أنهم يحجمون عن ذكر إيجابياتها ، بل يعمدون على إخفائها . والأكثر غرابة أنهم يسعون بصورة حثيثة ومشينة لخلق حالة قطيعة وشقاق بين الشعب الإرتري وقواه السياسية المعارضة .
وقناعتنا هي أن هؤلاء يقومون بتشويه المعارضة لمجرد التشويه ، ولو كان غرضهم وغايتهم من ذلك هو إصلاح المعارضة وتقديم النصح لها ومعالجة أوضاعها والبحث عن مستقبل أفضل لها كما يدعون ، فإن باب المعارضة مفتوح على مصراعيه أمام الجميع وخاصة الحادبين منهم . ولا يمكن أن يتم الإصلاح الحقيقي للمعارضة من على البعد ومن مقاعد المتفرجين ودون الإنخراط في أنشطتها .
بالتأكيد أن من الأشياء المفقودة والمغيبة في إرتريا اليوم التعددية السياسية ، ونضالنا هذا هو من أجل تكريس الحقوق الأساسية بما فيها التعددية السياسية . ولا يمكن تجسيد ذلك على أرض الواقع دون أن يكفل للإرتريين حرية التنظيم ، وهذا بدوره يستدعي الإقرار بوجود تنظيمات تحمل رؤى وأفكارا متباينة . أما أن تتنكر للأحزاب والتنظيمات القائمة وتدعي الإيمان بالديمقراطية ، فالأمر بمثابة المرأة التي ترغب في الرجل غير أنها لا تريد لحيته .
ولا يجب أن تفهم دعوتنا بضرورة الإقرار بوجود التنظيمات والأحزاب السياسية هي دعوة أو تشجيع للتعدد السياسي لذاته دون برنامج سياسي حقيقي . ونحن لسنا مع الإنشقاقات التنظيمية أوإنشاء التنظيمات دون أن تتوفر على برنامج سياسي متمايز عن البرامج السياسية الأخرى القائمة .
وبالتالي هؤلاء الذين يتجاهلون هذه الأوضاع والحقائق عن عمد ، رغم معرفتهم للظروف التي نشأت فيها هذه التنظيمات ، وإنطلاقا من مشاعرهم ونزواتهم الشخصية يمعنون في تشويه التنظيمات السياسية المعارضة ، هؤلاء عليهم ألا ينسوا أنهم بذلك يخدمون النظام الدكتاتوري سواء كان ذلك عن قناعة أم بدونها ، وعن قصد وإدراك أم بدونهما .
إن من أصعب الأمور على نظام أسياس الاعتراف بالمعارضة الإرترية والحديث عنها . ولكن ربما لو قرر التحدث عنها لن يكون حديثه أسوأ من حديث بعض أدعياء التغيير والتحول الديمقراطي عنها .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6988
أحدث النعليقات