ليس دفاعاً عن يوسف عبدالرحمن.. بل من أجل الحقيقة ودحض المغالطات حول قضية الشعب الإريتري

بقلم: علي عافه إدريس 

مصدر الصورة الانباء الكويتية

قرأت بيان سفارة دولة اريتريا في الرياض بشأن سلسلة المقالات التي يكتبها الزميل يوسف عبدالرحمن وتنشر في جريدة «الأنباء» الغراء، وقد حوى البيان الكثير من المغالطات، وكذلك سعى كاتبوه كثيرا لطمس الحقائق، وإعمالا لمبدأ الرأي والرأي الآخر الذي هو منهج المنابر الديموقراطية، وجريدة «الأنباء» هي أحد تلك المنابر التي نقصد، فإننا نود أن نبين أن قيادات وكوادر الجبهة الشعبية لتحرير اريتريا ليست مبتدئة في قلب الحقائق وتزوير التاريخ، وهي كذلك ليست عاجزة عن تنفيذ ذلك في أي زمان ومكان، إلا أن اللافت أن السفارة الاريترية بالرياض في بيانها المرسل الى «الأنباء» قد خالفت ما عودونا عليه، فقد عودونا على تجاهل ما يكتب عن النظام في الصحف، أولا لأنه ليست لديهم مقدرة لمجاراة الآخرين، لأنهم قد أبعدوا من صفوفهم كل صاحب مقدرة ورأي وأبقوا على كل من هو إمعة فاقد للإمكانيات، ثانيا لأن معظم الصحافيين العرب الذين كانوا يكتبون على قلتهم تكاد تكون معلوماتهم ضحلة فيكتفون ببعض العموميات، لهذا كانوا يتجاهلون الرد عليهم، إلا أن الأمر هذه المرة اختلف كثيرا، فما كتبه الزميل يوسف عبدالرحمن قد هزهم لأن الرجل عايش الشعب الاريتري عن قرب عبر ثواره وقادته، فامتلك الكثير من الحقائق التي يجهلها بعض الاريتريين، ناهيك عن أن يمتلكها غيرهم الذين يكتفون عادة بالعموميات دون الغوص والبحث عن الحقائق، ثم انه قد دعم كل الذي كتبه بصوره وهو بين الثوار وبصحبة قادة الثوار الأحياء منهم والأموات، وكذلك صوره مع أفراد الشعب الاريتري في معسكرات اللجوء، كما أن الزميل يوسف عبدالرحمن، كويتي الجنسية، والذي كتبه نشر في «الأنباء»، والكويت وما أدراك ما الكويت، ذلك البلد الصغير في مساحته والعالي في شأنه كان ولايزال يتمتع برؤية واضحة ومواقف مبدئية تجاه قضية الشعب الاريتري، كما أنه كان في مقدمة الداعمين ماديا وسياسيا للثورة الاريترية وعلى وجه الخصوص تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير اريتريا الذي تنكر رئيسه لكل ذلك، وما كتبه الزميل يوسف عبدالرحمن بالتأكيد سيكون له انعكاساته على المستوى الشعبي والرسمي، لهذا جاء بيان السفارة الاريترية للحد من تلك الآثار، وقد اعتمدوا في بيانهم على سياسة قلب الحقائق. لذا، سأحاول أن أتناول كل فقرة بصورة منفصلة على النحو الآتي:
٭ اتهموا الزميل يوسف عبدالرحمن بنفثه لسموم تدعو إلى الفتنة وإثارة روح الخلاف بين أبناء الشعب الاريتري المسلم منهم والمسيحي، وهذا ما لم يقم به الزميل، فالزميل بحكم معايشته لمعاناة الشعب الاريتري السابقة ومتابعته لمعاناته الحالية ناشد الرئيس أسياس أفورقي وذكره بزملائه المناضلين لإنصافهم وإنصاف شعبه المظلوم والمغلوب على أمره، ثم ناشد المعارضة الاريترية داعيا اياها للوحدة بدلا عن حالة الشتات التي تعيشها، وما يدحض نفث السموم هو ما كتبه الزميل يوسف عبدالرحمن بشأن الفتنة الطائفية (أعلم علم اليقين أن باب الفتنة الطائفية والدينية موصد ومحروس في اريتريا لأني دارس ومتابع لتخاريج اريتريا)، فكيف بالله يتهم من يكتب مثل هذا الكلام بنفث السموم وإثارة الفتنة وروح الخلاف بين أبناء الشعب الاريتري؟ عموما هذه تهمة قد تعودوا أن يرموا بها كل من عارضهم، والحقيقة هم من يمارسون الطائفية والشوفينية في أسوء صورها لهذا وصلت نسبة المشاركة في إدارة البلاد سوى كانت على مستوى الحكومة المركزية أو على مستوى الأقاليم 91% للمسيحيين مقابل 9% للمسلمين، وهؤلاء الأخيرين من التبع المختارين بدقة، وبإمكان القارئ الرجوع لموقع «فرجت» في الانترنت www.farajat.net للاطلاع على وثيقة العهد الاريتري الصادرة من مجلس إبراهيم المختار فالوثيقة توثق للمظالم بشكل دقيق وتحصي بشكل دقيق وبالأسماء كبار موظفي الدولة في الوزارت والأقاليم، لهذا يحق لنا القول فيهم رمتني بدائها وانسلت.
٭ يتهكمون على الزميل يوسف عبدالرحمن عندما دعا واستحلف المعارضة الاريترية بالله أن تتوحد، حيث قالوا في بيانهم «ابتداء سواء استحلفت بالله او لم تستحلف فإنك تنفخ في ارواح ميتة لفظتها اولا مسيرة النضال الوطني الشاق والمضني ثم لفظتها ايضا مسيرة البناء والتنمية التي تشهدها البلاد»، ولا ندري ما الذي يضيرهم في دعوته طالما هم متأكدون من موت المعارضة، ولأن الأمر مختلف عما يصفون به المعارضة لهذا دعوة الزميل يوسف عبدالرحمن الصادرة من القلب أدخلت الرعب في قلوبهم خشية أن توقظ الوطنيين الذين شغلتهم التناقضات الداخلية للمعارضة عن تناقضهم الرئيسي مع النظام الديكتاتوري، وذلك أن الدعوة كانت مؤثرة خاصة أن صاحب الدعوة ليس له أي مصلحة سوى رفع المعاناة عن شعب شقيق عرفه عن قرب.
٭ وفي فقرة أخرى يعودون لتوجيه حديثهم للزميل يوسف عبدالرحمن «ان ما تدعو اليه ليس من الحكمة في شيء، لأن الحكومة التي لا تعرفها في اريتريا لم يكدس رئيسها ووزراؤها الاموال في البنوك الاجنبية ولم تتوقف مشاريع التنمية فيها بسبب الفساد، بل كل العوائق كانت تأتي من الاعداء لاطفاء الضوء الذي ينير درب مسيرة التنمية»، في هذه الفقرة تحديدا ينطبق عليهم المثل القائل «كاد المريب ان يقول خذوني» فلم يتطرق الزميل يوسف لهذا الجانب، إلا لأنها حقيقة يعيشها الشعب الاريتري من خلال شركات الحزب (شركة البحر الأحمر وشركة سقن وقدم وإسبيكو.. إلخ) المسيطرة على كل مفاصل الاقتصاد في البلد، لهذا اعتقدوا أن الزميل يوسف عبدالرحمن قد كتب عن هذا الجانب، ثم أي أعداء هم الذين أعاقوا التنمية؟ اعتقد أن ما يقصده كاتبو البيان هي الحروب العبثية التي ظل يشعلها النظام بين الفينة والأخرى (الحرب مع اليمن والسودان بالوكالة واثيوبيا وجيبوتي).
٭ «ان محاولة اسقاط ما يجري او ما جرى في بعض الدول واستخدامه مطية للدعوة للفتنة في اريتريا فيه جهل بواقع اريتريا ومسيرتها وقيادتها»، هذه كلمات وردت في البيان، وقد قال من قبل الرئيس حسني مبارك كلاما شبيها بها عن النظام والواقع في مصر ورددها القذافي عن ليبيا والآن يرددها النظام السوري وأتباعه وكذلك النظام اليمني، فهنيئا للنظام الاريتري وأتباعه بها.
٭ «ان نفث سموم الفتنة بين ابناء الشعب الاريتري عبر تصوير الحكومة الوطنية في اريتريا بالإدارات الاستعمارية المتعاقبة ينطوي على حقد دفين، كيف يمكن ان تستوي حكومة من ابناء الشعب ومناضليه مع حكومات وإدارات استعمارية كانت تنصب المشانق في وسط المدن لشنق الشرفاء من ابناء الوطن، كيف تستوي البندقية التي كانت توجه نحو صدور الاعداء مع البندقية التي كانت توجه الى صدور الاطفال والشيوخ والنساء؟»، عدنا مرة أخرى للاتهام بنفث السموم، الزميل يوسف عبدالرحمن لم يقارن بين الاستعمار وحكومة الجبهة الشعبية، إنما كتب عن معاناة الشعب الاريتري في عهد الاستعمار الاثيوبي البغيض طيلة السنوات الثلاثين وإنه بعد أن نال استقلاله وأصبحت الحكومة التي تحكم البلاد اريترية استمرت المعاناة، لكن دعونا نحن نقارن بين عهد الاستعمار وعهد الجبهة الشعبية ولأن الحياء يمنعنا من إجراء مثل هذه المقارنة لهذا سنذكر بعض الأمور التي تحدث في عهد الجبهة الشعبية ولم تحدث في عهد اثيوبيا ومنها نظام السخرة وهو نظام عبودية مقنع يتم بموجبه إجبار الشيوخ والرجال والشباب والنساء بقوة السلاح على العمل في رصف الطرق وبناء السدود مقابل وجبة عدس، أما برنامج الخدمة الوطنية وقد سمي بهذا الاسم على غير الحقيقة فهو برنامج عبودية آخر وهو يشمل المواطنين من الجنسين من عمر18 سنة وحتى 45سنة والطلاب ابتداء من المرحلة الإعدادية ويتم فيه أخذ المواطنين والطلاب بالقوة لمعسكرات التدريب العسكري في منطقة ساوا وهي خدمة مفتوحة مستمر فيها البعض منذ سبعة عشر عاما، ولو حدث وان تمكن أحدهم من الهرب يا ويل أمه وأبيه فسيكونمصيرهما السجن وتغريمهما مبلغ خمسين ألف نقفة، وهو مبلغ يعجز معظم أفراد الشعب الاريتري عن تدبيره ويصادر منزلهم، لا أدري إن كانت هناك في التاريخ حكومة وطنية فعلت مثل هذا الذي تفعله حكومة الشعبية، ثم ان تلك المعسكرات أصبحت بعلم الحكومة مرتعا للاغتصاب، وهتك الأعراض من قبل القائمين عليها، فأي حكومة وطنية يمكن أن تقبل بمثل هذه الممارسات، ثم أن هناك برنامج التوطين وقد تم البدء في تنفيذه بمجرد جلاء القوات الاثيوبية من اريتريا عندما أخذت جموع اللاجئين الاريتريين تتجهز للعودة لأرض الوطن عبر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، إلا أن الحكومة افتعلت الاختلافات مع المفوضية وانتهى الأمر بطرد الأخيرة لتتعطل عودة اللاجئين ومن عاد من اللاجئين تم تسكينه في معسكرات على الحدود مع السودان وفي ظروف أسوأ من ظروف المعسكرات التي قدموا منها وكأن بهم يقولون لهم عودوا من حيث أتيتهم وبالفعل عاد كل اللاجئين إلى معسكرات اللجوء في السودان، وكانت تلك المرحلة الأولى أما في المرحلة الثانية فتم نقل قرى بأكملها من منطقة الهضبة الاريترية، حيث يسكن التجرنية المسيحيون إلى مناطق المنخفضات الخصبة التي يسكنها المسلمون الذين منعوا من العودة بطرق التفافية، أما عن الاغتيال والسجن والاختطاف والاختفاء القسري فحدث ولا حرج، فيمكن أن نقول فيه ما لم يقله مالك في الخمر، إلا أننا نختصر ونقول ما عرفناه في عهد الجبهة الشعبية خلال العشرين سنة الماضية يفوق ما عرفناه في عهد الاستعمار الاثيوبي فعلى الأقل في عهد الاستعمار كنا نعرف أن فلانا في السجون الاثيوبية وفلانا نفذ فيه حكم الإعدام أمام الجميع.. الخ، أما الآن فنحن لا نعرف ومن يسأل يلاق مصير من يسأل عنه.
٭ «ان ما يدعو إليه الكاتب من تعددية وديموقراطية اولا لا يتفق مع الدعوة الى الفتنة، ثم ان حكومة اريتريا لم تنكر يوما الخيار الديموقراطي للشعب الاريتري ولكنها ظلت تؤكد يوما اثر آخر أن الديموقراطية ليست في صناديق الاقتراع المكدسة بالأوراق المزورة عاما بعد آخر، بل هي في توفير مياه الشرب النقية والعلاج المجاني والتعليم المشاع والمشاركة الكاملة للمرأة في الشأن الوطني والحياتي»، الذي قاله القذافي أفضل من هذا بكثير فقد تحدث الرجل عما سماه بالسلطة المباشرة للشعب عبر المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية وقد أسند كل ذلك لنظريته العالمية الثالثة والتي حاول تطبيقها طيلة أربعة وثلاثين عاما ابتداء من عام 1977 وعندما ضاق عليه الخناق من الثوار تشدق ببناء سبعة آلاف وحدة سكنية تم تسليمها للأسر الليبية دون مقابل، وكذلك تحدث عن مجانية التعليم وانتشار المدارس والجامعات على الأراضي الليبية، والرجل كان صادقا في الذي ذكره من وحدات سكنية وتعليم فقد عشنا في ليبيا وعرفنا ذلك عن قرب إلا أن كل ذلك لم يشفع له، فما بالك بهؤلاء الذين استبدلوا الديموقراطية بتوفير مياه الشرب النقية التي فشلوا في توفيرها طيلة العشرين عاما الماضية والعلاج الطبي أسوء حالا من المياه النقية، ثم لماذا تقايض الديموقراطية بمياه الشرب لماذا لا يمكن توفيرهما معا؟ أما مشاركة المرأة التي يتباهون بها فهي المرأة التي امتهنت كرامتها في معسكرات ساوا فاللاتي يرفضن أن يكن «محظيات» للضباط يعملن كخادمات في بيوت الضباط وسبحان الله مغير الحال كيف كان حال المرأة الإريترية قبل التحرير، وكيف أصبح حالها بعده وقد تحدث الزميل يوسف عبدالرحمن عن المرأة الإريترية في تلك الحقبة وقد رآها معززة مكرمة؟ ثم ما الفائدة من الديموقراطية التي تدعو اليها كل وثائق الجبهة الشعبية ماضيا وحاضرا طالما هم طيلة عشرين عاما لم ينفذوا ما كتب في تلك الوثائق؟ وذكر هذا النقطة في بيانهم يدل على عدم وعي حتى لأكاذيبهم.
٭ «ان الزج بأسماء مناضلين في مقال الكاتب هو محاولة لذر الرماد في العيون وإلباس الباطل لباس الحق، وهذه مسائل قد تنطلي على من يجهلون الحقائق، لكن الاريتريين اكسبتهم محاولات النيل منهم والقضاء عليهم مناعة ضد هذه الانواع من الامراض». بودي في البداية أن أتوجه بالشكر لكاتبي البيان لوصفهم القادة الذين ذكرهم الزميل يوسف عبدالرحمن في مقاله بالمناضلين، فهذه على ضآلتها محمدة لهم بلا شك، فقد عودتنا الجبهة الشعبية قيادة وكوادر بنكران ذلك عليهم وهم أحياء وعندما يحضرهم الموت لا يجدون شبرا توارى فيه جثامينهم الطاهرة، وعندما يتعذر ذلك يفضل مشيعوهم ان يدفنوهم بالقرب من الوطن على الأقل في مدينة كسلا السودانية على بعد ستة وعشرين كيلومتر من حدود الوطن الذي أفنوا حياتهم في الدفاع عنه، فيا ترى من هو الذي يذر الرماد في العيون كاتبو البيان أم الزميل يوسف عبدالرحمن الذي عرف هؤلاء عن قرب فأفزعهم عندما ذكرهم؟!

المصدر : الانباء الكويتية

واقرأ ايضاً:

تعظيم سلام…لثلاثية يوسف عبد الرحمن »  بقلم: حنان مران

سفارة إريتريا بالرياض ترد على يوسف عبدالرحمن: المعارضة لم ولن تحظى بالتفاف جماهيري بقلم: يوسف عبدالرحمن

الإريتريون من كل مكان في العالم يردون عليّ: نعم للنضال السلمي       بقلم: يوسف عبدالرحمن

نداء إلى بركان القرن الأفريقي المشتعل.. وحّدوا المعارضة الإريترية        بقلم: يوسف عبدالرحمن

رسالة مفتوحة إلى الرئيس أسياسي أفورقي : ربيع إريتريا آت               بقلم: يوسف عبدالرحمن

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=18779

نشرت بواسطة في نوفمبر 8 2011 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010