ليظل الوطن شـراكة مابـين مواطنيه
جابـر سـعيـد ـ أرض الهـرم
أولا يسـعـدنى ان اسـتهـل حـديثى بالتفاءل الحسـن حتى لا اكون حامـل شـؤم .. عليه أزف التهنئة الخالصة لشـعبنـا البطل الـذى أجبـر قيـاداته لتجتمع تحـت مظلة واحـدة، وتهنئة ثانية لقيـاداتنـا التى انصـاعـت لرغبـات شـعبهـا العظيم، فاٍن كانـت خطوة البـدء مهمة وهى حقـا كـذلك ـ فالخطوات التالية هى الأهم، وأولهـا وحـدة الآليـات التنفيـذية التى سـتٌفعـل مااتفـق عليه، وذلك حتى نضمـن السـيـر نحو الاتجاه الصحيح وبالخطى الحثيثة الواثقة التى من شـأنها ان تـزلـزل أركان النظام القهـرى.
وان جـاز لى ان اتحـدث عـن المخاوف من ذاوية الحـرص ومبـدأ الحيطة والحـذر أقول مايـلى :- مابـين حـين وآخـر يأتينـا من يحاول ان يفـرض علينا منطقا غيـر ممنطق، والشـعب يلتمـس له الأعـذار تلو الأعـذار، والمتطوعون منا يبـررون سـلوكه المعوج بقـدر أكبـر من تبـريـراته، ويـدافعون عنه أكثـر من دفاعه عن نفسـه، مما أدى ذلك الى حيـرة دليلنا، وتفـرق دروبنا، وتمـزق نسـيجنـا والوصول الى حالة ضعـف تقتضى فى كل مـرة الـبـدء من جـديـد، والغـريب اننـا وحـدْنا الـدروب طوعـا رغم التاريخ المقـروء والمـروى، وهـذه الجـراحات المؤلمة الـتى نحملها مـدميـة بجانـب الهموم الثقيلة التى طال حملها، يحـدث هـذا السـلوك رغم وضوح جغـرافية الوطن الـذى يملك فيه كل منا بضعة أمتار، مما يؤكـد ان كل منا شـريكا أصيلا مع الآخـر بنصيبه فى الأرض التى تحمل فى باطنها رفـاة اصوله، وعلى سـطحها احفـاده المتطوعون للسـيـر فى درب الآبـاء المعاصـرين، وعلى هـدى تعاليم اولـئك القـدماء الـذيـن سـطـروا تاريخ الوطن واشـاعوا ثقافة التسـامح وتصـدوا لتيارات التقسـيم التى كانت تنتظـر مجـرد موافقتهم الضمنية، فاٍذا كنـا جميعـا نقـر ذلك ونتصفح صحائف التاريخ ونقـرأ صفحاته بعقول حاضـرة ـ لا يعقـل ان يصبح رد الفعـل هـكـذا.. اذن لماذا يطالبنا هـذا البعض دائما بالتنازل له عن السـيادة المطلقة فى مانملك ويملك !!، أليـس من الأنـسـب لنـا وله ان يسـود كل منـا فى موطنه التاريخى وبمـا لا يتعارض مع وحـدة الوطن، ألم يسـمع هـذا البعض ان هناك اختـراعـا اداريـا اسـمه ,, الفيـدرالية،، ـ ألم يسـمع ان هـذا الاختـراع هـو الاسـلوب السـائـد تطبيقه على جل المعمورة منـذ اكثـر من مائة عام ـ واصبح فى الوقـت الحاضـر سـيـد الحلول وموحـد الأوطـان فى عالمنـا المعاصـر، بمـا فى ذلك الولايـات المتحـدة الأمـريكية التى تنعم بالاسـتقـرار وتنقـل حـروبهـا خارج حـدودهـا.
اذا تم الآن الاتفاق حول هـذا الاختـراع العجـيب، وبالتالى تم تطبيقه على أرض الواقـع غـدا، عنـدئـذ سـتختفى ثقافة السـيـد والتابـع، وسـنصبح شـركاء متكافـئين فى اقتسـام خيـرات الوطن وحمايته ووحـدته، ومن جهة اخـرى ان مانسـميه وطنا هو فعـلا شـراكة بـين القوم .. كل القوم، الكل يحمل ذات الجنسـية التى تحـدد انتماءه، ذلك لأن الجميـع فـدى هـذا الوطن بالمال والولـد، الكل دفـع ضـريبتة من دماءه الزكية، وعلى ذكـر الحقائـق يجـب ان نتـذكـر أيضا ان بعضنا سـار يومـا فى الـدرب المعاكـس لسـيادة هـذا الوطن وعـزته، وفى وقـت آخـر تغــيب عن اداء الواجب لبعض الوقت، بل اصطف مـع الضفة المعادية حامـلا آلة التـدميـر التى قتـلت وأحـرقت شـقه الآخـر، ولكـن البعض العامـل والمتسـامح أغفل هفوات البعض الأول وتجاوز عقوقه بل تسـامح طمعا فى تـراجعه ليصبح شـريكا عاقـلا عنـدما يعود لـرشـده.
مـرت الأيام على هـذا المنوال وجاءت الكـرة الثانية أشـد هولا من الاولى، فهـذا البعض اصطـف ثانية مع من خـرج عن نحن الكبيـرة مبتـدعا اخـرى أصغـر حجما واقل قـدرا ,, نحن وأهـدافنـا،، وكانت هناك خصومة فمواجهة فقتال، وللمـرة الثالثة سـعت الجماهيـر للحيلولة دون ذلك، وكان الطـرف المفتـرى عليه سـباقا الى مـد يـده البيضاء موافقا على اسـمـرار التواصل والتآخى .. وجاءت الجولة الثالثة أشـد عـداءا واكثـر لؤمـا، جاء الـدكتاتور مصطحبـا معه ذوى القـربى والحلفاء والمـريـدين واشـباه المغفلـين وكل حاقـد يسـعى لتفتـيت الصـلات وارسـاء عـرى الاخـاء والمحبة، ثم تابـع القتل غيـر الشـريف مهـدرا ماتبقى من بـذرة الخيـر مابـين المواطـنين الارتـريـيين .. وعنـدمـا وصل الـديكتاتور الى سـدة الحكم حول القتل الى سـحل كل وطنى شـريف تحت ذريعة أمن الـوطن والتآمـر ضـده !!، أيضـا قـرر تجهيل أطفالنـا رجال الغـد بفـرض مناهج التجهيل التى يتم تنفيـذها تحت افواه البنادق واسـنة الـرماح، وتم بـذلك تجهيل ثلثى مواطنى ارتـريـا، ولتأكيـد سـياسـاته الحاقـدة فـرض سـياسـة التجويـع وادارة الحـروب بشـكل متـزامن او متبادل، كـذلك قطـع التواصل مابـين الشـعب الارتـرى ومحيطه من شـعوب ودول الجوار.
هـذه هى حصيلة الأخاء الارتـرى ـ الارتـرى منـذ أربعينيـات القـرن المنصـرم، وبمـا اننا لا نعادى شـخوصا بعينهـا بـل نعادى سـلوكا قهـريا مـرفوضـا، وبصـرف النظـر عن اسـقاطات الانتماء العـرقى او الأثنى والجغـرافى او مكان تواجـد الفاعل، اذن فاليعلم الجميـع اننـا سـوف لا نتفاوض او نلتقى مـع كل متهم بهـذا السـلوك مالم يقـر علنـا بحقوقنـا على أرضنـا وسـيادتنـا عليهـا والتخلى عن زعم السـيادة التعميمية المفصلة. انطـلاقا من هـذا الموقف لا نـريـد ان نسـمع أى طـرح معاكـس لتوجهنـا هـذا، والأمـر سـواء ـ مااذا أتى ذلك من شـريك أو صـديق او حليف مع فائق احتـرامنـا لكل من يسـعى من الداخل او الخارج لتسـوية هـذا الأمـر.
تنويه: اذا كنـا قـد تجاوزنـا عن السـلوك المشـين الـذى كان من الـديكتاتور باٍعتبـاره دكتاتورا لا يـريـد ان يسـمع صوت غيـر صوته، فقـد تجاوزناه حـرصا على أخاء الآخـرين، وكل الـذين من حولهم، اذن فاليعفينـا شـبيهه او حتى نقيضه من السـيـر على دربه او تكـرار نفـس السـلوك، لا اريـد ان اشـحن عواطف الشـباب بالاسـتعـداء ـ ولكـن هناك من يـؤكـد انه ليـس فى حاجة الى التحالف الـديمقـراطى الارتـرى او تكويـن حكومة انتقالية بعـد سـقوط أركان النظام، وهـذه اشـارة مكشـوفة يقصـد منهـا الاحتفاظ بكامـل مؤسـسـات الجبهة الشـعبية ليحل حمـلة هـذه الـراية موقـع الـديكتاتور، وبالمقابـل هناك من يـدعو الى ضـرورة تفكـيك المؤسـسة العسـكرية الى انتمائـاتها الجغـرافية، والـرأيـان بعيـدان عن الصواب، لأن الاول اسـتمـرار للنهج الـديكتاتورى، والثانى قـد يؤدى الى حـروب أهلية نحن فى غنـى عنهـا .. فمن يـريـد اخاؤنـا واسـتمـرار شـراكتنـا وبسـط ثقافة العـدل والسـلام ـ فاليناقـش فلسـفة الاختـراع الادارى الـذى كان الـدواء الشـافى لكل الشـعوب التى أقتتلـت من أجـل الاسـتحواذ على السـيادة المطلقة. اذن حـل الخـلاف الارتـرى ـ الارتـرى يكمن فى تطبيق ,, المفهوم الفيـدرالى الـديمقـراطى ،، وهـو الاسـلوب الأمثـل الـذى يقبله العقـل العاقـل، وهـو ايضـا الحـل الـذى سـيحول بيننـا وبـين الشـتات الابـدى، خصوصـا وان البعـض يتحـدث الآن همسـا عن الانفصال وهـو همـس مصـحوب بنوع من الخجـل والخشـية حتى الآن، وقـد يقـال غـدا علنـا عنـدمـا يتكاثـر رواده وتتعثـر محاولات الجمـع التى نـدعوا لهـا، وبمـا اننـا نعلم ان المفهوم الفيـدرالى هـو دواء للانفصـال والشـتات وليـس طـريقـا يؤدى اليه، اذن هـو المهـرب من مايوجـد تحـت اكثـر من رمـاد مازال خامـدا، فالفتنة مازالـت نائمة وعلينـا ان نجنح الى الحـل الأمثل حتى لا نتسـبب فى ايقاظهـا فنخسـر ونلعـن.
سـؤال وجـواب: لمـاذا يتوجـس بعضنـا من مجـرد سـماع كلمة الفيـدرالية، وهنـا لا أقصـد الحـركة الفيـدرالية تع احتـراهى لهـا ـ بل أقصـد المفهوم العملى للاسـلوب الفيـدرالى .. هـذا سـؤال لا أحسـبه صعبـا او محيـرا، لأن المنطق يؤكـد ان من يـرفضه يـريـد ان يصبح سـيـدا على الشـعب بأثـره .. يـريـد ان تغـتـنى الاقلية على حسـاب الاكثـرية .. يـريـد اسـتمـرار ثقافة السـيـد والتابـع .. يـريـد اسـتمـرار تجهيل الابنـاء والاحفـاد .. يـريـد ان يسـطـر قانونـا يخالف قوانـين السـماء والأرض بما فى ذلك أعـرافنـا الأهلية التى سـاد الأمـن يومـا تحـت سـلطانهـا بما يـرضى ألله والمواطـن الارتـرى أينمـا وجـد.
نخلص من ماتقـدم الى ان سـلوك الاسـتحواذ او السـيادة المطلقة يتعارض تمامـا مع مفهوم الشـراكة والأخـاء والمواطنة الشـريفة المتكافئة التى يتحـدث عنها كل عادل يحسـن علم الكلام، اذن ليظل الوطـن شـراكة مابـين مواطنيه من غيـر ان يظْلم اويُظلم زيـد او عمـرو، بمـا فى ذلك اختفـاء ظلم زيـد أو عمـرو لأتبـاعه، ولو عاد بنـا الـزمن للسـتينيـات لطالبت بصوت عالى اٍعطاء المناضل محمـد عمـر عبـدألله ,, أبو طيـارة،، اطـال ألله عمـره ـ منطقـتين وليـس منطقة واحـدة، وعلى أى حـال ,, مازلنـا نحـن فيهـا،، كمـا يقول أخواننـا فى أرض الكنانة، والجـديـر بالـذكـر ان الاختـراع الجـديـد ,, الاسـلوب الفيـدرالى،، يضمـن ذلك له ولغيـره وعلى أرضهم وبـين مواطنيهم وفى اطار الوطـن الموحـد. ومـن جهة اخـرى ادعو كافة الشـباب الالتحـاق بالعمل الوطنى حتى نضمـن اسـتمـرار القافلة، وبالتالى وصول الهـدف متكئـين على سـواعـدهم الفتية ومسـتفيـدون مـن مايحملون فى عقولهم غيـر الملوثة.
اخيـرا أدعـو ألله ان يوفقنـا على سـلك الطـريق المؤدى الى العـدل والوحـدة والسـلام، وان يهـدى كل من يصـر على عـدم الاعتـراف بحـقوق شـريكه الآخـر.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6264
أحدث النعليقات