مؤشرات نجاح زيارة وفد الحزب الإسلامي لمصر
علي محمد محمود
15 / 3 / 2012 م
سألني أحدهم يوم أمس ممتنا بالزيارة التي قام بها وفد الحزب الإسلامي الإرتري للعدالة والتنمية لمصر الثورة ، قائلا : الم يكن بإمكانكم أن تهزوا النظام إعلاميا (من زمان ومكان ) كما فعلتم مؤخرا !! ؟ فقلت له وهل أهتز النظام فعلا ؟ فبدأ الأخ يعدد المكاسب حسب تقديره قائلا : أنا أتابع القناة الارترية ـ عفوا قناة الجبهة الشعبية ـ يوميا على مدار الساعة وكنت أتمنى أن أجد فيها ولو لمرة واحدة ما يدلل أنها تمثلني وتمثل كل ارتريا وليس فئة او طائفة بعينها ، من حيث الأخبار او التقارير او الصور وكذلك الفن المعروض ، ولكن ذلك كان رابع المستحيلات ، الا أنني بعد الزيارة الميمونة لمصر من وفد الحزب وجدت اللهجة والاهتمامات تغيرت بعض الشيء ، فهناك تقارير تلفزيونية باللغة العربية ومقابلات مع اناس كأنهم لم يكونوا في ارتريا أو أنهم ليسوا من أهلها ، إن ذكروا لماما كمواطنين لا يعوزك الاجتهاد والتدقيق لتدرك كونهم مواطنين من الدرجة الثانية ، يمتن النظام أنه أظهرهم مرة في قناته الفضائية (الفاضية الفاضحة) ، وإذا تحدثوا أمام الكاميرا ــ وقلما يحدث ـ فليست لهم مطالب ولا انتقادات ، وإنما الشكر بحمد الحكومة وتسبيحها تجد كلامهم فجا متعثرا يدرك السامع أنه كلام ملقن يخرج من الشفاه لا يلامس الوجدان ، وصاحبه تكاد تخنقه العبرة والحنق . وفائدة أخرى ظهرت مع هذه الزيارة حيث رأينا صورا لطلاب يدرسون باللغة العربية ، بالرغم من أن العبارات المكتوبة فوق سن هؤلاء الطلبة الجالسين أمامنا ، مما يدل ــ للأسف ـ أن الأمر كان لغرض الدعاية ، والرد على تصريحات الحزب ، ولكن لا بأس فأول الغيث قطرة ، وثالثها أن بعض الأسر سمعت أن أبناءها المعتقلين هم على قيد الحياة ، أما الرابعة فكانت الخلافات بين بعض رموز النظام في عدة مواضيع منها السماح لجثمان (نايزكي كفلوا) بان يدفن في ارتريا أم لا ؟ ، ويمكنني أن اعدد لك الكثير مما لاحظته في الأسبوع المنصرم وحتى اليوم ، هذا فضلا عن الأمل الذي ينتابنا جميعا في التغيير العاجل ووصول مد الربيع العربي الى إرتريا كما انداح في دول المنطقة.
قلت له ما قلته يلامس الحقيقة ، و أضفت عامة من حيث المبدأ أن التنظيمات الإرترية لا تنقصها القدرة ولا الإرادة أن تقوم بما قام به الحزب وهو جزء منها ، ولكن واقع الحاجز الخرصاني الذي وضع أمام حركة التنظيمات الإرترية كان معيقا بحق ، شل قدرتها على التحرك والإفصاح عن قضاياها العادلة ، واليوم بعد أن تهاوى بعضه كان الإمكان ، وكان القول الذي نتمنى أن يتبعه الفعل ؛ حقيقة أن الزيارة أربكت حسابات النظام الدكتاتوري ولذا تحركت دبلوماسيته العرجاء تجاه السودان تتوعد وتهدد زعما منها أن المتحركين ربما يحملون الجواز السوداني ، يضاف الى ذلك أن الاتفاق بين دولة الشمال والجنوب تم برعاية زيناوي الذي يقدم التسهيلات للمعارضة الإرترية فيخشون أن تكون له الأيادي البيضاء على السودان بشقيه ويخرج نظام اسياس من الصراع من غير (خف حنين) ، إذ ان الخف كسب وإن قلَ ، وتدخل المعارضة الإرترية كلاعب فاعل في الموازنات الجديدة ، ولم تكتف الدبلوماسية المأمورة الموتورة بالسودان المجامل ، الذي يأخذ حاليا بالحسابات الأرضية الآنية ، متناسيا الرؤية الإستراتيجية ، بل تحركت دبلوماسيتة (طامته) الى القاهرة لتوقف مدَ الزمن وتحجب نسائم الحرية التي استنشقتها الأحزاب المصرية والإعلام المصري ، وأصبحوا يفيضون الى جيرانهم من عبق ذلك العطر الفواح ، وللأسف أن زمرة اسياس لم يدركوا بعد أن الزمان قد استدار ، وأن مصر الثورة ليست هي مصر مبارك ، هذا فضلا عن سعة مساحة انتشار الإعلام المصري الذي تفاعل مع زيارة وفد الحزب الإسلامي الإرتري ولأن قضية ارتريا حية في نفوس المصريين ، ولأنهم كرهوا الكبت والاضطهاد والوصاية مع أن مبارك وأعوانه كانوا ارحم ملايين المرات بالمقارنة مع ” اسياس افورقي ” وزمرته والمقارنة نفسها غير واردة ، ( وبعيد ما بين وارد رفه *** علل شربه ووارد رمس ) نقول يصعب على هذه الدبلوماسية الكسيحة التي لا يكاد يبين وزيرها الأول الا اذا استعان “ب يماني” أن توقف هذا المد حيث لا تستطيع سفارتهم أن تحصر عدد القنوات والصحف والمجلات والمواقع الالكترونية التي تداولت الزيارة ، ولا عدد الأحزاب والمراكز والشخصيات الهامة في الدولة المصرية التي صرح بها إعلاميا والتي لم يصرح وفد الحزب ببعضها مراعاة لوضع ما ، لا نقول ذلك تهويلا وتضخيما للذات فإن القضية أكبر منا فلو تحركنا جميعا كمعارضة وأشخاص لكان للقول موضع ولا استنفدت القضية وقتنا وإمكانياتنا قبل أن نصل الشأو والأمر لا يزال في بدايته ، والحزب لم يتعد في تناوله لخبر الزيارة واللقاءات التي أجراها على كثرتها ذكر الخبر مجردا ، مع أن البعض إذا قام بمنشط بسيط وضع عليها المزيد من البهارات ، نقول : أن وزير خارجية ارتريا والوفد المرافق له بالتأكيد سيرفعون الى “الرئيس اسياس” تقرير الحظ العاثر الذي سيلازمهم تباعا ، كما عبر عنه الشاعر السوداني جماع ( ان حظي كدقيق فوق شوك نثروه ** ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه) .
القضية ليست في نجاح وفد الحزب في اختراق ذلك الصمت الرهيب ، وذلك التجاهل الذي خيم على القضايا العادلة التي تطالب بها المعارضة الارترية والشعب الإرتري ، وبخاصة من مصر التي تمثل قلب الأمة النابض ، والقوة المؤثرة في المنطقة وإن كان هذا مهما ، القضية في مكابرة النظام واستمراره في الصلف والغطرسة وهو يرى الأصنام تتهاوى من حوله ، ويريد أن يعيد الزمن للوراء ويتخيل أن مصر كما كانت ، ياترى من سيعاتب وزير الخارجية الإرتري في مصر؟ ومن سيراجع على هذا الزخم الإعلامي الذي حظيت به الزيارة ؟ هل سيسأل عن ذلك حكومة الدكتور الجنزوري !!؟ أم المجلس العسكري !؟ ، أم الأحزاب الفائزة في البرلمان والمتوقعة أن تكوِن الحكومة القادمة ؟ أم الرؤساء المحتملين !!!؟ ألم أقل لكم أنه يريد ان يعيد الزمن للوراء ، ويحاول حجب النسيم العليل حتى عن الآخرين!!؟ .
هنا يستوجب أن نطمئن الشعب الإرتري بأن التجاوب والتفهم الذي وجده وفد الحزب من الفعاليات المصرية للقضايا العادلة التي طرحها الحزب ، وهي مطالب الشعب الإرتري ، ومطالب كل القوى السياسية الإرترية وهي مطالب مشروعة في الجملة ، لا يمكن أن يغيرها أو يزورها كما كان يفعل في السابق نظام عاجز فاقد للشرعية والأهلية ، ( وإذا اتتك مذمتي من ناقص ** فهي الشهادة لي بأني كامل ) ويدرك السياسيون والمتابعون أن الحزب الإسلامي الإرتري بصورة خاصة تربطه علاقات عميقة قديمة متميزة مع بعض هذه الفعاليات تتجاوز حدود المجاملات الإعلامية ، وهو إن شاء الله من جانبه سيسعى الى توظيفها لمصلحة الشعب الإرتري والقوى السياسية الإرترية الأخرى ، فلسنا نحن اليوم في مجال التنافس والتباهي وإنما التشمير من أجل انقاذ شعبنا الذي فقد كرامته وشبابه وأصبح سلعة مهانة يتداولها أراذل القوم وحثالة المجتمعات التي لم ترع فينا دينا ولا جوارا ، فأمة هذه حالها لا بد وأن يُستفز كل شرفاؤها ليرموا من قوس واحد ، وينقذوا الوطن من براثن فئة أوردتنا المهالك ، وجعلتنا محل تندر الشعوب ، فإذا استعدنا عافيتها واستقر شعبنا في أرضه ، عندها فليتنافس المتنافسون.
ولايفوتنا أن نذكر “اسياس افورقي وزمرته” مع أنه عن سماع قول الناصحين في صمم ، أن الشعب الإرتري اليوم يزمجر وتضطرم النيران في جوفه وقد ينفجر قريبا بحول الله وقوته وعندها ستكون غضبة الحليم فأين المفر وقد احرق نظامك كل مراكبه حتى مع دول الجوار.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=21384
أحدث النعليقات