مات “نايزقي” وانتقم “أسياس” وثأر من جثته فلماذا؟
السؤال أعلاه يكتسب أهميته خاصة إذا وضعنا في الاعتبار ما قيل عن العلاقات الخاصة جداً والتي ربطت بين “نايزقي” ورفيقه “أسياس” وكيف أن الرجلين أدارا عمليات تصفية امتدت بعمر الشعبية وحكومتها بعد أن تمت شرعنه الكذب من خلال وضعها في برامج التعبئة السياسية لتنظيم الجبهة الشعبية – كتاب التثقيف السياسي – الجزء الأول – مثالا – حيث ذكر فيه أن “كيداني كقلو” وهو أخ “نايزقي” ومقاتل آخر نسيت اسمه قد أعدمتهم جبهة التحرير لأنهم مسيحيون.
الموت حق وكلنا وارده لكن قليلون هم من سيزرفون دمعاً على رحيل “نايزقي كقلو”. وإذا كان قد أفلت من عقاب العباد الذين أسامهم سوء العذاب فإنه لن يفلت من حساب رب العباد. وإذا كان الأمر كذلك ولم يكن بمقدور ضحاياه أن يلاحقوه قانونياً إلا من بعض الحالات التي لم يكتب لها النجاح. فهل لنا أن نصمت الآن عن ذكر جرائم “نايزقي” لمجرد أن أصبح في تعداد الموتى؟ وهل الجرائم تسقط ويقفل سجلها بسبب التسابق الزمني أو الموت؟ وهل حركة التأريخ وقدسيتها تقبل أن تحذف من سجلاتها مراحل تأريخية بأفعالها وشخوصها؟
أقول هذا وأنا أقرأ للبعض وهم يقولون لا شماتة في الموت. نعم لا شماته في الموت ولكن من حق من تلذذ “نايزقي” بتعذيبهم وتيتيم أطفالهم وقتل ذويهم أن يفرحوا ليس للموت ولكن لما جازاه به سيده.
كثيرون هم من أصابتهم الدهشة وانتابتهم الحيرة تجاه تصرف “أسياس” مع جثة “نايزقي” ومنع دخولها إلى أرتيريا لتدفن هناك. وفي إطار بحثهم عن الأسباب قد ذهبوا إلى غير اتجاه، وكانت إذاعة “صوت أمريكا” ضمن الباحثين عن أسباب رفض دخول الجثة وقد حاولت أن تلتقي بأرملة “نايزقي” السيدة “حرقو” والتي اعتذرت على أن تكون في وقت لاحق. وعلى إثر ذلك، اتصلت “إذاعة صوت أمريكا” بالسيد مسفن حقوس” عضو اللجنة المركزية والمكتب السياسي بالجبهة الشعبية سابقاً وصاحب أهم منصب في حزب الشعب الديمقراطي حاليا. وفي إجابته قال “مسفن” إن “نايزقي” هو رجل حكومة ولم يكن له علاقة بالمعارضة واستعرض تأريخ “نايزقي” قائلاً إنه التحق بالميدان في شهر 9 أو 10، 1971.
ومنذ ذلك الحين شغل مواقع نضالية عدة في الداخل والخارج، وعدد وبدقة متناهية أسماء المكاتب الخارجية التي شغلها “نايزقي” وامتنع ولم يشأ أن يذكر المواقع التي شغلها “نايزقي” في الميدان!!!
في ظني أن الإرتريين غير معنيين أين يدفن أحد جلاديهم، لكن ما يعنيهم هو ماذا جرى بين “أسياس” و”نايزقي”؟
قد بتكهن الكثيرون ويحللون وقد لا يبتعدون كثيراً عن الحقيقة. إلا أن ما هو مؤكد أن شرخاً كبيراً قد حدث في علاقات عصابة الجريمة التي مارست القتل والخطف وأرست دولة الحقد الطائفي النتن التي جعلت من بلادنا جحيماً. لقد ذهبت بنت “نايزقي” إلى – أسمرا – لتستعطف وتستجدي عمها وشريك أبيها، إلا أنه منعها من دخول بيت أبيها. وبعد وساطات عديدة سمح لها باستخدام غرفة واحدة فقط. ونحن ومعنا كل الشرفاء لا نحاسب هذه الأسرة بجريرة عائلها الراحل ونتمنى لبنت “نايزقي” أن لا يحدث لها مكروه وأن تعود إلى أسرتها بسلام. وإن رأس النظام بفعلته تلك قد أكد انحداره الأخلاقي والإنساني، وساديته الموغلة في التخلف والجنون وشجاره الذي تجاوز الأحياء إلى جثامين الموتى. وأنه قد سدت أمامه الآفاق وينتظر رصاصة الرحمة بعد أن أصبح عبئا على نفسه. على منظمات حقوق الإنسان الإرترية ووسائل الإعلام المعارضة أن تسوق قضية رفض الجثمان – بغية تعرية “أفورقي” وكشف سوآته من أجل تأليب الرأي العام العالمي عليه وإسقاط دولته الظلامية وهي لا محالة ستسقط لأن دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة.
عبد الرحمن محمود
Abdali0101@yahoo.com
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=21105
أحدث النعليقات