ماذا يدور وراء الكواليس؟
عمر محمد احمد
روتردام
فى الرابع من نوفمبر الجارى عبّر ابناؤنا الذين زج بهم النظام الدكتاتورى فى سجن ” عدى ابيتو” فى ضواحى العاصمة اسمرا ، فى اطار حملة التجنيد الأجبارى المكثفة والعشوائية، عن غضبهم بدفع إحدى جدران السجن حتى الأنهيار. سقط ذلك الجدار على نفر من ابنائنا الحراس ففقدوا ارواحهم.
اعقب ذلك إطلاق نيران مكثف اسفرعن مقتل العشرات وجرح مئات آخرين، جراح بعضهم خطيرة ، ولا زالوا يتلقون العلاج فى المستشفيات.
طفح الكيل فقام شبابنا بتمرد يذكّر بتمرد سجن “الباستيل” عشية اندلاع الثورة الفرنسية. لكنهم لم يجدوا قوى سياسية تستثمر المبادرة وترقى بها الى مستوى الثورة الشاملة.
هكذا تؤكد الأحداث مرة اخرى ان الظروف الموضوعية لأنهيار النظام الدكتاتورى قد نضجت. بيد ان الشروط الذاتية لم تتكامل بعد. فالمعارضة التى ترفع شعار الوحدة وضرورة اسقاط النظام الدكتاتورى وإقامة البديل الدمقراطى مشغولة بصراعاتها الجانبية. فبدلاً من تكريس كافة الطاقات من اجل تحقيق الهدف الأساس فإنها مهمومة بإحتكار تأييد الأرتريين فى بلدان المهجر، ودعم دول الجوار.
من يحظى بإمتلاك جلد الدب قبل ان يصاد؟
هذه هى المسألة – المضحكة والمبكية – التى تشغل بال المعارضة فى هذه الأيام!!
وسوف اضرب بعض الأمثلة التى تؤكد ذلك:
اولاً: منذ عام تقريباً قام وفد يمثل احدى الحلقات السياسية الوليدة بجولة فى اثيوبيا والسودان آملاً اختراق القواعد التقليدية لجبهة التحرير الأرترية ” الأم” لكن تلك الجولة باءت بالفشل بكل المقاييس. ومنذ ذلك الحين بدأ السكرتير العام لتلك الحلقة السياسية يصب جام غضبه على التنظيمات والتجمعات السياسية التى يعتقد انها العقبة التى تعترض طريقه. فنشر فى موقع “الأنترنت” الذى يملكه- عشية انعقاد المؤتمر السادس لجبهة التحريرالأرترية “المجلس الثورى” – مقالة مليئة بالغمز والتلميح محذراً من ان هناك ” طبخةٍ” ما لترتيب اوضاع سياسية ستشكل خطر على مسيرة الحركة الوطنية الأرتريه اكثر من الخطر الذى يشكله النظام الدكتاتورى الراهن.
ثانياً: مجلس الأنقاذ ” بايتودحنت”
حينما اندلعت الأزمة فى صفوف جبهة التحرير الأرترية – المجلس الثورى منذ اكثر من عامين ، وبادرت الأغلبية الساحقة من قواعد التنظيم الى اتخاذ اجراءات ضد القيادة المتنفذة ، التى رفضت التجاوب مع الدعوات الهادفة الى الحفاظ على وحدة التنظيم ، اعتقد البعض ان الفرصة قد سنحت لتحقيق طموحاتها الضيقة الأفق عبر استثمار حماس تلك القواعد لنداء وحدة القوى المناضلة ضد النظام الدكتاتورى. كان فى مقدمة من ركبوا تلك الموجة هيئة تحرير موقع الأنترنت:
Dekkeabbat ” دقى ابات”
وتحديداً السيدين : قلتا كدانى وهبتى ماريام ابرها.
قام هذان الشخصان برحلة “اديس ابابا ” وعرضا نفسيهما على السلطات الأثيوبية بإعتبارهما وفداً شعبياً (شماقلى) ، إعتقاداً منهما ان اللقاء بالمسئوليين الأثيوبيين هو جواز مرور للتعميد السياسى!!
وشاركا فى المهرجان الثامن عشر فى “كاسل” وبذلا كل ما يستطيعان لأقناع أعضاء المهرجان للموافقة على انتخاب “لجنة شعبية” يقومان بقيادتها.
بيد ان قواعد تنظيمنا لم تكن بتلك السذاجة التى اعتقدها الشيخان السالفى الذكر واكدت انها ليست مطيه سهلة لكل من تسوّل له نفسه لأستغلال حماسها وولائها للمصالح العليا للشعب والوطن.
فقد بادرت عشية المهرجان الثامن عشر بإختيار قيادتها المؤقته وحملتّها مسئولية الأعداد للمؤتمر السادس للتنظيم بأسرع وقت ممكن.
هكذا خسرت هيئة تحرير “دقى ابات” الجولة الأولى وعادت الى لندن بخفى حنين!!
لكنها لم تيأس فقد ظلت طوال عام كامل تسخّر موقع “الأنترنت” لأشاعة أفكار تهدف الى زعزعة ثقة الأرتريين – لاسيما فى بلدان المهجر- بالقوى السياسية المعارضة.
وحينما عقد المؤتمر السادس وانهى اعماله بنجاح ، جن جنونها وشنّت حملة “صليبية”شرسة ضد جبهة التحرير الأرترية – المؤتمر الوطنى.
كان ذلك كله يجرى تحت اسماء مستعارة مثل “تجمع الوطنيين الأرتريين” والدكتور “زانيو هيلى” و …..الخ. ودفعها الحقد الأسود الى التحالف مع الشيطان ، فأتاحت المجال واسعاً امام المدعو “امباى ملكين” ليسوق افكاره اللاوطنيه.
والجدير بالذكر ان ذلك الشخص دأب على النيل من رموز الحركة الوطنية الأرترية ومهاجمة كل ما يمت الى الثقافة الأسلامية والعربية فى ارتريا بِصِلة، بل وصل به الجنون الى إعتبار “الجبرت و “البت جوك” بأنهم أجانب!!!
وحينما تأكد المدعوان قلتا كدانى وهبتى ماريام ابرها ومن يقف وراءهما من خسارة الجولة الأخيرة بدآ فى تغيير شعاراتهما وتحالفاتهما.
وعلى هامش المهرجان الثانى لجبهة التحرير الأرترية الذى عقد فى لندن بدآ فى وضع اللمسات الأخيرة للأعلان عن ميلاد تجمع سياسى جديد.
هكذا ولد “مجلس الأنقاذ” او ما يسمى “باتيودحنت”.
ولايعرف حتى الآن من قيادته وقواعده الاّ قلتا كدانى وهبتى ماريام ابرها.
ثالثاً: موقف “ساقم” من وحدة التنظيمات الخمس:
فور اعلان الخطوة الوحدوية بين التنظيمات الخمس فى المهرجان التاسع عشر فى “كاسل” خرج المناضل تولدى قبر سلاسى من القاعة غاضباً ، الأمر الذى اثار التساؤلات فى صفوف الحاضرين.
لاشك ان من حق “ساقم” ان يكون له مفهومه الخاص لمسألة الوحدة، بين التنظيمات التى تمتلك برامج متشابهه ، ومن حقه ايضاً ان يعبر عن انتقاداته ” الرفاقية” واقتراح الأسلوب الأفضل ، ولكن ان يصل به الأمر الى بذل كل ما يمكن من اجل افشال تلك الخطوة الوحدوية ، فهذا امر لايخدم مصلحة النضال الدمقراطى بل يصب فى خانة خدمة اهداف النظام الدكتاتورى. فقد نشر السيدان “زقاى قبرهوت” و “فسهاظيون قبرى سلاسى” عضوا “ساقم” فى واشنطن . دى دسى” فى الولايات المتحدة الأمريكية فى “ارتريانا . كوم ” التعميمات السرية التى ارسلتها القيادة الى الفرع ، وتضمنت الجهود التى تبذلها القيادة مع بعض اعضاء التحالف من اجل إفشال وحدة التنظيمات الخمس. ولم تقدم قيادة “ساقم” حتى الآن تبريراً لما جاء فى تلك الوثائق.
هذه النماذج وامثالها لا تعبّر إلاّ عن حالة فقدان البوصلة السياسية ولا يمكن ان تساهم فى اسقاط النظام الدكتاتورى.
فمتى تدرك القوى والشخصيات المعارضة ان إعطاء الصدارة للتناقض الرئيسى هو الأسلوب الأمثل لتعزيز الثقة بين كافة القوى المعارضة والذى يفتح المجال واسعاً امام الجميع للمساهمة الجادة فى النضال من اجل اسقاط الدكتاتورية وإقامة البديل الدمقراطى.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5943
أحدث النعليقات