ماذا يريد الاثيوبيون منا ؟

بقلم/ حسن ادريس

 

تتسارع الاحداث في الساحة الارترية بشكل غير مسبوق . حيث بدأ النظام الدكتاتوري  في اسمرا يهرول لكي يفك العزلة عن نفسه من جراء ما تعرض له من العقوبات الاممية  التي فرضت عليه نتيجة لسياساته الحمقاء التي اتبعها  مع دول الجوار.

فهو تارة يحاول اعادة عضويته بمجموعة دول الايغاد والتي قوبلت بالرفض الى الآن وتارة يحاول تحسين علاقاته مع بعض تلك الدول  بعد ان كانت علاقاته بهذه الدول سيئة للغاية، كاوغندا مثلا ، ونرى تارة اخرى الزيارات المكوكية لكبار مساعديه بين اسمرا ودولة جنوب السودان الفتية لكي تتوسط بينه وبين دول الايغاد .

اما في جانب المعارضة الارترية التي تقود النضال ضد النظام الدكتاتور من اجل التغيير الديمقراطي يلاحظ ان هناك نشاطا محموما ايضا ، تقوده دولة اثيوبيا الجارة المحتضنة للمعارضة الارترية كما هو معلوم .

ففي منتصف  شهر اغسطس من هذا العام دعت اثيوبيا قيادات المعارضة الارترية الى( سيمنار)من اجل تقييم الاوضاع في الساحة الارترية بصفة عامة وتقييم اوضاع المعارضة ومعرفة تقييمها للنظام الارتري الحاكم بصفة خاصة .

كذالك هناك انباء مؤكدة ، تفيد بان الحكومة الاثيوبية دعت الى سيمنار ثاني ، سيعقد في الاسبوع الاول من شهر سبتمر من هذا العام ، ولكن هذه المرة ليس لاقطاب المعارضة ، بل لقوى ارترية اخرى تحمل اسم  ( النخبة ). اما تعريف النخبة ;كما جاء باختصار شديد في القواميس الانجليزية والفرنسية :  عرفت القواميس الإنجليزية كلمة (النخبة Elite) بأنها أقوى مجموعة من الناس في المجتمع، ولها مكانتها المتميزة، وذات اعتبار، أما القواميس الفرنسية فعرفت النخبة أنها تضم أشخاصا وجماعات الذين بواسطة القوة التي يمتلكونها أو بواسطة التأثير الذي يمارسونه، يشاركون في صياغة تاريخ جماعة ما، سواء كان ذلك عن طريق اتخاذ القرارات أو الأفكار والاحساسات والمشاعر التي يبدونها أو التي يتخذونها شعاراً لهم.! !

واذا اخذنا الامور بحسن النية، وهذا ما سنفترضه الآن، وذا كان ولابد  من عقد سيمنار لما يسمى (للنخبة) الارترية، كان من الاجدر ان يكون  السيمنار واحد،  لقيادات التحالف + ما سمي ( بالنخبة ) على حد سواء، لكي يخرج السيمنار بتقييم ووجهة نظر واحدة موحدة ، لا ان يعقد  سيمنارين كل على حدة ، طالما النتيجة المرجوة من عقد السيمنار هو مناقشة الاجندة الظاهرة في العلن .   

ولا اتساءل هنا كيف تمت عملية اختيار النخبة ؟ وعلى ايّ اساس ؟ وما هو الهدف منه ؟ وهل قيادات المعارضة غير مؤهلة يحيث لا يأخذ بتقييمها وارائها ؟ ولكن اتساءل فقط، ما الغرض الاساسي من ( الفصل) يبن قيادات المعارضة و(النخبة) المعارضة ؟

ان الدعوة الى هكذا سيمنارات ،  يبدو لأول وهلة امرا عاديا. بيد ان الامر ليس كذلك .

فماذا يريدون الاثيوبيون منا اذن ؟

ما من شك ان اثيوبيا، دولة جارة حاليا، وكانت دولة مستعمرة لنا سابقا. وعلينا ان نعترف ايضا، بان اثيوبيا حاليا تعتبر قوة اقليمية في منطقة القرن الافريقي ..

 فاثيوبيا كدولة مستعمرة لارتريا في الماضي ، كانت لها تاثيرات يعرفها الجميع ، حيث اتبعت سياسة فرق تسد من اجل افشال مشروع الاستقلال التام عن اثيوبيا التي نادت به القوى الوطنية حينذاك ، حيث استطاعت  ان تكسب ولو لحين شريحة من شرائح المجتمع الارتري الى جانبها من اجل التصدي للقوى الوطنية التي كانت تطالب بالاستقلال ، مما ادى ذلك الى انقسام الشعب الارتري الى مؤيد ومعارض للاستقلال التام عن اثيوبيا لفترة من الزمن .

ومن المفيد ان نذكر هنا وللتاريخ  ، لولا تحلي القوى الوطنية بالفطنة والحكمة التي ادت الى تفويت الفرصة على اثيوبيا للحيلولة دون  تعاظم  هوة  الخلاف بين الارتريين ، لما كانت ارتريا كما نراها اليوم .

ولابد من التذكير ايضا ، بان القوى الحاكمة اليوم في اثيوبيا ، هي القوى نفسها التي تدخلت في شؤون الثورة الارترية ابان مرحلة الكفاح المسلح ، وتحالفت مع الجبهة الشعبية في تصفية جبهة التحرير الارترية والذي نجم عن ذلك ميلان ميزان القوة لصالح الجبهة الشعبية وبالتالي ادى الى  خروج  الجبهة من ساحة المعركة وانفراد الجبهة الشعبية بالساحة الارترية. وهي القوى نفسها التي اتفقت مع الجبهة الشعبية ، بضرورة تأخير  الاستفتاء واعلان الاستقلال لعامين، وقد تم ذلك بالفعل .

كذلك من الانصاف ايضا ان نذكر هنا ان القوى الحاكمة اليوم في اثيوبيا ،  هي القوى نفسها التي احتضنت ولاتزال تحتضن المعارضة الارترية التي تناضل ضد النظام الدكتاتور من اجل التغيير الديمقراطي، بعد ان اغلقت دول الجوار الاخرى الابواب في وجهها ، بالاضافة الى استقبالها آلاف اللجئين الارتريين الهاربين من جحيم النظام الدكتاتوري في ارتريا.

هذا هو تاريخ التأثيرات الاثيوبية عبر الحقبة التاريخية المعاصرة باختصار ، هذا اذا استثنينا المذابح والمآسي التي تعرض لها الشعب الارتري ابان استعمار اثيوبيا لارتريا. وصحيح ان التاريخ مهم  ولكن يبقى المستقبل اهم في وجهة نظري ، من اجل ان نعيش كدولتين جارتين تتسم علاقاتهما بالود والاحترام المتبادل ، وهذا لا يتحقق الاّ اذا راعت اثيوبيا العوامل الاتية في تعاملها مع المعارضة الارترية، والعوامل هي :

1-      ان يكون منطلق دعمها للمعارضة الارترية في نضالها ضد نظام الدكتاتوري من اجل انجاز النضال الديمقراطي ومن دون املاءات او ضغوطات ، وذلك من اجل تعزيز العلاقات التاريخية والمصيرية بين الشعبين الصديقين .

2-      الوضوح والشفافية في التحركات السياسية والعمل للحيلولة دون خلق التكتلات التي تعوق مسيرة النضال الديمقراطي الارتري وتسيئ الى العلاقات التاريخية بين الشعبين .

3-      انطلاقا من هذا الفهم فقط يمكن تجاوز مرارات الماضي وفتح صفحة جديدة مشرقة في علاقة البلدين مستقبلا .

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=17152

نشرت بواسطة في سبتمبر 2 2011 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010