ما بين موسم الفيشي وحكومة فيشي

كتبه / محمد حسان
من لم يقف علي إشاراتنا لم ترشده عباراتنا
من أقوال الحلاج رحمه الله

هاتفني بالأمس الأديب التونسي نجيب خليفي الذي يقدم لرواية ” موسم الفيشي ” متسائلاً عن كيفية نطق كلمة ” فيشي” ، الحق ـ تفاجأتُ لأني كنت أتوقع أن أُسئل عن معني كلمة ” فيشي” ولكنه ـ وهو البَناءُ الذي إكتملت عدته كما تقول العرب ، فهم المعني والدلالة فتساءل عن طريقة نطق ” الرٌَطانة ” .
بعد إنتهاء المكالمة جلستُ أفكر في وجه الشبه بين أحداث رواية “موسم الفيشي” وفداحة تاريخ “حكومة فيشي ” ، طبعاً ليست علاقة ” فيش و تشبيه ” كما في الفلم المصري الذي يلعب بطولته أحمد بدير ودلال عبد العزيز حيث يبيع الفلاح ( غريب) أرضه ” طوعاً ” ويرحل إلي المدينة التي تؤدي به في النهاية إلي الجريمة والجنون .
غيرت حكومة فيشي شعار فرنسا من (الحرية ـ المساواة ـ الأخوة ) إلى ( العمل ـ الأسرة ـ الوطن ) . طبعاً حكومة فيشي العميلة التي نصَّبتها النازية لتحقق هذا الشعار فرضت قوانين العمل القسري مما أدي إلي فرار الشبان بأعداد ضخمة إلى الجبال والوديان وبالتالي تغذية حركة المقاومة التي كان يقودها (شارل ديجول ) من لندن .
في أرتريا ، طوال خمسون عاماً خاض الأرتريون نضالاً مريراً من أجل (الحرية ـ المساواة ـ الأخوة ) وكادوا أن يحققوا أمة العقد الإجتماعي ولكن أختُزلت طموحات وطن في نزوات أفراد ليفر الشباب بأعداد ضخمة إلى خارج الوطن هرباً من أعمال السخرة .
في فرنسا أدى فرارالشبان إلي الجبال والوديان إلى إعدام ” بيير لافال ” عام 1945 ، كما حكم علي الديكتاتور العميل ” فليب بيتان ” بالإعدام الذي تدخل ديجول لتخفيفه إلي الحكم المؤبد الإنفرادي ليموت في السجن عام 1951 .
سؤال الرواية هو : ـ
هل فرارشبان أرتريا هرباً من السخرة سيؤدي إلى سقوط حكومة ” الفيشي ” ° ؟ ومحاكمة الخونة أم سينطبق عليهم وصف الديكتاتور بالـ ” كُرْدادْ ” ° ؟ .

هامش
” فيشي ” ° : بلغة التجري ، وهو مرض فطري يصيب الذرة فيتحول المحصول من حبوب مكتملة إلى كيس جرثومي علي هيئة كيس أسود فحمي .
” كرداد ” : هو التّبن الذي يبقي في البيدر بعد فصل حبوب الغلال عنه ليذهب مع الريح التى يتحين المزارعون هبوبها لغربلة المحصول .

——————