ما وراء القمة الأفريقية الرباعية في مقديشو؟
في خطوة اعتبرها المراقبون متوقعة عقد اربعة من قادة شرق افريقيا قمة انتهت الاول من شهر فبراير الجاري في العاصمة الصومالية مقديشو، والقادة هم الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ، الرئيس الكيني وليام روتو، الرئيس الجيبوتي اسماعيل عمر قيلي ورئيس الوزراء الاثيوبي أبي أحمد ، ناقشت القمة أهم التحديات التي تواجهة المنطقة والعالم والمتعلقة بعملية مكافحة الارهاب ، خاصة وان الصومال يواجه تحديا كبيرا هذا الايام من خلال الهجمات المتكررة التي تقوم بها حركة الشباب الصومالي ، والامر نفسه تعرضت له كينيا من نفس الجماعة في الاونة السابقة ومازال خطرها قائما، أما جيبوتي وبحكم موقعها الاستراتيجي على باب المندب حساسيته على الملاحة والتجارة العالمية ، يبقى دورها مهما ، والامر لايقل اهمية بالنسبة لاثيوبيا التي تحاد الدول الثلاثة والتداخل السكاني بينهم جميعا، وفي تقديرنا ان مجيئ هذه القمة في هذا التوقيت له دلالات كثيرة أهمها الاهتمام الدولي بالمنطقة والتنافس المحموم بين الكبار، اكدت القمة من خلال البيان الصادر عنها على ضرورة القضاء على ظاهرة الارهاب في المنطقة والمتمثلة في حركة الشباب الصومالي وغيرها من الحركات المماثلة في الدول الاخري ، وكما معلوم للقاريئ الكريم ان المنطقة تعاني من سيولة امنية خطيرة تهدد استقرارها فلا كيبنيا مستقرة كما كان الجميع متوقع ذلك وعلى الرغم من مجيئ الرئيس دانئيل بالانتخابات المباشرة الا ان العديد من المراقبين يشككون في نزاهتها وكان هناك تخوف كبير من ان يتكرر سيناريو الانتخابات السابقة التي اتت بالرئيس هيرو كنياتا وعلى اثرها قتل العديد من المواطنين في احداث عنف رافضة لنتائج تلك الانتخابات ولم يحسم الامر الا بعد تدخل خارجي وحدوث تسوية سياسية اتت بالسيد اورتيقا المرشح المنافس وقتها في رئاسة الوزارة ، وتكرر المشهد الانتخابي الاخير وكادت الاوضاع ان تنفجر ولكن مازالت هادئة بالرغم من هشاشة الموقف. والحال لم يكن افضل في اثيوبيا ذات الكثافة السكانية العالية والتي تفجرت فيها صراعات مسلحة في اقاليمها المختلفة كان اشهرها الحرب في اقليم التقراى التي راح ضحيتها مايفوق ال 600 الف من كل الاطراف المتحاربة والتي انتهت مؤخرا بتوقيع اتفاق سلام رعاه الاتحاد الافريقي في بريتوريا عاصمة جمهورية جنوب افريقيا ، بيدا ان القتال في الاقاليم الاثيوبية الاخرى مازال مشتعلا خاصة اقليمي الاورومو وبني شنقول ويزداد ضراوة كل يوم وقد يتعدى الامر الاقليمين المذكورين لاقليمي الصومال والعفر، يضاف الى ذلك الصراعات التي تفجرت داخل الحزب الحاكم (حزب الازدهار) بين رافض ومؤيد لاتفاق بريتوريا. جيبوتي وكما ذكرنا تعيش في ضع حساس بحكم موقعها ولها معارضة قديمة متجددة اهمها حركة (فروت) التي تسعى لقلب نظام الحكم بالاضافة الى بعض الحركات العفرية التي تنادي بوحدة العفر المنتشرين في الدول الثلاثة (اثيوبيا- ارتريا وجيبوتي). تبقى ان نشير الى ان غياب طاغية اسمرا عن هذه القمة له دلالاته السياسية والامنية ، اصبح الطاغية عدوا للاستقرار في المنطقة فبجانب تدخله في الحرب الاهلية الاثيوبية مؤخرا ها هو الان ينسج خيوط جديدة بالتلميح بالتعامل مع روسيا وحلفائها في رسالة واضحة للغرب وامريكا بان له خيارات بديلة عنهم وهم الذين وقوفوا معه طيلة هذه الفترة تارة بالدعم السياسي والمعنوي والمساعدات وتارة بالتقاضي عن حماقاته وجرائمه المتكررة تجاه شعبه وجيرانه ، وقد كان حصانهم الرابح في خلق حالة عدم الاستقرار في المنطقة من البحيرات الى القرن الافيقي وادواره معروفة للجميع، ولهذا عدم دعوته في هذه القمة امر له دلالاته قد يكون له ما بعده.
علي محمد صالح
لندن – 5/01/2023م
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=46759
أحدث النعليقات