متابعات ومشاهد على هامش ندوة “العرب وإسرائيل في أفريقيا”

في إطار البرنامج الثقافي المصاحب لمهرجان الجنادرية في دورته أل 27 أقيمت يوم الاثنين 13/2/2012م ندوة ثقافية تحت عنوان العرب في أفريقيا تحدث فيها إلى جانب عدد من الأكاديميين العرب والأفارقة كل من الدكتور/ جلال الدين محمد صالح المحاضر بأكاديمية نايف للعلوم الأمنية والدكتور/ إبراهيم نصر الدين الخبير المصري المختص بالشئون الإفريقية وتحدث المشاركون عن العلاقة التاريخية والثقافية التي تربط العرب حكومات وشعوبا بالأمم الأفريقية وعددوا عدة عوامل وأسباب تجعل من هذه العلاقة علاقة خاصة ومتجذرة ، من ضمن هذه العوامل القرب الجغرافي والعامل الديني والتواصل الاجتماعي والمصالح المشتركة في ظل التحديات الماثلة التي تهم كلا الجانبين ، وبرز من خلال المداخلات التي قام بها المشاركون أن العلاقة بين العرب وأفريقيا دون المستوى المطلوب إذ أن هناك عدد من المدركات شكلت الصورة الذهنية السالبة لكل طرف تجاه الآخر، وتم ذلك بصناعة خارجية مقصودة أثرت في التعاطي المفترض وظلت هذه الجهات تغذي تلك الصورة كلما خفت بريقها واضمحلت ألوانها الأساسية لتعيد منها صورة حية وحديثة تعبر عن ذاتها متحدية عوامل الزمن وبعض الاجتهادات التي يقوم بها بعض الناشطين تجاه الآخر لتجاوز تلك الصورة الذهنية السالبة التي علقت بالذاكرة.

ولا يعني هذا إنكار ما قامت به الدول والمنظمات العربية منذ زيارة الملك فيصل رحمه الله لعدد من الدول الأفريقية أثمرت تعاونا مثمرا وموافق مشرفة تجاه القضية الفلسطينية ، غير أن تلك الأعمال لم تجد المتابعة والاستمرار فظلت في مستويات محددة لا تلائم ما يتطلع إليه المخلصون من النهوض بالعلاقة إلى مراقي التضامن والتعاون والنصرة ، وأوصى جميع المشاركين بأن يلتفت الحكام والمنظمات العربية إلى هذه القارة عبر بوابة التعاون الاقتصادي الكبير، بما يقارب أو يوازي الاستثمارات الصينية والهندية والروسية التي تنشط هذه الأيام ، وأن يتزامن ذلك مع تعاون ثقافي معرفي مركز يهتم بالتبادل والزيارات ويركز على منح أفريقيا والمسلمين فيها على وجه الخصوص منحا دراسية في التخصصات الهامة العلمية منها والفنية على خلاف ما درجت عليه الجامعات العربية والإسلامية في حصر ذلك على التخصصات الشرعية واللغوية حتى أصبح خريجو هذه الجامعات  لا ينافسون رصفاءهم من خريجي الجامعات الغربية التي تمنحهم فرصا في التخصصات العلمية على غرار ما تقدمه لمواطنيها من خدمات . يظهر ذلك في عدم تأثير خريجي الجامعات العربية والإسلامية على الحياة العامة على نحو يمهد لجعل العلاقة بين أفريقيا والعرب علاقة متميزة.

وركزت كثير من مداخلات الحضور وتعليقاتهم على هذا الجانب ووجدت استحسانا كبيرا .

الوجود الإسرائيلي في أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي بوجه خاص:

تحدث الدكتور / جلال الدين محمد صالح عن العلاقة التي سعت إسرائيل لإيجادها مع أفريقيا عبر مر العصور لكنها في منطقة القرن الأفريقي كانت حاضرة منذ عهد هيلي سلاسي إمبراطور أثيوبيا ، وذلك عبر عدد من المظاهر التي تدعم ذلك الوجود ، ومنذ ذلك الوقت تبحث إسرائيل عن توسيع علاقتها مع أفريقيا مركزة على منطقة القرن الأفريقي لأهميتها من الناحية الجيوسياسية والأمنية وربطت تحركها عبر حليفتها التاريخية أمريكا التي هي الأخرى كانت تحركها مصالحها وأطماعها في المنطقة في ظل الحرب الباردة ، فأنشأت محطة كانيو في أعلى قمة من جبال ارتريا ليضمن لها التصنت على كل الاتصالات الواردة والصادرة في المنطقة وتواجدت بشكل وآخر في المياه الإقليمية والدولية في البحر الأحمر وفي سبيل ذلك وحماية منشآتها الحيوية في المنطقة عارضت حق الشعب الارتري في التحرر والانعتاق من ربقة الاستعمار الأثيوبي . واستمرت إسرائيل في اهتمامها بهذه العلاقة رغم تبدل الأنظمة وسقوط الإمبراطورية الأثيوبية حتى إذا استنفدت هي وأمريكا مصالحهما وتبدل الحال في المنطقة بظهور المد الماركسي متمثلا في نظام منجستو هيلي ماريام الذي انحاز إلى المعسكر الاشتراكي وأصبح يلعن صباح مساء أمريكا وأخواتها رفعت إسرائيل وأمريكا اعتراضهما على نيل الشعب الارتري لحقوقه السياسية والإنسانية فدعمت القادة الجدد في كل من أثيوبيا وارتريا ومكنتهم من الإطاحة بنظام منجستو واعتلاء سدة الحكم في البلدين ، كل ذلك لقاء أن يضمن القادة الجدد استمرار الوجود الإسرائيلي في المنطقة .

وبموجب ذلك الاتفاق ظلت إسرائيل حاضرة في ارتريا عبر تواجدها العسكري في جزيرة دهلك والبحر الأحمر وعبر دبلوماسييها الكثر وخبرائها الفنيين والزراعيين.

وذكر الدكتور / جلال الدين في معرض حديثه بأن عددا من الباحثين العرب أفردوا بحوثا تتعلق بالعلاقة الإسرائيلية الارترية أثبتوا من خلالها متانة العلاقة وتغلغلها في عدد من الجوانب الحيوية والإستراتيجية ، كما أن عددا من الصحفيين العرب ظل يؤكد هذه العلاقة وتلك المعلومات في تقارير صحفية وأخبار سياسية ، بالرغم من ذلك فقد كانت الحكومة الارترية تنفي ذلك وتصفه بأنه مجرد أوهام ومكايدات .

ولكن وبالنظر إلى طبيعة النظام الارتري القائمة على الإقصاء ومحاربة الثقافة العربية والإسلامية وسياسة التضييق التي يمارسها على الشعب الارتري التي دفعت بالشباب الارتري إلى الهروب بحثا عن الأمان سيرا على الأقدام في الصحارى المهلكة وامتطاء المراكب الصغيرة التي لم تعد أصلا لمغالبة الأمواج المتلاطمة في المحيطات والبحار ، حتى وصل الحال بالشباب الهارب إلى دخول الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل ، وفي ظل نظام كهذا فإن تصديق البحوث والأخبار الصحفية التي تحدثت عن العلاقة الارترية الإسرائيلية وما تم بموجبها من وجود إسرائيل في البحر والجزر الارترية أمر أقرب إلى الصواب.

مشاهد ومتابعات:

●        كان حديث الدكتور/ جلال الدين مخصصا حول الوجود الإسرائيلي في منطقة القرن الأفريقي وارتريا على وجه الخصوص على ضوء البحوث والدراسات والأخبار التي تناولت ذلك وكان حديثا يلامس الواقع ويرسل إشارات تنبيه للأمة العربية التي لا تبعد عن تلك المواقع كثيرا.

●        رد الدكتور/ إبراهيم نصر الدين على الدكتور / جلال الدين محمد صالح في النقطة التي أثارها حول الوجود الإسرائيلي في ارتريا واعتبر ذلك من تضخيم الأعلام والصحافة العربية ، لكن الواقع والمنطق يدحض تلك المزاعم ، حيث انه (زار) تلك المناطق ولم ير أثرا لذلك الوجود العسكري الذي لو كان موجودا لتمكن من ملاحظته بما يملك من خبرة عسكرية ، كما أن صدور عدد من القرارات الأممية ضد النظام الارتري بدعم من أمريكا ينفي تلك التهمة .

●        حضرت الجالية الشادية بأعداد مقدرة حيث كان أحد المشاركين من دولة تشاد هو الدكتور / صالح ابوبكر .

●        حضر من السفارة الارترية سكرتير القنصل وسائقه وربما وقع عليهم حديث الدكتور / جلال الدين محمد صالح أشد من وقع الحسام المهند فتحركت الكراسي من تحتهما وعلت همهماتهما وظلا على هذا الحال متوترين حتى إذا ما رد الدكتور/ إبراهيم نصر الدين بما تمت إليه الإشارة أعلاه انبسطت أساريرهما وسكنت كراسيهما وربما أرسل احدهم مذكرة إلى المنصة ربما كان ذلك شكرا للدكتور المصري أو احتجاجا على مداخلة الدكتور/ جلال الدين . وما أن رد الدكتور / جلال الدين على المتداخل المصري بحقائق وأرقام عبر بحوث وكتب لباحثين مصريين منهم الأستاذ/ حسين مصطفى من أكاديمية ناصر العسكرية وان الباحثين العرب ما فتئوا يذكرون ذلك وان ذلك ليس بمستغرب على النظام الارتري الذي يمتهن تعذيب شعبه وتشريد شباب الوطن وحرمانهم من حقوقهم الأساسية في التعليم والعمل والحياة الاجتماعية الآمنة والكريمة ، وقد وجد رد الدكتور / جلال الدين استحسانا تفاعل معه الجميع بالتصفيق الحار عند انتهائه من الرد، على اثر ذلك عاد القلق إلى مندوبي السفارة الارترية وتحركت بهم مجالسهم وانسحبا من الندوة قبل نهايتها.

●        منح رئيس الجلسة فرصة الرد للدكتور / جلال الدين محمد صالح على ما أثاره الدكتور/ إبراهيم نصر الدين من نفيه الوجود الإسرائيلي في ارتريا معتبرا ما تقدم به الدكتور/ جلال معلومات صحفية ، وقد رد الدكتور / جلال الدين بذكر مراجع ومعلومات تؤكد ما ذهب إليه وكان من بينها ما ذكره الكاتب المصري / حسين مصطفى من أكاديمية ناصر العسكرية ، وأردف في معرض رده على انه ذكر أن الحكومة الارترية تنفي ذلك باستمرار ، ولكن ومن واقع التجربة التي يعيشها الارتريون سيما الشباب منهم من عسف وتشريد وما يعانيه الشعب الارتري من كبت وحرمان من جراء السياسات الجائرة التي يمارسها النظام على شعبه تجعل تصديق الخبر اقرب إلى الحقيقة حيث أن النظام الارتري يعيش عزلة عالمية .

أبو صالح

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=20615

نشرت بواسطة في فبراير 15 2012 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010