مجزرة عدى ابيتو
نقلا عن اسمرينو
ترجمة فرجت 15-11-2006
رواية شاهد عيان:
في هذا الأسبوع أتذكر أكثر الليالي إيلاما، وهى ليلة الرابع من نوفمبر 2004. على الرغم من أنى لا أجيد الكتابة باللغات الاجنبية الا اننى ساحوال ان أسلط الضوء على معاناتنا في إرتريا، لأنه وكما يبدو فان المجتمع الدولي يجهل الكثير من ما نعانيه هنا.
حتى ظهر يوم الخميس الرابع من نوفمبر 2004م لم أرى أناسا يقتلون رميا بالرصاص ويتساقطون إمامي جثثا هامدة.
وقد بدا ذلك اليوم عاديا كباقي أيام السنة وحتى منتصف الظهر لم يكن هناك ما يدل على أني سأشهد مجزرة بشرية بهذا الحجم وهذا الإيلام.
لقد انتهى الدوام الدراسي في الساعة الثانية عشر ظهراً، وكنت في طريقي إلى المنزل لتناول وجبة الغداء، وبينما أنا على بعد مئة متر من منزلي التقيت ثلاثة جنود يحمل احدهم عصا والاخرين البنادق. اقترب منى احدهم وسألني إن كان بحوزتي تصريح يسمح لي بحرية التنقل (منقاساقسى)، وبعد أن سلمته التصريح اخذنى الجندى الاخر وضمنى الى مجموعة من الشباب كان على ما يبدو قد تم اعتقالهم في أنحاء متفرقة من المدينة. وبعد مضى دقائق وصلت شاحنة بها خمسون شاباً اعتقلوا فى ضواحى اسمرا بالقرب من مدرسة بدهو الواقعة في الجنوب الشرقي للمدينة.
لم نصدق ما كنا نراه، الآلاف من الشبان مطوقين بالجنود المدججين بالاسلحة على بعد ثلاثة امتار من حولنا، وحتى تلك اللحظة لم يكن احد منا وربما الجنود ايضاً يتصور ما سيحدث لاحقاً فى عدى ابيتو !
كنا طلبة مدارس بالزى المدرسى نحمل الكتب بين أيدينا، مدرسين، مجندين في الخدمة العسكرية والكثير من رجال الدين والمتدينين. وفى تمام الساعة الخامسة والنصف مساًءً جاء قرار ترحيلنا الى عدى ابيتو، وعندما وصلنا إلى معتقل عدى ابيتو كان السجن ممتلئا بالسجناء، وأدخلونا كقطيع من الأغنام إلى الجهة الأخرى من السجن والتي تقدر مساحتها بستين أو سبعين مترا محاطة بجدار ارتفاعه أربعة أمتار.
كنا محشورين على خمس مجموعات وقوفاً فى الظلام لا نسنطيع ان نتحرك محشويين كالسردين. في الساعة السابعة مساءً انطلق الصراخ في كل مكان، وبدأنا بإلقاء الحجارة على الجنود الذين كانوا يقفون خارج الجدران، وكانوا متأهبين لإطلاق النار علينا، وبعد نصف ساعة توقفت بعض الجماعات عن الاحتجاج ومن ضمنها المجموعة التى كنت من ضمنها بل يرجع الفضل لنا فى ايقاف الاحتجاجات حيث توقفنا لمدة عشرة دقائق حتى نعيد تنظيم انفسنا.
أخذنا في إحراق إطارات السيارات التي وجدناها في الداخل وبدأنا برمي الحجارة على الجنود كما بدئنا في إحداث شروخ في الجدار، وبينما كانت النار تشتعل بدأ الجنود بإطلاق الرصاص ولا اذكر بالضبط عدد الذين قتلوا حينها، وعندما انهار الجدار قتل الكثير من الشبان برصاص الجنود وأصيب العديد بجروح خطيرة بينما لاذ الاخرون بالفرار لا سيما اولئك الذين لا يملكون التصاريح التي تسمح بحرية التنقل.
في حوالي التاسعة مساءً وصل مئات الجنود برفقة ثلاثة عربات مدرعة لوقف الانتفاضة. وكان أول ما فعلوه أن فتحوا النار على رؤوسنا واستمر ذلك لمدة خمس دقائق.
في الصباح شاهدنا ثقوب كثيرة على الجدران من حولنا. كان مشهدا مروعا حيث تناثرت جثث عشرات الشبان، وكانت جثة شاب عمره خمسة عشرة سنة تحت قدمى. كان شعره طويلاً ويلبس زى العمل، حاولنا رفعه ولكن لم يكن هناك داعى فقط فارقت روحه الحياة.
وقضينا الليل كله واقفين لاننا تلقينا اوامر مشددة بعدم التحرك على الإطلاق، وفي الصباح حكى لنا صديق ذلك الشاب (والدموع تترقرق في عينيه) ان الصبي كان يعمل في الصباح، ويذهب الى المدرسة في فترة بعد الظهر وكان عليه أن يعيل أسرته لأنه كان الابن الأكبر حيث كان والده يؤدي الخدمة العسكرية منذ عام 1998.
وجاءت إلى المكان سيارة ذات لوحة عسكرية وحملت خمسة عشرة جثة والجرحى الذين أصيبوا من جراء اطلاق النار او من تلقى الضربات على وجوههم او انوفهم ومن الطبيعي ان نرى قمصان ملوثة بالدماء. وكنا على وشك الإغماء في إي لحظة جراء الجوع الشديد الذي كان يعترينا، وبعد أن ظللنا حتى المساء دون أكل أو شرب افرجو عنا أخيرا واحدا تلو الآخر.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=8173
أحدث النعليقات