محمـود لوبيـنت ,,كتبـت فأجـدت .. فهـلا نوعـت !؟،،
ولم يكتبه مصطفى محمـد كـردي
تـربطنى بالصديق العزيزالاسـتاذ الشـاعـر الاديـب البحاثة محمـود احمـد لوبـيـنت صـداقة اخوية اعتـز بهـا .. ولا اريـد ان اتحدث عن العلاقات الشخصية لأنهـا تقود بالضرورة الى حديث عن الشخص ذاته، فى تصرف لا يخلو من نرجسية، رغم ولعي لقراءة السير الذاتية، ولا اقول أدب الاعترافات، ولازلت اذكر اعجابى فى هذا الاطار بسبعون الراحل الكبير ميخائيل نعيمة، وقد قرأت اول ماقرأت للاستاذ لوبيـنت بعض قصائده الرائعة فى مجلة الثورة التى كان يصدرها الاعلام الخارجى لقوات التحرير الشعبية، وكان ذلك منذ سنوات طويلة مضت، ولا زلت حتى الآن اذكر احتفائى بقصائده الرائعة وعلى رأسها ,,نظارتى السوداء،، واذكر اننى نقلت له اعجابى ذلك، خلال لقاء فنى جمعنى به فى منزل الصديق الفنان عبد الله اندول فى حى الشرفية بجدة، وضم اللقاء العديد من المبدعين منهم الاستاذ الفنان الكبير محمد باعيسى رائد الاغنية الوطنية والعاطفية بلغة التقرى، والاستاذ الفنان الصديق ادريس محمد على أحد قممنا الفنية السامقة، والاستاذ الفنان الصديق العاشق ابراهيم محمد علي قورت صاحب الاغنيات الطويلة والمعانى المترادفة، والصديق العزيز حسين ادريس شيخ، والاخ الاكبر ابوبكر محمد علي الممثل الارترى البارع الذى جسد دور الحاجب الشخصى للامبراطور الاثيوبي هيلى سلاسي، فى المسرحية الـرائعة التى كتبها الراحل المبدع الشاعر رمضان عثمان قبري، وادى فيها دور الامبراطور، والتى كانت تعرض فى مختلف مدن السودان فى مطلع السبعينيات.
وأذكر اننى طلبت من العزيز لوبينت ان يهجر الكتابة بلغة التقرى لأنه اكثر تطريبا كشاعر بالعربية، وذلك بعد ان استمعت الى قصائده الجيدة بالتقري، ولكنى والحق يقال، تفاعلت اكثر مع ابداعه المكتوب باللغة العربية، قد يكون ذلك ناتجا عن تذوقى الافضل للقصائد العربية، ولكن هذا احتمال لا يقوى على الثبات، كونى لا اعجب بكل مايكتب بالعربية وبخاصة فى مجال الشعر، ذلك ان الشعر عندى شعور يتدفق بصورة مموسقة تؤثر فى القارئ او المستمع، والا فليس بشعر، وقس على ذلك عدم اعجابي بقصائد الاديب الكبير عباس العقاد رغم حبي لكتاباته واعجابي به حتى كنت اعد فى معسكر ,,العقاقدة،، وهو معسكر ينادؤ او يقابل معسكر ,, الطحاسنة،، فرغم قراءتي لكل مؤلفات العقاد خلال مرحلة تكوني الفكرى والثقافى الا اننى لم اعجب بجل قصائده، لأن هناك بونا شاسعا مابين النظم والشعر.
واذكر ان العزيز لوبينت لم ترقه وجهة نظرى فى مسألة مايمكن ان نسميه المفاضلة بين شعره المكتوب بالعربية والتقرى، وقال لى مامعناه انه يريد ان يتلمس ويعكس المشكلات للعامة الذين لا يجيد معظمهم القراءة ولكنهم يستطيعون بالطبع التسمع لقصائده بالتقرى، بعد ان جرب كتابة الشعر بالتقرينية والعربية وربما الامهرية، وزاد بأن قال لي مانصه :ـ بأنه لا يكتب للمثقفين واشبابههم انما للجماهير القابعة لأسباب عديدة كل او جل وقتها فى قهوة ,, عرتت،، بجدة.
وقبل ذلك قرأت له العديد من المقالات الرائعة فى جريدة الشرق الاوسط، وكانت اسهاماته جيدة وتحمل مضامين وابعاد كبيرة، بعد ذلك لم نلتقى كثيرا بعد ان تفرقت بنا المهاجر الى ان التقيته بالصدفة ذات مساء فى احد شوارع لندن، وتبادلنا السلام العابر على وعد بأن نلتقى، وكان اللقاء فى مهرجان كاسل العام الماضى، تبادلنا خلاله بعض الاحاديث الاجتماعية اللطيفة، والتى تقود بالضرورة الى احاديث سياسية، خصوصا وان جو المهرجان لم يكن يخلو من ذلك ان لم يجسده بصورة كاملة، كنت وآخرين غيرى كثيرين نتالم لأن ينزوى مثقف بقامة الاستاذ لوبينت ولا يسهم بقلمه فى تطورات الاحداث فى ارتريا او فى المشكلات الجسام التى تجابه الارتريين كجالية فى مهاجرهم، وتمنينا ان يغادر عزلته وينفتح على الناس، كل الناس، ويسهم بقلمه فى خلق ذهنية تعى مطالبها وحقوقها، وبالفعل بدأ ينشر مقالاته الرائعة فى مجلة النهضة الغراء بصورة متتالية، وبأستثناء مقالته الرائعة التى تناول فيها مهرجان الالهاء الذى جندت له الشعبية ,,ديك أوانيها،، العام الماضى فى استراليا، ومقالة اخرى لا تقل روعة تناول من خلالها سيرة وقيمة الشاعر الكبير الراحل عبد الحمن سكاب، فان مقالاته كلها رغم اهميتها تنصب فى اتجاه واحد وهى مقالات القصد منها كما اعتقد، ايصال القارئ الى قناعة واحدة مؤداها ان ,, الجشع،، على حد تعبيره المنتقى، ونهجها الطائفى يختلف تماما ويشذ عن الاجماع الوطنى، وبالذات اجماع المسلمين بل وزاد بأن اطلع القارئ على جهد سنوات من الحوارات مع ارتريين ومن مختلف مناطق العالم، ليخرجها على شكل ,,بيلوغرافيا،، شارفت الآن على حلقتها العاشرة، وكلها تحاول ـ وقد فعلت ـ ان تجسد وتركز حقيقة الاختلاف الجذري بين نظرتنا لظواهر وتداعيات المشهد الارتري ونظرة الآخر لنا ولتاريخنا ولانفسهم ايضا، وقد تبين لنا من خلال حلقات العزيز لوبينت الفجوة العميقة بين نظرتنا وعقليتنا، واعتقد ان مقالاته الرائعة الهادفة قد ادت اغراضها، وان همسته فى اذن المهتمين بشئوننا تحولت الى دوى هائل.
ومع ترحيبى بكتاباته المسؤولة الهادفة، واعتزازى به كمثقف وكاتب، الا اننى اتمنى الاّ يحصر نفسه فى هذا الاطار الضيق او اى اطار آخر، بل لابد له من الاسهام فى عموم التداعيات وكل الهموم، لأن الاحداث تمر سراعا، والقضية تشهد المزيد من التطورات من جراء تنامى المد القمعى لسلطة الشعبية، وتنامى المعارضة الوطنية فى الداخل والخارج ضد نظام التسلط والانعزال.
كلمة لابـد منها:
بقى ان اقول ان كتابات الاستاذ لوبينت تذكرنى بالاخراج التلفزيونى الذى يعيد الهدف فى كرة القدم مرات عديدة، ومن كافة الزوايا بهدف ترسيخه، واذكر انى فى لقاءنا الاخير، لوبينت وأنا، قلت له مامعناه :ـ لم يبق لك الا ان تقول انا ,,سادات ارتريا،، فقد كان الرئيس المؤمن السادات رحمه الله يقول دائما بعيد توقيعه لاتفاقية ,,أسطبل داوود،، على حد قول الزعيم الليبى الكبير معمر القذافى، بأنه ـ أى السادات، سابق عصره. هذا التعبير نقلته بالحرف للاخ الصديق لوبينت فى لقاء غير بعيد، واّمن على كلامى واعرف جيدا ان كتاباته تحمل مضامين ذات ابعاد، واعتقد صادقا انها قد ادت الغرض الذى كتبت له، وآن له التوقف وكثيرا ازاء العديد من التحديات الجبارة والمصيرية التى تجابه شعبنا فى هذه المرحلة المفصلية ليتناول من خلال قلمه وفكره بالدراسة والتمحيص كافة القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية، وله العتبى ان كانت بعض تعبيراتى جانبت الصواب، فلم اقصد الاّ التوجيه، ولتدرج بعض تعنيفاتى، ان وجدت، فى باب الارهاب بين الأحباب.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5935
أحدث النعليقات