مرة اخرى القرن الافريقي فوهة للبركان

محمد ادريس عبد الله

maybatot@hotmail.com 

منذ اكثر من مئة عام اي منذ1890 تاريخ ارتريا الحديث الذي دشن بالاحتلال الايطالي لهذا القطر العربي الافريقي الذي يمتد اكثر من الف كيلومتر مربع على الشاطئ الافريقي من البحر الاحمر مقابل شبه الجزيرة العربية; يقاوم الارتريون اطماع القوى الاقليمية والدولية ; فاثيوبيا الجارة الجنوبية لارتريا والتي تعتبر دولة مغلقة وكبيرة مساحة وسكانا , ترنوا  دائما نحو المالح الارتري( البحر الاحمر) رغم انها تعتبر أهم مصدر مائي في منطقة القرن الافريقي حيث ينبع من اراضيها النيل الازرق و الينابيع الفرعية لنهر النيل, تمكنت في القرن الماضي من احتلال ارتريابمساعدة من حلفائها الدوليين امريكا وبريطانيا وثعلبية ملكها هيلي سلاسي عبر صيغة الاتحاد الفدرالي الذي نتج عن القرار الاممي (390-أ-5)وحينها كان المشهد السياسي في ارتريا الى حدما اشبه بالوضع الحالي   من حيث عدم تماسك وحدتهم  , وبعد ثلاثين عاما من الكفاح المرير تمكن الارتريون من انتزاع استقلالهم ولكنهم اقاموا دولة تحمل كل مقومات الفشل, حكم مستبد, حروب مع الجوار, قهر للشعب وتشريده, اذلال الشباب الارتري مفخرة الوطن وطاقات تنميته, غياب للمؤسسية وسطوة حكم فرد يكرر كل التجارب الفاشلة للدول في افريقيا,في ظل هذه الحال تحدث تغييرات كبيرة وخطيرة في منطقة القرن الافريقي ومنطقة البحيرات نتيجة اتفاقية نيفاشا بين المؤتمر الوطني الحاكم في السودان والحركة الشعبية الجنوبية وازمة مياة النيل بين دول حوضه وبات في حكم الواقع انفصال الجنوب السوداني وظهور دولة جديدة في افريقيا تجرب هي الاخرى حظها فى تكرار التجارب المأساوية للدول الفاشلة لاسمح الله لانها تحمل كل الخمائر المحفزة لذلك , كما أن صراعا حقيقيا يدور بين الدول التي ينبع منها النيل(اتيوبيا واوغندا والكنغو….) وتلك التي يصب فيها (السودان ومصر).

سوء ادارة

السودان ارض المليون ميل مربع يبدو انه ضاق بسكانه نتيجة فشل سياسات انظمة الحكم المتعاقبة في تلبية احتياجات الشعب السودان وازمة نخبته السياسية التي فشلت فى ان تحقق تنمية اقتصادية ووئام اجتماعي رغم ان هذا البلد غني بموارده اللاقتصادية والبشرية وهو اكبر دولة في افريقيا مساحة ويعتبر البوابة الجنوبية للثقافة  العربية الاسلامبة في التخوم الشمالية والوسطى للقارة الافريقية ويعيش فيه خليط متنوع في العرق والدين والثقافة واللسان الا ان نخبة العروبة و الاسلام احتكرت لمدة طويلة ادارة البلد بعقلية لاتلبي طموحات الشعب السوداني الذي يتميز بالتسامح الاجتماعي رغم تنوعه  لذا تتحمل هذه النخبة السياسية المتصارعة واللاهثة وراء السلطة دون غيرها, مسؤلية انهيار وتفكك هذا القطر; صحيح ان الحرب والتمرد انهك البلد لفترات طويلة لكن لم يكن الجنوبيون السودانيون يطمحون بأكثر من التنمية المتوازنة والتي طالبوا بها فور خروج الاستعمار الانجليزي بل هم الذين اعطوا للاستقلال شرعية  بقبولهم وحدة السودان وبوعد من نخبة الشمال بان تكون الاولوية لتنمية الجنوب بعد مغادرة الاستعمار. 

الاسود يفكك بلاد السواد

غنى السودان في موارده ( النفط والماء)جعله هدفا للقوى الكبرى باستغلال مشاكله لتتقاسم النفوذ في منطقة القرن الافريقي ودول البحيرات العظمى الغنية بمصادر الطاقة وساعد على ذلك خروج فلسفة الحكم في السودان من نطاقها التقليدي لتتحول رادكالية عبر المشروع الحضاري ( أسلمة الشعوب والدول) ضمن مبدأ اغتصاب السلطة الذي انتهجته حكومة الانغاذ وأمام الضغط الدولي وبروز صراع السلطة بين شقي الانقاذ المؤتمر ( الوطني والشعبي) الذين صبغا تمرد الجنوب بصبغة ايدلوجية زاعمين أنها حرب بين( الكفر والاسلام) في حين كانت في حقيقتها مسألة تنمية من  مخلفات الاخفاقات المتكررة لحكومات السودان المتعاقبة ولللاستقواء على بعضهما البعض تسابقا في اجراء صفقة مع التمرد في الجنوب على حساب الوطن والدين الامر الذي ادي لارتكاب طرف المؤتمر الوطني بقيادة  الرئيس البشير خطأ استراتيجيا فى التفاوض متمثلا في الموافقة على خيار الانفصال طالما انهم تخلوا عن تطبيق الشريعة الاسلامية كان بأمكان اشتراط عدم الانفصال ولكنهم كانوا يريدون الفوز بالسلطة بأي ثمن لان خصمهم الترابي هو الآخر كان يعرض عروضا مغرية لجون قرنق الجنوبي, اذا الايام القادمة  ستكون غير سارة للسودانين  وحدويين وانفصاليين كون (جراب الحاوي) ستخرج منه فزاعات كثيرة ( حروب بين القبائل شمالية وجنوبية (المسيرية والدينكا), وجنوبية جنوبية,لاهثون كثر لتسجيل الهزيمة بالخصوم  بحجة  التفريط فى الوحدة, جنرلات من الشمال والجنوب كل فى موقعه عينه نحو السلطة , معسكرات للاجئين من الشمال فى الجنوب والعكس,تسابق حيتان الدول الكبري لابتلاع الشمال والجنوب باستغلال سحر المنافسة والمحاور وقودها(الماء والنفط) اما( أبيي) فهي كقبة الفكي أو كشمير افريقيا و يمكن تصور كل الشرور والمفاجاءات منها كونها قمقم الشيطان الذي اصبح قصره النفط(الاسود) الذي فرح به الشعب السوداني واصبح مصدر ترحه, اما ابناء الغرب (دارفور)فانهم ينظرون بعين ثاقبة لسلك الطريق الذي( يبرحه) يمهده الجنوبيون ليسيروا على هداه وهم الآن حجزوا مواقعهم للانطلاق من معسكرات  في الجنوب ومستشار البشير مناوي انتقل الى هناك , بقى الشرق الذي هو اللآخر  ( عين فى الشحم واخرى في اللحم) مما حققوه من اتفاقية الدوحة مع البشير وانهم لم يوحدوا مطالبهم  وخياراتهم ويعيشون تناحر قبلي حاد  ولكن  موقفهم مرهون  اخيرا  بالدور الارتري الذي يستغلهم لاضعاف ضحاياه الهاربين من جحيمه و الذين لهم امتداد مع السودان بعد ان حرمهم من وطنهم وسلب اراضيهم  وحاله يشبه الذئب الذي يتحين مغادرة الاسود للفريسة لينهش هو بدوره عند مواتاة الظرف الدولي الذي سيكون احد اقطابه الاساسيين اذا تجاوز قضبة (النجاشى) زيناوي  نصير (خلاص الشعوب) الارترية في الرصاص بعد ان ارتقى بالقبائل الارترية لمرتبة القوميات ليعيد الابن الضال لحضنه اذ لم يكن مباشرة ولكن عبر خلق( كرزايات)  وجهز مراكبه القديمة للاستحمام في المالح(عصب) . اثيوبيا تبدو الوحيدة الى جانب اوغندا واسرائيل المستفيد من الوضع بحيث ستتمكن  من اعادة النظر فى اتفاقيات تقاسم المياه لأن السودان بخريطته السياسية والادارية السابقة قد انعدم وستكسب اثيوبيا جارا جديدا من غير مسحة اسلامية هي عماد البنية التحتية  ولكن يمكن ان تتأثر ببعض المناوشات القبلية والحدودية وبديهي الخاسر الاكبر هو السودان ومصر التي تحاول صياغة مصالحها في الزمن الضائع ضمن محور ارتريا والجنوب (سوق ,وحليف مائي مفترض) لانهم و حليفهم الشمالي( زيتهم فى بيتهم) كما يقول المثل الشعبي والآن شغلوها بالارهاب ليضعفوا تأثيرها في الاحداث(مذبحة الاسكندرية) ولايعكر صفو العلاقة الا مثلث حلايب وفكر الاخوان المسلمين الذين ستلاحقهم لعنة تفتيت السودان.

الارتريون حروب بالوكالة (لي الذراع)

في هذا الظرف الصعب وتفكك السودان الجار الدفئ للارتريين فان الارض تتحرك تحت اقدامهم وليس لهم ما يستندون الية( ذاتيا) تباعد وانعدام الثقة , تشرد الشعب وعوذ حاله وتخمته من القهر وتفتت نسيجه الاجتماعى , معارضة لايسر حالها  الا  الاعداء, يخشى ان يتحولوا ( كساسة العراق ) ,أقاموا  الدنيا ضجيجا بأن افورقي استعان بالغرباء(الوياني) لطرد قوي وطنية ارترية ممثلة في الجبهة وأنهم يقومون بنفس الفعلة والتحالف الديمقراطي رداء لايستر العورات ويعيش فراغا قياديا وتحت مظلته جبهة للقوميات واخرى لطائفة(التضامن) والوطنينة الارترية خطر يهدد الجوار الاقليمي وتقهر القوميات والاديان حسب زعمهم!!!, وطاغية لايرى أبعد من ارنبة انفه اٍمتهن الصلف باذلال الارتريين بأن جعلهم وقودا لمغامراته والآن انقلب عروبيا اكثر من عفلق لانه لايحتاجهم الا لحظة الحرب ( العبرة من صدام) (اقليميا)اثيوبيا مستمرة في رفضها لتطبيق القانون الدولي بالخروج من بادمي المحتلة ونفخت في نزعة الاستعلاء  للمكونات القبلية وحولتها الي قوميات تطالب بالانفصال من ارتريا وقادتها الخلايا المستترة في ملفات المخابرات الاثيوبية في زمن احتلال ارترية وتطالب المعارضين بالتقية (معي او مع الشيطان افورقي) ولى البعض قبلته نحو اديس ابابا بعد ان حرم من وطنه عنوة وظلما , كل الذي ذكر اعلاه خاصة بالنسبة للشأن الارتري يعتبر خميرة لاستغلال هذا البلد (معارضة وطاغية) للأجندة خارجية ليس من بينها الانتصار للديمقراطية وحقوق الانسان واعادة بادمي للارتريين ولارفع الظلم عن كاهل الشعب بل جعلنا وقودا لحروب نحن الخاسرين فيها لاننا ضعفاء وخُرب بيتنا من الداخل بفعل الاستبداد والانتهازين الذين اصبحوا مطية اقليمية والوطنية الارترية تصرخ (واه ارتراه)و الشهداء يتضورون في قبورهم حسرة ,الدكتاتور سيقاتل الآن باسم مصر(ازمة مياه النيل) التي ستوفر له السند الوجست والمالي من الخليج(دول الاعتدال اوالانبطاح) ضد اتيوبيا والشركات الامريكبة والغربية ستبيع السلاح للطرفين اما اثيوبيا فستجد الدعم الامريكي والغربي (السياسى) وبعض دول حوض النيل الافريقية و اطراف من المعارضة الارترية ( كومبارس )التي ترى الحل فى الحرب اذا لاسمح الله ستكون ارتريا كلها بقدر مساحة الخمسة والعشرين كلم التي نصت عليها اتفاقية الجزائر التي نصت بأن تخضع  لسيطرة قوات الفصل الدولية وعلى مدى المدفعية الاثيوبية.

قبل فوات الاوان

على المجتمع الدولي تقع المسؤلية القانونية والاخلاقية لمنع  تجدد الحرب مرة اخرى بين ارتريا و اثيوبيا باجبار النظام الفاشستى فى ارتريا باطلاق الحريات وتسليم السلطة للشعب الارتري والقيام بمصالحة وطنية ارترية يكون الهدف منها الديمقراطية ودولة القانون واجبار الحكومة الاثيوبية باحترام القانون الدولي بتطبيق نتائج التحكيم بانسحاب من بلدة بادمي الارترية المحتلة وفق اتفاقية الجزائر التي تقع عليها المسؤلية الاخلاقية للتحرك دبلماسيا لمنع انهيار البلدين نحو الهاوية لاشباع نزوات الغطرسة لحكام لاتقشعر ابدانهم لمشاهدة سفك دماء شعوب بريئة مغلوبة على امرها في كل من البلدين.

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=10231

نشرت بواسطة في يناير 8 2011 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010