مرحلة غير منجزة (2)
بقلم :/ محمد اسماعيل هنقلا
انجز المجتمع الارتيري استقلاله من التبعية، وتأخر في إنجاز الدولة الأرتيرية الحديثة, أي دولة المواطنة. و ما هو كائن على الأرض لا يتوافق مع التجربة النضالية التي راكمت فنون ادارة العمل النضالي..
وفي تلك المرحلة من زمن النضال السياسي والعسكري خلافا للوضع القائم، كان يتم اختيار القيادة من خلال مؤتمر يتخلله روح نكران الذات والنقد والنقد الذاتي..
وكذلك كانت تتميز المرحلة بالتنوع التنظيمي ..صحيح أحيانا كان ينزلق الوضع إلي الاحتكاك العسكري ..وكان هذا الاحتكاك يستنزف طاقة المشروع الوطني اقتصاديا وبشريا ..مما أدى الى تأخر الاستقلال ، وايضا تسبب في خروج بعض التنظيمات من ساحة الفعل والتأثير النضالي …وانفرد تنظيم الجبهة الشعبية بالساحة ..صاحب شعار كل القوميات متساوية في الحقوق والواجبات. وبشكل واضح تبنى ضمن برنامجه مشروع القوميات .الذي لم يغادر منصة الفلكلور..
وقبل وصوله الي السلطة تنظيم الجبهة الشعبية كانت تنتخب قياداته السياسية بآلية الديمقراطية…
و على الأقل الشعار المطروح كان مطابقا مع سلوك التنظيم نظريا .
اما بعد الإستقلال أصبح الواقع المعايش مختلف تماما عن الشعارات المطروحة. وظهرت على الواقع سلطة تسلطية ترى شرعيتها في ذاتها ، تحت مبررات وحجج سياسية واهية .. وهكذا نرى فشل مشروع مابعد الاستقلال…الذي كان ناجحا أثناء فترة التحرر الوطني حيث قاد الثورة إلى الاستقلال ….
ومن تأريخ الإستقلال الي يومنا هذا ، الشعبية سجينة لظروف مرحلة الثورة من حيث الشعار فقط ،و لم تغادر حتى الآن تلك المرحلة .
اذاً التجربة القائمة لا تشبه تجربة النضال الوطني الارتيري… برغم من مرور مياه كثيرة تحت الجسر، منذ الاستقلال حتى اليوم ،و كذلك اختلاف المرحلة وشروطها مازالت تعيش البلاد في أحضان أسئلة الماضي …
فأسئلة مابعد الاستقلال غير أسئلة مقاومة الاستعمار…المرحلة تتطلب دولة حديثة أي دولة المواطنة…
وان أي دولة حديثة الولادة ،تحاول ان تتخلص من ارث الاستعمار، من خلال خلق حالة اجتماعية واقتصادية وثقافية تناسب مرحلة مابعد الاستقلال .
ومع بداية نشأة أول كيان سياسي. المفروض الدولة الوطنية الأرتيريا .. ينشأ معها مفهوم المواطنة للفرد..وترميم كل أضرار الماضي الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. أي بناء إنسان يناسب مرحلة الدولة،. إنسان مسلح بوعي معرفي يتبنى خطاب القطيعة مع الماضي الاستعماري وكل قيود التخلف الاجتماعي والاقتصادي ..لكن من المؤسف حتى الآن لم يخلق النظام الحاكم فرص ديناميات التطور وتحسين أداء الفرد والمجتمع وايضا لم تتحقق أسس دولة المواطنة بالمفهوم الحديث.. و لهذا لم يحدث التغيير المنشود . بل وجدت على أرض الواقع سلطة الدولة أي سلطة الفرد ،ومثل هذا النوع من الدول من الصعب التميز بين النظام الحاكم و ومؤسسات الدولة ، أن وجدت المؤسسة . هو الدولة وهو المؤسسة، وانطلاقا من هذا الفهم ويرى نفسه الطاغية صمام الأمان لبقاء الدولة .
.مواضيع ذات صلة:
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=45491
أحدث النعليقات