مسيرة الحركة الطلابية (الطرف الآخر ) ونفخ الذات
محمد محمد علي همد
للوهلة الأولى وأنا أقرأ اسم السيد/ محمد عثمان علي خير مشفوعا فقط ب( كاتب وصحفي ) وليس رئيس اتحاد الكتاب والصحفيين الإرتريين ، قلت يبدو أن الرجل قد أفاق وبرأ من داء النرجسية الذي يعاني منه منذ زمن ، ولكن بدأ ظني هذا يتلاشى شيئا فشيئا حتى صار سرابا في النهاية . فالرجل مازال يعاني تلك الآفة بل يبدو أن الأمر قد استفحل فيه ولا أمل في شفائه من تلك العلة .
وقبل التوغل في مناقشة ما كتب الأخ أود تثبيت بعض الملاحظات والتي تتعلق بكثرة الأخطاء اللغوية والنحوية الفادحة الواردة في المقال ، ولو كانت هذه الأخطاء قد جاءت من شخص آخر لتجاوزناها ولكن أن تأتي من بطل العروبة وموزع صكوكها في إرتريا فذاك غير مقبول ، وهنا أذكر مقولة لإسياس أفورقي حينما قال( من هؤلاء الذين يتباكون على اللغة العربية ؟ عليهم أن يتعلموها أولا ثم يفكروا في التباكي عليها ، فأنا أعرفها أكثر منهم ) ومن تلك الأخطاء على سبيل المثال وليس الحصر في هذه العجالة قوله ( والذي فوجئت بها ) فلعله قصد ( التي فوجئت بها ) فضمير الغائب في (بها ) يعود إلى نائب الفاعل أي الذي أحدث المفاجأة ( الذي ) وهو مذكر . هنا كأنه يقول بالتجري ( ل إناس ليها ) أنا شخصيا لو خاطبني أحد هكذا بالتجري لقلت إنه من ( الكسر) ولقلت عليه أنت ما يعف لساني أن يقوله وكذا لايليق في هذا المكان أن أقول فيك ما ينبغي أن يقال فيمن يتحدث العربية بهذه الطريقة ( لغة أكلوني البراغيث ) . أيضا يقول ( هذه الشخصيات التي دمرت تجربة الجبهة هم الذين) والصحيح (هي التي) فطالما تحدثت عن الشخصيات وعدت مرة أخري للحديث عنها بضمير الغائب ، يكون الضمير الغائب نحوا هو (هي) لأن الشخصيات مؤنث. أيضا يقول ( لم يكونون ) والصحيح (لم يكن ) – كقوله تعالى ( لم يكن الذين ) فالمعروف نحوا وصرفا أن( لم) وأخواتها تجزم الفعل المضارع .
طبعا ليس بالضرورة دراسة علم النحو حتى تتكلم اللغة العربية بشكلها الصحيح فالمجتمعات والأفراد يتحدثون لغاتهم على الفطرة والسليقة ، وما قصة ذاك الإعرابي الذي صحح الإمام في الصلاة وهو لم يكن حافظا للقرآن ، ولكن أذنه العربية (لقطت) ذلك واستنكفته . على العموم ما علينا وإن كانت هذه اللغة ( لغة أكلوني البراغيث ) قد أرهقتنا في قراءة ما كتب . كذلك كانت هناك أخطاء في النحو والتصريف كرفع ما كان يجب أن يكون منصوبا أو رفع ما كان مضافا ومضافا إليه ولو أراد الأخ أن نوضح له ذلك تفصيلا لفعلنا ولكن في وقته
على العموم دعونا نرى ماذا قال فعلا أو ماذا يريد أن يقول .
الرجل أولا فتح نيرانه الطائشة بكل الاتجاهات ولم يترك جهة إلا و رماها بسهامه ولم يسلم منه حتى جيل الرعيل الأول وسفههم – ما هذا العقوق وذاك التطاول المقيت – فهؤلاء مهما ارتكبوا من أخطاء ما هكذا يوصفوا أو يرد عليهم . فقد كان حاديهم دوما في مسيرتهم النضالية الفطرة وحسن الظن بالآخرين وعندما تحرر الوطن بجلاء المحتل ظنوا أن هذا هو المبتغى ، وقد ذهب بعض مثقفينا ومن نسميهم مفكرين إلى نفس التفكير ، ثم عادوا وهاأنت ترحب بعودتهم و تتلمس لهم الأعذار.
الرجل جعل من تاريخنا سفرا للهزائم وصور كل أبطال نضالنا كخيال مآتة ، وحعلهم قصرا على ثلاث فقط – المرحوم سبي وشخصه وعمر جابر – وإن كان الأخير قد ناله بعض الغبار من هذه الزوبعة ، ولكن ليس من باب أنه لم يعترف بنضالاته أو التقليل من شأنه بل اعتبر استمرار بقائه في أسمرا بالكارثة وتلمس له الأعذار في هرولته إلى أسمرا – وكأنه زيدان ( اغلطوا انتو ياحبان نجيكم نحن بالأعذار )وهذا مالم يفعله مع أبو شنب وأبو رجيلة بالأعذار ) فهنيئا لك يا عمر بهذه الشهادة والمكانة ، وإنَََ ما أصابك منه كان من أعراض النرجسية التي تفتك و تمسك بتلابيب شخصيته ، فالشخصية النرجسية دائما تقلل من شأن الذين من حولها وتريد أن تظهر بأنها الألمع والأكثر بريقا . فالتمس له عذرا وبادله الصفح بالصفح و ما جزاء الإحسان إلا الإحسان .
تحدث الرجل عن المنح الدراسية إلى بغداد وكلنا يعرف كيف كانت توزع هذه المنح ومن الذي كانت من نصيبه ويتمتع بها ، فالمنح كانت – وكما يعرف الجميع – بمثابة خلق مراكز قوى جديدة في القبائل واستجداء ولاءات من خلالها ، فقد كانت توزع على الموالين لهم من مراكز قوى هذه القبائل وهم بدورهم يوزعونها لمن يواليهم من قبائلهم وأفخاذها ، وكنا نشاهد هذه المناظر المؤسفة في كسلا كلما أتي إليها هو ومن يشبهونه فكان حالهم يذكرنا به لاحقا تجار الفيز لدول الخليج ، وهناك طرفة كانت منتشرة في أوساط الإرتريين في كسلا ، كان بطلاها السيد/ محمد عثمان وعبدة حدنبس فقد جاء الأول بعدد من المنح وجلس مع نظرائه القادمين معه من بغداد ومناد يبهم من مراكز القوى – الوهم – وماهم إلا بلطجية و(خالين شغل ) لتقاسم هذه الغنيمة والتي كانت كما يبدوا غير كافية فأجََلوا البت فيها لليوم التالي ، وقد حدث يومها مالم يكن في الحسبان و الحسبة (السيد/ عبدة جدنبس ) والذي أصر أن يكون له نصيب هو أيضا وهدد بالفضيحة والانتقال إلى الجبهة وأٌسقط في يد القوم ، وفي الموعد جاء الآخرون لتأكيد القسمة والتي جاءت ناقصة فضجوا وثاروا فقال لهم السيد/ محمد عثمان ( وعبدة حدنبس كمان جايب لينا مية قنبلة من البلين ) طبعا كانت تروى بطريقته المعروفة في الكلام . نعم هكذا كانت توزع المنح مع مظاهر الصفوف أمام منزله في حي الثورة وكأنه أمير عربي . كذلك كلنا يعرف ما كان يلاقي هؤلاء في بغداد من ملاحقات وحروب نفسية أدت بالكثير منهم إلى الجنون والأمثلة كثيرة ، فبمجرد أن يصل الممنوح – ولا أقول الطالب – لأن الكثير منهم لم تكن له علاقة بالتعليم ، كانت توزع عليهم استمارات طلب انتساب للحزب ، فالرافض هو عميل وشيوعي والذي يوافق يلتزم بكل التوجيهات والأوامر التي تأتيه من الحزب .مهما كانت .
الرجل يتحدث أيضا عن إنجازات الاتحاد الموحد على الصعيد الخارجي والتي قد قبلناها تجاوزا بأنها إنجازات ولكن ماذا عن العمل الداخلي والذي يعتبر الأهم أم أن قمة سنام النضال عندكم هو كتابة المقالات – وليتها كانت صادقة وتعكس الحقيقة – نعم ماذا عن الداخل مقارنة بما أنجز بعد السابع من أكتوبر . وأين ذهبت تلك الأموال التي تحدثت عنها والتي كان (يبهلها )البعث.
يكفي الاتحاد العام بعد السابع من أكتوبر انتشاره الواسع في كل المواقع التي كان فيها طلاب إرتريون فقد أقيمت الفروع حتى في القرى ( ود شريفي – تاجوج – الجيرة – عدوبنا – حلفا – القربة- قرية 26 وغيرها ) وقد وصل الاتحاد إلى المدن الإرترية فكان أن تمثل ولأول مرة طلاب جامعة أسمرا في مؤتمرات الاتحاد ومثلوا في المجلس المركزي ، ويكفي أن العضوية العاملة بلغت في كسلا فقط أكثر من ألف عضو ، وقد استطاع الاتحاد أن يخلق جيل طامح وثاب لا تستهويه قاعات الفنادق وغرفها الباردة اللزجة التي تقتل الهمم ، بل انخرط بقوة وتلاحم مع شعبه ومقاتليه من خلال الخدمة الوطنية والزيارات الصيفية والدورات ، فقد ساهم الاتحاد في كل أجهزة الجبهة وقطاعاتها وحتى العسكرية منها . نذكر برامج الحصاد في المشاريع الزراعية برامج الإصلاح الزراعي والتعاونيات برامج إصحاح البيئة والتثقيف الصحي وحتى في معارك استعادة المدن التي قام بها الجيش الإثيوبي كان هناك أكثر من خمسمائة طالب قد سجلوا أسمائهم للقتال ولكنهم منعوا بحجة أن لاحوجة لذلك الآن .بل .ولأزيدنك من الشعر بيتا – هل تعلم أن آخر خمسين مقاتلا دخلوا السودان بعد نكسة الجبهة كان بعد أسبوع وكان فيهم طالبين . وهل تعلم بأن المجموعة التي أنقذت إذاعة الجبهة في اللحظات الأخيرة كان من ضمنها ثلاثة من طلاب الخدمة الوطنية – وأته وأثناء دخول الجبهة إلى كركون كانت هناك قافلة مكونة من أكثر من خمسة وعشرين طالبا قد وصلت لأداء الخدمة الوطنية – أي في نفس اليوم وفي تلك الظروف – أنظر إلى هذا الحضور الفعال في كل المواقع والاتجاهات ، وهناك الكثير الكثير المثير مما لامجال لسرده الآن ، هذه بعض إنجازات الاتحاد بعد 7 أكتوبر وخلال عامين ونيف تقريبا فما الذي أنجز من الطرف الآخر ؟ أ منح( السجم) والمشاركة في ندوات ومؤتمرات بعث صدام المترفة؟!.
.
تحدث الرجل عن المشروع القومي العربي والتباكي على عروبة إرتريا واتهام حزب العمل بمعاداة ومحاربة اللغة العربية ومعاداة العراق .
يا عزيزي يجب الفصل أولا بين العروبة والبعث فليس من الضروري أن أكون بعثيا حتى أكون عربيا ، ثم إن البعث (خشم بيوت) كما يقول أهلنا في السودان فهناك البعث السوري مثلا والذي لم تتباكى عليه كبكائك على بعث العراق ألأن السوريين لم يكونوا بوقاحة بعث العراق ولم يشترطوا دعمهم وتأييدهم لشعبنا وثورته باعتناق البعث مذهبا ودينا .
فالجبهة يا سيدي لم تستعدي أحدا بل كانت في حوجة لكل تأييد ودعم بما في ذلك بعث العراق ، ولكن حينما رفضت الجبهة أبوية هذا النظام بدأ هو في محاربة الجبهة كإجراء تأديبي كما كان يقول السيد/ أبو علاء وبأنهم سيغفرون لها بعد أن تأتيهم صاغرة زاحفة ، كانوا يريدون احتواء الجبهة وإلباسها ثوب البعث ويجعلون منها مطية لمغامراتهم الطائشة التي طالت كل الوطن العربي وهذا ما رفضته الجبهة وقد دفعت ثمن ذلك غاليا ولكن بشرف وكرامة تحسد عليه وكلنا يذكر السيد/ أبي علاء ومحاولاته المكشوفة والممقوتة في التأثير على القرارات الوطنية والذي كان يقابل بالرفض القاطع والرد الحاسم.
هذا الأسلوب- أسلوب الاحتواء- لم يمارس علينا وحدنا بل طال الثورة الفلسطينية أيضا، والشهيد ياسر عرفات ظل ملاحقا من قبل المخابرات البعثية حتى حرب الخليج الثانية وكان محكوما عليه بالإعدام بتهمة الخيانة الكبرى وكذلك كان الحال مع كل القيادات الفلسطينية دون استثناء إلا تلك المجموعة التي سلخوها من الجبهة الديمقراطية وأطلقوا عليها (جبهة التحرير العربية ) . فقد حورب هؤلاء لمثل ما حوربنا نحن بسببه ( استقلالية قرارنا ) مع احترامنا وتمسكنا لانتمائنا العربي ثقافيا، وقد ناضلنا لتأكيد هذا الانتماء عمليا وفق معطيات التنظيم الوطني الديمقراطي وشروطه – والذي كان ائتلافا لكل ألوان الطيف الإرتري ثقافيا ودينيا – وقد كنا فعلا في تنافس راق وفق هذه الشروط والمعطيات و عملنا وناضلنا وفق ذلك وحققنا مالم تستطع أنت وبعث العراق من تحقيقه وما هذه الدموع التي تذرف على العروبة إلا رياءا وزورا – هنا تحضرني قصيدة الأمير خالد الفيصل (النبطية ) حيث يقول في مطلعها موجها الكلام إلى دعاة العروبة من البعثيين ( حنَا العرب يا مدعين العروبة ) وإليك بعض مما حققناه نحن إيمانا وعملا ووفق شروط المرحلة وقوانينها .
قرار الخدمة الوطنية والهدف منه كان لنشر اللغة العربية ولا شئ غير ذلك ، فالجبهة لم تكن في حوجة إلى معلمين بقدر ما كانت تعاني من نقص في معلمي اللغة العربية وهذا ما قاله الأستاذ صالح محمد محمود حين سأل الطلاب في ختام أحد سمنارات تأهيلهم ( ما الغرض من الخدمة الوطنية ) فاجتهد كل طالب في التفسير : فقال لهم بالحرف الواحد ما ذكرته آنفا .
أسست الجبهة مدرسة التأهيل التربوي لتخريج معلمين باللغة العربية . هل تدري من كان صاحب فكرة تأسيسها ( المناضل إبراهيم محمد علي ) أحد قيادات حزب العمل وليس البعث وكان يديرها الشهيد / عبد القادر إدريس كرار فهل سمعت به . فهو آخر شهداء الحركة الطلابية والذي أستشهد بشرف وكبرياء كما عاش ، مدافعا عن وطنه ومبادئه وعن ثقافته التي تتباكى عليها زيفا ونفاقا وارتزاقا .
.ومدرسة التأهيل هذه أسست لتأهيل كوادر يناط إليها نشر وتعليم اللغة العربية ولك أن تتخيل من الذين كانوا ينتسبون إليها – شباب وشابات أميون أو شبه ذلك – ولكن يتحدثون اللغة العربية بشيء من الطلاقة يؤتى بهم إلى المدرسة المعزولة تماما وتبدأ الدراسة المكثفة لمدة عام كامل ول 12 ساعة في اليوم لدراسة منهج الصف الأول مثلا ، ثم يتم توزيعهم في القرى لتدريس ما درسوه وتأتي دفعة أخرى تحل محلهم ثم بعد انتهاء العام الدراسي يرجع هؤلاء لدراسة مقرر الصف الثاني وهكذا، وقد زرتهم مرة وفوجئت أن وجدت الأخ / محمد محمد على سليمان يدرس أحد الفصول معلقة امرئ القيس والطلاب يفترشون الأرض وبعضهم اتخذ من ظهور السلاحف كراسي . تخيل معي وقع ( قفا نبكي من ذكرى ومنزل ) على الأذن والقلب في تلك الأحراش ومن هؤلاء الفتية الذين لم يسمع بهم عفالقة بعداد ولا عمالقة العروبة وأدعيائها في إرتريا.أو ليس وقعها أجمل من نفاقات المربد مدفوعة الثمن .
كانت لغة التخاطب في الحياة اليومية لهذه المدرسة هي اللغة العربية وكانت كل اللغات المحلية الأخرى ممنوعة ويعاقب عليها عسكريا من يتحدث بها- بما في ذلك التجرنية – ونتيجة لذلك بدأت تنتشر في الميدان لغة عربية بلكنة معينة أطلق عليها ( عربي التأهيل ) – كيف موجودين –ترجمة نقلية لـ ( كفو هليكم ) كويسين موجودين ، ترجمة لـ ( سني هلينا ) وقد استمرت هذه المدرسة والتي كنا نحلم بأن تكون معهدا عاليا حتى دخول الجبهة إلى السودان وانهار ذلك المشروع مع ما انهار من مشاريع عظيمة ، فاشمت يا هذا وافرح .
علما أن هذه المدرسة فد استطاعت أن تلحق بعض طلابها بمعهد المعلمين في كسلا والذي تحول الآن إلى كلية التربية التابع للجامعة وقد كان هناك نوع من التوأمة بين المعهد وهذه المدرسة .
أيضا كانت هناك مدرسة عواتي العربية للأشبال – نعم هكذا كان اسمها – وهي مدرسة داخلية كانت تضم قرابة الألف طالب من أبناء الأسر الفقيرة والأيتام في الداخل و كانت لاتدرس إلا باللغة العربية .
كذلك أنجز مكتب الشئون الاجتماعية منهجا دراسيا متكاملا باللغة العربية حتى الصف العاشر وكان الهدف أن يشمل كل مراحل التعليم ما قبل الجامعة ولكنه لم يكتمل لانهيار الجبهة. وهذا مالم تحققوه برغم الإمكانات الضخمة التي أعطيتموها لنشر التعليم والثقافة العربية .
هذا المنهج كان قد كتب بخط اليد وعلى ضي ( اللمبت ) والفانوس على أحسن الظروف لشح الإمكانيات والمطابع وكان الطرف الآخر يطبع مجلة فجر الوحدة سيئة الصيت والذكرى – في أحسن المطابع ولا يقرأها أحد أو يلتفت إلى هراءاتها وسمومها غيركم .
تحدث الرجل عن حزب العمل وعمالته للشيوعية العالمية وتلميع النظام الشوفيني حينها في أديس!! عجيب .إذن من الذي كان يقاتل الجيش الأثيوبي ويقارعه ( سمتيات البعث وصواريخه بالمراسلة ) . تحدث الأخ بكل ثقة عن تعميم داخلي يأمر بسحب قوات الجبهة من مواقعها الإستراتيجية . الرجل هنا قد أتي بنصف الحقيقة ، فكان كالذي يخطب في الناس ويفتنهم في دينهم من القرآن تزويرا وبترا فيقول قال الله لاتقربوا الصلاة ولايتم بقية الآية أو كأن يقول فويل للمصلين ولايتم . فالقصة كانت تفصيلا كما يلي وأرجو ألا أكون ثقيلا عليكم بالتفاصيل ولكن أهمية الموضوع تستدعي ذلك .
فقد كان ذلك بعد الزيارة التاريخية لوفد الجبهة إلى موسكو . وقد استقبلت القيادة السوفييتية قيادة الجبهة بما يليق وتضحياتنا ، وعرضوا عليهم تقريرا للـ كي جي بي يحلل فصائل الثورة حينها وكما يلي
1- جبهة التحرير الإرترية – تنظيم يعتبر الأكثر جماهيرية وتأثيرا ذو توجهات يسارية – يمكن التعاون معه
2- الجبهة الشعبية – تنظيم طائفي مسيحي له إرتباطات مشبوهة بالكنيسة وال سي آى إيه – مرفوض التعامل معه.
3- قوات التحرير الشعبية تنظيم هامشي صغير مرتبط ببعض الدوائر العربية الرجعية والـ سي آي إيه – مرفوض التعامل معه ( نعم هكذا يقول التقرير السوفيتي .
عليه وبناءا على هذه المتابعة الطويلة رأت قيادة الاتحاد السوفييتي حل النزاع الإرتري الإثيوبي وإعطاء الإرتريين الحكم الذاتي وأكدت القيادة السوفييتية بأنها تضمن هذا الاتفاق وترعاه على أن تقوم هي وحلفائها _كوبا واليمن – بالقضاء على الجبهة الشعبية وبعد ذلك يعلن الاتفاق وعليه تسحب الجبهة قواتها حتى تتم هذه التصفية . وقد كان رد الجبهة قاطعا بالرفض التام جملة وتفصيلا –هذه هو الجزء المبتور- وعليه فشلت الزيارة سوفييتيا ونجحت إرتريا وجبهجيا مؤكدة مرة أخرى بأن لا أحد يملي علينا شروطه ويحاول أن يحتوينا . نفس التعامل الذي تعاملنا به مع بعث العراق . وعندما رجع الوفد عبر الجزائر سأله الجزائريون فكان أن رد المناضل أحمد ناصر رئيس الوفد ( إرتريا مادايرين ليها واسطة وح نحررها بهذا – مشيرا إلى ساعده )
هذه هي القصة وقد وزعت في تعميم داخلي ونشرت في مجلة ( الغد ) لسان حال حزب العمل ولو كان عندك يا سيدي وثيقة غير هذه بلها واشرب مويتها حيث لا يعتد بها . وهل في ذلك ما يعيب يا سيدي أم يندرج تحت ( ما لقوش في الورد عيب قاللو يا أحمر الخدين ) ثم يقول بكل بجاحة بأنهم وضعوا كل جهدهم للقضاء على حزب العمل ومحاربته وقد نحجوا – بالله ما هذه النرجسية ونفخ الذات وإدعاء بطولات معارك الطواحين الدونكشوطية – يا أخي حتى أسامة بن لادن لم يتكلم بلغة العنتريات هذه .
ثم انتقل الأخ إلى مغامراته مع جهاز الأمن السوداني وزج باسم المرحوم خليفة كرار ووصفه بالمرتشي ضمنا وكيف جلس معه تاركا أحمد ناصر ( ملطوع ساعة) !!- انظر نفخة أخرى – و كيف لايفعل ذلك وأنت أخطر من مشى على الأرض ، ولكن بدلا من أن تحكي لنا عن مغامراتك البوليسية مع الأمن السوداني – ضعيفة الإخراج هذه – لماذا لا تحكي لنا عن مغامراتك مع أجهزة أمن نظام البعث في بغداد والهروب الكبير إلى دمشق والجزء الثاني منها إلى جدة وملابساتها فهي بحق أكثر تشويقا وإثارة وأقرب ما تكون فيها إلى ( جيمس بوند ) من هذه النسخة السودانية . فبالله أسألك أن تحدثنا عن ذلك .
ثم تحدثت يا أخي عن ما قمت به من تصدي للنظام في أسمرا عبر تلك الصحيفة السعودية ولكن فجأة وبدون مقدمات بدأت تتغزل في نفس النظام ، الكثير من الناس استغرب ذلك التحول المريب ، ولكني لم استغرب ذلك فقد توقعته فعلا وإن جاء صدق حدسي متأخرا بعض الشيئي .فهلا أخبرتنا عن ذلك .
أخي لقد شتمت ولم تبقي شيئا ، و( تعنترت) ومرحت واتهمت جورا وتطاولت على من لم تكن تجرأ حتى على نطق أسمائهم ولو سرا ولكن كما قال المصريون ( الأوالب نامت والأنصاص قامت ) ونام القط فامرح يا فأر ، وهذا زمانك يا مهازل .
ما أضحكني أكثر في هذا المقال فهمه المغلوط لطرح الحركة الفدرالية وخلطه بين مفهوم الفدرالية والكونفدرالية – هذه لاتفوت حتى على مبتدئي السياسة ، وعند ما تحدث الأخ /بشير عن للكنفدرالية والكيانات الكبيرة فسرها الرجل بمفهومه الضيق أنها قبائل إرتريا وصنف نفسه أوتوماتيكيا بأنه من الكيانات الكبرى بل وبدأ يهدد .
أستاذي الفاضل رويدك فالمقصود هنا إقامة كنفدرالية من دول المنطقة والمقصود بالكيانات الكبيرة هنا إثيوبيا والسودان وربما لاحقا مصر واليمن والكيانات الصغيرة نحن وجيبوتي ، أما على صعيد الفدرالية الوطنية فقد وضع بشير نفسه معك في إقليم واحد – وخليك مستعد لابتلاعه مع أهله البلين . كويس يا أخوي . أرجو أن تكون قد فهمت .
نكشـــــة
ثم بعد كل هذا الغث تقولون حضارة ونهضة ، أي نهضة هذه التي تؤم بالخفافيش والأقلام الصدأ التي تتََرع قيئا وصديدا ، أما نحن فملاذنا الشعب – قبيل – ونتوجه بالدعوات التي فرجت كربا وكانت عونا وملاذا .
خاتمة
كان لزاما علينا أن ننصف – ولو قليلا – الأخ / بشير إسحق فقد كان مدخل محمد عثمان للنيل من الجبهة وتاريخنا وقد قيل فيه ماقيل بسبب ذلك وهذا أقل ما يمكن فعله ، فالأخ بشير كما أعرف ويعرف الكثير من أهل أغردات كان قد قاد إحدى أوائل المظاهرات الطلابية بعد إعلان ضم إرتريا لإثيوبيا وهو الذي قام بالقفز من أعلى السور لفتح أبواب مدرسة البنات هناك حين قفلت الأبواب دونهن لكيلا يسهمن في تلك المظاهرة وقد دخل السجن بسبب ذلك وطرد من المدرسة ولكن لصغر سنه ولتفوقه الدراسي أطلق سراحه وأعيد إلى الدراسة . هذه الحادثة مشهورة ومعروفة تماما لكل أهل أغردات .
أيضا وفي جلسة مع السيد/ أدحنوم – نائب رئيس الحركة الشعبية سابقا –والذي تربطني به علاقة سابقة ذكر لي وأثناء الحديث عن التنظيمات وكوادرها – ذكر لي أن السيد/ ملس سأله أكثر من مرة عن بشير وحدثه عن تزاملهم في النشاط السياسي الطلابي وكيف كان يترجم لهم خطب الزعيم العربي جمال عبد الناصر .وكيف ناضلا سويا حين كانا عضوي لجنة تنفيذية في إتحاد طلاب جامعة هيلا سلاسي – يعني الرجل كان سياسيا ونقابيا ناضجا حين إلتقاه السيد/ محمد عثمان في جامعة الخرطوم وليس كما حاول الإيحاء به . أيضا أذكر قصة الأخ محمود كدان وقد إلتقينا في قرقر وكان كلانا ينتظر وسيلة نقل إلى موقعه في الداخل فجاء بشير أعتقد من عليت متجها إلى كسلا – سلم علينا وتجاذبنا بعض أطراف الحديث وانصرف بعدها قال لي محمود أنا كل مما أشوف الولد أتفاءل ، سألته لماذا ؟ قال عندما كنت مسجونا في سجن ( آلم بغا ) كان لنا هذا الولد بمثابة الكوة التي نطل بها على العالم فقد يزورنا هناك أنا والشهيد سعيد حسين وعمر كراي ومحمد حبيب كل أحد وكان يجمع لنا بعض المال أو يبيع لنا فلاين (القولفو )التي كنا نصنعها ويأتينا بمستلزماتنا ويطمئننا بأن الجبهة بكل خير وتطور . بهذا اكتفي والذي كان يجب عليًً قوله في هذا الرجل وما تسلط هؤلاء عليه وتسعرهم إلا لأنه دافع عن تجربة كنا نحن جزءا منها . أيضا لاحظت أن هناك حملة على الرجل بدأت متزامنة مع انعقاد الدورة الثانية لاجتماعات اللجنة المركزية للحركة الفدرالية فهل المقصود من ذلك إيصال شئ ما وعلى طريقة (أتس ) ( الفعلى والهداشا ) لا أعتقد بأنهم سيحققون ذلك لمعرفتي بطريقة تفكير معظم هؤلاء الأعضاء ونضجهم العقلي والسياسي وأنا هنا أناشد الأخ بشير ألا يلتفت إلى هذه الصغائر فهي قد اعتادت أن تلوك الكلام حتى لاكتها الأيام .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6337
أحدث النعليقات