مشاهد وأحداث من مظاهرة جنيف
محمود طاهر – زيوريخ
26/06/2016م
كانت مظاهرة يوم الخميس الماضي الموافق 23 من شهر يونيو الجاري يوماً من أيام الشعب الإرتري الخالدة ، والتي ستظل في ذاكرة التاريخ من مسيرة النضال ضد الديكتاتورية والاستبداد ، فعلى الرغم من ارتفاع درجات الحرارة الذي صادف في ذلك اليوم ، جاءت مشاركة الجاليات الإرترية المقيمة في الدول الأوروبية ، بأعداد كبيرة في التظاهرة حيث قدرت بين 12 إلى 15 الف متظاهر ، ونالت الجالية الإرترية في سويسرا وهي البلد المضيف للتظاهرة النصيب الأكبر من الحضور ، وهنا سوف استعرض بعض المشاهدات والمواقف التي فرضت نفسها على الحدث .
أولاً : قدرت نسبة المشاركة من فئة الشباب ذات الأعمار الصغيرة من {18 إلى 25 سنة } بـ 95 % وهي نسبة عالية جدا ، لذلك مثلت الجزء الأكبر من الحضور ، وهذه الفئة الشبابية التي تتمتع بحماس وطني عالي يتطلب الاستفادة منها من خلال استيعابهم في العمل المعارض ذات التوجه الوحدوي البعيد عن الصراع الجهوي والقبلي ، ليكون لهم الدور البارز في عملية التغيير الديمقراطي المرتقبة .
ثانياً : رغم بعد المسافة وما يصاحبها من مشاق السفر وتكاليف التذاكر كان الحضور لافت لعديد من الوفود الإرترية المشاركة في فعاليات التظاهرة جاءوا من أمريكا الشمالية وكندا رافعين الأعلام والشعارات الرافضة للسياسات القمعية التي يرتكبها نظام أفورقي الدكتاتوري في حق شعبنا الإرتري .
ثالثاً : جُل المتظاهرين كانوا يرفعون العلم الإرتري القديم ، ومن المفارقات العجيبة الإقبال الكبير على شراء هذا العلم الذي قدر ثمنه ب 20 دولار كان يباع في ساحة المظاهرة ، وهذا يحتاج إلى وقفة تأمل كبيرة .
رابعاً : ومن الأمور الغريبة ظهور جماعات شبابية في وسط المتظاهرين تدعو إلى حرق علم الحكومة الإرترية ، وقد تم تنبيههم من خطورة إشعال النار في العلم الجديد وما له من اثر سلبي على سير فعاليات المظاهرة ونجاحها ، وهذا التصرف أن دل على شيء فإنه يدل إلى بلوغ معارضة النظام مبلغ خطير يحتاج من الجميع الوقفة الجادة لدراسة الموضوع من جوانبه العديدة ، للخروج برؤية موحدة وخطاب أعلامي هادف ، وأن الحماس الزائد عند هؤلاء الشباب يجب الاستفادة منه من خلال الإرشاد والتنوير للسير في الاتجاه الصحيح كي لا يتحول هذا الحماس إلى حملات ثأر وانتقام الذي لا يخدم للقضية التي من أجلها يعارض الجميع للنظام القمعي في أسمرا .
خامساً : جاءت كلمتي القس شنودة هيلى/ ممثلاً لرجال الدين المسيحي والأستاذ عمر طه ممثلا لرجال الدين الإسلامي قوية ومعبرة للغاية ، حيث حملت الكلمتان في طياتهما الكثير من المعاني التي تدعو إلى الترابط والوحدة المتماسكة بين جميع مكونات الشعب الإرتري ، وقال القس هيلي أن المسيحيين والمسلمين قدموا أرواحهم في خندق واحد من أجل استقلال إرتريا ، فداء للشعب الإرتري وأن الاستقلال الذي تحقق لم يأتي بها أسياس بل جاء بجهدنا نحن الإرتريين المسيحيين والمسلمين من أجل الشعب الإرتري ، وأضاف في كلمته أننا نقف اليوم هنا في جنيف وقفة رجل واحد من أجل قضيتنا العادلة وإظهار معاناة شعبنا في سجون ومعتقلات النظام ، وقال نحن صوت لهم ولا يمكن أن ننساهم أبدا لأننا أبناء إرتريا الأشراف الأحرار ، ولكي نحقق هدفنا المنشود في إسقاط النظام يتطلب منا تعزيز وحدتنا وتماسكنا الذي توارثناه من الآباء والأجداد ، وأن الثقافة العربية هي امر واقع نعايشه في إرتريا وليس غريب عنا لذا لابد من التعامل معها وفقا لهذا الفهم .
من جانبه ذكر الأستاذ عمر طه/ أن انطلاق مسيرة التعايش الديني والتسامح بين المسلمين والمسيحيين في إرتريا كانت عـبر سنين الطويلة وقال إن تاريخ التعايش الإيجابي القائم على الاحترام والتقدير بين المسلمين والمسيحيين في إرتريا ، هو مستمر ويجب أن يستمر ويصان وينمو من قبل الطرفين ، وأن يحافظ الجميع داخل الوطن وخارجه على التماسك لمواجهة بذور التفرقة والتمزق في صفوف مجتمعنا الإرتري حتى لا نفسح المجال لدخيل أو حاقدٍ مريض كنظام أفورقي في أسمرا ومن يلتف حوله ، يريدون العبث بوحدتنا الوطنية التي تجمع بيننا منذ زمن طويل . وقال أن الإسلام منذ بداية ظهوره حث على التعايش السلمي بين الأديان ، في قوله تعالى ( لكم دينكم ولي دين) ، ووجدت الكلمتان التجاوب والقبول من الحاضرين .
سادساً : حديث القس هيلي بالعربية والتجرينية معاً ، كانت لفتة وبادرة طيبة منه وجدت القبول والاستحسان من قبل المتظاهرين ، ومثل هذه البادرة الطيبة منه من المستحسن البناء عليها في المستقبل القريب ، خاصة وان القس يمثل جيل الشباب ، وهذا سيساعد كثيراً في ردم الهوة التي أحدثها النظام بين مكونات الشعب .
سابعاً : بعد غياب طويل عن ساحة المعارضة ، كانت مشاركة الفنان الكبير أبرار عثمان في المظاهرة لها الصدى الواسع لدى الحضور، وقد قوبل صعوده المنصة باستقبال وتصفيق حار، وكذلك قوبلت كلمته بترحيب كبير ، وقد تحلق حوله الكثير من الشباب منهم من يراه لأول مرة.
ثامناً : الانسحاب المفاجئ لقناة الجزيرة التي كان لها الاستعداد لنقل فعاليات التظاهرة ، جعل الكثير من المتابعين يشيرون بأصابع الاتهام للموقف القطري المساند للنظام في منع طاقم الجزيرة المقيم بجنيف من الحضور لنقل وقائع التظاهرة ، وهنا أقول لقناة الجزيرة المبادئ لاتتجزء ولا تنحاز لطرف ، وين حرية الرأي والرأي الأخر
ولتغطية هذا النقص المفاجئ قام الكثير من الإخوة بالبث الحي لإحداث وفعاليات المظاهرة عبر الفيس بوك مباشر ، كانت نتائج البث للكثير من الإرتريين إيجابيه للغاية حيث تفاعل معها الجميع أول بأول .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=37393
نشرت بواسطة فرجت
في يونيو 27 2016 في صفحة المنبر الحر.
يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0.
باب التعليقات والاقتفاء مقفول
غياب وعزوف المواقع الأكترونية الأرترية العربية لمواكبة الحدث من موقعه شيئ اعتدنا عليه فلا غرابفة في ذلك أخي أحمد ، فالجميع أخذ موقعه الهامشي راضيا بالاقصاء الذي توارثناه بعد انهزام وانهيار جبهة التحرير الارترية أمام القوة الضاربة للجبهة الشعبية بقيادة أسياس أفورقي ، وبهذا السبب المأساوي الذي تجرعناه ، الجميع مقتنع في أن فسح المجال للطرف الذي يشاركنا في الوطن لكي يواصل المشوار في انقاذ ما يمكن إنقاذه ، وانت عارف أن لهم الفضل في تحرير البلد الذي تركناه واستبدلناه بأوطان أخرى .
أنا مستغرب من موقف موقع فرجت ومواقع أخرى ناطقة بالعربية ، تجاهلها هذا الحدث التاريخي للشعب الأرتري …والأغرب من ذلك اهتمامها بأخبار هامشية لا تمت بصلة بالملفات الكبرى الحية … يرجى توضيح موقفهم